الوضع في مايوت "مروّع"، كما تقول منظّمة "الغوث الكاثوليكيّ"
مع استمرار ارتفاع عدد القتلى في مايوت، يدور سباق مع الزمن في الأرخبيل لإنقاذ الناجين وتقديم المساعدة لآلاف الأشخاص الذين تقطّعت بهم السبل بسبب إعصار تشيدو.
ضرب الإعصار مايوت، وهو أقوى عاصفة تضرب أراضي المحيط الهنديّ الفرنسيّ منذ ما يقرب من قرن، مع رياح تزيد سرعتها عن 200 كيلومتر في الساعة ما أدّى إلى إلحاق أضرار بالمنازل والمباني الحكوميّة والبنية التحتيّة الرئيسة.
يصف مارك بولتو من "الغوث الكاثوليكيّ" الفرع الفرنسيّ لكاريتاس، الوضع بأنّه "مروّع حقًّا".
مايوت، التي يبلغ عدد سكّانها نحو 300 ألف نسمة، هي أفقر أراضي الاتّحاد الأوروبي، حيث يعيش ثلث سكّانها في أحياء فقيرة موقّتة سوّاها الإعصار بالأرض. وأوضح بولتو "هذا يعني أنّ ما لا يقلّ عن 100,000 شخص باتوا بلا مأوى، والعديد منهم مهاجرون غير شرعيّين غالبًا ما يتردّدون في الذهاب إلى الملاجئ التي تديرها الدولة خوفًا من ترحيلهم لاحقًا".
في العقود القليلة الماضية، حاول آلاف الأشخاص العبور من جزر القمر المجاورة إلى مايوت، التي تتمتّع بمستوى معيشيّ أعلى وإمكانيّة الوصول إلى نظام الرعاية الاجتماعيّة الفرنسيّ.
لم يقتصر الدمار الذي خلّفه الإعصار على المساكن العشوائيّة. حتّى الهياكل الصلبة، بما في ذلك المباني الحديثة التي شيّدت وفقًا لمعايير مكافحة الزلازل، تعرّضت لأضرار جسيمة.
كما تعرّضت البنية التحتيّة الحيويّة مثل مطار مايوت دزاودزي ومحطّات الإطفاء والمستشفيات وطرق النقل الرئيسة إمّا لضررٍ كبير أو أمست غير صالحة للاستخدام. تعطّل برج المراقبة في المطار، ما يحدّ من عمليّات الإنزال للطائرات العسكريّة التي تنقل المساعدات.
وارتفع عدد القتلى الموقّت يوم الثلاثاء إلى 22 لكنّ السلطات تخشى أن يصل إلى مئات. أوضح بولتو أنّ تحديد عدد الضحايا سيكون صعبًا بشكل خاصّ لسببين. أوّلًا، من غير المرجّح أن يبلّغ المهاجرون غير الشرعيّين عن وقوع إصابات إلى السلطات. ثانيًا، بوصفها منطقة ذات أغلبيّة مسلمة، حيث تملي العادات الدينيّة الدفن في غضون 24 ساعة، ربما تمّ دفن العديد من الضحايا بالفعل من دون إبلاغ رسميّ.
وأضاف بولتو أنّ المستشفى المحلّيّ يغصّ بالعدد الهائل من المصابين بجروح خطيرة.
في مثل هذا السيناريو، يكون الوضع مأساويًّا بشكل خاصّ بالنسبة إلى السكّان، حينما يؤدّي انقطاع المياه والكهرباء إلى تفاقم معاناتهم. بالإضافة إلى ذلك، ظهرت أعمال نهب، ما زاد من زعزعة استقرار المنطقة.
وأوضح بولتو أنّ ما يثير القلق الملحّ هو أزمة الغذاء التي تلوح في الأفق. الاحتياطيات الغذائيّة الحاليّة في مايوت ضئيلة، وقد أدّى تدمير الزراعة المحلّيّة إلى تعميق حالة الطوارئ، وقُضي تمامًا على زراعة الكفاف، وهي مصدر حاسم للأمن الغذائيّ بالنسبة إلى كثيرين، ما ترك السكّان يعتمدون على المساعدات الخارجيّة التي يصعب تقديمها في الظروف الحاليّة.
وسط الدمار، سلّط بولتو الضوء على صمود سكّان مايوت ونكران الذات للمتطوّعين المحلّيّين، بما في ذلك أولئك من الغوث الكاثوليكيّ الذين بدأوا في مساعدة مجتمعاتهم حتّى قبل الاهتمام بخسائرهم الخاصّة.
وفقًا لبولتو، سيستغرق الأمر عقدًا على الأقلّ لتتعافى مايوت تمامًا من الكارثة، خصوصًا مع تدمير الزراعة وخراب البنية التحتيّة، وسيتطلّب جهودًا متواصلة من السكّان المحلّيّين والمجتمع الدوليّ.
بعد مايوت، ضرب إعصار شيدو موزمبيق، حيث ألحقت الرياح والأمطار التي بلغت سرعتها 140 ميلًا في الساعة أضرارًا أو دمّرت أكثر من 35,000 منزل وأضرّت بأكثر من 90,000 طفل في أنحاء مقاطعة كابو ديلجادو، في شمال موزمبيق.