لبنان
06 حزيران 2023, 05:55

ميناسيان زار الجبل، ماذا في التّفاصيل؟

تيلي لوميار/ نورسات
إلى منطقة الجبل توجّه بطريرك كيليكيا للأرمن الكاثوليك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان بزيارة رافقه فيها وفد ضمّ: الوزير السّابق ريشار قيومجيان، المعاون البطريركيّ ومطران بيروت لكنيسة الأرمن الكاثوليك المطران جورج أسادوريان والآباء: رافي أوهانسيان، آرام ابراهاميان وكارو كلنجيان، مسؤول العلاقات العامّة شربل بسطوري وفاعليّات.

وفي تفاصيل الزّيارة، وبحسب إعلام البطريركيّة، "استهلّها بلقاء شيخ العقل لطائفة الموحّدين الدّروز الشّيخ الدّكتور سامي أبي المنى في دارته في شانيه حيث استقبله في حضور قاضي المذهب الدّرزيّ الشّيخ غاندي مكارم، مشايخ وأعضاء من المجلس المذهبيّ، ممثّلين عن مؤسّسة العرفان التّوحيديّة ومستشار مشيخة العقل الإعلاميّ الشّيخ عامر زين الدّين المكلّف تنسيق الزّيارة، رئيس بلديّة شانيه حسين أبي المنى وفاعليّات من البلدة.

وألقى البطريرك ميناسيان كلمة جاء فيها: "سماحة شيخ العقل الأخ سامي أبي المنى، أوّلاً أودّ أن أشكركم على ضيافتكم لي في دياركم، هذه الدّعوة اعتبرها سلسلة مشوار جنبًا لجنب، في سبيل شهادة حبّ أخويّ يعمل حقًّا بروح الوطنيّة الصّادقة والتّعايش سويًّا في خدمة الإله الواحد. في ديننا المسيحيّ نؤمن بروح والله الّذي يلهمنا بالأعمال الصّالحة ويذكّرنا بالنّعم الّتي نلبسها يوميًّا من الله الآب الّذي يرانا ويعيش معنا متمنّيًا علينا بأن نكون أولاده الأطهار ومحبّين لبعضهم البعض".

أضاف: "ما هي المحبّة غير التّضحية في سبيل إسعاد بعضنا البعض، اليوم أنا أشعر بالسّعادة بوجودي وإخويتنا في دياركم، أشعر بالفرح لأنّ المحبّة المنشودة تفوح على وجوهنا أجمع، أشعر بالفرح لأنّني، وأنا بينكم ذاكرتي تأخذني إلى صفحات التّاريخ، تاريخ الماضي الّذي يتكرّر اليوم بضيافتكم لنا".

وإختتم: "في الماضي البعيد الأرمن وديرهم في كسروان كانوا على علاقة وطيدة وأهل الجبل إذ أعتبر نفسي وإخوتي نوّابًا ووزراء وشعبًا وإكليروسًا تكملة لما كان من تعايش وأخوة ولا يزال، وأؤمن بأنّه سيكمل المسيرة إلى مستقبل أفضل وأنشط ووطن يحوي الجميع ويرعاهم، تحت سمائه بالتّساوي".

وردّ شيخ العقل بكلمة ترحيبيّة قائلاً: "أشكركم أوّلاً صاحب الغبطة على كلمتكم الطّيّبة وعلى تشريفكم إلى دارنا في هذا الصّباح الجميل المبارك مع الأخوة جميعًا، أصحاب السّيادة وصاحب المعالي، الأخوة من المشايخ الأحبّاء في المجلس المذهبيّ وفي البلدة والأخوة من مؤسّسة العرفان التّوحيديّة أن نستقبلكم معًا في هذا الصّباح وما تفضّلتم به يعبّر عن لسان حالنا. قال تعالى: "واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرّقوا"، هذه دعوة إلهيّة أن نعتصم بحبل الله، أن لا نتفرّق، أن نجتمع، أن نكون أخوة دائمًا، أخوة في المجتمع وفي الوطن وفي الإنسانيّة، وقال تعالى: "إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم"، لم يقل إنّ أكرمكم عند الله هو أشدّكم زندًا وأقوامهم عدائيّة بل قال أتقاكم. والتّقوى تشمل الصّفات الطّيّبة، القرب من الله سبحانه وتعالى والقرب من الإنسان، أخينا الإنسان، بقدر ما نكون قريبين من الله ومن الإنسان بقدر ما نكون أتقياء ومكرّمين عند الله سبحانه وتعالى. ما يجمعنا كثير، فرسالتنا رسالة واحدة، هي رسالة المحبّة هي رسالة الأخوّة هي رسالة العيش الواحد هي رسالة بناء الإنسان لبناء المجتمع لبناء الوطن ولبناء الإنسانيّة. في الوطن هناك تحدّيات كبيرة نواجهها معًا وتحتاج إلى كلمتنا الموحّدة، تحتاج إلى صلواتنا وتحتاج إلى توصياتنا ونداءاتنا المشتركة لنحثّ المسؤولين على المبادرة إلى إيجاد الحلول المناسبة الّتي تريح الشّعب، تريح النّاس".

أضاف: "نحن اليوم في خضمّ الدّعوة إلى انتخاب رئيس للجمهوريّة، ولأن نعلي الصّوت فإنّما لكي نحثّ المسؤولين على التّوافق لانتخاب رئيس قادر على جمع اللّبنانيّين وعلى إصلاح ما فسد وعلى ترميم علاقة لبنان مع الدّول العربيّة ومع الخارج وعلى إنقاذ الوضع الاقتصاديّ الّذي يعاني منه جميع اللّبنانيّين. دعوتنا تتلاقى مع دعوة غبطة البطريرك الرّاعي، مع دعوات أصحاب السّماحة والغبطة الّذين يجب أن تكون كلمتهم محفّزة للسّياسيّين، لذلك آن الأوان أن نختم هذا الجرح. دعوتنا لجميع المسؤولين أن يحكّموا ضمائرهم وأن يعملوا بعقول منفتحة وبقلوب صافية لإنتاج هذا الحلّ الّذي ننتظره والّذي لم يعد من المصلحة أبدًا أن يتأخّر، كلّما نلتقي مع مرجعيّة روحيّة كلّما يكبر الأمل في قلوبنا بأنّنا قادرون على الالتقاء والارتقاء وعلى عقد لقاءات وقمم روحيّة قادرة أن تحرّك الوضع، النّاس تنتظرنا وتتطلّع إلينا كأنّنا قارب نجاة، نحن صوتنا يجب أن يوجّه وأن يكون الشّراع الّذي يقود هذه السّفينة على الأقلّ روحيًّا وأخلاقيًّا، أمّا العمل السّياسيّ فهذا ليس من شأننا، كلمتنا يجب أن تحفّزهم وأن تحثّهم على إنتاج الحلّ، هذا هو نداؤنا وهذه هي صلاتنا في هذه الصّبيحة المباركة".

ثمّ انتقل البطريرك ميناسيان والوفد المرافق إلى محميّة أرز الشّوف حيث كان في استقباله في محميّة غابة أرز الباروك وفد من المشايخ والآباء وفاعليّات البلدة ومسؤولين من المحميّة، وألقى رئيس بلديّة الباروك– الفريديس المحامي إيلي نخلة كلمة ترحيبيّة، أكّد فيها أنّ "زيارة البطريرك ميناسيان مكمّلة لزيارات من سبقه من البطاركة في بلدة القدّيسين الباروك الجامعة والموحّدة لأجل الوطن، بلدة سيّدنا الشّيخ أبو حسن عارف حلاوي ورشيد نخلة والّتي ستبقى صلبة كالأرز صونًا للبنان وحصنًا لوحدته"، ثمّ المختار الشّيخ يوسف حلاوي، مؤكّدًا "دور رئيس الحزب التّقدّميّ الاشتراكيّ وليد جنبلاط في الحفاظ على المحميّة وكلّ الجبل والوطن والدّاعي دومًا إلى الوحدة، وهذا الأرز كما هو رمز الصّمود إنّما يعكس صورة لبنان التّنوّع والعيش الواحد وكما نريد الوطن شامخًا وقويًّا رغم كلّ الصّعوبات".

وبعد كلمة ترحيب أيضًا من الشّيخ عماد حلاوي، عرض مدير محميّة أرز الشّوف نزار هاني لواقع المحميّة ودورها على الصّعد البيئيّة والثّقافيّة والاجتماعيّة والتّاريخيّة حيث نقف في ظلال شجرة أرز يفوق عمرها 500 عام، والتّنوّع البيولوجيّ وتفاعل المجتمع المحلّيّ مع المشروع".

وختامًا ألقى البطريرك ميناسيان كلمة قال فيها: "سلام الرّبّ معنا، لتكن زيارتي لكم بصمة شكر وتقدير. لقد زرنا للتّوّ سماحة شيخ العقل الدّكتور سامي أبي المنى وعشنا معه الفرح الأخويّ، كما تمنّينا أن تكون زيارتنا له أوّل خطوة في مسار التّاريخ الّذي جمعنا في الماضي ولا نزال نسير عليه بأمانة ورثناها من أجدادنا، أنّكم اليوم تعملون في حقل المجتمع البشريّ الّذي يحوي في قلبه أفرادًا من جميع الأطياف ولكنّهم أولاد إله واحد خالق الكائنات، في هذا المحور جميعنا أخوة وحبّذا أن يعيش الأخوة بسمفونيّة تنعش قلب الرّبّ".

وتابع: "أنا أكيد بأنّكم تعملون على تسهيل حياة هذا المجتمع، أنا أكيد من تضحياتكم الجمّة الّتي تقدّمونها لهذا الشّعب المتألّم وخاصّة في هذه الأيّام الصّعبة الّتي يمرّ بها لبنان الوطن العزيز، الوطن المجروح فعسى أن كنّا من هؤلاء الّذين يلحموا الجروح ويقوّوا العزائم على الشّدائد لنسير كما كنّا من ماض قريب. الماضي الّذي كان يستضيف أهل الدّار وزوّارهم، تلك الأيّام السّعيدة الّتي بسماحتكم ومن معكم تردّونها لنا، لتبرز المحبّة الأخويّة الّتي كنّا ولا نزال نكنّها لكم وللوطن وطننا لبنان".

بعد ذلك زرع البطريرك ميناسيان شجرة أرز باسمه في المحميّة إلى جانب أشجار مزروعة لشيخ العقل والبطريرك الرّاحل نصر الله صفير والكاردينال بشارة الرّاعي، وشارك في معرض لوحات لأحد المصوّرين من خارج لبنان قام بتصوير الطّيور في المحميّة.

وزار البطريرك ميناسيان والوفد المرافق مؤسّسة العرفان التّوحيديّة في السّمقانية وكان في استقباله رئيسها الشّيخ نزيه رافع وإداريّون ووكيل داخليّة الشّوف في الحزب التّقدّميّ الاشتراكيّ عمر غنّام.

وألقى الشّيخ رافع كلمة ترحيبيّة قال فيها: "نرحّب بكم في رحاب مؤسّسة العرفان أصدقاء أحبّاء وأخوة أعزّاء، مؤكّدين أنّ صرح العرفان كان ولا يزال منذ أكثر من نصف قرن عنوانًا للانفتاح والتّلاقي والمحبّة، ومثالاً للوفاق والوحدة الوطنيّة واللّحمة والأخوّة الإنسانيّة. هكذا أراده أسلافنا، وهكذا نريده اليوم وتريده القيادة السّياسيّة الحكيمة الّتي رعت وترعى مسيرة العرفان الإنسانيّة، التّربويّة والاجتماعيّة، وأعني زعامة دار المختارة الّتي تمثّلت خلال عقود بالقائد الشّهيد كمال جنبلاط والزّعيم الأستاذ وليد جنبلاط ورئيس اللّقاء الدّيموقراطيّ تيمور جنبلاط. نرحّب بكم غبطة البطريرك في العرفان، المؤسّسة الّتي انطلقت عام 1971 وأصبحت اليوم سلسلة مدارس منتشرة على مساحة الوطن من قلب الشّوف إلى جرد عاليه وغربها، إلى وادي التّيم في راشيا وحاصبيا، ومؤسّسة تضمّ مركزًا طبّيًّا ومعهدًا تقنيًّا ومراكز رعاية اجتماعيّة وثقافيّة. والعرفان ما كانت لتستمرّ لولا سموّ غاياتها وإنسانيّة أهدافها في رعاية اليتيم وكفالة الفقير والمحتاج ودعم المبدعين واحتضان المتفوّقين، ومساعدة النّاس والوقوف إلى جانبهم في كلّ الظّروف والأوقات وفي زمن الأزمات".

أضاف: "إنّ حضوركم وتشريفكم اليوم إلى المنطقة وإلى العرفان خير دليل على ما تتمتّعون به من رؤى وانفتاح وحبّ لهذا البلد المتنوّع بحضارته وثقافته ومذاهبه، وهو دليل أيضًا على حكمتكم في التّلاقي والحوار وتبادل الهواجس والشّجون الّتي تعنينا جميعًا في هذا البلد الحبيب الجريح. ولأنّنا نحترم ونقدّر من تمثّلون وما تمثّلون، فإنّنا نحيّي من خلال غبطتكم إخواننا في الطّوائف الأرمنيّة الّذين خلقوا من الظّلم تمرّدًا وحرّيّة، ومن الحاجة ثورة حضاريّة وصناعيّة، ومن الاضطهاد فلسفة كيانيّة وجوديّة، ومن النّزاعات سلامًا وإنسانيّة حقيقيّة. كما نثمّن لديهم الحفاظ على الأعراف والتّقاليد السّامية في التّعاضد والتّآخي ولمّ الشّمل وحبّ الجماعة ومساندة الإخوان، وهي مبادىء يتشاركها مع الأرمن أبناء طائفة الموحّدين الدّروز الّذين يعتبرون أنّ المحبّة أشبه بمياه الينبوع، كلّما كان الزّرع أقرب للنّبع ارتوى أكثر حبًّا وتعاضدًا وأخوّة".

وردّ البطريرك ميناسيان بكلمة شكر على الاستقبال وحسن الضّيافة، وقال: "اليوم بنيت هذه الكلمة بدون أيّ تحفّظ واحترام لكلّ المراكز والتّسميات بكلمة إخوتي الأحبّة، لأنّ في هذه الكلمة أجد نفسي قريبًا من كلّ فرد وجماعة، لأنّ المحبّة هي عربون الصّداقة والتّقارب والينبوع لحياة جديدة تنعش القلب وتعطينا آمالاً بالمحبّة والتّسامح والتّقارب والتّعايش، وهذا ما نحتاجه اليوم في أيّام آلامنا وصعوباتنا الّتي نمرّ بها، تمنّياتي وشكري العميق لهذه الزّيارة وإن شاء الله كما ذكرنا ستعاد وتعاد، لنبرز للمجتمع هذه النّفسيّة في التّعايش والمحبّة المتبادلة بين الأخوة".

وتبع ذلك جولة في أرجاء المؤسّسة لاسيّما المتحف وغداء شارك فيه شيخ العقل مرحّبًا بميناسيان في "بيته العرفانيّ".

وزار البطريرك ميناسيان والوفد المرافق مطرانيّة بيت الدّين المارونيّة حيث كان في استقباله النّائب العامّ الخورأسقف المونسنيور مارون كيوان ممثّلاًص المطران مارون العمّار وعدد من الآباء والفاعليّات البلديّة والاجتماعيّة من بيت الدّين، فزار الكنيسة وجال في المطرانيّة.

وإختتم جولته في كنيسة مار الياس للكاثوليك في دير القمر حيث استقبله الأرشمندريت نعمان قزحيّا ممثّلاً المطران إيلي بشارة حدّاد ورئيس بلديّة دير القمر السّفير السّابق ملحم مستو وعدد من المخاتير وأعضاء المجلس البلديّ والفاعليّات".