قديسو اليوم: 1 كانون الأول 2016
وفي مثل هذا اليوم أيضاً : تذكار القديس فرنسيس كزافيه
ولد هذا القديس في اسبانيا سنة 1505، من اسرة شريفة.ارسله ابوه يوحنا الى باريس فصار استاذاً للفلسفة. وفي سنة 1534، لبَّى الدعوة الالهية بصوت القديس اغناطيوس دي لويولا مؤسس الرهبانية اليسوعية. فأبرز معه ومع رفقته الستة النذور الرهبانية. فانتخبه البابا بولس الثالث رسولاً الى الهند. فسافر الى تلك الامصار النائية، يطوفها على قدميه، وغالباً حافياً. فكلَّل الله اتعابه وجهوده الرسولية بالنجاح، فردَّ مئات الالوف من الوثنيين الى الايمان بالمسيح فعمَّدهم وبينهم امراء وملوك. وقد قاسى من المشاق والاهانات ما يعجز القلم عن وصفه. وقد امتاز بفضيلة التواضع فكان لا يأنف من غسل جراح المرضى وقروحهم. فوهبه الله صنع العجائب. وفي السنة 1552 سافر الى الصين ليواصل بشارته بالانجيل، فانتابته حُمَّى شديدة اودت بحياته على ابواب الصين وهو يردد هذه الصلاة:" عليك يا رب توكلت فلا أخزى الى الابد". صلاته معنا. آمين.
القديس ناحوم النبي (بحسب الكنيسة الارثوذكسية)
هو صاحب النبوءة السابعة، ترتيباً، في سلسلة نبوءات العهد العتيق الاثني عشر الصغيرة. كان من قرية اسمها "ألقوش" ظنّ بعض الدارسين أنها في الجليل، فيما ظنّ غيرهم أنها على بعد ميلين من مدينة الموصل العراقية، شماليها، قريباً من مدينة نينوى، عاصمة مملكة أشور. كان انتماؤه إلى سبط شمعون، من أسباط إسرائيل الاثني عشر، ولعله، إذا صح أنه ولد في "ألقوش" العراقية، من اليهود المسبيين.
تنبأ ناحوم على نينوى فأنذر بخرابها. قال، في الآية السابعة من الإصحاح الثالث: "ويكون كل من يراكِ يهرب منكِ ويقول خربت نينوى، من يرثي لها". فإذا ما علمنا أن خراب نينوى حصل، حسب المصادر التاريخية، في العام 612 ق.م. على يد الماديين والكلدانيين، يكون ناحوم قد صدح بنبوءته قبل ذلك بزمن. ثم لما كان السفر يذكر عاصمة مصر القديمة، نو أمون، ويعطي الانطباع أنها قد سقطت منذ بعض الوقت، وهذا حدث، في التاريخ، حوالي العام 663 ق.م. فإن تاريخ كتابة سفر ناحوم يكون بين العامين 663 و612ق.م.يذكر أن نينوى هي إيّاها المدينة التي أرسل الرب الإله إليها يونان منذراً، داعياً إلى التوبة. يومها استجاب أهل نينوى حسناً فنادوا بصوم ولبسوا مسوحاً من كبيرهم إلى صفيرهم (يونان3). أما اليوم فالحال اختلفت لأن شرور نينوى استشرت وعظم استكبارها وأبت أن ترعوي، فقال ناحوم فيها: "ويل لمدينة الدماء. كلها ملآنة كذباً وخطفاً" (1:3)، "ليس جبر لانكساركَ. جرحكَ عديم الشفاء... لأنه على من لم يمرَّ شرُّكَ على الدوام"(19:13). لهذا السبب "هأنذا عليكِ يقول رب الجنود... وأطرح عليكِ أوساخاً وأهينكِ وأجعلكِ عبرة... تنفتح لأعدائك أبواب أرضك. تأكل النار مغاليقَك: (5:3،6،13).
ويأتي الإنذار بخراب نينوى بعدما كان سرجون الأشوري قد أخذ السامرة، عاصمة مملكة إسرائيل، وسبى من سبى من شعبها إلى نينوى حوالي العام 720 ق.م.
إلى ذلك، كان الأشوريون قد أذلوا يهوذا ومرمروها. ويهوذا هي المملكة اليهودية التي كانت عاصمتها أورشليم. وقد سمح الرب الإله بذلك لا إعلاء لشأن أشور بل تأديباً لشعبه على خطاياه بأشور. ولكن، لا يبرّئ السيد الرب الظالمين وإن أغضى عنهم إلى حين إتماماً لمقاصده. لذا لما حان ميعاد إنصاف يهوذا خاطبها هكذا: "أذللتك، لا أذلكِ بعد. والآن أكسر نيره عنكِ وأقطع ربطكِ"(12:1) وأضاف: "هوذا على الجبال قدما مبشر مناد بالسلام. عيّدي يا يهوذا أعيادك، أوفي نذورك فإنه لا يعود يعبر فيك أيضاً المهلك. قد انقرض كله" (15:1). يذكر أن لاسم النبي دلالته أيضاً في هذا الاتجاه فهو يعني "المعزي".
هذا وناحوم شاعر أصيل، أسلوبه صاف لا تعقيد فيه، يمتاز بالإيجاز البليغ وقوة الأوصاف وكثرة الاستعارات وعذوبة الإيقاع. مثال ذلك كلامه على غضب الله. "الرب في الزوبعة وفي العاصف طريقه والسحاب غبار رجليه... الجبال ترجف منه والتلال تذوب والأرض تُرفع من وجهه والعالم وكل الساكنين فيه... غيظه ينسكب كالنار والصخور تنهدم منه" (3:1،5-6). ومثال ذلك أيضاً وصفه لحصار نينوى: "السرو يهتز. تهيج المركبات في الأزقة. تتراكض في الساحات. منظرها كمصابيح. تجري كالبروق" (3:2-4). وفي تقدير الدارسين، أن نبوءة ناحوم هي من أجود الأدب العبراني.
من عِبَر النبوءة أن الرب "بطيء الغضب وعظيم القدرة ولكنه لا يبرّئ البتّة" (3:1). الفجّار لديه يلقون ثمرة أفعالهم. يضرب أخصّاءه متى زاغوا فيسلط عليهم أعداءهم حتى تستقيم قناتهم. وإذ يتوبون يعود إليهم بألطافه ويشملهم بأنعامه. أما مضايقوهم فيكسر شوكتهم ويذُلهم لاستكبارهم ويضع لتماديهم في الأذية حداً. كل التاريخ مضبوط بيديه ولا من ينجح ضده طويلاً. الله، في نهاية المطاف، هو الغالب في أوانها ومقاصده تنجح كاملة.
وفي هذا اليوم أيضاً : القديس فيلاريت الرحيم
هو من مدينة تدعى أمْنيا من ناحية بافلاغونيا، في القسم الشمالي من آسيا الصغرى. كان في دياره ملاكاً ذا شأن، عنده من الخدم أعداداً وافرة ومن الخيرات قدر كبير. أمر واحد كان يشغله في أيامه إلى درجة الهوس: إعالة الفقير! كانت حياته تجسيداً لاسمه. واسمه فيلاريت (فيلاريتوس) معناه "محب الخير والصلاح". محبة القديس شملت كل أخ محتاج، قريباً أو غريباً. معروفاً أو مغموراً. حال الفقير لديه كانت مبعث وجع لا يطاق حتى يسدّ حاجته. كان عطاؤه سخياً بلا حساب. فلقد اعتاد أن يبدّد على المساكين تبديداً (مز9:119).
ومن كثرة إقبال قديسنا على العطاء افتقر، وثمة من يقول أن سراقاً أتوا على أكثر أمواله، فكان ذلك امتحاناً له عسى الخوف من الفقر الكامل أن يردّه عن سخائه أو يخفف من وتيرته. وإلا بانت أصالته وتأكد اعتماده على ربه في كل حال. فتمجّد الله فيه وأضحى للمؤمنين مثالاً يحتذى على طول الأيام. فماذا حدث؟
استمر فيلاريت في عطائه كاملاً دونما تردّد. لم يبال باعتراضات زوجته وأولاده وتذمرهم عليه. الفقر الكامل لديه، والحال هذه، كان تتويجاً لما درج عليه طوال سني حياته. ومن تراه يلتهم غنى الله الكامل غير المفتقر إليه إلى المنتهى؟ من هنا حسب فيلاريت ما آلت إليه حاله لا تخلياً من ربه عنه بل افتقاداً وحناناً. فكانت عطاءاته، وقد افتقر، أعظم شاناً وأكبر قدراً من ذي قبل. ودونك ما فعل.
بدأ يعمل بيديه ليحصل رزقه ورزق عياله. وذات يوم، إذ كان يفلح الأرض بثورين جاءه فلاح فقير باكياً: لقد مات له ثور وما عاد بإمكانه أن يفلح بواحد. فأعطاه فيلاريت أحد ثوريه، ثم، بعد أيام، الثور الآخر لأنه لم يعد بإمكانه هو أيضاً أن يفلح بثور واحد. أجل، قدّم، فيلاريت جاره على نفسه فماثل بذلك ربّه. إثر ذلك بكى أهل بيت فيلاريت بكاء مراً واتهموه بقساوة القلب وحرمانهم من أبسط أسباب العيش. فلم يسمع لهم ولا تزعزع عن قصده شعرة واحدة، بل قال لهم: "ألم تسمعوا ما قال ربنا لا تهتموا لأنفسكم بما تأكلون ولا بما تشربون... اطلبوا أولاً ملكوت الله وبرّه وكل ما عدا ذلك يزاد لكم" (مت6). "انتظروا قليلاً فتروا مجد الله".
لم يأبه فيلاريت لغد ظنّه الناس عليه أسود: فرسه أعطاه لعسكري ضيّع دابته. وبقرته الحلوب وعجلها لمن كانوا أسوأ منه حالاً. وقد قيل أنه سافر بحماره بعيداً، مرة، فاستدان حمل قمح لعائلته. وفي طريق عودته التقى إنساناً بائساً فترك له الحمار والقمح معاً. ومرة أخرى، اشتد العوز بين الناس، فقام صديق له ميسور بإرسال بعض المؤن إليه فوزّع على أفراد عائلته ما احتاجوا إليه. قوتاً لبعض الوقت. وجال بالباقي على شركائه المساكين، يعزّي قلوبهم. حتى ثوبه، في آخر المطاف، أعطاه لأخ محتاج.
هكذا كرّت أيام فيلاريت، لا اغتر بغنى منّ به الله عليه إحساناً ولا خاف من فقر سمح به ربّه عليه إزكاء وتدبيراً.
وبعدما محّصت فيلاريت كلمة الله. حان ميعاد إنصافه، حتى، فيما للأرضيات، إتماماً للقول الإلهي أن كل من ترك بيوتاً أو حقولاً لأجلي ولأجل الإنجيل يأخذ مئة ضعف الآن في هذا الزمان وفي الدهر الآتي الحياة الأبدية (مر30:10). يومذاك حدث ما يمكن أن يعتبره الأكثرون اليوم طرفة شبيهة بطرفة "ثليجة والأقزام السبعة". فإن عمالاً للملكة إيريني الوصية على ابنها القاصر قسطنطين المعروف بالسادس، انتشروا في أرجاء الإمبراطورية يبحثون، كما جرت العادة أحياناً، عن خيرة الفتيات حُسناً وجمالاً وكياسة وأخلاقاً لتكون إحداهن زوجة للملك. ويشاء التدبير الإلهي أن يقع اختيار ذوي الشأن على الفتاة ماريا، ابنة فيلاريت، ولعلها حفيدته.
هذا الحدث الفريد حمل لفيلاريت تغييراً في الأحوال فأضحى أوفر كرامة بين الناس ذوي الشأن يسراً مما كان عليه في سابق عزّه. أضعاف أضعاف.
من أخباره في هذه المرحلة من حياته أنه رغب يوماً إلى زوجته وأولاده أن يعدّوا مائدة. على أسخى ما تكون الموائد. قائلاً لهم: "لندعونّ ملكنا وسيدنا وعظماءه إلينا". فظنّ الجميع أنه قصد الإمبراطور ورجال بلاطه فأعدّوا العدة. وفي اليوم الموعود أحضر فيلاريت إلى داره الفقراء والمساكين والمحتقرين والمعاقين فأجلسهم إلى مائدته وجعل زوجته وأولاده يخدمونهم.
ولما انتهى العيد أعطى كل واحد من مدعويه قطعة ذهبية وصرفه. هذه كانت طريقة استضافة فيلاريت لرب السموات والأرض وعظمائه الفقراء والمقطوعين. من لا حول لهم ولا قوة إلا بالله.
عاش فيلاريت طويلاً حتى بلغ التسعين. فلما حانت ساعة موته درى بها، فجمع أولاده وأحفاده وأوصاهم أن يوزّعوا كل ما بقي من تركته على أحبّته، فقراء المسيح، قائلاً: "يا أولادي، لا تنسوا الضيافة عودوا المرضى والمساجين، اسهروا على الأرامل والأيتام، ادفنوا الموتى المعوزين، لا تهملوا الصلاة، لا تشتهوا ما للغير، لا تتفوّهوا بسوء على إنسان ولا تفرحوا بما يصيب أعداءكم من أسواء. اسلكوا في كل أمر كما سلكت أنا من قبلكم لكي يحفظكم الرب الإله حفظاً جيّداً".
ولما أكمل قديسنا وصيته، أشرق وجهه نوراً، وأخذ في تلاوة الصلاة الربّية: "أبانا الذي في السموات". فلما بلغ القول: "لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض" اغمض عينيه وفارق بسلام. كان ذلك في العام 792 للميلاد.
تذكار القديس نحوم النبي (بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)
هو السابع في الترتيب بين الأنبياء الصغار الإثني عشر. وُلد في الجليل في قريةٍ تُدعى "ألقُوش". وكان من سبط سمعان. وتنبّأ على نينوى عاصمة بلاد الأشوريين. عاش في فلسطين وكتب نبوءته بعد خراب السامرة وسبي الأسباط العشرة إلى نينوى (718 ق.م). ولقد جمع المفسّرون اليوم على أن كتابة تلك النبوءة كان نحو سنة 665.
لقد تنبّأ نحوم على مدينة نينوى العظيمة المتكبّرة التي أبادت مملكة إسرائيل، وسبَت أهلها وأذلّت مملكة يهوذا. فتبّأ نحوم على خرابها، عقاباً لها على آثامها وكبريائها واستبدادها. وكانت نبوءته عليها في أيام عزّها وسلطانها، وكثرة غناها ومناعة أسوارها. ولقد تمّت تلك النبوءة عليها لمّا حاصرها ملك بابل نابويولاسار، وفتحها ونهب كنوزها، ثم خرّبها فصارت أطلالاً. وقد ساعده على دكّ أسوارها المنيعة الجبّارة وهدم قصورها الشامخة فيضان نهر دجلة واندفاع أمواجه عليها. فأصبحت تلك العاصمة القديمة أثراً بعد عين. ولم يهتد العلماء إلى مكان موقعها إلاّ في القرن التاسع عشر، سنة 1842.
ونبوءة نحوم كثيرة الوضوح، دقيقة الوصف، حتى أنّه ليُخيّل إلى القارىْ أن النبي يصف ما يراه أمامه بعينه ويسمعه بأذنه.
ويقول القديس إيرونمس في ذلك: إذا كان الله قد محا من الوجود مدينة عظيمة نظير نينوى، فكيف يصبر على المتكبّرين والظالمين، وكيف ينام عن الأقوياء، المستبدين بأموال وأعراض وحياة الضعفاء المساكين!.
استشهاد القديس قزمان ودميان وأخوتهما وأمهم (بحسب الكنيسة القبطية الارثوذكسية)
في مثل هذا اليوم استشهد القديسون قزمان ودميان واخوتهما انسيموس ولاونديوس وابرابيوس وأمهم ثاؤذوتي. كانوا من إحدى بلاد العرب، وكانت أمهم تتقي الله، ومحبة للغرباء، ورحومة. وقد ترملت وأولادها بعد أطفال. فربتهم وعلمتهم خوف الله وحب الفضيلة. وتعلم قزمان ودميان مهنة الطب، وكانا يعالجان المرضي بلا اجر، أما اخوتهما فمضوا إلى البرية وترهبوا. ولما ارتد دقلديانوس عن الإيمان، وأمر بعبادة الأوثان اخبروه إن قزمان ودميان يبشران باسم المسيح. ويحضان علي عدمعبادة الأوثان. فأمر بإحضارهما وتسليمهما لوالي المدينة الذي عذبهما بأقسى أنواع العذاب بالضرب والنار. ثم سألهما عن مكان اخوتهما. ولما عرفه استحضرهم ومعهم أمهم وأمرهم إن يبخروا للأوثان فلم يطيعوه. فأمر إن يعصر الخمسة في المعاصر. ولما لم ينلهم آذى أخرجهم وألقاهم في أتون النار ثلاثة أيام وثلاثة ليال، ثم طرحهم في مستوقد حمام. وأخيرا وضعهم علي آسرة من الحديد محماة. وفي هذه جميعها كان الرب يقيمهم أحياء بغير فساد لإظهار مجده وإكرام قديسيه. ولما تعب الوالي من تعذيبهم، أرسلهم إلى الملك فعذبهم هو ايضا. وكانت أمهم تعزيهم وتشجعهم وتصبرهم. فانتهرها الملك فوبخته علي قساوته وعلي عبادة الأوثان. فأمر بقطع رأسها ونالت إكليل الحياة، وظل جسدها مطروحا لم يجسر أحد إن يدفنه، فصرخ القديس قزمان في الحاضرين قائلا "يا أهل المدينة أليس فيكم أحد ذو رحمة فيستر جسد هذه العجوز الأرملة ويدفنها؟". عند ذلك تقدم بقطر بن رومانوس وأخذه وكفنه ثم دفنه.
و لما علم الملك بما فعله بقطر أمر بنفيه إلى ديار مصر وهناك نال إكليل الشهادة. وفي الغد أمر الملك بقطع رؤوس القديسين قزمان ودميان واخوتهما فنالوا إكليل الحياة في ملكوت السموات. وبعد إن انقضي زمان الاضطهاد، بنيت لهم كنائس عديدة، واظهر الرب فيها آيات وعجائب كثيرة.
شفاعتهم تكون معنا ولربنا المجد دائمًا أبديًا آمين.