دينيّة
27 تموز 2021, 07:00

في الشّفاعة "شفعة"

ريتا كرم
لكلّ مؤمن شفيع يلجأ إليه في كلّ الأوقات، يصلّي لله بواسطته وتراه يكرّمه بشتّى الطّرق والوسائل؛ فأهمّيّة هذا القدّيس لا ترتبط بزمان أو بمكان، هو يصبح رفيقهم على مدى الـ24 ساعة طيلة أيّام الأسبوع.

 

يخاطبونه في الصّور، يشاركونه مشاعرهم، أحلامهم وخيباتهم؛ يعاتبونه ويبكون أمامه، يسلّمونه مشاريع حياتهم من ألِفها إلى يائها إيمانًا منهم أنّ الشّفعاء هم طريقهم إلى يسوع.

هم يؤمّون إلى مزاراتهم وأديارهم، أحيانًا حفاة القدمين مستوفين نذوراتهم، يجثون أمام أضرحتهم يقبّلونها ويتباركون من ترابها، يضمّون أيديهم أو يفتحونها نحو السّماء ويغمضون أعينهم فيصحو فيهم إيمان ينام وسط زحمة الحياة، ويرفعون كلّ مكنونات القلب إلى الله بصدق معطّر بشوق وتوق إلى الوحدة والشّركة معه.

وفي طريق العودة، يتزوّدون بمسابح صلاة وأيقونات وزيت وبخّور وشموع بكمّيّات كبيرة يوزّعونها على معارفهم كبركة من القدّيس الشّفيع.

أمّا في منازلهم، فتراهم يكرّمونهم بطريقة خاصّة: يصنعون لهم مزارات يفوح منها عبير البخّور وطيب الورود. وتصبح تلك الزّاوية معبدًا صغيرًا خاصًّا يطلق فيه صاحبها العنان لأفكاره ويتهامس بحرّيّة مع شفيعه فلا أحد سواهما يسمع تلك الوشوشات ويعرف أسرارها إلّا الله وحده، فتفتح أبواب السّماء في تلك اللّحظات الخاشعة وتنشد أجواق الملائكة التّرانيم والتّسابيح مهلّلة لإيمان عظيم وصادق يعيشه ذاك المؤمن وينقل ثماره إلى كلّ أفراد عائلته.

في هذه الصّلوات، وفي الشّفاعة تحديدًا، بركة حبّ لا تموت، تواضع يفرد جناحيه بسخاء على طالبها، طريق معبّدة بقداسة مستمدَّة من هؤلاء الأبرار الّذين سبقونا إلى السّماء، وثبات في الله فـ"إن ثبتّم فيّ وثبت كلامي فيكم تطلبون ما تريدون فيكون لكم" (يو 15/7).