بيئة
22 أيار 2024, 05:30

من الزراعة إلى الذكاء الاصطناعيّ - عالم التربة الرائع

تيلي لوميار/ نورسات
يؤكّد علماء التربة، المجتمعون في فلورنسا، الدور الحاسم للتربة في إنتاج الغذاء، والتخفيف من تغيُّر المناخ، وفي التنوّع البيولوجيّ، مع تسليط الضوء على الآثار الضارّة لتغيير الغطاء النباتيّ الطبيعيّ والآثار الأخلاقيّة للذكاء الاصطناعيّ والحرب، على صحّة التربة، كما جاء في "أخبار الفاتيكان".

 

يستكشف علماء التربة باستمرار أصول التربة ورعايتها المستقبليّة، وهي عنصر حيويّ في بيئتنا وفي الزراعة والحياة البشريّة. يلتقي حوالى 1500 من الخبراء في هذا الموضوع في مدينة فلورنسا الإيطاليّة لمناقشة التطوّرات والتطلّعات المستقبليّة في علوم التربة في مؤتمرٍ يحتفل بمرور 100 عام على علوم التربة.

سلّط أليكس ماكبراتني Alex McBratney، عالم التربة وأستاذ الزراعة في جامعة سيدني، الضوء على الدور الأساسيّ للتربة في إنتاج الغذاء، محذّرًا من أنّ تغيير الغطاء النباتيّ الطبيعيّ للأغراض الزراعيّة يمكن أن يحمل آثارًا ضارّة كظارهة التآكل، التي تؤدّي إلى المزيد من التربة الحمضيّة والمالحة، ما يؤثّر بشكل كبير على نمو النبات.

أوضح ماكبراتني عن تملُّح التربة أنّ الأنشطة الزراعيّة تقلّل من كميّة الكتلة الحيويّة التي تعود إلى التربة، ما يؤدّي إلى انخفاض في كربون التربة. يساهم فقدان الكربون هذا في زيادة مستويات ثاني أوكسيد الكربون، ما يُفاقم ظاهرة الاحتباس الحراريّ. وأضاف: "أحد التحدّيات الكبيرة في علوم التربة في الوقت الحالي هو محاولة معرفة كيفيّة إعادة الكربون إلى التربة والتخفيف من تغيّر المُناخ".  

دور التربة في مكافحة التغيّر المناخيّ هو محور تركيزٍ كبير للعلماء. وهنا أشار ماكبراتني إلى أنّ البابا فرنسيس خصّ التغيّر المناخي بإرشادٍ رسوليّ، ليس هذا فحسب، بل هو (البابا) يبدي اهتمامًا واضحًا بالاستخدام الأخلاقيّ للذكاء الاصطناعيّ.

عليه، انتقل العالم إلى موضوع الذكاء الاصطناعيّ كآلة تعلُّم قال إنّ هذا لا يستخدم المعرفة، ولكن البيانات فقط. من خلال تجميع البيانات، تحاول الآلات القيام بتوقّعات للمستقبل، مثل كميّة الكربون التي سيتمّ العثور عليها في التربة، وظروف التربة المستقبليّة الأخرى.

وفي سياق الحديث عن أخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعيّ، سُلّط الضوء أيضًا على قضيّة أخلاقية أخرى، قريبة مرّة أخرى من قلب الأب الأقدس: الحرب.

فتأثير الحرب على التربة هو قضيّة شائكة أخرى. في مناقشة آثار الحروب على التربة والزراعة في أنحاء العالم كلّها، أشار ماكبراتني إلى زملائه الذين يواصلون، حتّى يومنا هذا، العملَ في فلاندرز، في محاولةٍ لاستعادة التربة التي لا تزال تعاني من عواقب الحرب العالميّة الأولى. في هذه الحالة، علّق العالِم، "دمّرت الحرب التربة إلى أجَلٍ غير مسمَّى وقد بدأت الدراسات في النظر في عواقب الحرب في أوكرانيا، حيث يوجد ما يقرب من 10٪ من مجمل "التربة السوداء" الثمينة في العالم، الغنيّة بالمغذّيات والكائنات الحيّة الدقيقة، مَوردا ثمينًا وهو الآن حقل ألغام خطير".

بالتالي، التربة في كلّ مكان، تتغيّر باستمرار وهي حيويّة لحياة الإنسان والحفاظ على كوكبنا. بالحديث عن ضرورة تثقيف الناس حول مدى أهمّيّة هذا المورد اللطيف إلى حدٍّ ما، شارك ماكبراتني إحصائيّة مذهلة: أكثر من نصف التنوّع البيولوجيّ في العالم موجود في التربة، ويضمّ ملايين الأنواع من البكتيريا والفطريّات. و"تحتوي التربة على كربون أكثر من النباتات والغلاف الجويّ مجتمعين"، مؤكّدا دورها الحاسم في مواجهة تحدّيات التنوّع البيولوجيّ والمناخ.

"ثمّة حوالى سبعة تحدّيات وجوديّة عالمية"، قال ماكبراتني، "تغيّر المناخ والأمن الغذائيّ والأمن المائيّ وأمن الطاقة وصحّة الإنسان والتنوّع البيولوجيّ وأمن التربة."

"للبشر اتّصال وتقارب طبيعيّين مع التربة"، خلُص ماكبراتني. "لقد فصل التحضُّر الناس عن الأرض، ولكن تكون رائعةً إعادةُ هذا الاتصال، مع مرور الوقت."