دينيّة
20 كانون الأول 2024, 10:00

نشيد المخلوقات (1)

تيلي لوميار/ نورسات
بقلم الأب بولس رزق راهب فرنسيسكانيّ

 

تستعدّ الرهبنة الفرنسيسكانيّة للاحتفال بمرور المئويّة الثامنة لنشيد المخلوقات الذي كتبه لنا القدّيس فرنسيس.  

نحن أمام رجل الإنجيل "القدّيس فرنسيس" الذي كتب لنا هذا النشيد كإعادة قراءة للكتاب المقدّس، الذي كتبه رجال الله القدّيسون، وتأمّل فيه، من بداية سفر التكوين إلى سفر الرؤيا.  كتب لنا القدّيس يوحنّا الإنجيليّ سفر الرؤيا ونجده، في ما كتب،  يتكلّم على المنتصرين بيسوع المسيح، ونرى القدّيس فرنسيس يختم نشيده بكلمات "أهلًا وسهًلا بأخي الموت".

نشيد مخلوقات القدّيس الأسّيزّ هو قراءة الكتاب المقدّس بعين ثاقبة وبِهَدْي روح الله الذي كان يقوده.

هذا النشيد هو كنز تركه لنا "الفقير" ومن خلاله نكتشف عظمة عمل الله الخالق.

جعل القدّيس فرنسيس من المخلوقات مذبحًا مفتوحًا، فكلّ من يشاهده يرى أعمال الله كما يُرى يسوع المسيح على المذبح. يتهلّل الكاهن أمام يسوع وهو على المذبح هكذا القدّيس فرنسيس تهلّل أمام أعمال الله العظيمة.  

نشيد المخلوقات هو تأمّل وسجود أمام كلمة الله الخالقة، والمتامّل فيه يجد نفسه داخل الفردوس، يشارك في تسبحة الملائكة والقدّيسين لأنّه يعيش على مثال يسوع المسيح أي آدم الجديد الذي دعانا مرّة ثانية إلى أن نعيش في الفردوس أي في حضور الله.  

 

نتناول مثلًا، من بين مخلوقات الله، الشجرة.  

ترمز الشجرة، بما تحمل من ثمار، إلى الحياة. ذكر كاتب سفر التكوين الشجرة مطوّلًا لأنّه أراد أن يحدّثنا عن الحياة التي يمنحها الله للإنسان في جنّته، وما دام الإنسان في "الجنة" فهو ينعم بهذه الشجرة". وإن هو تمرّد وسقط، طُرد من الجنّة، وخسر "الشجرة"، خسر كلّ شيء، وتحوّلت الطبيعة إلى "شوك وعوسج".  

الشجرة رمز مقدّس في العالم القديم، ونجد في سفر الرؤيا من يغلب فسيعطيه أن يأكل من شجرة الحياة التي في وسط فردوس الله (رؤ 2: 7). القدّيس فرنسيس هو من الخليقة الجديدة المنتصِرة بيسوع المسيح.

ومن خلال المخلوقات يري القديس فرنسيس مسيرة عمل الله المبدع في الخلق بيسوع المسيح (الكلمة) لذلك يقول لنا القدّيس يوحنّا الرسول في الإصحاح الأوّل في البدء كان الكلمة والكلمة كانت عند الله وكان الكلمة الله وكلّ شيء به كان وبغيره لم يكن شيءٌ ممّا كان. وفيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس (يو ١/١-٤).

نشيد المخلوقات هو تمجيد الله ولعمله المبدع في الخليقة، والطبيعة توصف هنا بالحبّ والامتنان وتعكس صورة الخالق

إنّ مديح القديس فرنسيس ليس له علاقة بتأمّلات فلسفية، بل هو ذو طبيعة واقعيّة.