محمية أرز الشوف تختتم مشروع السياحة التراثية المتوسطية (HELAND)
استهلّ اللقاء بترحيب من المنسّق الإداري في المحمية سامر ذبيان، الذي أوضح أن "المشروع يهدف إلى حماية الإرث الطبيعي والحضاري في الدول الشريكة عبر استخدام تقنيات حديثة في النظم الجغرافية للمعلومات والتقنيات الثلاثية الأبعاد".
وقال نجيم: "كان العام 2015 زاخراً بالنشاطات، بالنسبة إلى محمية أرز الشوف، على مستوى حماية الطبيعة وتعزيز السياحة البيئية". وتمنّى "دوام التوفيق والتقدم لما في ذلك من ازدهار لمنطقة محيط المتوسط"، وشكر "كل من دعم المحمية لتقوم بدورها البيئي والتنموي ولتطوير السياحة في لبنان وحوض البحر المتوسط" ، ويبقى الشكر الأكبر للإتحاد الأوروبي عبر "برنامج التعاون المشترك عبر الحدود لحوض الأبيض المتوسط (ENPI- CBC- MED) ولمنسق المشروع جامعة مالطا وكل الشركاء.
وتحدّث عضو بلدية نيحا ناجي كليب عن "غنى لبنان الجغرافي الطبيعي والأثري، وضرورة اكتشاف كل ما هو جديد من معالم سياحية وبيئية وتراثية في منطقة الشوف". وشكر "المحمية والاتحاد الأوروبي على إعادة ترميم قلعة شقيف، التي تعود اليوم بجهدكم لتأخذ حقها ولتتعرّف الأجيال المقبلة عليها، وهذا إنجاز عظيم. ومن المهم إحياء تراث هذه المنطقة وتاريخها". كما شكر "المحمية على مساهمتها في الحفاظ على التراث والبيئة والطبيعة".
وعرض هاني "أهم إنجازات المحمية للعام 2015، حيث أطلقت دراسة عن القيمة الاقتصادية للمحمية، أثبتت أنها جزء من الاقتصاد المحلي، تحافظ على المياه والهواء، وتُقدّم خدمات للنظم الإيكولوجية بقيمة 19 مليون دولار سنوياً، ما يعني أن كل دولار يعطينا 19 دولاراً، وهذا أهم استثمار".
وإذ عدّد "برامج المحمية لاعادة تأهيل النظم الإيكولوجية والتجربة المتوسطية للسياحة البيئية التي أنتجت رزماً للسياحة البيئية في 25 محمية في شرق المتوسط، ومشروع تصنيع الحطب الصناعي للحد من قطع الأشجار ومن تلويث المازوت لهوائنا"، قال هاني: "من خلال مشروع التجربة المتوسطية (MEET) أنتجنا أيضاً رزمة سياحية تمتد من الأرز إلى البحر، يمضي معها الزوّار ثمانية أيام بين الشوف وصور، وهناك رزمة لمحميات إهدن وتنورين وجبل موسى مروراً بوادي قنوبين وأرز بشري. وقد ارتفع عدد الزوّار من 57600 زائر عام 2014 إلى70 ألف زائر حتى أواخر الشهر الماضي في العام 2015، وهذه نقلة نوعية سببها تطوّر خدمات المنامة والضيافة، والمطلوب تطوير البنية التحتية بشكل دائم. كما بتنا نعتمد باصات كهربائية تنقل الزوّار إلى المحمية، فنكون معها أصدقاء للبيئة".
وأكّد "أننا نملك إرثاً مهماً علينا تصويره عبر تقنيات حديثة، وهذا ما سعى إليه مشروع ( (HELAND، عبر إجراء الأبحاث المهمة وتحديد نقاط القوة في السياحة الريفية والبيئية، والتحسينات المطلوبة لتسويق الإرث الطبيعي والتراثي والحضاري".
وأوضح هاني أن "مشروع HELAND بدأ في أيلول/سبتمبر العام 2012 ويمتد حتى نهاية هذه السنة بمبلغ إجمالي نحو مليوني يورو، وقد نُفّذ في 6 دول، هي: مالطا ولبنان والسلطة الفلسطينية والأردن وقبرص وإسبانيا، وقد سعى إلى قدرة تنافسية أفضل للسياحة في دول محيط المتوسط، وبالتالي علينا عصرنة (تحديث) إدارة إرثنا السياحي (الطبيعي والثقافي) والاستثمار في التقنيات الحديثة وبناء الجسور بين البحث العلمي والقطاع السياحي وواضعي السياسات. ولهذه الغاية، عمل المشروع على خلق وتسويق نظم تكنولوجية حديثة ومتقدمة لإدارة مستدامة للمواقع الطبيعية والثقافية في حوض المتوسط، ونفّذ 10 أعمال تجريبية في الدول الست، إثنين من هذه الأعمال كانت في لبنان في محمية أرز الشوف مع التركيز على قلعة نيحا، وفي جزين في غابة بكاسين".
وأشارت أبو فياض إلى أن "كلية السياحة عملت بشكل وثيق مع فريق عمل المحمية، حيث تمكّن الباحثون في الكلية وطلاب الماستر من تسجيل أدق التفاصيل عن غابة بكاسين، سعياً للإضاءة على لبنان الأخضر والترويج للسياحة بوسائل تكنولوجية حديثة. وسنطلق قريباً السياحة الافتراضية، حيث يصبح بإمكان أي شخص حول العالم التعرّف على جمال لبنان وطبيعته ومعالمه، عبر الانترنت". وأكّدت أن "السياحة مؤشر اقتصادي مهم، وأننا معنيّون بالحفاظ على تراث أجدادنا، وبنقل الصورة الجميلة عن وطننا"، آملة "استمرار التعاون مع المحمية للإضاءة على كل منطقة في لبنان".
وعرض منسّق المشروع في المحمية كمال أبو عاصي، أهم ما أُنجز خلال العمل التجريبي في المحمية، "فقد تمّ إصدار كتاب عن قلعة نيحا شقيف تيرون، وإعداد مسح مفصّل للقلعة، وخرائط للمحمية بالأبعاد الثلاثية تظهر المعالم الطبيعية والتراثية الموجودة والدروب والطرقات وكل الخدمات التي يحتاجها الزوار". كما عرض الرحلات الإفتراضية عبر صور 360 درجة، أخذت الحاضرين بجولة آخاذة إلى الأجزاء المختلفة من المحمية".
وأوضح أن "كل هذه المواد ستصبح قريباً على الصفحة الإلكترونية لمشروع HELAND وصفحة المحمية ليتسنى للجمهور الإستفادة منها. وبإستخدام هذه التقنيات تصبح سياحتنا أكثر حداثة وتطوراً". وختم أبو عاصي بشكر "شركاء المشروع العشرة الذي تبادلوا الخبرات في هذا المجال الجديد بالنسبة للتسويق السياحي في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط".
ولخّص معدّ دراسة قلعة نيحا الباحث الدكتور وسام خليل، محتوى الكتاب، "الذي أبرز أنها أحد أهم المواقع الأثرية ضمن نطاق المحمية، وحتى في الشوف ولبنان". وبيّن "الأهمية الإستراتيجية للقلعة إذ أنها كانت تراقب الطريق الممتد بين الساحل والداخل اللبناني، ولذلك كانت الصراعات الكبيرة عليها".
وعرض "الخرائط المعمارية التي أُعدّت بناء للمسح ذات الأبعاد الثلاثية المتطور جداً الذي تمّ للقلعة وكذلك الرسومات التي أُعدّت للقلعة في الحقبات التاريخية، خصوصاً خلال حقبة الصليبيين( 1098-1291) وحقبة فخر الدين (1590-1633)".
وتطرّق سماح القاضي من شركة "Little Tree Film" لإنتاج الأفلام، إلى الوثائقي الذي أعدّوه بالأبعاد الثلاثية لحقبة الأمير فخر الدين، والذي يروي فترة حصاره من قبل العثمانيين في القلعة، وكيفية انسحابه إلى مغارة جزين، حيث تمّ اعتقاله وترحيله إلى إسطنبول، ومن ثمّ إعدامه عام 1635.
ولفت إلى أنه "تمّ استخدام كل الخرائط والرسومات التي نتجت عن الدراسة وتمّ وضعها مع الخبراء في إطار الأبعاد الثلاثية، من أجل تسهيل الشرح حول هذا الموقع المهم، وايصاله إلى أكبر عدد من المهتمين".
وبعد عرض الوثائقي، كشفت المسؤولة الأكاديمية لتنفيذ المشروع في كلية السياحة الدكتورة غادة سالم، أن "المشروع ساهم في وضع بلدة بكاسين على الخارطة السياحية العالمية، بعد أن أطلقنا موقعاً الكترونياً يروّج لمعالمها وطبيعتها"، آملةً أن "يكون المشروع نموذجاً لتعزيز السياحة التي تعتبر قلب لبنان النابض، ولا سيّما السياحة البيئية، ركيزة السياحة المستدامة".
يمكن مشاهدة الفيلم عبر الرابط الآتي: https://www.youtube.com/watch?v=44E0cP77iLo
تقع قلعة شقيف تيرون في بلدة نيحا - قضاء الشوف (جبل لبنان)، وهي اليوم من المعالم الأثرية المهمة الواقعة ضمن نطاق محمية الشوف المحيط الحيوي، وهي إحدى مداخلها الرئيسية.
تعلو هذه القلعة نحو 1200 متر عن سطح البحر وتربض على قمة شاهقة تطل على واديي عاراي وبسري. بُنيت هذه القلعة داخل شاهق صخري كبير. وبحكم موقعها الاستراتيجي المميز، سيطرت القلعة على الطريق الممتد بين صيدا والبقاع أحد أهم الممرات بين الساحل والداخل اللبناني، والذي كانت تسلكه القوافل والجيوش.
ذُكزت لأول مرة في المصادر التاريخية عام 975 ميلادي. وتناوب في السيطرة عليها الصليبيون والمسلمون ودُمّرت مرات عدة.
في العام 1133، كانت القلعة ملكاً لشيخ يُدعى الضحاك بن جندل التيمي، إلى حين طُرد منها على يد أتابك دمشق.
بعد ذلك، أضحت تحت سيطرة الصليبيين وذلك حتى عام 1165، وفي العام 1251 سيطر والي صيدا على القلعة بعد حملة عسكرية. في العام 1257 تبرّع بها صاحب صيدا الإفرنجي لمنظمة الفرسان التوتونين، لكنها لم تدم طويلاً بأيديهم، ففي العام 1261 غزا التتار دمشق وأرسلوا إليها شهاب الدين بن البحتري الذي قام بتدميرها. عندما سيطر بيبرس على مدينة دمشق عام 1270، أمر بترميمها وبإرسال الأسلحة والذخائر إليها.
في العام 1633، لجأ إليها الأمير فخر الدين المعني الكبير بعد أن أمر السلطان مراد الثاني محافظ دمشق الكوشك أحمد باشا، وهو أحد ألد أعداء الأمير، بمهاجمة فخر الدين والتخلّص منه. حاصر الجيش العثماني القلعة لأشهر دون أن يتمكن من اقتحامها. عندما علم والي دمشق بوجود مصدر ماء يغذّي القلعة ينبع من عين الحلقوم، قام بتلويثه بدماء وكروش البهائم. على أثرها اضطرّ الأمير فخر الدين للهرب، عبر فجوة في الجرف، إلى مغارة جزين، حيث حاصرته قوات الباشا قبل أن يستسلم ويُساق إلى اسطنبول، حيث تمّ إعدامه في نيسان/أبريل 1635.
تشير إحدى الأساطير الشعبية إلى أن إبنة الأمير فخر الدين أغمضت عيون حصانها وقفزت معه من أعلى القلعة، عندما اشتدّ الحصار وذلك كي لا تقع أسيرة بيد العثمانيين.