العراق
01 كانون الأول 2021, 08:50

هذا ما يوصى به البطريرك ساكو العائلة المسيحيّة!

تيلي لوميار/ نورسات
عن العائلة المسيحيّة وتحدّياتها الحاليّة كتب بطريرك الكلدان الكاردينال لويس روفائيل ساكو، في تعليمه الثّاني عشر، أضاء فيه على أنّ الزّواج "دعوة ومسؤوليّة"، فهو "سرّ مقدّس"، موضحًا بالتّالي أهمّيّة العائلة المسيحيّة.

وفي هذا السّياق، كتب ساكو بحسب إعلام البطريركيّة الرّسميّ:

"المرأة والرّجل، من جبلة واحدة، مهما اختلفت المظاهر، وتنوّعت الوظائف. للمرأة قيمةٌ كبيرة، فهي اكتمالُ الإنسان، والاثنان يصيران واحدًا (تكوين 2/ 24). إلى هذه الوحدة يعود يسوع ليؤكّد أنّ الزّواج واحد، رجل وامرأة.

الزّواج: دعوة ومسؤوليّة

حياة الإنسان من طبعها أخذ وعطاء. وفي قمّة هذا "الأخذ والعطاء" يأتي الحبّ بين الرّجل والمرأة. للإنسان وحده المقدرة على الحبّ (في الحيوان غريزة). ولمّا يكون هذا الحبّ قائمًا، يرى كلّ من الشّريكين، الشّريك الآخر وكأنّه غير محدود بحيث يعطي ذاته له بصورة غير مشروطة.

إن نزعة الإنسان إلى الحياة الزّوجيّة، نزعة طبيعيّة فيها يختار الرّجل شريكته، وتختار هي شريكها في سبيل خلق شركة وشراكة وتصير العلاقة الجنسيّة sexuality بالتّالي صفة الخلق والخلاص: "انموا واكثروا" (تكوين 1/ 28).

العلاقة الجنسيّة الشّرعيّة علاقة مقدّسة لتبادل "غيريّة" الأشخاص. مع الجنس يظهر نور يميّز الأشخاص. الجنس علاقة التّشابه في الاختلاف. ثنائيّة منفتحة على الوحدة، لكنّها تشهد لغيريّة جوهريّة عند أشخاص معمولين ليتحدّوا أوّلاً معنويًّا ثمّ جسديًّا: "لنخلق الإنسان على صورتنا ومثالنا". ففي البدء يوجد آخرون. والحبّ البشريّ العميق يُعاش من قبل الزّوج والزّوجة كأبوّة وأمومة اكثر فاكثر وعيًا ومسؤوليّة "عظيم سرّ الحبّ"(أفسس 5/ 32). والتّأكيد على هذا التّشابه في الاختلاف هو آدم الصّارخ أمام حوّاء "هذا عظم من عظامي ولحم من لحمي" (تكوين 2/ 23). من دون هذا حجر الأساس، يكون البيت– الزّواج مبنيًّا على الرّمل.

الزّواج سرٌّ مقدّس

الزّواج سرٌّ من أسرار الكنيسة. سر مقدّس يعطي نعمًا خاصّة ليكون الاثنان جسدًا واحدًا بالرّغم من تعدّد الأدوار وتقاسم المسؤوليّات. الزّواج دعوة لتأسيس أسرة، وليس كلّ واحد قادر على ذلك، بالرّغم من أنّ الزّواج "سُنَّة الحياة"، أيّ هو من صلب الطّبيعة البشريّة. الزّواج يعني أنّ الرّجل والمرأة، خلق كلّ منهما من أجل الآخر، ليكونا سعيدين بوجودهما معًا ويؤسّسا عائلة سعيدة.

في المسيحيّة علاقة الزّوجين مشبّهة بالعلاقة المتبادلة بين المسيح والكنيسة. فالزّواج المسيحيّ ليس مجرّد علاقة إنسانيّة- طبيعيّة عابرة، بل عهد حبّ وشركة والتزام مدى الحياة. الزّواج امتداد لسرّ الخلق، لسرّ الحبّ والشّركة والعطاء المتبادل بين أشخاص، وليس ملكيّة. إنّه رباط روحيّ وشركة مقدّسة كما يؤكّد بولس في الرّسالة إلى أفسس (5/ 22- 25). إنّه شركة مقدّسة بين شخصين متكاملين: الرّجل بقوّته ورجولته ورزانته وحكمته والمرأة برقّتها ونعومتها وعاطفتها. الإثنان (الواحد) يغذّيان هذه الشّركة ويعمّقانها خصوصًا عندما يولد طفل هو ثمرة حبّهما. هذا الحبّ يتطلّب حضورًا واقتسامًا والتزامًا وتناغمًا وتعهّدًا بالعيش في الأمانة: في الصّحّة والمرض والفقر والغنى والنّجاح والفشل.

العائلة المسيحيّة

مثال العائلة المسيحيّة هو العائلة المقدّسة، فالعائلة المسيحيّة كنيسة مصغّرة، ومدرسة صغيرة. فيها نتعلّم أن نعيش مع بعضنا البعض قيم المحبّة والاحترام والانسجام والتّضامن والتّعاون وإكرام الوالدين، واحترام الآخرين. ووصايا الله ووصايا الكنيسة كقاعدة أخلاقيّة للسّلوك المستقيم.

في العائلة تعلّمنا الصّلاة قبل الطّعام والنّوم وعند النّهوض. ومعها ذهبنا إلى الكنيسة أيّام الآحاد والأعياد،

هذه القيم الإنسانيّة والدّينيّة هي الّتي تحافظ على تماسك العائلة ووحدتها وديمومتها، لذا ينبغي الاهتمام بسعادتها وصحّتها وسمعتها.

العائلة المسيحيّة العراقيّة عمومًا ملتزمة، وفي المجتمع العراقيّ المسلم الّذي يجيز تعدّد الزّوجات هي مثال "نور ورجاء"، والخليّة الأساسيّة للكنيسة وللمجتمع.

قضايا بطلان الزّواج

بطلان الزّواج في الكثير من الأحيان كذبة كبيرة. البطلان هو الإعلان أنّ الزّواج فاقد لمقوّماته من الأساس: الإرادة (عندما يكون إكراه مادّيّ أو نفسيّ)، والمعرفة (الكذب على الشّريك)، والقدرة على العلاقة الزّوجيّة (عدم التّكامل الجسديّ).

كيف يمكن منح قرار بطلان لزوجين مرتبطين ببعضهما منذ أكثر من عقد ولهما أولاد؟ غالبًا أنّ الأهل لا يحترمون خصوصيّة استقلالهما، ويعكّرون حياتهما. أو لأسباب مادّيّة. وثمّة حالات مؤلمة.

الزّواج سرّ مقدَّس مثل كلّ الأسرار، فبطلانه يستوجب سببًا جوهريًّا، والمحكمة الكنسيّة تتحمّل مسؤوليّة القرار: ليعودا إلى حبّهما الأوّل وعهدهما عندما سأل الكاهن "هل تقبل بفلانة زوجة لك، أجاب نعم أقبل. هذا يعني بكامل إرادته ووعيه. المشاكل العائليّة طبيعيّة، يمكن تجاوزها بهدوء وصبر وحكمة وصلاة لخير الزّوجين والأطفال.

وهنا يأتي دور الأهل والقريب والقريبة في الدّعم الرّوحيّ والإنسانيّ والعاطفيّ."