العراق
01 تموز 2020, 13:50

ماذا يقول البطريرك ساكو عشيّة عيد مار توما شفيع الكنيسة الكلدانيّة؟

تيلي لوميار/ نورسات
هنّأ بطريرك بابل للكلدان مار لويس روفائيل ساكو أساقفة كنيسته إكليروس وعلمانيّين، في عيد شفيع كنيستهم مار توما الرّسول الواقع في الثّالث من الجاري. وللمناسبة توجّه إليهم في رسالة كتب فيها نقلاً عن موقع البطريركيّة الرّسميّ:

"عندما  انضمَّ توما الرّسول في اليوم الثّامن إلى الجماعة "الكنيسة" في العلّيّة، صار يرى يسوع بشكلٍ مختلفٍ، رآه "من الدّاخل"، وراح بفعل تلقائيّ يركع أمامَه، ويعلن جهارًا إيمانه به: "ربّي وإلهي (يوحنّا 20/ 28). إنّها لشهادة مؤثّرة.

هذا الإيمان الوجدانيّ هو إيمان الكنيسة الكلدانيّة بأساقفتها وقسسها، ورهبانها وراهباتها ومؤمنيها. إيمان يشدّ إلى اتّباع المسيح بشجاعة، وخدمة المحتاجين بفرح. هذا الإيمان يعبّر في الوقت ذاته عن أهمّيّة الاندماج في الكنيسة- الجماعة. هذا ما فعله توما.

ها أنا اليوم أركع ساجدًا أمام المسيح مثل توما، مجدّدًا إيماني بكلِّ فكري ووجداني، وبثقة مطلقة قائلاً: "ربّي وإلهي". وأدعوكم جميعًا أن تفعلوا كذلك.

هذا الإيمان الواعي والعميق، قوّةٌ عظيمة، يزرع الرّجاء في قلوبنا، وسط مشاعر التّعب، ويرسّخ ثقتنا، ومسيرتنا وخدمتنا، مهما كانت الصّعوبات والتّحدّيات، ومهما كانت محاولات (قوى الشّرّ) في خلق التّشويش والانقسام عبر وسائل التّواصل الاجتماعيّ، من دون ضمير. ليُدرك هؤلاء جيّدًا أنّ حرّيّة التّعبير لا تسمح لهم أن يشتموا النّاس! وليتذكّروا قول يسوع  "إانّ كل كلمة باطلة يقولها الّناس سيحاسبون عليها."(متّى 12/  36).

هذه العواصف سوف لن تُثنيني عن إصراري بمواصلة رسالتي وخدمتي، بكلّ حزم وأمانة، وقد علّمتني الخبرة الصّبر والمثابرة، واليقين بأنّ الله هو الّذي يرى ويجازي، وليس فلان وعلان. شكري وتقديري لكلّ الأأقلام النّبيلة الّتي وقفت وتقف مع الحقيقة وتدافع عنها.

أيّها  الأحبّة،

هذه فرصة يُقدّمها لنا الإنجيل من أجل التّحوّل الشّخصيّ والجماعيّ، من أجل الكنيسة والنّاس، ومن أجل أن نكون أكثر قُربًا من المسيح، وأمينين له، وأكثر تآلفًا ووحدةً وتضامنًا مع بعضنا البعض. وسوف يمنحنا الله الحكمة للقيام بالإصلاحات الضّروريّة مع الحفاظ على أصالة تقليدنا الّذي عمره ألفا عام.

كنيستنا الكلدانية ستبقى جسدًا واحدًا وحيًّا، بالرّغم من تنوّع المواهب والمهام والثّقافات، واختلاف وجهات النّظر. كنيستنا ستبقى رائدة في رسالتها وخدمتها، لانها تحمل في جسدها آلام المسيح عبر الاضطهادات والشهداء. كنيستنا ستبقى صوت مواطنيها في ظروفهم العصيبة، لاسيّما لمن هم باقون على الأرض الأمّ، والوطن الهويّة. لذلك أمام هذه القضيّة المصيريّة حيث يشتدّ الخناق الصّحّيّ والمعيشيّ وعدم الاستقرار على عناقهم، أطلب من المسيحيّين من كلّ الكنائس والقوميّات أن يراجعوا مواقفهم ويشبكوا الأيدي، ويوحّدوا الجهود، لتحسين أوضاع من هم باقون في العراق، وظروف معيشتهم وحفظ حقوقهم وتمثيلهم وأمنهم واستقرارهم. لنتحلّى بالرّجاء والشّجاعة.

أودّ هنا أن أوجّه كلمة شكر وامتنان، لكلِّ ذوي القلوب المحبّة والسّخيّة الّتي مدّت الأيدي لمساعدة إخوتهم أثناء التّهجير، والعودة إلى بلداتهم، وأيضًا أثناء جائحة كورونا.

بهذه المناسبة أتوجّه إلى جميع الكلدان، وأحثّهم على دعم الرّابطة الكلدانيّة الّتي ولدت قبل خمس سنوات، وفي مثل هذا اليوم. لقد قطعت شوطًا جيّدًا بالرّغم من الصّعوبات والتّحدّيات الّتي واجهتها. وأدعو كلّ كلدانيّة/ كلدانيّ أن يتآزر معها، ويساندها معنويًّا ومادّيًّا لتقوم برسالتها الإنسانيّة والاجتماعيّة والثّقافيّة. على الكلّ أن يظهروا لها عضدًا قويًّا. ولنا الأمل أن يقوم المؤتمر القادم بتقييم المسيرة وإعادة النّظر في الهيكليّة.

"الكلدانيّة ليست مذهبًا" ولا يوجد في الدّنيا مذهب اسمه كلدانيّ، كما لا يوجد مذهب اسمه أرمنيّ. هذا هراء! مذهب الكنيسة الكلدانيّة كاثوليكيّ إمّا هويّة شعبها فهي الكلدانيّة.

هذا العام يبدو أنّنا لن نتمكّن من عقد سينودسنا السّنويّ في شهر آب كعادة كلّ عام، بسبب جائحة كورونا وإغلاق الحدود وتعليق الرّحلات، فأرجأناه إلى أجل غير مسمّى. نأمل أن تزول الجائحة وتعود الأمور إلى مجراها الطّبيعيّ، ونقدّر عقده في نهاية هذه السّنة أو في بداية العام القادم.

لتكن صلاة مار توما وشفاعته معنا جميعًا".