الأردنّ
25 تشرين الثاني 2019, 08:50

يونان في عمّان- الأردنّ، والمناسبة؟

تيلي لوميار/ نورسات
إستهلّ بطريرك السّريان الكاثوليك مار إغناطيوس يوسف الثّالث يونان زيارته الرّاعويّة إلى عمّان الأردنّ، يوم السّبت، يرافقه القيّم البطريركيّ العامّ وأمين سرّ البطريركيّة الأب حبيب مراد.

بعد الاستقبال في مطار الملكة علياء الدّوليّ في عمّان من قِبل معاون النّائب البطريركيّ في القدس والأراضي المقدّسة والأردنّ وكاهن رعيّة القدسالمونسنيور أفرام سمعان، وكاهن الرّعيّة السّريانيّة الكاثوليكيّة في الأردنّالأب فراس دردر، على رأس وفد من مجلس الرّعيّة؛ وبعد استراحة قصيرة في دار الرّعيّة السّريانيّة الكاثوليكيّة- الأشرفيّة- عمّان، مقرّ إقامته، زار يونان السّفارة البابويّة والتقى السّفير البابويّ في الأردنّ والعراق المطران ألبيرتو أورتيغا، بحضور القائم بالأعمال وسكرتير السّفارة البابويّة في عمّانالمونسنيور ماورو لالي، وعرضوا خلال اللّقاء الأوضاع الرّاهنة في الشّرق الأوسط، بخاصّة في لبنان وسوريا والعراق، وتناولوا شؤونًا كنسيّة عامّة.

هذا وشكر يونان السّفير على خدمته المتفانية ومحبّته وتضامنه مع أبناء كنيسته، وتمنّى له النّجاح في خدمته الجديدة كسفير بابويّ في تشيلي، وقدّم له لوحة الصّلاة الرّبّانيّة والسّلام الملائكيّ باللّغة السّريانيّة عربون محبّة وشكر وتقدير، فيما سلّمه أورتيغا ميدالية البابا بنديكتوس السّادس عشر.

أمّا مساءً فزار البطريرك يونان دير مار شربل للموارنة، حيث استقبله أمام كنيسته كاهن الرّعيّة والنّائب العامّ للموارنة في الأردنّ المونسنيور غازي الخوري، ممثّلاً مطران أبرشيّة حيفا والأراضي المقدّسة والأردنّ للموارنة موسى الحاج، ولفيف من الآباء الكهنة والشّمامسة، وجمع من المؤمنين.

ورفع يونان صلاة الشّكر في الكنيسة حيث أكّد على وحدة شعب الله، وعلى ضرورة عيش المحبّة والشّركة والشّهادة ليسوع وإنجيله.
كما سجّل السّبت مساءً لقاء مع شباب الرّعيّة السّريانيّة الكاثوليكيّة في عمّان، في دير سيّدة السّلام، استُهلّ بجلسة صلاة ترأّسها يونان وتخلّلتها ترانيم وقراءات من الكتاب المقدّس، ومداخلات وحوار. 

كما تخلّل اللّقاء كلمة ليونان دعا فيها الشّبيبة إلى الاتّكال على الله، لافتًا إلى أنّ ذلك "لا يعني الكسل، أو أن نعفي نفسنا من العمل. إنّما الاتّكال بالمعنى الرّوحيّ هو أوّلاً الثّقة بالله أبينا... فالإتّكال هو فعل استسلام لله... ويعني أيضًا الرّجاء"؛ مؤكّدًا أنّ الله يعطي بالتّالي الجواب الأخير.

وصباح الأحد، زار يونان كاتدرائيّة مار أفرام للسّريان الأرثوذكس- الصّويفيّة، حيث شارك في قسم من القدّاس، وجدّد بكلمته روابط المحبّة بين الكنيستين الشّقيقتين. 

ظهرًا، حطّ يونان رحاله في دار المطرانيّة اللّاتينيّة- الصّويفيّة حيث استقبله النّائب الرّسوليّ للّاتين في الأردنّ المطرن وليم الشّوملي وعدد من الآباء الكهنة. وتناول اللّقاء الأوضاع العامّة في الشّرق الأوسط، وما تقوم به الكنائس لدعم الحضور المسيحيّ في الشّرق والتّخفيف من معاناة أبنائها في ظلّ هذه الظّروف العصيبة.
وشكر يونان المطران الشّوملي على استقباله وعلى ما يقدّمه من تسهيلات للخدمة الرّاعويّة، وقدّم له لوحة الصّلاة الرّبّانيّة والسّلام الملائكيّ باللّغة السّريانيّة.

هذا والتقى البطريرك يونان الممثّل الشّخصيّ والمستشار الخاصّ للملك الأردنيّ عبدالله الثّاني بن الحسين للشّؤون الدّينيّةالأمير غازي بن محمّد، وكانت إضاءة على تاريخ الكنيسة السّريانيّة الكاثوليكيّة الأنطاكيّة وانتشارها ودورها، فضلاً عن اللّغة السّريانيّة وأهمّيّتها. وقبل أن يغادر قدّم يونان هديّتة التّذكاريّة لمضيفه.

وفي المساء، احتفل يونان بالقدّاس الإلهيّ في أحد بشارة مريم العذراء في كنيسة سيّدة الكرمل للّاتين، في منطقة الهاشميّ الشّماليّ، بمشاركة النّازحين العراقيّين، عاونه فيه المونسنيور سمعان، والأب دردر، والأب مراد، بمشاركة المطران الشّومليّ، والمونسنيور لاللي، ولفيف من الآباء الكهنة من مختلف الكنائس في عمّان.

خلال القدّاس، ألقى يونان عظة قال فيها بحسب إعلام البطريركيّة: "لا تخافي يا مريم: بهذه الكلمات يشجّع الملاكُ جبرائيل مريمَ العذراء كي تتّخذ القرار باتّباع الرّبّ، ومن خلالها يطلب منّا الرّبّ أن نتحلّى بالشّجاعة لاتّباعه وتسليم حياتنا له، لماذا؟ لأنّ الله معنا، فإذا كان الله معنا فمن يقدر علينا؟

نعم أيّها الأحبّاء، اليوم في أحد بشارة العذراء مريم نتذكّر هذه العذراء الّتي وضعت ثقتها كاملةً بالرّبّ، مع أنّ ما سمعَته كان غير مستطاع عند البشر، إنّما مستطاع عند الله. سألت مريم الملاك: كيف يتمّ هذا وأنا لا أعرف رجلاً، لكنّها سلّمت أمرها للرّبّ بقولها: ها أنا أمةٌ للرّبّ، فليكن لي بحسب قولك.
إنّ كنيستنا السّريانيّة كنيسة شاهدة وشهيدة، شاهدة لإنجيل المحبّة والسّلام في خضمّ الشّدائد والمحن والحروب والتّهجير والخطف والقتل، وشهيدة عبر القرون الطّوال محبّةً بمخلّصها الّذي قَبِلَ أن يُرفع على خشبة حبًّا بنا. وهذه الكنيسة أرادت أن تتمثّل وتتشبّه بمخلّصها.
نعم إنّ كنيستنا السّريانيّة قليلة العدد، ولكنّها قدّمت الكثير من الشّهداء والمعترفين، والمعترف هو الّذي تألّم من أجل الإيمان، لكنّه بقي على قيد الحياة. ونحن نفتخر بها لأنّها من الكنائس الأولى، سيّما ونحن هنا في المملكة الأردنية الهاشميّة، بالقرب من مدينة بيت لحم حيث وُلِد الرّبّ يسوع، بالقرب من النّاصرة حيث تمّت بشارة مريم، وبالقرب من القدس حيث أتمّ الرّبّ يسوع فداءنا على الصّليب وحيث قُبِر وقام بعد أيّامٍ ثلاثة.
إنّنا رغم كلّ شيء نبقى متمسّكين بهذا الإيمان، لأنّنا نعرف بمن وضعنا رجاءنا. البعض يقولون هذا كلام جميل لكنّ الواقع أليم جدًّا، وهذا صحيح. واقعنا وواقعكم أليم جدًّا، لأنّ التّغرّب والتّهجير اللّذين حلّا بكنيستنا كما بالمسيحيّين في العراق وسوريا ليسا بالأمر السّهل، خاصّةً أنّنا نعلم أنّ الأمم المتّحدة تجتمع مرّاتٍ عديدةً وتنادي بحقوق الإنسان هنا وهناك وتبكّت من ينتهك هذه الحقوق، ولكنّ هذه الحقوق تُنتهَك مرارًا وتكرارًا في هذه المنطقة، وليس من يطالب بتوقيف هذه الانتهاكات.

نسمع الكثير من البلاد الغربيّة عن آلامنا ومحننا وعن تهجيرنا وتغرّبنا، ولكنّ الكلمات المعسولة لا تكفي وحدها. سنبقى دومًا الصّوت الصّارخ مهما كلّفنا الأمر، وسنصرخ على الملء أمام العالم برمّته، سيّما أمام العظماء في هذا الكون وأصحاب السّلطة والمسؤوليّة، وسنجدّد التّأكيد على أنّنا نحن المسيحيّين في الشّرق مهدَّدون بالزّوال، وهذه الخسارة ليست فقط لنا، ولكنّها خسارة للشّرق كما للغرب، خسارة للكنيسة الجامعة كما للعالم أجمع.

في هذه الأيّام، نتوجّه بأنظارنا وأفكارنا وعواطفنا نحو مغارة الميلاد في بيت لحم، حيث وضعنا رجاءنا، وحيث الكنيسة تطلب منّا أن ننشد أنّ المسيح المولود هو الرّجاء للبشريّة. لذلك، رغم كلّ ما نعانيه ونتألّم من أجله، سنتابع السّير في درب الرّجاء هذه، سائلين الرّبّ يسوع الّذي فيه وضعنا ثقتنا أن يبقى دومًا معنا، متذكّرين قوله لتلاميذه ومن خلالهم لكلّ واحدٍ منّا: لا تخافوا، أنا معكم كلّ الأيّام حتّى منتهى الدّهر، آمين".

وتوّج يونان يومه أمس بمشاركته في حفل استقبال أقامته الرّعيّة السّريانيّة الكاثوليكيّة في عمّان على شرفه، بحضور رؤساء الكنائس في الأردنّ وممثّليها، ولفيف من الإكليروس من مخلتف الكنائس، وأعضاء المجلس الرّاعويّ وفعاليّات الرّعية وأصدقائها، وقد أدّت خلالها فرقة من الشّبيبة فقرة فولكلوريّة تراثيّة.