دينيّة
03 نيسان 2017, 05:35

قدّيسو اليوم: 3 نيسان 2017

تذكار البابا ايسيدوروس اسقف اشبيليه (بحسب الكنيسة المارونية) ولد ايسيدوروس في اسبانيا سنة 560. كان ابوه ساويريانوس والياً. درس العلوم على اخيه الاكبر لياندروس اسقف اشبيليه. وكان متكاسلاً مستصعباً الدرس. ورأى يوماً أثر الحبل في حجر على بئر فقال في نفسه: ان كانت المداومة قد أثرت في الحجر الصلب، فلا بد من ان المواظبة على الدرس تؤثر بعقلي. فعاد الى أخيه. وعكف على الدرس. فأتقن اللغات اللاتينية واليونانية والعبرانية. وتضلع من العلوم، حتى فاق أهل عصره.

 

وكان اكبر المساعدين لأخيه لياندروس اسقف اشبيليه في رد الاريوسيين الى الايمان الكاثوليكي. وقد تحمل مشاق كثيرة في هذا السبيل. اعتزل في دير أنشأه ليتفرغ لاعمال الاماتة ودرس الكتب المقدسة. ولما توفي أخيه لياندروس اسقف اشبيليه، أجمع الاكليروس والشعب على انتخاب ايسيدوروس اسقفاً سنة 600. فقام يسوس رعيته بغيرة وقداسة. فاستأصل بدعة اريوس من ابرشيته. وأنشأ معهداً للاكليركيين. وكان هو يعلّم اللاهوت. وبنى أدياراً كثيرة. ترأس مجمع اشبيليه الثاني. وفي سنة 623 ترأس ايضاً مجمع تُوليد الرابع. وقد اشتهر هذا القديس بتآليفه، حتى لقبه الاسبانيون: بمعلن الكنيسة الكاثوليكية وملفانها العظيم.

وأعلمه الله بدنو اجله. فدخل الكنيسة، ونزع عنه ثياب الحبرية، وطلب من الاكليريكيين أن يوشحوه بثوب التوبة. فألبسوه مسحاً. وأخذ يذر الرماد على رأسه. واستغفر من الحاضرين. ثم تناول القربان الاقدس ورقد بالرب سنة 636. وله عدة تآليف هامة، تدل على سمو مداركه وغزارة معارفه. صلاته معنا. آمين.

 

القدّيسان نيقيطا البار ويوسف ناظم التسابيح (بحسب الكنيسة الأرثوذكسيّة)

القدّيس نيقيطا البار (+824م)
أصله من بيثينيا. نشأ على حسن العبادة والتقوى علَّمه أسقف بيثينيا الكتب المقدَّسة. ولما بلغ الثانية عشر سامه قارئاً. كان دائم التأمل في ما يقرأ. الدعوة إلى الزهد بالعالم نفذت إلى قلبه عميقاً فقرَّر، على غرار والده، أن يترك كل شيء ويحمل الصليب ويتبع المعلِّم.

راهباً، كاهناً ورئيساً للدير: انضم نيقيتا إلى ناسك قديس اسمه إستفانوس كان يقيم في مغارة قرب المدينة. لازمه لبعض الوقت، في تجرّد كامل، لكنَّ الناسك نصحه، لمنفعة نفسه، بالانضمام إلى دير للشركة. قال له: "سوف تجد هناك المعاناة التي تثمر فرقاً، وسيكون بإمكانك، بمكابدة تجارب الحياة المشتركة، أن تقتني التميز وتتقدم صعداً إلى الله". وعلى نصيحة الشيخ انتقل نيقيتا إلى دير المديكيون الذي أسسه القديس نيقيفوروس. أطاع بامتياز وأحب أباه الروحي بلا حدود. وقد لفت اعتداله وصبره الأخوة فأحبّوه. بعد خمس سنوات، سامه القديس طراسيوس البطريرك كاهناً. وأوكلت إليه إدارة الشركة في الدير التي بلغ عدد رهبانها المائة. ذلك بمساعدة راهب اسمه أثناسيوس. وبعد وفات أبيه الروحي ومساعده أثناسيوس وجد نفسه وحيداً، ومن ثم أُرغم على قبول مسؤولية الدير. كانت نعمة الله معه وكانت تجري على يده شفاءات عديدة لأناس مرضى.
أسير اضطهاد: حوالي العام 815م، جدد لاون الخامس الأرمني حملته ضد الأيقونات ومكرِّميها. وإذ أمل في اجتذاب رؤساء الأديرة إلى صفّه، ومن خلالهم الشعب المؤمن برمَّته، دعاهم إلى القسطنطينية. وقف نيقيتا أمام الملك فحاول هذا الأخير استمالته بالأقناع. لكن من دون جدوى. فقد أبان قديس الله بطلان حجج الهراطقة. خشي الملك من القديس، فلما لجأ إلى العنف، وألقاه في سجن مظلم تفوح منه رائحة لا تطاق وأسلمه لقدح وذم مرسليه الذين تواترو على استجوابه.
وقوعه في الضلال وتوبته: بعد أن نفي القديس نيقيتا ورفقته إلى حصن مسَّاليا، أُعيدوا إلى القسطنطينية وبخدعة من لاون أذعنوا إلى طلبه. لم يطل الوقت بنيقيتا حتى أدرك أنه وقع في الضلال. وإذ عضه الندم اعتزل إلى قرب بحر مرمرا ليقدِّم توبة فلم تهدأ نفسه لأن وقع موقفه على الناس أضناه، فعاد إلى القسطنطينية وأخذ يقرع صدره في العلن معترفاً بأنه أخطأ. للحال أوقف واستيق إلى جزيرة القديسة غاليكارية، عند رأس أكريتاس، حيث جرى التنكيل به ست سنوات. صبر على ضيقه، صبراً عجيباً وكان مستعداً أن يكابد كل ما يأتي عليه تكفيراً عن خطيئته وحفظاً للإيمان القويم. ورغم ما كابده في الجسد سمت روحه في فلك المعاينة الإلهية. وقد منَّ عليه الله بموهبة صنع العجائب لصالح أصدقائه الذين كانوا يواجهون المخاطر.
إطلاق سراحه ورقاده: بعد وفاة لاون، عام 820م، عاد السلام وأطلق سراح نيقيتا. الذي حكم على نفسه بالتشرّد الطوعي لأنه لم يجد نفسه أهلاً لأن يعود إلى ديره، فأخذ ينتقل بين الجزر القريبة من القسطنطينية، يعيش إلى ربّه وحيداً،يشدد بصلاته أزر المرضى والمضنوكين. أخيراً استقر في القرن الذهبي المطلُ على القسطنطينية حيث عاش كملاك أرضي. وما إن مضت عليه أشهر قليلة حتى مرض ومات. كان ذلك في الثالث من نيسان من السنة 824م.

وفي مثل هذا اليوم أيضًا: القدّيس يوسف ناظم التسابيح (+886م)
أصله صقلّي. انكبّ على قراءة الكتاب المقدّس والتأمّل فيه منذ فتوته. لما سقط موطنه في أيدي العرب المسلمين فرّ وذويه إلى البليوبونيز فإلى تسالونيكي. كان في الخامسة عشرة يومذاك. ترهّب في دير لاتموس وأطاع أباه الروحي طاعة كاملة. سلك في نسك شديد، ينام على الأرض ولا يغتذي سوى بالخبز اليابس والماء ويكتفي من اللباس بأحقره. كان يمضي أكثر لياليه في السجود والترنيم والصلاة. وكان عمل طاعته أن ينسخ المخطوطات. وقد ساهم في جعل ديره مركزاً للخط مرموقاً. سيم كاهناً. انتقل بمعيّة القدّيس غريغوريوس الديكابوليتي إلى  القسطنطينية حيث استقرّا في كنيسة القدّيس أنتيباس. كان ذلك طبعاً بإيعاز من أبيه الروحي. في ذلك الوقت شُنَّت حملة عنيفة على المدافعين عن الإيقونات المقدّسة وتحوّلت الكنيسة الصغيرة التي نزلها يوسف مركزاً استقطب المعترفين بالإيمان القويم. أُوفد إلى رومية في مهمّة لدى البابا غريغوريوس الرابع (827 – 844) بقصد إطلاعه على الوضع القائم في الشرق وكسب تأييد كنيسة الغرب للإيمان القويم. أبحر إلى إيطاليا دون أن يأخذ معه شيئاً. في الطريق وقع في أسر قراصنة من العرب وسُجن في جزيرة كريت. خَبِر هناك التسليم الكامل لله. كان عزاء وعوناً للأسرى الذين وجد نفسه بينهم فثبتهم في الإيمان وبثّ فيهم الرجاء إذا كانوا يتعرّضون هناك لصنوف شتّى من التنكيل. كذلك أصلح أسقفاً كان على وشك الوقوع في الهرطقة وهيّأ مؤمناً عامياً للشهادة المجيدة. ليلة الميلاد، فيما رصف في القيود، احتفل يوسف بمجيء شمس العدل إلى هذا العالم منشداً، فإذا بالقدّيس نيقولاوس يتراءى له بهيّاً لامعاً ويدفع إليه رقّاً عليه هذه الكتابة: "أسرع يا رؤوف وبادر لمعونتنا بما أنك رحيم لأنك قادر على ما تشاء" ثم يُنبئه أنه بعد وفاة الإمبراطور ثيوفيلوس، سوف يُطلّق سراحه وأن عليه أن يعود إلى القسطنطينية للعمل على تثبيت الإيمان القويم هناك.
وحلّ اليوم الموعود وعاد يوسف إلى القسطنطينية. رفيقه في مختلاه، القدّيس غريغوريوس الديكابوليتي، رقد فلزم المكان لبعض الوقت ثم انتقل إلى كنيسة القدّيس يوحنا الذهبي الفم. هناك تحلّق حوله العديدون حتى ضاق به المكان فقرّر أن يؤسّس ديراً، غير بعيد من المكان، في موضع قاحل. بنى كنيسة على اسم القدّيس برثولماوس. وإذ رغب في إكرام شفيعه بأناشيد لائقة صلّى وصام أربعين يوماً. في عشية العيد تراءى له القدّيس الذي أخذ الإنجيل الموضوع على المائدة المقدّسة وجعله على صدر يوسف وباركه. مذ ذاك أخذ يتدفق من قلبه، بإلهام الروح القدس، نبع فيّاض من الترانيم والطروباريات لفرح الكنيسة وبنيانها. هكذا تسنّى له أن يكمل عمل المرنّمين الذين سبقوه، فألّف كتاب المعزّي على الألحان الثمانية لأيام الأسبوع استكمالاً لدورة الترانيم القيامية للقدّيس يوحنا الدمشقي (الأوكتوبكوس). كما وضع، إكراماً لعدد كبير من القدّيسين، قوانين وستيخيرات، فأكمل دورة الميناون لكل أيام السنة. على هذا تسنّى للأرثوذكسية المستعادة، بفضل روح الرب فيه، أن تحتفل، بشكل لائق، بأعياد القدّيسين بالإيقونات والترانيم والاحتفالات المقدّسة.
غير أن انتصار الأرثوذكسية هذا لم يخلُ من الغبش، فإن يوسف تحيّز للبطريرك القدّيس أغناطيوس والرهبان الستوديين الذين وقفوا في وجه الوزير برداس بسبب زواجه من امرأة ابنه. فكانت النتيجة أن جرى نفي يوسف إلى شرصونة في الكريمية، سنة 858م، حيث بقي تسع سنوات قضاها في الشكر لله وإتمام عمله الشعري المرموق. فلما تبوّأ باسيليوس الأول المقدوني العرش، سنة 867، استُدعي القدّيس أغناطيوس ومناصروه. فعاد يوسف إلى ديره من جديد وتسنّى له أن ينجز القسم الأكبر من عمله الموسيقي. وكما كان ليوسف تقدير كبير لدى أغناطيوس البطريرك كان له التقدير إيّاه لدى البطريرك القدّيس فوتيوس الكبير الذي دعاه "أب الآباء، المعادل للملائكة ورجل الله". وقد جعله مستشاراً له في إدارة شؤون الكنيسة ومعرّفاً للأساقفة.
وبعدما زيّن القدّيس يوسف الكنيسة بفضائله وأكرم قدّيسيها بأناشيده، اعتزل في ديره ورقد في الرب في 3 نيسان 886م عن عمر بلغ السبعين. هذا ويروى أن أحد أعيان المدينة توجّه في ذلك اليوم عينه الذي توفّى فيه القدّيس يوسف، إلى كنيسة القدّيس ثيودوروس التيروني وصلّى لكي يعينه القدّيس في أمر خادمه المفقود. وبعد ثلاثة أيام تراءى له القدّيس وقال له إنه لم يتمكّن من تلبية طلبه بسرعة لأنه كان مشغولاً، وسائر القدّيسين، باستقبال يوسف المرنّم في السماء بعدما أكرمهم بأناشيد إلهية هذا مقدارها.

 

تذكار ابينا البار نيكيتاس رئيس دير مينيكيون (بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)

ولد نيكيتاس في مدينة  قيصرية بيثينا. وكان أبوه فيلاريتس رجلاً باراً تقيّاً، وخير زوج... بين الأزواج الصالحين وماتت أمّه من بعد ولادته بأسبوع، فزهد أبوه في الدنيا وتركه الى عناية جدّته، وذهب فدخل في بعض الأديار، وقضى بقيّة حياته في ممارسة الفضائل الرهبانية السامية.

أمّا نيكيتاس، فإنّه أنشأ على التقوى ومال منذ حداثته الى حياة النسك والعبادة. وما كاد يبلغ أشدّه حتى ترك الدنيا، وذهب فتتلمذ لأحد النسّاك المنصرفين الى عبادة الله في أحد الكهوف، وأخذ يمارس بإرشاده الفضائل الرهبانية. وما لبث أن امتاز بطاعته الكاملة واتّحاده المتواصل بالله.

فذهب الى دير يدعى مينيكيون كان القدّيس نيكفورس قد شيّده وبقي رئيساً له يدير شؤونه. وكان ذلك الدير لا يزال في أول عهده، ورهبانه نفراً قليلاً. فترهّب نيكتاس هناك. ولمّا كان قد تعوّد تلك الحياة الشاقة على يد مرشده الناسك إستفانس لم يلبث أن سار بخطىً واسعة في طريق الكمالات المسيحّية. فكان في طاعته لرؤسائه كأنّه لا إرادة له، ولا رأي، بل كان لا ينظر في أمرٍ من أمور الحياة الروحية والزمنية إلاّ بنظر رئيسه ومرشده. وكان تواضعه يحمله على أن يحسب جميع أخوته أفضل منه فضيلةً وعلماً وذكاءً. وكان غفوراً للإساءة، شديد الغيرة على خدمة أخوته، يُسخّر ذاته لمساعدة كلّ منهم في عمله. وكان كثير الصمت، دائم التأمّل، لا بفتر عن الصلاة العقلية، ليكون إتّحاده بالله إتّحاداً كاملاً متواصلاً.

فلمّا رأى ذلك منه نيكفورس رئيسه ذهب به الى البطريرك القسطنطيني طراسيوس القدّيس، فرقّاه الى درجة الكهنوت المقدّسة. وبعد أيام قليلة سلّم إليه رئاسة ديره، رغم دموعه وشدّة تضرّعاته، سنة 785.

ورأى نيكيتاس أن الله منه تلك التضحية، فرضي بها، وأعدّ نفسه بها أحسن قيام. فضاعف جهوده زأسهاره، وجعل يرشد رهبانه بمثله قبل أن يقودهم بكلامه ومواعظه. وكان غذاؤه الخبز الناشف والماء الصرف. لكنّه بقدر ما كان شديداً على نفسه كان حليماً مع رهبانه، ساهراً على تقديس نفوسهم، وكان بابه مفتوحاً لهم في كل ساعةٍ من ساعات النهار. فانتشر صيت قداسته إنتشار النور في الآفاق، وأقبل عليه الشبّان يرغبون في الإنضمام الى رهبانه وتلاميذه. وما هو زمن طويل حتى بلغ عدد رهبان ذلك مئة راهب.

فكان نيكيتاس أباً للجميع، وخادماً للجميع. وخادماً للجميع. فلمّا رأى نيكفورس  أن نيكيتاس كاد ينوء تحت الحمل سلّم تدبير الأمور الزمنية الى شمّاس قدّيس يدعى أثناسيوس، فأقامه وكيلاً معيناً له، وترك نيكيتاس بتفرّغ لإرادة الرهبان في روحياتهم وسائر أعمالهم اليومية.ونشط ذلك الوكيل، فكان عمله لله ولم يمن يرى في خدمة أخوته الرهبان سوى خدمة الله. فكان صبوراً مع جميعهم، ساهراً على راحتهم بمحبّةٍ وعناية لا تعرف الكلال ولا يعتريها الملل.

وهكذا فاح عبير الفضائل من ذلك الدير، فعطر اللآفاق. وزاده الله مجداً بأن منح الرئيس نيكيتاس القدّيس صنع العجائب.، لكن الله إفتقده بموت كل من نيكفورس أبيه والشمّاس القدّيس وكيله، فتراكمت على رأسه المتاعب من كل نوع. إلاّ أن إيمانه وتقواه، جعلته يقوم بذلك الحمل بشهامةٍ رسولية عجيبة.

وأراد الرؤساء أن يرقوه الى رتبة الإرشمندريت  فلم يقبل، تواضعاً منه وتحقيراً لنفسه. لكن البطريرك القسطنطيني أرغمه على ذلك، وقلّده شارات الرتبة في حفلةٍ عظيمة، إقراراً بفضله وإعلاء لشأن ديره.

وكان لا بد لتلك الفضيلة الصحيحة من نار الإضطهاد لتلمع ببهاء في أفق الكنيسة.

وصعد الملك لاون الأرمني على تخت الملك، وأثار من جديد حرباً عنيفةً على الأيقونات وعلى الكنيسة الجامعة المقدّسة، وعلى المجمع المسكوني  النيقاوي الثاني، وعلى الأساقفة والكهنة والرهبان الذين يجاهدون بإيمان ذلك المجمع.

ولمّا كان نيكيتاس من كبار الرؤساء، عمل لاون أولاً على استمالته. فلمّا أخفق في سعيه، صبّ عليه جام غضبه، وأوسعه إهانةً وسبّاً، ونفاه الى جزيرة بعيدة تدعى القديّسة غليكارية، حيث وضع في سجن مظلم وأخذ الحرّاس يضيّقون عليه. وبقي ست سنوات متوالية، يحتمل آلام السجن والبعاد عن مذبحه وديره ورهبانه، لكنّه عرف أن يحوّل سجنه الى منسك، يمارس فيه بطمأنينة وأكمل الفضائل الإنجيلية. وكثرت عجائبه وهو في ذلك السجن. وصارت الناس تأتيه لتتبرّك منه.

فلمّا قُتل لاون الأرمني خلفه الملك ميخائيل الألثغ، فأعاد السلام الى الكنيسة، وأرجع المنفيين الى أوطانهم ومراكزهم. فترك نيكيتاس سجنه وعاد الى القسطنطينية.ولم يشأ أن يعود الى رئاسة ديره بل آثر أن ينفرد في البرّية، وهناك أكمل حياته في أعمال النسك والخلوة، الى أن رقد بالربّ سنة 824.

 

نياحة القديس أنيسوفورس أحد السبعين رسولا (بحسب الكنيسة القبطيّة الأرذوكسيّة)

في هذا اليوم تذكار نياحة القديس أنيسوفورس أحد السبعين رسولاً. صلاته تكون معنا ولربنا المجد دائمًا أبديًا آمين.

وفي مثل هذا اليوم أيضًا: نياحة القديس فريسكا أحد السبعين رسولا

في مثل هذا اليوم تنيح القديس العظيم فريسكا أو (نيسيفور) أحد السبعين رسولا، هذا الرسول كان من بنى إسرائيل من سبط بنيآمين.، ابنا لأبوين حافظين للناموس. وكان من الذين تبعوا المخلص وسمعوا تعاليمه وشاهدوا آياته ومعجزاته

فلما أقاما السيد المسيح له المجد ابن الأرملة بمدينة نايين من الموت، كان هذا القديس حاضرا، فتقدم بلا تردد إلى الرب يسوع تاركا الاستضاءة بسراج الناموس اليهودي ليستنير بشمس البر. وأمن به من كل قلبه، ثم تعمد وصار أحد السبعين رسولا. وكان مع التلاميذ في علية صهيون وقت حلول الروح المعزى. وقد بشر بالإنجيل في بلاد كثيرة. ثم رسم أسقفا على خورانياس. فعلم أهلها وأنارهم بتعليمه ووعظه، ثم عمدهم. وبعد أن أكمل سعيه المقدس تنيح بسلام، ونال إكليل المجد السماوي وعمره سبعون سنة. منها تسع وعشرون سنة يهوديا. وإحدى وأربعون سنة مسيحيا، وقد ذكره القديس بولس في رسالتا الثانية إلى تيموثاوس (2 تى 4:19). صلاته تكون معنا. آمين.

وفي مثل هذا اليوم أيضًا: نياحة البابا متاؤس الثالث "100" 

فى مثل هذا اليوم من سنة 1362 ش. (31 مارس 1646 م.)، في يوم سبت لعازر، تنيح البابا متاوس الثالث البطريرك المائة وهو يعرف باسم متى الطوخى. وهو ابن أبوين مسحيين من ناحية طوخ النصارى بإقليم المنوفية. وكانا خائفين من (الله محبين للغرباء، محسنين للفقراء والمحتاجين. رزقهم الله

بالابن تادرس فأحسنا تربيته وأدباه بكل أدب روحاني وعلماه كتب البيعة المقدسة وحلت نعمة الله علي هذا الابن المبارك فانكب على الدرس والتعليم المسيحى إلى أن حركته نعمة الله إلى السيرة الملائكية والحياة النسكية فخرج من بلده وترك أهله وأقاربه وتبع قول المسيح له المجد ومضى إلى برية شيهيت ميزان القلوب  وترهب بكنيسة القديس العظيم أبى مقار فجاهد في النسك والعبادة جهادا بليغا. فرسموه قسا، فتزايد في التقشف، ونما في الفضيلة فأقاموه قمصا ورئيسا علي الدير المذكور.

وبعد قليل تنيح البابا يؤانس الخامس عشر البطريرك التاسع والتسعون، فاجتمع الآباء الأساقفة وجماعة الكهنة والاراخنة لاختيار من يصلح لاعتلاء الكرسى المرقسى الإسكندري وواظبوا علي الصلاة طالبين من السيد المسيح له المجد أن يقيم لهم راعيا صالحا لكي يحرس شعبه وبإرادة السيد المسيح، راعى الرعاة، اتفق رأى الجميع على تقديم الأب تادرس قمص دير أبى مقار بطريركا. فتوجهوا إلى الدير وامسكوه قهرا وكرسوه بطريركا باسم متاوس فئ يوم 4 النسيء سنة 1347 ش. (7 سبتمبر سنة 1631 م.). وكان المتقدم في تكريسه الأنبا يؤنس مطران السريان.

فلما جلس هذا البابا علي الكرسى الرسولى رعى رعية المسيح أحسن رعاية، وكان هدوء وسلام على المؤمنين في أيامه، وارتاحت البيع من الشدة التى كانت فيها فحسده إبليس عدو الخير وحرك عليه أعوان السوء فذهبوا إلى الوالي بمصر وأعلموه أن الذي يعتلى كرسى البطريركية كان يدفع للوالى مالا كثيرا.

وأستمع الوالى لوشايتهم، واستدعى البابا إليه لهذأ الغرض. فقام جماعة الاراخنة وقابلوا الوالى، فلم يسألهم عن عدم حضور البابا، بل تكلم معهم في شأن الرسوم التى يدفعها البطريرك وألزمهم بإحضار أربعة آلاف قرش فنزلوا من عنده وهم في غم من جراء فداحة الغرامة ولكن الله عز وجل شأنه الذي لا يشاء هلاك أحد وضع الحنان في قلب رجل إسرائيلي فقام بدفع المبلغ المطلوب إلى الوالى، وتعهد له الاراخنة برده ووزعوه عليهم ثم سددوه للاسرإئيلى. وجعلوا على البابا شيئا يسيرا من هذه الغرامة الفادحة. فنزل إلى الوجه القبلي لجمع المطلوب منه، ولشدة أيمانه وقوة يقينه في معونة الله تحنن قلب الشعب عليه وأعطوه (المطلوب عن طيب خاطر وبعد قليل حضر إلى الوجه البحري لكي يفتقد رعيته، فنزل بناحية برما. وأتى إليه هناك أهالي مدينة طوخ بلده، ودعوه لزيارة الناحية ليتباركوا منه، فأجاب الطلب. وفي زمن هذا البطريرك وقع غلاء عظيم في كل أرض مصر، لم يصل مثله قط، حتى وصل ثمن إردب القمح إلى خمسة دنانير ولم يتمكنوا من شرائه. ولم يتيسر الحصول عليه إلا عند القليل من الناس، حتى أكل الأهالي الميتة، ومنهم من أكلوا لحم الدواب فتورموا وماتوا، ومنهم من دقوا العظم وأكلوه، ومنهم من كانوا يبحثون عن الحب في الكيمان ليلتقطه فتسقط عليهم ويموتون ومات خلق كثير لا يحصى عدده، وذلك في سنة 1347 ش. 0(1631 م.) ثم استمر الغلاء سنتين، وكان والى الصعيد وقتئذ حيدر بك. وفي سنة 1350 ش. (1634 م.) أتى النيل بفيضان عال غمر كل ألا راضى وتولى الصعيد في ذاك الحين الأمير على بك الدفتردارى وحضر إليه في شهر بابه سنة 1350 ش.، وزرعت البلاد واطمأن الناس، وزال كابوس الغلاء، وانخفضت الأسعار.

 وفي تلك السنة أرسل السلطان مراد الرابع مراكب موسوقة نحاس أقراص مختومة بصورة خاتم سليمان، وذكروا أنهم عثروا عليها في خزانة قسطنطين الملك، وبلغ وزنها 12 ألف قنطار. وأمر الوالى بسكها نقدية وإرسال عوضها ثلاثمائة ألف درهم، فقام الوالى بتوزيع هذا النحاس بالقوة على أهالي مصر والصعيد بسعر كل قنطار ثمانين قرشا. ووقع بسبب ذلك ضرر عظيم على الأهالي،كما حصل ضيق عظيم في البلد، وخسارة كبيرة في ثروة البلاد، مما لم يكن له مثيل حتى أضطر أغلب الناس إلى بيع ممتلكاتهم. وحصل الوالى من النحاس المذكور على أموال طائلة أرسلت إلى الآستانة

ولما بلغ السلطان أن الباشا الوالى استعمل الظلم والقسوة في توزيع النحاس المذكور غضب عليه واستدعاه من مصر. ولما حضر أمر بضرب عنقه وولى غيره على مصر.

وفى تلك السنة أرسل ملك أثيوبيا يطلب مطرانا. فرسم له البابا متاوس مطرانا من أهالي أسيوط وأرسله إليه. وقد حلت بهذا المطران أحزان وشدائد كثيرة أثناء وجوده هناك، حتى عزلوه ورسموا بدلا منه..

وبعد إتماما البابا زيارته الرعوية لشعب الوجه البحري، وقبوله دعوة أهالي طوخ لزيارة بلدهم، قام معهم من برما ميمما شطر طوخ النصارى. وعندما اقترب من الناحية استقبله جماعة الكهنة وكافة الشعب المسيحى، وتلقوه بالإكرام والتبجيل والتراتيل الروحية التى تليق بكرامته، وأدخلوه إلى البيعة بمجد وكرامة. وأقام عندهم سنة كاملة وهز يعظ الشعب ويعلمهم

ولما كان يوم السبت المبارك ذكرى اليوم الذي أقام فيه الرب لعازر من بين الأموات اجتمع بالكهنة والشعب بعد إقامة القداس، وأكل معهم وودعهم قائلا بالهام الروح القدس ان قبره سيكون في بيعة هذه البلدة وانه لا يبرح طوخ وصرف الشعب وقام ليستريح في منزل أحد الشمامسة. فلما حضر الشماس ودخل حجرة البابا وجده راقدا علي فراشه، وهو متجه ناحية المشرق ويداه على صدره مثال الصليب المقدس، وقد أسلم روحه بيد الرب. فاعلموا جماعة الكهنة والشعب، فحضروا مسرعين ووجدوه قد تنيح ولم يتغير منظره بل كان وجهه يتلألأ كالشمس فأحضروا جسده المبارك إلى البيعة وصلوا عليه بما يليق بالأباء البطاركة ودفنوه

بالبيعة بناحية طوخ بلده.. وقد أقام على الكرسى الرسولى مدة 14 سنة و6 أشهر و23 يوما لم يذق فيها لحما، ولم يشرب خمرا. وتتيح بشيخوخة صالحة حسنة وكاملة. لتكن صلواته وبركاته معنا ولربنا المجد دائما. آمين.