ما الدّروس الّتي يعلّمنا إيّاها مثل الحنطة والزّؤان؟
ففي الأوّل، لفت إلى أنّ "حياة الإنسان لا تخلو من التّجارب، والّتي ربّما تأتي كالزّؤان لكي تُفسد الحنطة، حيث يرمز الزّؤان إلى الشّرّ والحنطة ترمز إلى الصّدّيقين".
وفي الثّاني، أكّد أنّ "عدوّ البشر هو الشّيطان نفسه والّذي يفسد طريق الأبرار في العالم".
أمّا العنصر الثّالث فهو كلمة الله "مفتاح النّصرة والّتي تقف أمام البشر"، من هنا "من المهمّ قراءة كلمة الله يوميًّا حتّى لا نقع في فخّ الإنجيل المكتوم والّذي يُشير إلى الزّؤان".
والعنصر الرّابع والأخير هو "الملائكة الّتي جاءت لتخدم في التّجربة على الجبل هي الّتي قامت بعمليّة الفرز بين الزّؤان والحنطة في يوم الدّينونة (الحصاد) في المَثَل."
وبالتّالي، فإنّ الشّرّ موجود في العالم، وفي يوم الدّينونة سيقف كلّ إنسان أمام الله ويقدّم حسابًا أكّد بابا الأقباط، شارحًا ذلك على ضوء المثل المذكور أنّ:
"- الحقل والّذي يُمثّل العالم، فالزّارع (السّيّد المسيح) يزرع نفوسًا ممتلئة بالمحبّة رغم شرّ العالم، كزرع الحنطة والّتي يخرج منها القمح وهو غذاء لكلّ البشر دون استثناء، "فَإِنَّنَا نَحْنُ عَامِلاَنِ مَعَ اللهِ، وَأَنْتُمْ فَلاَحَةُ اللهِ، بِنَاءُ اللهِ" (١كو ٣: ٩).
- العبيد في المَثَل هم خدّام المسيح، وأشكال الخدمة متنوّعة وكثيرة.
- الحصاد والّذي يُشكّل يوم الدّينونة، وفيه يتمّ الفرز بين الحنطة والزّؤان، "تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ" (مت ٢٥: ٣٤)، "اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ" (مت ٢٥: ٤١)."
ولهذا المثل دروس يُستفاد منها في رحلة الصّوم، وهي بحسب ما نقل "المتحدّث باسم الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة": "عدم إدانة أحد، مراجعة الإنسان لنفسه يوميًّا في الصّلاة، تنمية الإنسان لقمحة قلبه، بمعنى نتمية الحياة للأفضل والبرّ والصّلاح الّذي في داخله، وعدم التّعجّب من وجود الشّرّ في العالم فالله أعطى الإنسان الحرّيّة للاختيار، وعليه أن يكون ثابتًا وسط التّجارب، ويلجأ إلى كلمة الله الّتي تعيش داخله، والبعد عن كلّ ما يسرق الوقت وليس له علاقة بالمكانة في السّماء".
وخلُص البابا مشيرًا إلى أنّ "المَثَل يضع أمامنا فرصًا لفهم الحياة وفهم وجود الشّرّ وفهم الحرّيّة الّتي أعطاها الله لنا لنختار، فيجب ألّا نعطي مساحة للزّؤان في قلوبنا، بل ننقّيها، "حِينَئِذٍ يُضِيءُ الأَبْرَارُ كَالشَّمْسِ فِي مَلَكُوتِ أَبِيهِمْ" (مت ١٣: ٤٣)."