دينيّة
03 تموز 2017, 05:30

قدّيسو اليوم: 3 تموز 2017

تذكار القديس ايرونيموس (بحسب الكنيسة المارونية) ولد ايرونيموس سنة 340 في مدينة سيريدو من اسرة تقية غنية. وبعد ان اكمل دروسه الابتدائية في وطنه ارسله ابوه الى روما، ليكمل ثقافته على اشهر اساتذتها، فبرع في الفصاحة والبيان واولع بكتابات علماء اليونان والرومان بعد ان اتقن اللغتين اليونانية واللاتينية، واستهوته خطب شيشرون واشعار فيرجيل. واستسلم لاهواء الشباب، لِما كان يراه في روما من الملاهي والمغريات، لكنه رجع الى نفسه، ذاكراً تربيته الاولى المسيحية.

 

وانكب على درس الكتب المقدسة. واخذ يتردد الى مدافن الشهداء، معجباً بإقدامهم على إراقة دمائهم لاجل ايمانهم.

ثم زهد في الدنيا وذهب الى برية تريفا، حيث انصرف للعبادة ودرس اللاهوت ثم عاد الى وطنه واقام سبع سنوات في اكيلة، ملازماً العبادة والمطالعة والكتابة. ولاسباب عائلية هجر وطنه وقصد الى الشرق، ماراً ببلاد اليونان وآسيا، ووصل الى انطاكية.

ثم انحاز الى برية" خلقيس" شرقي انطاكية، منعكفاً على مطالعة الكتاب المقدس وممارسة التأمل والصلاة والتقشفات. وبعد خمس سنوات، عاد الى انطاكية. فألح عليه البطريك بولينس بقبول درجة الكهنوت، فقبلها، مشترطاً ان يبقى حراً، متفرغاً للدرس وللكتابة.

ثم مضى الى القسطنطينية حيث اخذ عن القديس غريغوريوس اللاهوتي النزينزي، اسمى التعاليم اللاهوتية وحضر المجمع المسكوني الثاني والقسطنطيني الاول سنة 381 ضد مكدونيوس عدو الروح القدس. فلمع في ذلك المجمع الذي كان مسجِّلاً فيه. وكان قد اتقن ما عدا اللغتين اليونانية واللاتينية، العبرانية والكلدانية وبرع فيهما بغية اكتناه معاني الاسفار المقدسة.

فاستدعاه البابا  داماسيوس واقامه كاتباً له وعهد اليه توحيد تراجم الكتاب المقدس اللاتينية ووضع ترجمة واحدة اساسية يعول عليها. فباشر بعمله هذا الخطير الذي كرس له حياته. وفوق ذلك كان يتعاطى الوعظ ويرشد النفوس في طريق الخلاص. وبعد وفاة البابا داماسيوس سنة 384، توجهت الانظار الى انتخاب ايرونيموس خلفاً له.

ولكنه حمل مكتبته الضخمة وسار مع اخيه وبعض الرهبان الى فلسطين. حيث استوطن نهائياً بيت لحم. واقام في دير للرجال، صارفاً اوقاته بالصلوات والتقشفات الصارمة، منعكفاً على التآليف والبحث عن الاماكن المقدسة وعما تنصه الكتب عنها. وهناك أكمل ترجمة الكتاب المقدس الى اللاتينية. وهي الترجمة التي اعتمدتها الكنيسة المقدسة واقرها المجمع التريدتنيني، وتدعى بالفولغاتا " اي العامية".

ولم يكن لينفك عن مقاومة المبتدعين والدفاع عن المعتقد الكاثوليكي القويم بلسانه وقلمه، واضعاً التآليف القيمة التي اغنى بها الكنيسة. واصبح من كبار علمائها. وبعد ذلك الجهاد المجيد رقد بالرب في 30 أيلول سنة 420 عن ثمانين عاماً. ونقلت رفاته الثمينة الى كنيسة مريم الكبرى في روما، حيث لم تزل ينبوع نعم وبركات. صلاته معنا. آمين!

 

القديس توما الرسول (بحسب الكنيسة السريانيّة الكاثوليكيّة)

هو الملقّب بالتوأم من الجليل، صيّاد سمك، لبّى دعوة الربّ بلا تردّد، ورافقه وسمع كلامه ورأى عجائبه. لمّا اعترض الرسل على ذهاب يسوع إلى بيت عنيا ليقيم لعازر من الموت وقالوا: "يا معلّم الآن كان اليهود يطلبون رجمك وأنتَ تمضي أيضاً إلى هناك" إلتفت توما الشجاع وقال: "لنذهب نحن أيضاً لنموت معه".

وليلة العشاء السرّي لمّا قال فادينا لتلاميذه "وإذا انطلقتَ وأعددتَ لكم مكاناً آتي وآخذكم إلىَّ لتكونوا أنتم حيث أكون أنا. أنتم عارفون إلى أين أذهب وتعرفون الطريق "إبتدره توما: "يا رب لسنا نعرف إلى أين تذهب وكيف نعرف الطريق" فأجابه يسوع بكلام يشع نوراً على توالي الدهور "أنا الطريق والحق والحياة، لا يأتي أحد إلى الآب إلاّ بي".

إشتهر توما بما حدث له مساء أحد القيامة وفي الأحد الذي بعده، ففي مساء القيامة لم يكن مع الرسل حين ظهر لهم يسوع. فقال له التلاميذ الآخرون: "إنّنا قد رأينا  الرب". فقال لهم: "إنّ لم أعاين أثر المسامير في يديه وأضع... لا أؤمن". لكن يسوع الذي مات لأجل توما والبشريّة تحمّل عناده ولم يتركه متصلّباً... فبعد ثمانية أيام... "ربّي وإلهي"... فقال له يسوع: "لأنّكَ رأيتني يا توما آمنت، طوبى للذين لم يروا فآمنوا". فالله سمح بعدم تصديق توما ليثبتا نحن في الإيمان ولنُعطي هذه الطوبى.
وظهر يسوع لتوما على ضفاف بحيرة طبريّا يصطاد السمك مع بطرس ونثنائيل ويعقوب ويوحنا وإثنين آخرين من التلاميذ، وأمرهم أن يُلقوا الشبكة من الجانب الأيمن فألقوها فلم يعودوا يقدرون أن يجذبوها من كثرة السمك. وأقام الرب يسوع رسوله بطرس رأساً للكنيسة جمعاء وكان توما حاضراً يسمع ويفهم ويخضع لأوامر الرب وتدبيره.

بدأ توما يبشّر بالإنجيل في اليهودية مثل بقيّة الرسل، وأُهين وضُرب وسُجن. ثم أرسل أحد التلاميذ الإثنين والسبعين إلى أبجر ملك الرها على حسب وعد المخلّص للرجال الذين جاؤوا يدعونه لزيارة ذلك الملك. واجتاز من بلاد العرب إلى الحبشة "فجعل القوم السود الوجوه قلوباً بيضاء بماء المعمودية" كما قال يوحنا فم الذهب، ومن هناك اجتاز إلى بلاد الهند.

أمّا الرأي الأرجح فهو أن الرسول قضى الشطر الأكبر من حياته في بلاد الهند، دخلها فقيراً طويل الشعر أصفر الوجه ناحل الجسم كأنّه شبح يتحرّك. وأراد أحد عبدة الأوثان أن يهيّج الشعب على توما فذبح إبنه واتّهم الرسول بذلك، فوقف هذا أمام الجثّة وعمل عليها إشارة الصليب فقام الولد حيّاً معافى فآمن كثيرون بالربّ لرؤيتهم تلك الأعجوبة... وبينما كان توما يصلّي يوماً، فاجأه أحد كهنة الأصنام بسهم قتله وانقضّ عليه ومزّق جسده بالحجارة ونال إكليل الإستشهاد في سنة 75 للمسيح...

 

القديس اناتوليوس بطريرك القسطنطينية (بحسب الكنيسة الارثوذكسيّة)

أصله من الإسكندرية. كان في القسطنطينية عندما التأم مجمع أفسس اللصوصي سنة 449م، وكان هناك بصفته ممثلاً لبطريرك الإسكندرية ديوسكوروس. بعدما جرى اغتيال القديس فلافيانوس القسطنطيني، سعى ديوسكوروس إلى الإتيان بأناتوليوس بطريركاً على المدينة المتملكة. قصده كان أن يهيمن على الكرسي القسطنطيني. لكن حساب البيدر لم يكن على حساب الحقل. فقد تبين أن أناتوليوس، نظير القديس ملاتيوس الأنطاكي، كان رجل إيمان قويم. فحالما تبوأ سدّة الأسقفية على عاصمة الإمبراطورية جاهر بمعارضته لديوسكوروس. ثم بعدما أدخل اسم القديس فلافيانوس في الذبتيخا نقل جسده، بإكرام عظيم، إلى كنيسة الرسل القديسين. كذلك بعث برسائل إلى كل الأساقفة يحثّهم فيها على إلقاء الحرم على زعماء الهراطقة نسطوريوس وأوتيخا وديوسكوروس وكل الذين يعلّمون أن الطبيعة الإلهية اعتورها اختلاط أو تغيير في تجسّد كلمة الله. ساعد كثيراً في التئام المجمع المسكوني الرابع في خلقيدونيا (451م). لعب دوراً مهماً فيه. شجّع الآباء القديسين على الإعلان بوضوح عن عقيدة الطبيعتين، الإلهية والبشرية، المتّحدتين من دون انقسام في الشخص الواحد للكلمة المتجسّد. خلال السنوات الثماني لأسقفيته شهدت الكنيسة اضطرابات خطرة بسبب المجمع الذي انعقد. وإذ كان هو على وداعة وتواضع فقد ساس قطيعه الروحي بحميّة وحكمة. كما ارتفعت، في أيامه، كنائس فخمة لمجد الله شيّدها بمؤازرة الإمبراطورة بلخاريا. ولمّا حلّ وباءٌ بالبلاد زاده خطورة جفاف طال أمده، سار في مقدمة مسيرة اجتازت المدينة حتى الأسوار. وكموسى جديد صلى بدموع ويداه إلى السماء. ولم يطل الوقت حتى انهمر المطر غزيراً فاغتسلت المدينة من أسوائها وامتلأت الخزّانات ماء. دافع عن القديس دانيال العامودي الذي اتُّهم ظلماً بالهرطقة وقد شُفي من علّة ألمّت به بشفاعته. كذلك عقد مجمعاً في القسطنطينية سنة 457م أدان تيموثاوس الإيلوري الذي اغتصب كرسي الإسكندرية إثر اغتيال القديس بروتيريوس هناك. رقد، في الربّ، بسلام خلال العام 458م فخلفه القديس جناديوس.

 

تذكار القديس الشهيد ياكنتس (بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)

كان هذا القديس من مدينة قيصرية الكباذوك، فتربّى تربية حسنة وتثقّف بالعلوم. وكانت التقوى والفضائل المسيحيّة ثروته الكبرى.

وذهب إلى رومة، فخدمه الحظ وبرزت فضائله. فأقامه الملك ترايانس أميناً في بلاطه فقام بأعباء تلك الوظيفة السامية بإخلاص وأمانة كان يستوحيهما من إيمانه الحي وفضيلته الصحيحة.

ولمّا عاد الملك ترايانس من حروبه منصوراً، وكان يعزو ما ناله من الظفر إلى آلهة المملكة ثار غضبه على المسيحيين، لأنّهم كانوا يحتقرون تلك الآلهة ويقاطعون الذبائح والحفلات التي كان هو يقيمها إكراماً لها. فجعل يضطهدهم ويسفك دماءهم ليثأر لآلهته منهم.

ووُشي لديه بياكنثس أمينه أنّه هو أيضاً مسيحي. فحزن وغضب عليه في آنٍ واحد. حزن لأنّه كان يحبّه ويقدّر صفاته ويرتاح إلى خدماته. لكنّه غضب لمّا علم أن في بلاطه واحداً من حاشيته ينكر الإكرام على آلهته. فاستدعاه إليه وسأله في ذلك، فاعترف ولم ينكر وأقرّ أنّه مسيحي، وإنّه إذا كان الملك قد وجده أميناً في خدمته فذلك يعود إلى أمانته في خدمة المسيح إلهه.

فغضب الملك لتلك الجرأة، وعدّها وقاحة من خادم كان الأولى به، على ظنّه، أن لايخرج عن طاعته. لكنّه كظم غيظه وأخذ يتملّقه ليحمله على الرجوع إلى أصنام المملكة فذهبت مواعيده أدراج الرياح. فتهدّده بأشد العذابات، فلم ينل أيضاً منه شيئاً. فأمر به جنوده، فعذّبوه، ثم طرحوه في السجن ومنعوا عنه الأكل. فمات جوعاً، ونال بذلك إكليل الإستشهاد. وكان ذلك في أوائل القرن الثاني للمسيح.

إنّ ياكنثس هو من أولئك الشهداء الأبطال الذين لم يغترّوا بالدنيا وزهوها وأموالها وأمجادها ونعيمها، بل آثروا عليها صليب المسيح وعاره لكي يحصلوا على الخلاص والحياة الأبدية: لأنّه ليس لنا ههنا مدينة ثابتة، إنّما الأعالي هي أوطاننا الحقيقية.

وفي مثل هذا اليوم أيضًا: القديس أناطوليوس رئيس أساقفة القسطنطينية

ولد أناطوليوس في مدينة الإسكندرية، التي أخرجت للكنيسة رجالاً كانوا أنواراً سطعت على المسكونة. ونشأ أناطوليوس على الفضيلة، وتمكّن من أنواع العلوم. فضمّه القديس كيرلّس إليه، وجعله في داره، واعتنى بأمره.

وفي سنة 431 لمّا انعقد المجمع الأفسسي المسكوني لينظر في تعليم نسطوريوس، وتجلّت أمام الآباء مواهب وفضائل القديس كيرلّس، كان أناطوليوس شمّاساً إنجيليّاً يرافقه فرأى بعينه الكنيسة مجتمعة، وشاهد عظمتها وقداسة آبائها وغيرتهم على الإيمان، وسمع بأذنيه صواعق الحرم تنزل على نسطوريوس وجماعته، فحفظ ذلك في عقله وفي قلبه ذكراً خالداً.

ومن بعد المجمع الأفسسي أرسله كيرلّس إلى القسطنطيينية، ليكون سفيره فيها لدى البلاط الملكي والقصر البطريركي.وكانوا يختارونه من ذوي الكفاية علماً وذكاءً ومقدرةً فبدأ نجم أناطوليوس يتألّق.

ومات القديس كيرلّس وخلفه على كرسي الإسكندرية ذيوسقورس، فأبقى أناطوليوس سفيراً له في القسطنطينية، وكان يعتمد على آرائه السديدة وخبرته الواسعة.

كان أوطيخا رئيساً على دير عظيم في القسطنطينية بعد ثلاث مئة راهب، وكان القديس كيرلّس قد استعمل في مهاجمته البدعة النسطورية وشرحه للعقائد الكاثوليكيّة عبارات فيها شيء من الجرأة اللاهوتية. فتمسّك أوطيخا بها وصار يشرحها على هواه.

وكان إذ ذاك على كرسي كنيسة القسطنطينية البطريرك القديس فلافيانس، فنبّه أوطيخا عليه، فلم يرتدع بل تصلّب في رأيه.فاجتمع المجلس البطريركي العادي المؤلّف من بعض الأساقفة، فحرَم أوطيخا وعزله وربطه عن إستعمال الأسرار وتوزيعها. أمّا أوطيخا، فإنّه رفض الرضوخ لحكم المجلس وراح يستجير بالأساقفة والبلاط.

فوجد نصيراً له في شخص ذيوسقورس البطريرك الإسكندري. لأنّ هذا كان يبغض فلافيانس ويعمل على الحط من شأن الكرسي القسطنطيني الذي كان يتمسّك بطاركته  بقرار المجمع المسكوني الثاني، ليتقدّموا على أصحاب كراسي الإسكندرية وانطاكية وأورشليم. فلمّا دخل ذيوسقورس في الميدان حميَ النضال واتّسع الخرق. وسعى أوطيخا مع صديقه خريسانس ليحمل الملك ثاوذوسيوس الصغير على مناصرته. فقرّر الملك عقد مجمع شرقي عام للنظر في تعليم أوطيخا، وعيّن ذيوسقورس الإسكندري رئيساً لذلك المجمع. ورضيَ البابا لاون الكبير بذلك، وزوّدهم برسالة لاهوتية شائقة بعث بها إلى البطريرك فلافيانس وفيها شرح تعليم الكنيسة شرحاً وافياً واضحاً.

فاجتمع ذلك المجمع سنة 449 في أفسس، وكان مؤلّفاً من 135 أسقفاً، وكان بينهم رجال عظام أمثال فلافيانس، ودُمنس بطريرك انطاكية. إلاّ أن ذيوسقورس إستعان بالجند وبشرذمة من الرهبان المسلّحين بالعصي، وأراد أن يملي إرادته على آباء المجمع. ولمّا جسر بعضهم على مقاومته أطلق عليهم المطارق والعصي. فهجم الجند والرهبان على أولئك الأساقفة المساكين وأوسعوهم ضرباً وأثخنوهم بالجراح. ومات فلافيانس البطريرك عقب ذلك بثلاثة أيام متأثّراً من جراحه. أمّا قصّاد البابا لاون فإنّهم لاذوا بالفرار وتركوا أفسس. وضرب ذيوسقورس برسالة البابا عرض الحائط، وبرّأ أوطيخا، وأمر بإعادته إلى رئاسته، وعزل أفسافيوس أسقف دُرلاّ وثاوذوريتس وغيرهم. ووافق الملك على تلك الأعمال الوحشية، وبقيت نافذة إلى حين وفاته سنة 450.

فلمّا علم الحبر الأعظم البابا لاون الكبير بما صار حزن حزناً شديداً، وكتب رسالةً دعا فيها ذلك المجمع "المجمع اللصوصي الأفسسي".

فلمّا مات فلافيانس أخذ ذيوسقورس يسعى السعي الحثيث لينصِب واحداً من خواصه على ذلك الكرسي العظيم. فظنّ أنّه وجد في سفيره أناطوليوس، وإن هذا الكاهن الجليل سيكون حامل علمه في تلك العاصمة. فنجح في مسعاه، وصار أناطوليوس رئيس أساقفة على القسطنطينية.

فمات الملك ثاوذوسيوس نصيره، وظهر فجأة أناطوليوس يحمل عالياً علم الكنيسة الكاثوليكي ويهاجم به عَلمه.

واتّخذ المجمع بعض القرارات إدارية، فعزل ذيوسقورس عن كرسي البطريركية الإسكندرية، خصوصاً بسبب ما أتاه من الأعمال الشائنة  في "المجمع الأفسسي اللصوصي"، وأعاد الذين أبعدهم هذا المجمع النفاقي إلى كراسيهم. لكن البابا لاون إعترض على هذا القرار ولم يوافق عليه.

بيد أن المجمع الخلقيدوني لم يتوصّل إلى إعادة السلام إلى الكنيسة. وانتشرت تلك البدعة القائلة بالطبيعة الواحدة في القسطنطينية وفي سوريا وفي مصر، وسوف تخرج منها بدعة أخرى، وهي القائلة بالمشيئة الواحدة في المسيح. جعلوا يلقّبون المؤمنين الذين قبلوا بالأعمال ذلك المجمع وخضعوا لقراراته، "بالملكيين" تهكّماً بهم وازدراء لشأنهم.

ولمّا انتهت أعمال المجمع وعاد الآباء إلى كراسيهم وكنائسهم وأديارهم، بعث أناطوليوس إلى البابا لاون برسائل يوضّح له فيها إيمانه. وطلب إليه أن يوافق على القرار الثامن والعشرين بشأن الكرسي القسطنطيني. إلاّ أن البابا لم يقبل بذلك القرار المغاير لكل التقاليد القديمة، والذي يزيد أسباب المزاحمات بين البطريركيات الشرقية. فلم يعترض أناطوليوس على ما قاله الحبر الأعظم بل عمل به بكل خضوع، وبقي الحبر الوديع المتواضع المعروف بالقداسة والقيام بالواجب.

وبذل أناطوليوس قواه في دائرته الكبرى ليصلح ما أفسدته البدع ويقيَ شعبه زؤان التعاليم الفاسدة. فكان الراعي الصالح يبذل نفسه رخيصة في سبيل رعيّته. وكان هو نفسه مثالاً حيّاً لِما كان يعلّمه ويدعو شعبه إليه من الفضائل المسيحيّة والكمالات الإنجيليّة.

ورقد بالربّ سنة 458. وأقيمت له مناحة عظيمة. ودُفن باحتفال يفوق حد الوصف. وسوف يحفظ التاريخ إسمه مقروناً بذكر أعمال المجمع الخلقيدوني، وبذلك اللقب المشرّف الذي لا تزال نحن "الملككين" نحمله اليوم.

 

تذكار تكريس كنيسة رئيس الملائكة غبريال (بحسب الكنيسة القبطيّة الارثوذكسيّة)

في مثل هذا اليوم تذكار تكريس كنيسة باسم الملاك الجليل جبرائيل المبشر بجبل النقلون بالفيوم. شفاعته تكون معنا. ولربنا المجد دائما. آمين.

(جاء في اللؤلؤة وفي كنوز النعمة جزء 2 انه يقرأ 22 كيهك تذكار للملاك بدلا من اليوم).

وفي مثل هذا اليوم أيضًا: نياحة يشوع ابن نون النبي

في مثل هذا اليوم من سنة 2570 للعالم تنيح النبي العظيم يشوع بن نون. ولد في مصر سنة 2460 للعالم (أي قبل خروج الشعب الإسرائيلي من عبودية فرعون بثلاث وخمسين سنة) كان تلميذا وخادما لموسى النبي الذي بعد أن أخرج شعب الله بقوة الذراع الإلهي والعجائب العظيمة وأوصلهم إلى قرب جبل سينا صعد إلى الجبل آخذا معه يشوع خادمه لسماع الوحي واستلام الوصايا. وفي أثناء حرب إسرائيل ضد عماليق كان يشوع قائدا للجنود، فلما انتخب موسى اثني عشر رجلا، واحدا من كل سبط وأرسلهم ليتجسسوا أرض الميعاد كان يشوع واحدا منهم وقد أتم خدمته بكل أمانة، وقرر هو وكالب وحدهما الأخبار الصادقة عن أرض الميعاد. ولذلك دخل الاثنان فقط تلك الأرض دون جميع الشعب الإسرائيلي الذي خرج من مصر الذين لكونهم تذمروا وشكوا في صدق مواعيد الله فقد اقسم تعالي أنهم لا يدخلون إلى راحته، ولكن أولادهم الذين ولدوا لهم بعد خروجهم من مصر هم الذين دخلوا تلك الأرض مع يشوع وكالب.ولما تنيح العظيم موسى سنة 2553 للعالم خاطب الله يشوع قائلا " أن موسى عبدي قد مات فالآن قم أعبر هذا الأردن أنت وكل هذا الشعب إلى الأرض التي أنا معطيها لهم أي لبني إسرائيل كل موضع تدوسه بطون أقدامكم لكم أعطيته كما كلمت موسى من البرية ولبنان هذا إلى النهر الكبير نهر الفرات جميع أرض الحثيين والي البحر الكبير نحو مغرب الشمس يكون تخمكم لا يقف إنسان في وجهك كل أيام حياتك كما كنت مع عبدي موسى أكون معك. لا أهملك ولا أتركك تشدد وتشجع لأنك أنت تقسم لهذا الشعب الأرض التي حلفت لآبائهم أن أعطيهم إنما كن متشددا وتشجع جدا لكي تتحفظ للعمل حسب كل الشريعة التي أمرك بها موسى عبدي لا تمل عنها يمينا ولا شمالا لكي تفلح حيثما تذهب لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك بل تلهج فيه نهارا وليلا لكي تتحفظ للعمل حسب كل ما هو مكتوب فيه. لأنك حينئذ تصلح طريقك وحينئذ تفلح" (يش 1: 1 – 8) فتقوي قلب يشوع وأرسل جاسوسين سرا تجسسا الأرض ودخلا بيت راحاب الزانية فخبأتهما ثم أنزلتهما من الكوة لان بيتها كان بحائط السور وذلك بعد أن أمناها علي نفسها وعلي كل أهل بيتها (يش 2: 1 – 15).

ثم فتح أريحا بعد أن طاف حول أسوارها مرات متعددة وهو يهتف فأنهدمت أسوارها العظيمة. وصعد الشعب إلى المدينة وقتلوا كل من كان فيها من إنسان وحيوان بعد ما أخرجوا راحاب وأباها وأمها واخوتها وكل من لها وعشيرتها خارج المحلة. وأحرقوا المدينة بالنار فقد جعلوها في خزانة بيت الرب واستحيا يشوع راحاب الزانية وكل بيت أبيها لأنها خبأت الرسولين.

وكان الرب مع هذا الصديق فقتل ملوكا وفتح مدنا كثيرة فخافته الأمم، ولعظم الخوف احتال أهل جبعون فلبسوا ثيابا بالية ونعالا مرقعة وصيروا خبز زادهم فتاتا. ومضوا إلى يشوع وقالوا له نحن جيئا من أرض بعيدة نريد منك الأمان والعهد فأجابهم يشوع ومشايخ بني إسرائيل: "انظروا لئلا تكونوا ساكنين في هذه الأرض " فأجابوهم: "من أرض بعيدة جئنا علي اسم الرب إلهكم. هذا خبزنا سخنا تزودناه من بيوتنا يوم خروجنا لكي نسير إليكم: وها هو الآن يابس قد صار فتاتا. وهذه ثيابنا ونعالنا قد بليت من طول الطريق جدا" فأمنوهم وحلفوا لهم وبعد ثلاثة أيام سمعوا أنهم قريبون إليهم وأنهم ساكنون في وسطهم فلعنهم يشوع وجعلهم عبيدا ينقلون الحطب لخدمة بيت الرب.

وحارب يشوع خمسة ملوك الأموريين حيث ساعدته يد الرب بنزول الحجارة كالمطر علي الأعداء وكان الشعب يقاتلهم أمام مدينة جبعون فأوقف الشمس إلى أن أباد الخمسة الملوك مع كل عساكرهم وحسب أوامر الله قسم الأرض بين بني إسرائيل وأعطي الكهنة بلادا لسكناهم وأرضا لمواشيهم ثم افرد خمس مدن يلتجئ إليها كل قاتل بغير قصد ولما أكمل نحو مئة وعشر سنين ووصل إلى شيخوخة صالحة استدعي الشيوخ والرؤساء والقضاة والمعلمين ووعظهم ونبههم أن لا يحيدوا عن عبادة الله تعالي. ووضع لهم الرسوم والفرائض اللازمة ثم تنيح بسلام. صلاته تكون معنا. آمين.

وفي مثل هذا اليوم أيضًا: استشهاد القديس ايسنت حاجب ترجان

في مثل هذا اليوم استشهاد القديس ايسنت حاجب ترجان. صلاته تكون معنا ولربنا المجد دائما أبديا آمين.