ما هو جمال الزّواج؟
وفي هذا السّياق، أكّد البابا بحسب "إذاعة الفاتيكان"، أنّ هذا السّؤال هو أحد الأسئلة الّتي يمكن الإجابة عليها بـ"يحلّ أو لا يحلّ"، وحيث يتحوّل الإيمان إلى مجرّد نعم أو لا، والحياة المسيحيّة إلى مجرّد "يحلّ أو لا يحلّ".
إنّ السّؤال الّذي طرحه الفرّيسيّون على يسوع متعلِّق بالزّواج وبالتّحديد إن كان يحلُّ للزّوج ان يُطلِّق امرأته، ولكنَّ يسوع يذهب أبعد من ذلك ويعود إلى بداية الخليقة ويتحدّث عن الزّواج وكأنّه أجمل ما خلقه الرّبّ خلال هذه الأيّام السّبعة. "فَمُنذُ بَدءِ الخَليقَةِ جَعَلَهُما اللهُ ذَكَرًا وَأُنثى. وَلِذَلِك، يَترُكُ الرَّجُلُ أَباهُ وَأُمَّهُ، وَيَلزَمُ امرَأَتَهُ. وَيَصيرُ الاثنانِ جَسَدًا واحِدًا". إنّ كلام الرّبِّ هذا قويٌّ جدًّا إذ يتحدّث عن جسدٍ واحد لا يمكن لأحد أن يقسمه. لقد ترك يسوع مشكلة الفصل وتوجّه إلى جمال الحياة الزّوجيّة الّتي يكون فيها الاثنان جسدًا واحدًا.
لا يجب علينا أن نتوقّف، كعلماء الشّريعة هؤلاء، عند الـ"يحلّ أو لا يحلّ" لزوج أن يطلِّق زوجته. قد لا تكون الأمور أحيانًا جيّدة بين الزّوجين وبالتّالي يصبح من الأفضل أن ينفصلا لتحاشي حرب عالميّة وبالتّالي علينا أن ننظر إلى الجانب الإيجابيّ".
ثمَّ ضرب البابا مثلاً عن زوجين يحتفلان بالذّكرى السّتّين لزواجهما، "وعندما سألهما: "هل أنتما سعيدين؟"، نظرا إلى بعضهما اغرورقت عيناهما بالدّموع وأجابا "نحن مغرمين"!. صحيح أنَّ هناك صعوبات، ومشاكل مع الأبناء أو بين الزّوجين، خلافات ونقاشات... لكنَّ المهم أن يبقى الجسد واحدًا وبالتّالي يمكن عندها تخطّي جميع هذه المشاكل؛ لأنَّ هذا السّرّ ليس للشّخصين فقط وإنّما للكنيسة بأسرها كما ولو كان سرٌّ يلفت الانتباه، كمن يقول: "أنظروا! إنّ الحب ممكن!". إنّ الحبّ قادر على جعل الأشخاص يعيشون مغرمين طيلة حياتهم: في الفرح والألم، مع مشاكل الأبناء ومع مشاكلهم...وإنّما أيضًا يساعدهم ليسيروا قدمًا في الصّحّة والمرض، وهذا هو الجمال!
إنَّ الرّجل والمرأة قد خلقا على صورة الله ومثاله وبالتّالي يصبح الزّواج أيضًا على صورته ومثاله ولذلك فالزّواج هو عظة صامتة للآخرين، إنّه عظة يوميّة. من المؤلم ألّا يشكّل هذا الأمر خبرًا مهمًّا لأنَّ نشرات الأخبار والصّحف لا تعتبره هكذا. ولكن أن يبقى هذان الزّوجان معًا لسنوات عديدة هو خبر! ولكن للأسف يشكّل الطّلاق خبرًا نعم! لكن وللأسف صورة الله لا تشكِّل خبرًا وليست أمرًا مهمًّا، فيما في هذه الصّورة بالذّات يكمن جمال الزّواج لأنّه على صورة الله ومثاله، وهذا هو الخبر المهمّ، خبرنا المسيحّ!
إنّ الحياة الزّوجيّة وحياة العائلة ليستا أمرًا سهلاً وذكّر في هذا السّياق برسالة القدّيس يعقوب الّتي تقدّمها لنا اللّيتورجيّة اليوم والّتي تتحدّث عن الصّبر، الّذي يشكّل الفضيلة الأهمّ في حياة الزّوجين".
وفي الختام، رفع الصّلاة إلى الرّبّ لكي يعطي الكنيسة والمجتمع إدراكًا أعمق للزّواج فنتمكّن من فهمه ونتأمّل من خلاله صورة الله ومثاله.