ميناسيان: هل نحن مستحقّون لهذا الفداء ولهذه النّعمة السّماويّة؟
"هذا هو الخبر السّار فلما نلفظ هاتين الكلمتين نعني بها حقيقة موثوقة وهذه هي الفرحة الأساسيّة والأمل بالحياة لأنّ المسيح انتصر على الموت. فبقيامته وهبنا الحياة، الحياة الرّوحيّة أوّلًا والتي من أجلها نحن اليوم مجتمعون، ثمّ الزّمنيّة ثانيًا عندما نقتنع بالنّعم التي أعطانا أيّاها الله على هذه الأرض. مجتمعون بأمانة على الوصيّة التي أعطاها لتلاميذه في سرّ القربان المقدّس عندما قال لهم: خذوا كلوا هذا هو جسدي الذي يبذل من أجلكم وهذا هو دمي الذي يراق في سبيلكم. هذه الوصيّة التي نقدّمها في كلّ مرّة بواسطة الذّبيحة الإلهيّة. سرّ القربان المقدّس، سرّ جسد ودم مخلّصنا يسوع المسيح المنتصر على الموت بقيامته الجبارة. جسد ودم فادينا الذي به وبواسطته نلنا الغذاء الرّوحيّ والخلاص من العبوديّة. هذا هو السّرّ العظيم، وجود مخلّصنا السّيّد المسيح معنا لقد قام من بين الأموات وهو باق معنا حتّى منتهى الأزمان. لذا لكلّ واحد منّا له دعوته الخاصّة، فمن هو مسؤول عن ذاته، وغيره عن عائلته، والمسؤول عن وطنه وشعبه.
يحزنني اليوم أن أرى شعبنا وما يمر به من فقر وعذاب، فحبّذا لو ننظر جميعنا إلى هذا الوطن كما نظر إليه خادم الرّبّ الكاردينال أغاجانيان. هذا البطريرك الذي أحبّ لبنان وسعى إلى مصالحة أبنائه وازدهاره متمنيًّا أن ينعم هذا الوطن الحبيب بسلام المسيح. فلننظر إليه طالبين شفاعته ليرشدنا ويساعدنا كيما نرى سبيلًا يخرجنا من أنانيّتنا وكبريائنا. فجميعنا أمام هذا السّرّ العظيم وهذه القيامة المجيدة نتسائل، هل نحن مستحقّون لهذا الفداء ولهذه النّعمة السّماويّة؟ الجواب هو لا.
لسنا أهلًا لهذه النّعمة، لكنّ محبّة الرّبّ الأبويّة ورحمته اللّامتناهية أعطتنا هذا الإستحقاق، ففي مثل الكرام الذي نقرأه في انجيل لوقا (9:20-17) فصاحب الكرم الذي زرع كرمًا ثم سافر فأعطاه في عهدة الكرّامين، وبعد زمن بعث بخدمه يطلب ثمار كرمه، فطردوا الأوّل وضربوا الثّاني وأخيرًا عندما بعث ابنه الوحيد قتلوه. هكذا أيضًا الرّبّ الآب أرسل رعاة وأنبياء مثل الكرّامين ليردّوا الإنسان إلى خالقه، فمنهم من رفض ومنهم من ضرب ودمّم، حتّى أرسل ابنه الوحيد فقتلوه، أيّ صلبناه، قتلناه لمصلحة أنانيّتنا وكفرنا بالنّعم السّماويّة. ورغم ذلك قام المسيح من بين الأموات وقهر الموت باقيًا أبدًا معنا في سرّ القربان هذا ما أشرت إليه في بدء كلمتي. تعالوا إذا لنسجد له ونتضرع بأن يلهمنا جميعًا بالمحبّة والتواضع والتّعاون لوحدة أبناء الوطن الحبيب، متكاتفين ومتفقين للقيام من محنتنا إلى حياة اجتماعيّة مرسّخة بالعدالة والقانون. هكذا نكون قد عدنا إلى إرادة ربّنا الذي أوصانا بأن نحب بعضنا البعض كم هو أحبّنا.
أتقدم إليكم مرّة أخرى لأتمنى لكم فصحًا مجيدًا مليئا بالفرح والسّلام".