لماذا نحن ملزمون بحضور قدّاس الأحد؟
"الوصايا العشر أعطيت لموسى على جبل سيناء (خروج 20/2- 18، وتثنية الاشتراع 5/6-21) لتساعد العبرانيّين ومن خلالهم الآخرين على العيش بشكل مستقيم وصالح. تمثّل هذه الوصايا القاعدة الطّبيعيّة للأخلاق العامّة، وهي مقبولة من معظم الدّيانات. هذه الوصايا هي: أعبد الرّبّ إلهك، لا تحلف بإسم الله باطلاً، احفظ يوم الرّبّ، أكرم أباك وأمّك، لا تقتل، لا تسرق، لا تشهد بالزّور، لا تشته مقتنى غيرك…
تقديس يوم الاحد
الوصيّة الأولى من وصايا الكنيسة السّبع تقول: اسمع– احضر القدّاس بالتّمام– أيّام الآحاد والأعياد. المسيحيّون خصوصًا الكاثوليك إذًا ملزمون باحترام يوم الأحد، يوم الرّبّ وحضور القدّاس، وهو الوصيّة الثّالثة من وصايا الله والوصيّة الأولى من وصايا الكنيسة. والأحد يوم عطلة رسميّ في جميع الدّول الغربيّة.
اليوم وبسبب الانشغالات وتداعيات جائحة كورونا وتدابير الوقاية أهمل العديد من المسيحيّين هذه الوصيّة الإلهيّة والكنسيّة المهمّة، وكأنّهم غير معنيّين بها. العديد منهم يقضون عطلتهم بالتّسوّق والنّزهة وزيارة الأهل والأصدقاء ومشاهدة مباريات الكرة والأفلام.
المشاركة في القدّاس
غالبيّة الكنائس المسيحيّة تعتبر يوم الأحد يوم الرّبّ، أيّ يوم الرّاحة، ويوم اللّقاء العائليّ من أجل تعزيز العلاقة بين أفرادها، وهو أيضًا يوم لقاء أبناء الكنيسة لترسيخ الشّركة بينهم كعائلة (كنيسة) واحدة والاشتراك في القدّاس للصّلاة والتّأمّل وتناول القربان المقدّس وتقديم الشّكر لله على كلّ النّعم الّتي يتلقّونها.
هذه اللّقاءات الكنسيّة حول يسوع مهمّة للغاية، هي لقاءات إيمانيّة للتّوعية والتّنشئة وتعميق العلاقة مع الله ومع الجماعة. هذه الخبرة الشّخصيّة تحصل مع الجماعة– الكنيسة الّتي تسير معًا وليس الفرد معزولاً. ويقدّم لنا الإنجيل الرّسول توما الّذي لم يقدر أن يرى الرّبّ القائم إلّا عندما انضمّ إلى الجماعة (يوحنّا 20/ 19-29).
الإفخارستيّا– القدّاس
هو سرّ الأسرار كما يُسمّيه الطّقس الكلدانيّ لأنّ يسوع حاضر فيه عبر تقديس الخبز والخمر إلى جسده ودمه. فلا حياة مسيحيّة من دون القربان. من المؤسف أنّ العديد من المؤمنين نسوا ذلك.
القدّاس علامة إيمان ونعمة ورجاء وفرح. أهمّيّة الأسرار في حياة المسيحيّ كأهمّيّة الطّعام والتّعليم والتّكامل. القربان يدخلنا إلى صميم دعوتنا المسيحيّة ويضمّنا إلى مسيرة السّرّ الفصحيّ حتّى نغدو على شبه يسوع المسيح. يقول القدّيس الشّهيد إغناطيوس الأنطاكيّ: "إذا كنتم جميعكم تجتمعون كواحد، متشدّدين بنعمته وبالإيمان الواحد بيسوع المسيح. إبن الإنسان وابن الله. تكسرون الخبزة الواحدة الّتي هي دواء الخلود، تقدمة مُعّدة لتحفظنا من الموت، وتؤمّن لنا الحياة الدّائمة في المسيح" (أفسس 20/2).
وهنا أشير أيضًا إلى قول البابا فرنسيس في كلمته قبيل السّلام الملائكيّ ظهر الأحد 18 نيسان 2021 وهو يشرح إنجيل تلميذي عمّاوس (لوقا 24/ 13-35): أيّها الإخوة والأخوات، تقول لنا هذه الصّفحة من الإنجيل إنّ يسوع ليس "روحًا" وإنّما هو شخص حيّ؛ أن نكون مسيحيّين ليس عقيدة أو مثالاً أخلاقيًّا بل هي العلاقة مع الرّبّ القائم من الموت: ننظر إليه ونلمسه ونغتذي منه وإذ تحوِّلنا محبّته ننظر إلى الآخرين ونلمسهم ونغذّيهم كإخوة وأخوات.
هذا هو هدف احتفالنا بيوم الرّبّ، يوم الأحد من خلال الاحتفال بالقدّاس والسّعي للاندماج في المسيح."