ندوة عن واقع صيدا وأزمة النفايات في مركز معروف سعد الثقافي
بدأت الندوة بكلمة لعضو الأمانة العامة للتنظيم الشعبي الناصري الدكتور علي الحر، قال فيها: "نحيي هذا الصرح الثقافي، مركز معروف سعد، الذي ما زال رغم كل الصعاب مستمرا في مسيرته بالعطاء ومواكبة الحركة الثقافية والفنية والأدبية، في حين انكفأ الكثير من المراكز والبيوتات الثقافية في صيدا ولبنان وتهمش دورها أو أغلقت أبوابها. نلتقي وإياكم اليوم لتسليط الضوء على الأزمة البيئية التي يعاني منها مجتمعنا وأحد وجوهها البارزة الناجم عن مشكلة النفايات وكيفية التخلص منها. وهي مشكلة طالما عالجتها المجتمعات البشرية والتجمعات الصغرى حتى على مستوى العشيرة والقبيلة بطرق مختلفة، تتناسب مع حجم التطور الواصل إليه الاجتماع البشري، وبما يتلاءم مع الحاجات والإمكانات".
اضاف: "إن ظاهرة التلوث على كوكبنا ظاهرة عامة، تمس الهواء والماء والتربة، وتؤذي الكائنات الحية على اختلافها بنسب متفاوتة، مما يؤدي إلى اضطراب التوازن الحيوي البيولوجي على سطح الأرض، فتنمو كائنات فوق المعدل المفترض على حساب كائنات أخرى تنقرض. هذا بالإضافة إلى اختلال الميزان الحراري على سطح الكوكب وفي أجوائه، ما يؤدي إلى اضطراب التوازن المائي بذوبان جليد القطبين وارتفاع منسوب المياه في البحار والمحيطات، ما ينذر في العقود القادمة بحدوث طوفانات وغرق مناطق ساحلية كثيرة من القارات. كل ذلك الاضطراب البيئي وعدم التوازن الحيوي والحراري ناتج عن نشاط الإنسان الصناعي غير المدروس للعواقب، وليست المؤتمرات الدولية التي تعقد بهذا الخصوص إلا لتلافي الكوارث الحاصلة حتما في العقود القادمة. إن الله خلق الإنسان من طين الأرض " إنا أنشأناكم من الأرض إنشاء" كما يذكر القرآن الكريم، وهو أي الإنسان جزء من هذه الطبيعة لكوكب الأرض وهو الجزء الأعقل، ويحمل أمانة المحافظ عليها، وعليه أن يعمر الأرض بالعدل - العدل في المجتمع والعدل مع الطبيعة، ما يحافظ على سلامة البيئة. وكل نشاط يؤذي مسألة العدل في المجتمع وفي البيئة لا بد بأن ينعكس سلبا في النتائج على الإنسان. باسم الله الرحمن الرحيم " ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون" القرآن الكريم سورة الروم. وها هو الفساد البيئي ظاهر في البر والبحر والجو".
وتابع: "ليست أزمة النفايات ومعالجتها سوى جزء من مشكلة الفساد هذه. وسبب هذا الفساد إما جهل بنتائج النشاط الإنساني على المدى البعيد، وإما تطنيش ولا مبالاة مع معرفة بالنتائج بقصد تحقيق أعلى الأرباح على حساب سلامة البيئة وصحة الناس والكائنات على هذا الكوكب. لا تؤذوا الطبيعة فتؤذيكم لاحقا. كل عمل للانسان مردودة نتائجه عليه عاجلا أم آجلا".
ثم قدم أرقه دان ندوة حول واقع صيدا البيئي وأزمة النفايات، بدأها بالتعريف عن النفايات "التي هي مجمل مخلفات أنشطة الإنسان المنزلية والزراعية والصناعية والإنتاجية، والتي يتم التخلص منها بطرق غير ملائمة، مما يهدد ويسيء إلى الصحة والسلامة العامة". كما شرح أنواع النفايات وهي: نفايات حميدة، نفايات خطرة، نفايات صلبة، نفايات سائلة، ونفايات غازية.
واعتبر أن "من أسباب تزايد انتشار النفايات هو التقدم الصناعي وارتفاع كمية وكلفة معالجة المخلفات الصناعية، واعتماد طرق غير سليمة في التخلص من هذه المشكلة، وغياب القوانين الصارمة التي تمنع رمي النفايات عشوائيا، وعدم إمكانية استيعاب الكم الهائل من النفايات في مكب واحد، وإهمال المواطنين وعدم إدراكهم لحجم المشكلة البيئية الناتجة عن النفايات إلا بعد فوات الأوان، والبطء في التخلص من النفايات لعدم وجود إمكانيات كافية، وإهمال البعض وعدم إدراكهم لنتيجة وحجم المشكلة البيئية إلا بعد فوات الأوان".
كما شرح "خطر تلوث المياه العذبة بعصارة النفايات، في حال رميت النفايات في مكبات على شاطىء البحر من دون معالجة".
وقدم شرحا مفصلا حول مصير النفايات السائلة التي تنتهي إلى البحار أو الأنهار. ومصير النفايات الصلبة التي ترمى في المكبات وبطريقة عشوائية، ومصير النفايات الغازية التي تتصاعد في الهواء. كما قدم شرحا حول الآثار الناتجة عن التلوث الناجم عن النفايات وتأثير ذلك على الهواء والمياه والتربة.
وقدم رسومات بيانية، شرح خلالها نسب التقسيم التقريبي لنسبة المواد في النفايات المنزلية المنتجة في لبنان، ومراحل معالجة النفايات الصلبة.
وعن الواقع البيئي لمدينة صيدا، قدم نبذة حول تاريخ تكون جبل نفايات صيدا، وصولا إلى بلوغ ارتفاع الجبل إلى 40 مترا وحجمه إلى 850000 متر مكعب. والبدائل البيئية المطروحة مكان جبل النفايات، وواقع الشاطىء اللبناني بعد اعتماده كمطمر للنفايات.
وانتقد أرقه دان طرق التخلص من العوادم الناجمة عن عمل المعمل، والتي يتم رميها في حفر محاذية للمعمل. كما أكد أن هناك مصادر أخرى تلوث أجواء صيدا وبحرها ومنها وجود الدباغات التي تنشر الأمراض وتدمر البيئة نتيجة استخدام المواد الكيماوية. يضاف إلى ذلك تصريف النفايات الملوثة الناتجة عن المدابغ عبر قنوات تصب في البحر ما يهدد الثروة السمكية.
كما أكد ان استقبال الجزء المقتطع من البحر المياه الملوثة بالمعادن الثقيلة والتي تصرفها المدابغ والمياه المبتذلة التي تصب في البحيرة والقادمة من مجرى الزيتونة، إضافة إلى عصارة الجبل السابق للنفايات والملوثات، ذلك يؤدي إلى تكون خليط مناسب لتكاثر الحشرات ومنها البعوض وتكاثرها. هذا الواقع المستمر والتلوث الكيميائي مستمر نتيجة تسرب السوائل من النفايات التي دفشت دون معالجة إلى البحر، فتحول مكب النفايات من جبل فوق اليابسة إلى هضبة مقامة تحت سطح البحر.
ورفع أرقه دان توصيات مقترحة لتحسين الواقع البيئي في صيدا، وهي:
- نسبة لحال جبل النفايات السابق (الحديقة العامة حاليا) لا يوجد أي توصية كون الجبل قد تم دفشه دون معالجة وتحول جغرافيا من تلة برية إلى تعبئة واد بحري. أي قلب الشكل وليس أكثر.
- المطالبة الملحة والضرورية لإيجاد مطمر صحي تنقل إليه العوادم، والكف عن خلطها مع التراب لإنتاج حجارة الباطون للبناء. وإذا لم يتم إيجاد حل لذلك يمكن إنتاج هكذا خليط ولكن لحجارة الأرصفة. والكف عن استعمال الجزء المقتطع من البحر لرمي العوادم وغيرها فيه، حفاظا على الصحة العامة ومنع تلوث المياه الجوفية.
- المياه المبتذلة ومياه الصرف الصحي لقناة الزيتونة: وقف تدفقها في الجزء المقتطع من البحر ووصلها بالأنبوب الذي ينقل المياه المبتذلة إلى معمل المعالجة مع إنشاء محطة لضخ مياه الزيتونة كون ارتفاع جريانها أقل انخفاضا من الانبوب الذي ينقل المياه المبتذلة.
- السوائل التي تنتجها الدباغات: نقل الدباغات إلى موقع قريب من معمل معالجة مياه الصرف الصحي جنوب الموقع الحالي للدباغات، وإنشاء أنبوب يتم من خلاله نقل السوائل المنتجة، شرط أن يوصل الانبوب مع الانبوب التي تدخل عبره مياه الصرف الصحي للمعالجة وليس وصله بالأنبوب الذي يضخ المياه المعالجة في البحر على بعد 4 كلم من الشاطىء.