دينيّة
12 تموز 2016, 05:30

قديسو اليوم: 12 تموز 2016

تذكار الشهيدتين روفينا وسيكوندا (بحسب الكنيسة المارونية) كانت روفينا وسيكوندا شقيقتين رومانيتين، مسيحيتين من أشراف روما. خطبهما شابان مسيحيان لا يقلاّن شرفاً عنهما. ولما قام الاضطهاد على المسيحيين، جحد الخطيبان ايمانهما، فامتنعت روفينا واختها سيكوندا عن الاقتران بهما. فشكاهما الخطيبان الى والي المدينة، فألقى القبض عليهما. وزجَّهما في السجن. ولما لم تذعنا لتملقاته وتهديداته اغتاظ الوالي وامر بجلدهما، فأخذتا تسبحان الله. فقال لهما الوالي:" أأنتما مجنونتان؟" فأجابتاه:" كلا، بل نحن مسيحيتان بعقل كامل والمسيحيون العقلاء يفضلون الموت على الكفر بايمانهم". فأمر الوالي بالقائهما في زيت يغلي فلم يمسّهما أذى. واخيراً قطعوا رأسيهما، ففازتا باكليل الشهادة سنة 257، صلاتهما معنا. آمين.

 

وفي مثل هذا اليوم أيضاً: تذكار سوسنه الشهيدة

هي ابنة غابينوس اخي البابا غايوس القديس، من اسرة مسيحية عريقة في الشرف، تمُتّ بالنسب الى الملك ديوكلتيانوس. نذرت بتوليتها لله. ولما توفيت امرأة مكسميانوس، نسيب الملك، أراد هذا ان يزوجه بسوسنة، فأرسل نسيبه كلوديوس يخاطب أباها بذلك. فأجابتهما انها كرست ذاتها للسيد المسيح. ثم شرحت لكلوديوس صحة المعتقد المسيحي وشرف البتولية. فأثر كلامها في قلبه، وطلب منها معرفة الدين المسيحي. فقالت له:" اذهب الى عمي الحبر الاعظم فهو يرشدك الى ما فيه خلاصك".

فذهب كلوديوس الى البابا الذي علمه قوانين الايمان وعمده مع اهل بيته. ولما استبطأ الملك عودته، ارسل اليه الامير مكسيموس فأتى ووجده جاثياً يصلي. فتأثر مكسيموس وآمن واعتمد وباع املاكه ووزع ثمنها على المساكين. ولما عرف الملك بأمر كلوديوس ومكسيموس امر بقتلهما حريقاً، فتكللا بالشهادة. واما سوسنة فأمر بقطع رأسها بعد ان عذبها كثيراً، وتمت شهادتها سنة 295. صلاتها معنا. آمين.

 

شمعون البحري المعترف (بحسب الكنيسة السريانية الكاثوليكية)

ولد في أوائل القرن السادس من أسرة شريفة، ويرجح أن موطنه حمص بسوريا. واكتسب منذ صغره ثقافة عصره، لكنه كان يزهد في الدنيا. فمضى هو ورفيقه يوحنا لزيارة الأماكن المقدسة وهناك شغفا بحياة ساكني الأديرة، فطلبا الى رئيس احد الأديرة أن يكونا من ابنائه فقبلهما الرئيس كما طلبا اليه أن ينفردا في العيش بمفردهما فذهبا وسكنا بجوار البحر الميت عيشة الرهبان المتوحدين مدة تسع وعشرين سنة. وبإلهام داخلي رجع شمعون الى اورشليم وتظاهر أمام الناس بالبله والجنون فاحتقره الناس وأهانوه. وقد لقب بسمعان سالوس (أي ابله او المجنون).

ثم عاد الى موطنه حمص وأخذ يتجول في الأزقة والشوارع، وكان الناس يظنونه فاقد العقل فيشفقون عليه حيناً ويهزأون به أحياناً وكان يقابل الشتائم واللطم بتواضع وأناة، وفي حالته هذه ردّ الكثيرين من الخطأة الى التوبة من رجال ونساء، وقد عمل الله على يده الكثير من المعجزات.

وعند موته أعلن صديقه يوحنا كم كانت عظيمة قداسة هذا الانسان البسيط المستتر تحت برقع البله والجنون... وكانت وفاته في نحو سنة 580.

تعيّد له الكنيسة السريانية الكاثوليكية الانطاكية في الحادي والعشرون من تموز.

 

القدّيسان بروكلس وإيلاريّون الشهيدان (بحسب الكنيسة الارثوذكسية)

زمن الإمبراطور الروماني ترايانوس، جرى القبض على قديس الله بروكلس. إثر قرارٍ من ترايانوس بإلقاء القبض على المسيحيين وتعذيبهم إن لم يعدلوا ويعبدوا الآلهة الوثنية.
جيء ببروكلس إلى المحكمة مصفداً بالقيود. حينها، كان يرنّم: "سدد خطواتي، يا رب، في سبل السلام وافتح فمي لأسبّحك". دعاه الإمبراطور إلى التضحية تحت طائلة الإلقاء للوحوش فأجاب: "الرب يرعاني فلا أخاف ما يصنع بي الإنسان" (مز 117). هذا أغاظ ترايانوس فأمر بإعادته إلى السجن. بعد ثلاثة أيام استدعاه الحاكم مكسيموس للاستجواب. وإذ أجابه القديس بجسارة حظي الحاكم من الإمبراطور بسلطة اللجوء إلى ما يراه مناسباً من وسائل التعذيب لكسر مقاومته.
لمَّا أقدم رجل الله بروكلس على فضح زيف الآلهة الوثنية، مدَّدوه على منصبة التعذيب وانهالوا عليه جلداً حتى أدموا كل جسده. أمّا هو فلم يئن ولا تفوّه بكلمة.
حين لم تنجح وسائل التعذيب بإضعاف إيمان رجل الله، استيق إلى الإعدام. في الطريق التقى ابن أخيه (أو أخته)، واسمه إيلاريون، فحيّاه وضمه إلى صدره وجاهر بالفم الملآن بأنه هو أيضاً مسيحي. فقبض عليه العسكر وأودعوه السجن. فلمَّا بلغ بروكلس موضع الإعدام صلّى ثمَّ قضوا عليه رمياً بالسهام. أما إيلاريون فأوقف أمام الحاكم من جديد فردَّد أنه مسيحي ولا يخشى التعذيب. ضربوه بالسياط وجرَّوه على الأرض مسافة ثلاثة أميال. وفيما كان دمُهُ ينسكب على الأرض كان يُنشد: "في الجبال المقدَّسة أساساتها. الرب يحبَّ أبواب صهيون أكثر من جميع مساكن يعقوب" (مز86: 1-2). أخيراً جرى قطع رأسه ووري الثرى بجانب القديس بروكلس.

 

تذكار القديسين الشهيدين بركلس وإيلاريوس (بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)

أنّ شهيدَي المسيح بركلُس وإيلاريوس كانا من أنكره، وكانا مسيحيين تقيين بل رسولين أيضاً، يبشّران بالمسيح ليربحا النفوس إلى الكنيسة وإلى الله، لأن زهرة الإيمان هي البشارة بالقول والعمل والمثل الصالح. والكنيسة لا تُبنى والنفوس تتقدّم في الفضيلة وأعمال البرّ والتوبة إلاّ بجهود أمثال هذين الرجلين الغيّورين. وهذا تاريخ الكنيسة حافل بأعمال هذه الفئة المباركة من الناس الغيُر على تقديس نفوسهم بواسطة خدمة القريب الروحيّة والزمنيّة معاً.

وبارك الله عمل هذين الرجلين الصالحين، فاهتدى إلى الإيمان على أيديهما عدد عديد من الوثنيين. وأيّد الرب كلاهما بالمعجزات الباهرة، فعمَّ الخير وكثرت النعم والبركات. فلمّا ثارت زوبعة الإضطهاد على أيام الملك ترايانس قيصر، في أواسط القرن الثاني للمسيح، وشى الوثنيّون في أنكرة بهذين الرجلين البارين، لِمَا كان في نفوسهم من الموجدة عليهما، وساقوهما إلى ديوان الوالي مكسيمس. فعذّبهما تعذيباً مبرّحاً بالضرب والجلد وتمزيق الأجسام. أخيراً رشق الجند بركلس بالسهام فأماتوه، وقطعوا هامة إيلاريوس. فطارت نفسه ونفس رفيقه إلى الأمجاد العلوية، حيث يرنّم جيش الشهداء للحمل المذبوح بتسبحة الشكر والإبتهاج إلى الأبد.

وفي مثل هذا اليوم أيضاً (14 تموز): القديس بونفنتورا، الكردينال- الأسقف ومعلّم الكنيسة.

ولد بونفنتورا في مدينة بانياريا الصغيرة، في مقاطعة توسكانا من أعمال إيطاليا، سنة 1221، ودُعي يوحنّا. وكان أبواه من أشراف البلاد. وكانا غنيّين بالأموال وبالفضائل والأفضال. وكانت والدته ماريّا على الأخص تمتاز بتقواها وعبادتها للبتول مريم. فربّت إبنها على الصلاح، وطبعت في قلبه العبادة لهذه الأم الحنون.

ولمّا بلغ الولد الرابعة من عمره مرض مرضاً ثقيلاً. وكان القديس فرنسيس الأسيزي آنئذٍ لا يزال حيّاً، وكان صيت قداسته يملأ الدنيا. فطلبت ماريّا إلى الله شفاء ولدها بشفاعة هذا القديس العظيم. فمنَّ الرب عليه بالشفاء. فعاهدت الله أن تبثّ في قلب إبنها الميل إلى هذه الرهبانيّة الفرنسيسيّة، إذا كان الله يريد أن يدعوه إلى الحياة الرهبانيّة. وبرّت ماريّا بوعدها، وأخذت تطبع في قلب إبنها روح التقوى والزهد في الدنيا.

ومرّ القديس فرنسيس بمدينة بانياريا، فركضت إليه ماريّا، وروت له كيف شفى الله بشفاعته إبنها، ودعته إلى زيارتها في بيتها. فجاء القديس، وبارك ولدها، وعرف بروح النبوءة ما سوف يكون من شأن هذا الولد في كنيسة الرب. فدعوا يوحنّا بإسم بونفنتورا.

وشبّ الولد على التقوى والرصانة وممارسة الفضيلة. وكان يجد نعيمه في قراءة الكتب الروحيّة، وسيرَ القديسين. فولّدت فيه تلك المطالعات روح التأمّل، والزهد في الدنيا. وصار ينقّي من الرفاق كل ما اتّصف بالرصانة وحسن التقوى. فلمّا بلغ الحادية والعشرين من عمره، وكان عقله قد تزيّن بالعلوم، وقلبه قد نضج  تحت أنوار شمس الحقائق الأبديّة، هجر الدنيا وغناها ومجدها، وانتحل الحياة الرهبانيّة على طريقة القديس فرنسيس الأسيزي. فكان فرح والدته لا يوصف، لمّا رأت أن الله يدعو إبنها إلى خدمته، وعلى الأخص في تلك الرهبانيّة المباركة التي كان القديس فرنسيس شفيعها ومؤسسها، والتي كانت غايتها الأولى محبّة الله وخدمة القريب.

ومنذ أن دخل بونفنتورا دير الإبتداء أراد أن يحقّق في حياته ما قاله السيّد المسيح: أن من وضع يده على المحراث لا يلتفت إلى الوراء. فجعل قوانين الرهبانيّة وفرائضها قبلته، وراح يسير على ضوئها في حياته.

وامتاز فوق ذلك بالوداعة والتواضع, فكان يهرب من أنظار وعطف رؤسائه عليه، لكي لا يفتخر بذلك في نفسه. وكان يسعى وراء الوظائف المحقرة والشاقة، فيأخذها لذاته.

ولمّى أنهى الأخ بونفنتورا سنة الإمتحان الرهباني، ووجده رؤساؤه أهلاً للعلوم العالية، رسموه كاهناً، وأرسلوه إلى جامعة باريس الشهيرة، حيث كان اسكندر دي هالس الراهب الفرنسيسي يعلّم اللاهوت ببراعة نادرة.

فأكبّ بونفنتورا على العلم بتلك العبادة التي كان يمارس بها أعمال التقوى. فلمع بين أقرانه، وأظهر نبوغاً فائقاً. فاتّجهت نحوه الأنظار. وكان يجول في أعلى قمم المواضيع الفلسفيّة واللاهوتيّة كأنّه في محيطه، بلا عناء ولا نصب. وكان له سرّ في ذلك. فإنّه كان يعتمد ليس على ذكائه وهمّته، بل على نعمة الرب التي تنير عقله وتنشّط قواه. لذلك بقيَ يمارس الصلاة  العقليّة صبحاً ومساءً، حتى في ساعات الليل. فكان يدرس اللاهوت بمعانيه العميقة الحقيقيّة أمام الصليب. وفي أوقات الفراغ كان يزور المرضى ويخدمهم، ويغسّل بيديه قروح المصابين بالبرص. فكان أساتذته يعجبون منه، ويتساءلون أين كان يجد الوقت الكافي للمطالعة وللتفوّق والنبوغ في دروسه.

وما هي سنون قليلة حتى أصبح أستاذاً، فأُسند إليه التعليم اللاهوتي في تلك العاصمة الكبرى والجامعة الباريسيّة الشهيرة. فقضى عشر سنوات (1248-1257) يعلّم اللاهوت ويشرح الكتاب المقدّس، وكتب الحكمة. وتفرّغ مع التعليم للكتابة. فوضع معظم كتاباته السامية الملائكيّة في مدّة هذه السنين.

وكان له من العمر ست وثلاثون لمّا دُعي إلى إدارة الرهبانيّة الفرنسيسيّة العظيمة التي كانت قد انتشرت في بلاد الغرب والشرق.

فدبّر الرهبانيّة بحكمةً، ولاسيّما أيام كانت البلابل قد قسمت الرهبان إلى معسكرين كبيرين، وجعلت كل فريق يدافع عن طريقته وعن وجهة نظره. فمنهم من كان يريد أن يحيي القانون الأساسي الذي وضعه القديس فرنسيس في بادىء أمرهRegula .prima وكان الآخرون يريدون أن يتبعوا القانون الثاني المخفّف، والأقرب إلى حاجة تلك الأيام وكان القديس فرنسيس قد قبلَ به، ووافق الكرسي الرسولي عليه Regula bullata.

فتوصّل الأخ بونفنتورا بحكمته وصلواته ونفوذه إلى تأليف القلوب، وحملها على قبول القانون الثاني. ووضع لذلك سيرة القديس فرنسيس نفسه، وأظهر فضائله، ووصف روحه، ورسم صورته رسماً صادقاً رائعاً بريشته الملائكيّة البديعة.

وترأّس مجامع عامة كثيرة للرهبانيّة، عمل فيها على تأليف القلوب، وعلى تثبيت القوانين وعلى طبع الرهبانيّة بطابع الغيرة والتفاني والقداسة التي أرادها القديس فرنسيس منشئها.

واشتهر بالخطابة والوعظ حتى كان من أقدر رجال زمانه فصاحةً وبياناً.

وفي سنة 1273 كان في باريس، فخلب ألباب أساتذة الجامعة وطلاّبها بمحاضراته على كتاب التكوين. لكن الحبر الأعظم غريغوريوس العاشر لم يدعه يتم عمله. لأنّه سمّاه كردينالاً أسقفاً بالرغم منه، وبموجب أمر مبرم لا مناص له منه. فانقاد بونفنتورا لإرادة البابا، وشرع يتفرّغ لخدمة الكنيسة على حسب مقتضيات وظيفته الجديدة.

وكان قد سبق له أن رفض الأسقفيّة ليبقى الراهب الناسك المتفرّغ لعمل رئاسته ومطالعاته وكتاباته. إلاّ أن الحبر الأعظم كان قد بدأ يجمع حوله، منذ ارتقائه إلى السدّة البطرسيّة سنة 1271، كبار علماء اللاهوت ليكونوا سواعده في مجمع ليون المسكوني المقبل، بعد أن دعا إليه مع أساقفة الكنيسة الكاثوليكيّة بطاركة وأساقفة الكنائس الشرقيّة المنفصلة. فكانت مصلحة الكنيسة لدى بونفنتورا فوق كل مصلحة. فترك رئاسة الرهبانيّة التي كان خدمها مدّة ثماني عشرة سنة، وتفرّغ بكل قواه وعواطفه بعمله الجديد، سنة 1273.

كان الحبر الأعظم غريغوريوس العاشر قد أوعز إلى الأخ بونفنتورا، إذ كان رئيساً على رهبانيته، سنة 1272، أن يعيّن له من رهبانه من يرسله في سفارة إلى القسطنطينيّة لأجل دعوة الروم الأرثذكس إلى المجمع المسكوني المزمع عقده في مدسنة ليون، سنة 1274، لأجل البحث في النقاط الثلاث الآتية: أولاً مساعدة فلسطين بالجيوش، ثانياً إتّحاد الكنائس الشرقيّة بالكنيسة الرومانيّة الكاثوليكيّة، وثالثاً إصلاح الكنيسة الداخلي.

فوضع بونفنتورا بين أيدي الحبر الأعظم أربعة من رهبانه، بينهم الأخ إيرونمس الذي صار فيما بعد البابا نقولا الرابع. وهكذا بدأ منذ سنة 1272 يشاطر الحبر الأعظم مهامه في تهيئة المجمع المسكوني الخطير.

وفي السابع من أيار سنة 1274 إفتتح الحبر الأعظم بنفسه مجمع ليون، وترأّسه بحضور 500 أسقف، و70 رئيس دير، ونحو 1000 إكليريكي. وفي 24 من حزيران وصل ممثّلو القسطنطينيّة. وصار لهم إستقبال فخم حافل، وتبادلوا قبلة السلام هم والحبر الأعظم والكرادلة. وكان الكردينال بونفنتورا معهم، بل كان المقدّم فيهم، وزعيم خطبائهم، وأمام اللاهوتيين بينهم. أمّا صديقه وزميله القديس توما الأكويني فإنّه كان قد مات على الطريق وهو ذاهب إلى المجمع.

وكان الكاردينال بونفنتورا روح المجمع، وقبلة أنظار الروم واللاتين، بعلمه وفصاحته وتواضعه ووداعته. إلاّ أن الله لم يمهله ليرى نتيجة عمله، بل دعاه إليه ليتوّج هامته بالتاج الإلهي الذي لا يزول ولا يبلى.

ولمّا شعر الكردينال بونتفنتورا بقرب أجله، سلّم أمره إلى الله بكل رضى وسرور، غير آسف على حياة، ولا على وظيفة، ولا على رئاسة، ولا على كتابة، لأنّ حياته كلّها كانت الله، من غير أن يكون له فيها مأرب أو غاية. فطارت نفسه إلى الأعالي لتنعم مع رئيس الأحبار إلى الأبد. فبكاه آباء المجمع كلّهم. وكان يحق لهذا الناسك المتواضع أن يتمجّد في السماء وعلى الأرض. وبعد ثماني سنين لوفاته أعلنت الكنيسة قداسته، أي في سنة 1782.

 

استشهاد القديسين الرسولين بطرس وبولس وفطر صوم الرسل (بحسب الكنيسة الارثوذكسية)

في مثل هذا اليوم استشهد القديسان العظيمان الرسولان بطرس وبولس. أما بطرس فكان من بيت صيدا وكان صيادا فانتخبه الرب ثاني يوم عماده بعد انتخابه لأخيه إندراوس. وكان ذا إيمان حار وغيرة قوية ولما سأل الرب التلاميذ. ماذا يقول الناس عنه. أجابوا: "ايليا أو ارميا أو أحد الأنبياء " فقال بطرس " أنت هو المسيح ابن الله " وبعد أن نال نعمة الروح المعزي جال في العالم يبشر بيسوع المصلوب ورد كثيرين إلى الإيمان وقد أجري الله علي يديه آيات كثيرة وكتب رسالتين إلى جميع المؤمنين. ولما دخل رومية وجد هناك القديس بولس الرسول، وبكرازتهما آمن أكثر أهل رومية فقبض عليه نيرون الملك وأمر بصلبه. فطلب أن يصلبوه منكسا وأسلم روحه بيد الرب.

أما بولس الرسول فقد ولد بطرسوس قبل ميلاد المخلص بسنتين، وهو من جنس يهودي من سبط بنيآمين.، فريسي ابن فريسى وكان عالما خبيرا بشريعة التوراة شديد الغيرة عليها مضطهدا المسيحيين.

ولما رجموا اسطفانوس كان يحرس ثياب الراجمين. وأخذ رسائل من قيافا إلى اليهود المتوطنين فيدمشق للقبض علي المسيحيين. وبينما هو في طريقه إلى دمشق أشرق عليه نور من السماء فسقط علي الأرض وسمع صوتا قائلا له: "شاول شاول لماذا تضطهدني (أع 9: 4) " فقال: "من أنت يا سيد". فقال الرب " أنا يسوع الذي أنت تضطهده. صعب عليك أن ترفس مناخس"، ثم أمره أن يذهب إلى حنانيا بدمشق وهذا عمده وللحال فتحت عيناه وامتلأ من نعمة المعزي، وجاهر بالإيمان وجال في العالم وبشر بالمصلوب وناله كثير من الضرب " الحبس والقيود وذكر بعضها في كتاب أعمال الرسل وفي رسائله ثم دخل رومية ونادي بالإيمان فأمن علي يديه جمهور كثير. وكتب لهم الرسالة إلى أهل رومية وهي أولي الرسائل الأربع عشرة التي له. وأخيرا قبض عليه نيرون وعذبه كثيرا وأمر بقطع رأسه. وبينما هو ذاهب مع السياف التقت به شابه من أقرباء نيرون الملك كانت قد آمنت علي يديه فسارت معه وهي باكية إلى حيث ينفذ الحكم. فعزاها ثم طلب منها القناع ولف به وجهه وأمرها بالرجوع وقطع السياف رقبته وتركه وكان ذلك في سنة 67 م. فقابلت الشابة السياف أثناء عودته إلى الملك وسألته عن بولس فأجابها: "أنه ملقي حيث تركته. ورأسه ملفوف بقناعك " فقالت له: "كذبت لقد عبر هو وبطرس وعليهما ثياب ملكية وعلي رأسيهما تاجان مرصعان باللآلئ وناولني القناع. وها هو " وأرته إياه ولمن كان معه فتعجبوا من ذلك وأمنوا بالسيد المسيح.

وقد اجري الله علي يدي بطرس وبولس آيات عظيمة حتى أن ظل بطرس كان يشفي المرضي (أع 5: 15) ومناديل ومآزر بولس تبريْ الكثيرين فتزول عنهم الأمراض وتخرج الأرواح الشريرة (أع 19: 12).

صلاتهما تكون معنا. ولربنا المجد دائما. آمين.

وهذا هو اليوم الذي تعيد فبه الكنيسة بفطر الرسل ويعمل اللقان بعد رفع بخور باكر في الخورس الثالث وبملابس الخدمة.