دينيّة
15 أيار 2017, 05:30

قدّيسو اليوم: 15 أيار 2017

عيد سيدة الزروع (بحسب الكنيسة المارونية) قد عيّن أباؤنا منذ القديم، في هذا اليوم، عيداً خاصاً لسيدتنا مريم العذراء، طلباً لبركتها على سنابل الزروع وثمار الاشجار، لتقيها الضربات وترفع عنها الآفات. فعملاً بمَا رسموه، نلجأ نحن اليوم الى أمنا الحنون الكلية قداستها، متوسلين ان تستعطف ابنها الحبيب سيدنا يسوع المسيح ليبارك مزروعاتنا ويخصبها ويقيها كل أذى. آمين.

 

وفي مثل هذا اليوم أيضاً : تذكار القديس بخوميوس الكبير

ولد بخوميوس في مصر السفلى سنة 295 من أبوين وثنيين غنيين. ولما صار ابن عشرين سنة، تجند في عسكر قسطنطين في حربه ضد مكسنس، واذ كان الجنود في مدينة ثيبة عاصمة الصعيد، يقاسون أشد المضايق، جاء مسيحيو المدينة يساعدونهم ويقدمون لهم ما يحتاجون اليه، فأعجب صنيعهم بخوميوس، ولما عرف انهم مسيحيون رغب في اعتناق هذه الديانة الشريفة.

فعاد الى بلاده، واقام في قرية فيها كنيسة للمسيحيّين فتمرس بمبادئ الدين المسيحي وتعلّم اسراره واعتمد. فانارت نعمة الروح القدس عقله بالايمان الحي وأضرمت قلبه بنار المحبة الالهية. ثم سار الى البرية وتتلمذ لناسك ألبسه الثوب الرهباني، فأخذ يمارس مع معلمه انواع التقشف والنسك.

ثم بنى بخوميوس صومعة سكنها وتتلمذ للقديس انطونيوس الكبير الذي كان قد انشأ ديره الاول سنة 305. وقد اشتهرت قداسة بخوميوس فقصده كثيرون متتلمذين له وأولهم أخوه يوحنا. وقد أصبح بخوميوس رئيساً على مئة راهب.

ونحو السنة 340، أنشأ لرهبانه، بالهام الهي، ديراً جامعاً، ووضع لهم قوانين وفرائض شدد فيها، بنوع أخص على الطاعة والصمت والصوم والشغل اليدوي. وكانوا يرتلون المزامير سوية. وكانوا يعتنون بالغرباء ولا سيما المرضى فيخدمونهم، وهو نفسه يقوم بخدمتهم. ينتشرون في القرى لأجل تعليم المؤمنين وارشادهم وتبشير الوثنيين بالانجيل. وأصبح عدد رهبانه ثلاثة آلاف راهب وزعهم على عشرة أديار.

وفي سنة 333، جاء اثناسيوس بطريرك الاسكندرية، ليزور بخوميوس ورهبانه فسرّ جداً بمَا شاهده من الازدهار في تلك الديورة وما تحلى به الرهبان من الفضائل والكمالات الانجيلية.

وقد أنشأ بخوميوس ايضاً ديراً للراهبات وكل تدبيره الى شقيقته. وقد ألحّ عليه الاسقف بأن يرسمه كاهناً فاعتذر. وكان يقوم بادارة الاديار التي بناها ويهتم بشؤون رهبانها. وكان ابليس يهاجمه، نظير القديس انطونيوس، بأنواع التجارب فينتصر عليه بقوة الله واشارة الصليب المقدس. وقد منحه الله موهبة صنع المعجزات. وفي سنة 348 أصيب نحو مئة راهب بوباء الطاعون، ولما كان هو نفسه يخدمهم أصيب بهذا الوباء فعرف بدنو أجله، فجمع رهبانه وودعهم وحضهم على الثبات في السير بموجب القوانين التي وضعها لهم. ثم رفع عينيه الى فوق ورسم اشارة الصليب ورقد بسلام سنة 348. صلاته معنا. آمين.

 

العذراء سيّدة السنابل (بحسب الكنيسة السريانية الكاثوليكية)

إيماناً وطلباً لبركة العذراء مريم على سنابل الزروع وثمار الأشجار، عيّن الآباء منذ القديم هذا اليوم وخصّصوا لرفع الصلوات الى العذراء القدّيسة إيماناً منهم بشفاعتها في حماية الزروع من الآفات ووقايتها من الضربات وهجوم الجراد. وإكمالاً لهذا الإيمان أيضاً تلجأ الكنيسة بأبنائها الى الأم الحنون أن تستعطف إبنها ويبارك الزروع والأثمار ويقيها من كل أذى.

 

القديس بخوميوس الكبير، أخلِّيوس العجائبي (لارسا) (بحسب الكنيسة الارثوذكسية)

 

تذكار أبينا البار بخوميوس الكبير (بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)

ولد بخوميوس من أبوين وثنيين، ونشأ في الوثنية في صعيد مصر. إلاّ أن نفسه كانت منذ الصغر تأنف ذبائح الأوثان، وتهرب من خمورهم وضجيجهم.

 فلمّا صار في السن العشرين، سيق زجراً الى الجندية مع الكثيرين من أترابه. فحملوا على مراكب شراعية في نهر النيل ونزل بهم الى بلاد مصر السفلى، الى "ثيبة" العاصمة الكبيرة. وكان في تلك المدينة مسيحيّون كثيرون، فهرعوا لإستقبال أولئك المجنّدين المساكين، وجعلوا يقدّمون لهم ما يحتاجون إليه من الخدم ومن المال، بكل تفانٍ وكل عطف. فلم يفهم بخوميوس معنى تلك الغيرة، وأشكل عليه أمر تلك الشهامة من أولئك الناس. فسأل عنهم، وعن السبب الذي يحملهم على ذلك الكرم والعطف في سبيل جنود غرباء فقراء لا يعرفونهم، ولا تصلهم  بهم صلة قرابة، ولا يطمعون منهم بمال، ولا ينتظرون منهم شيئاً من العوَض.فقبل له أنّهم جماعة مسيحيون، وإنّما يفعلون ذلك مجّانا ً لوجه الله الكريم، ومحبّة للمسيح الذي أوصاهم بذلك. فأكبر بخوميوس ديانة تحمل تابعيها على مثل تلك الأخلاق، وعزم على إنتحالها.

فلمّا أنهى بخوميوس أيام خدمته سُرّح من الجيش. فعاد الى وطنه وانضمّ الى الموعوظين، وتعلّم أمور الديانة المسيحيّة، ووعد الله أن لا يحيد طيلة حياته عن الوصايا الإنجيليّة. وأخذ يشدّد على نفسه في ممارسة الفضائل وحفظ العفّة كاملة، ثم اعتمد وذهب الى الصحراء، حيث تتلمذ لأحد النسّاك الطاعنين في السن المدعو "بالمون"، فكانا يتسابقان في طرق الزهد والتقشّف والصلاة. وكانا يعيشان من عمل أيديهما، ويتصدقان بالباقي على الفقراء.

وجعل همّه الوحيد تقديس وتزيينها بالفضائل. فكان لا يفتر عن التأمّل في كمالات الله لكي يتجرّد عن كل ما هو من الدنيا، وأخذ يمرّن نفسه على الصبر, ولا سيّما على التواضع والوداعة.

وكان بخوميوس يختلف أحياناً الى مكان في الصحراء يدعى "تابانا" وهناك كان يتفرّغ وحده لمناجاة الله وممارسة أعمال النسك في شدّتها. فأوحي إليه يوما ً ان يبني هناك ديرا ً، لأن الله سوف يرسل إليه نفوسا ً طامعة في الكمال تريد ان تتخصّص لعبادته تعالى. فجاء إلى أبيه "بالمون" وكاشفه بعزمه. فوافق هذا عليه. وذهبا معاً وأنشآ هناك صومعة. وبارك الناسك الشيخ تلميذه وعاد من حيث أتى. وما لبث أن فارق الحياة. وكان ذلك نحو سنة 325، على عهد القسطنطين الملك. وكان القدّيس أنطونيوس الكبير قد أنشأ ديره الأول سنة 305، أي قبل بخوميوس بعشرين سنة.

إن أول رجل أتى بخوميوس وتتلمذ له كان أخاه يوحنّا.ثم تكاثر عدد اللاجئين إليه فصاروا مئة. فكان يثبّتهم في مقاصدهم ويرشدهم في طريق القداسة والخلاص. ورسم قانوناً وفرائض لرهبانه ليسيروا بموجبها. وكان لا يسمح لأحد بالصوم او الشغل إلاّ على قدر طاقته. وكان الصمت من أشد الفرائض شأناً، حت أنّهم يشتغلون وهم صامتون. وكان لا يخاطب الراهب رفيقه إلاّ إذا دعت الضرورة الى ذلك، ولكن بالإشارة فقط وليس بالكللام. وكانوا إذا ذهبوا من مكان الى مكان يتلون المزامير ليشغلوا دائماً عقلهم بالصلاة. وكانوا يتناولون جسد الربّ في اليوم الأول والأخير من كل أسبوع. ولم يكن بخوميوس يسمح لرهبانه بقبول سرّ الكهنوت. وبقي راهباً بسيطاً طول أيام حياته، رغم إلحاح الأساقفة عليه ليصير كاهناً. لكنّه كان يقبل بين عداد رهبانه كهنة، وكان يكلّ إليهم منح الأسرار المقدّسة لسائر الرهبان.

وكانت الطاعة أساس الحياة الرهبانيّة في قانون بخوميوس، وكان يروّض كثيراً رهبانه على الصبر، ولاسيّما على التواضع. وكان يمتحن المبتدئين إمتحاناً شديداً، قبل أن يسمح لهم بلبس الثوب الرهباني وبإبراز النذور الرهبانيّة. فتكاثر الرهبان جدّاً، واضطر بخوميوس أن يبني لهم الديورة العديدة. وهكذا تعطّرت تلك الأرجاء المصريّة بعرف الفضائل الرهبانيّة وتصاعدت نغمات التسبيح من تلك الصحاري المقفرة الصامتة.

وسنة 333 جاء أثناسيوس البطريرك الإسكندري ليزور بخوميوس ورهبانه. فبارك الله على ما رأى من إزدهار الكمالات المسيحيّة في تلك الديورة وبين تلك الجموع الغفيرة والألوف الكثيرة.

وكان لبخوميوس أخت شقيقة، فجائته يوماً تعوده. فلم يشأ أن يقبلها، لأنّه لم يكن يسمح لإمرأة أن تدخل ديراً، ولا أن تقابل من رهبانه أحداً. إلاّ أنّه لمّا علم أنّها تريد أت تخصّص باقي حياتها للعبادة على طريقته، بالبتوليّة والصوم والصلاة والتأمّل فرح فرحاً عظيماً وأنشأ لهنّ ديراً على الضفّة الثانية من النيل، ورسم لهنّ قانوناً سرن عليه. وكان لا يسمح لأحد من الرهبان بالذهاب إليهنّ، إلاّ للكهنة والشمامسة، وذلك بوم الأحد فقط، لأجل الإحتفال بالذبيحة الإلهيّة وبمنح الأسرار. ولمّا كان أحد الرهبان يضطر الى زيارة قريبة له أو شقيقه لم يكن يسمح له بذلك إلاّ بحضور أحد الرهبان الكاملين الطاعنين في السنّ. ولمّا كانت تموت إحدى الراهبات كانت بقيّة الراهبات يحملن جثتها ويأتين بها الى مكان معلوم خارج الدير، وهنّ ينشدن المزامير والصلوات الخشوعيّة. ومتى أتين ذلك المكان المعهود، كنّ يودّعن جثّة تلك الأخت الراحلة، ويتركنّها هناك ويرجعن الى الدير. فيأتي الرهبان فيحملونها الى المقر الأخير في المدفن الرهباني العام.

إنّ الفضيلة الكبرى التي امتاز بها بخوميوس كانت تواضعه العميق، وكانت صلاته العقلية لا تفتر، وسهره متواصلاً. وطلب الى الربّ يسوع في آخر سني حياته الطويلة أن يمنحه عدم النعاس وعدم النوم ليتفرّغ للصلاة بلا انقطاع، فنال تلك النعمة وبقي سنين طويلة لا ينام.وكان شديداً على نفسه في التقشّف، يقضي معظم ايامه صائماً، حتى أضحى أعجوبة زمانه في حياته. ومنحه الله صنع العجائب، وسلّطه على الشياطين، حتى أضحت حياته سلسلة من المعجزات لسمو فضائله.

ومنحه الله معرفة اللغات. لأن زائراً إيطالياً أتاه يوماً وأراد أن يفاتحه بأمور نفسه فلم يستطع بخوميوس أن يفهم كلامه، لأنّه لم يكن يعرف سوى لغة بلاده، أي اللغة القبطية. فصلّى الى الله فوهب له الله معرفة اللغتين اللاتينيّة واليونانيّة، فصار يجيد الكلام بهما.

وانتشر الطاعون في مصر سنة 348، وفتك برهبان بخوميوس، فمات مئة راهب منهم. ولمّا كان بخوميوس بخدمهم بنفسه، أصيب هو أيضاً بذاك المرض. فجمع رهبانه وودّعهم وأوصاهم أن يحافظوا على تعاليمه وإرشاداته. وحذّرهم من مخالطة الهراطقة والإصغاء الى كلامهم. ثم رغب إاليهم أن يختاروا خلفاً له راهباً تقيّاً فاضلاً إسمه يترونيوس. وبعد ذلك رفع عينيه الى فوق، فرأى ملاكه الحارس واقفاً الى جانبه يبسم له. فرسم على ذاته إشارة الصليب، وأسلم الروح بكل هدوء وسكينة في الرابع عشر من أيار (مايو) سنة 348 وبقي الرهبان في مصر يسيرون على قانون بخوميوس الكبير الى القرن الحادي عشر.

وفي مثل هذا اليوم أيضاً : القدّيس أخلفس العجائبي

إنّ مجموعة البولندستيين الصغيرة لا تذكر عنه شيئاً، ولا كتاب "الكنز الثمين". أمّا الأورلوجيون اليوناني،فيذكر أنّه كان من آباء المجمع النيقاوي المسكوني الأول.

 

نياحة البابا أثناسيوس الرسولى الـ20 (بحسب الكنيسة القبطية الارثوذكسية)

في مثل هذا اليوم من سنة 89 ش. (373) تنيح البابا العظيم الأنبا أثناسيوس الرسولي العشرين من باباوات الكرازة المرقسية وقد ولد هذا الأب من أبوين وثنيين نحو سنتي 295 و298 م. وحدث وهو في المكتب أن رأي بعض أولاد المسيحيين يقومون بتمثيل الطقوس المسيحية فجعلوا البعض منهم قسوسا والبعض شمامسة وأحدهم أسقفا فطلب أن يشترك معهم فمنعوه قائلين: أن وثني ولا يجوز لك الاختلاط بنا فقال لهم: أنا من الآن نصراني ففرحوا به وجعلوه عليهم بطريركا وأجلسوه في مكان عال وصاروا يقدمون له الخضوع واتفق عبور البابا الكسندروس في تلك الساعة فلما رآهم علي هذه الحال قال للذين معه عن أثناسيوس لابد أن يرتقي هذا الصبي إلى درجة سامية يوما ما.

ولما مات والد القديس أثناسيوس أتت به أمه إلى البابا الكسندروس فعلمهما أصول الدين المسيحي وعمدهما وفرقا كل مالهما علي المساكين ومكثا عند البابا البطريرك فعلم أثناسيوس علوم الكنيسة ورسمه شماسا وجعله سكرتيرا خاصا له فتضاعفت عليه مواهب الروح واختير للبطريركية في 8 بشنس سنة 44 ش. 5 مايو 328 م. بعد نياحة البابا الكسندروس

وكان البابا الكسندروس قد أوصي بانتخاب أثناسيوس شماسه الذي انفرد مع القديس أنطونيوس أب الرهبان واخذ منه النسك والذي ظهر نبوغه في فضح أريوس في المجمع المسكوني عندما قال أريوس عن السيد المسيح (المشابه في الجوهر) فقال أثناسيوس (المساوي في الجوهر) وبهذا ظهر نبوغه.

ولكن أثناسيوس بعد وفاة البابا اختفي في الجبال -لاعتقاده بعدم أهليته لهذا المركز الخطير- فسعي الشعب وراءه إلى أن عثر عليه وأحضره إلى الأساقفة فرسموه بابا سنة 327 م. وقد شهد سقراط المؤرخ (في ك 2ف 387) قائلًا: "إن فصاحة أثناسيوس في المجمع النيقاوي جرت عليه كل البلايا التي صادفها في حياته".

وبعد أن صار بابا رسم لأثيوبيا أول مطران لها هو الأنبا سلامة فاستقرت الأمور الدينية فيها بعد أن تبعت الكرازة المرقسية.

وقد نفي البابا عن كرسيه خمس سنوات

الأولى

عندما حاول أريوس بعد حرمه أن يرجع ثانية إلى الإسكندرية وقدم للملك قسطنطين خطابا مملوءا بعبارات ملتبسة تأثر بها الملك وطلب من أثناسيوس البابا أعادته فرفض البابا قبوله لما في ذلك من مخالفة لقرار المجمع المسكوني. فقام الأريوسيون بإلصاق بعض التهم بالبابا منها:

1 – انه يساعد البابا فيلومينس الثائر علي الحكومة

2 – انه كسر كأس القس اسكيرا وهدم مذبحه

3 – أنه قتل الأسقف أرسانيوس واستخدم ذراعيه في السحر

4 – أنه اغتصب أيضا راهبة

وقد برأ البابا نفسه من التهمة الأولي وانعقد مجمع في صور ضد البابا أغلبه من الأريوسين ونظر المجمع في التهم ففي الأولي حرك الرب قلب القس اسكيرا الذي اتفق معهم علي شهادة الزور وبرأ البابا. وفي التهمة الثانية حضر الأسقف أرسانيوس عن اتفاقهم الذي اتهم البابا زورا بقتله فحفظه البابا في غرفة مجاورة وكان الأريوسين قد أحضروا ذراعي ميت. وادعوا أنهما لأرسانيوس ولكن أرسانيوس أظهر ذراعيه للجمع وأظهر ندامته فقال الأريوسيون أن أثناسيوس سحار استطاع أن يوجد ذراعين وهاجوا ضده فخرج أرسانيوس من وسطهم ومضي للملك

ثم نظرت تهمة الراهبة وأتوا بفاجرة ادعت هذا الادعاء علي القديس فقال القس تيموثاوس من حاشية البابا " كيف تتجاسرين وتقولين أني نزلت ببيتك وقهرت أرادتك؟ " فظنت أنه أثناسيوس لأنها لم تكن تعرفه وقالت: "أنت هو"، فافتضح أمرها.

أما البابا فلم يستطع مقابلة الملك بسبب تدخل الأريوسين الذين اتهموه لدي الملك أنه يمنع تصدير الغلال من الإسكندرية إلى الملك فأصدر الملك أمره بنفي البابا إلى تريف في فرنسا في 5 فبراير سنة 335 م. حيث قابله أسقفها بإكرام جزيل، ولكن أريوس مات ميته شنيعة كما قال سقراط (ك 1 ف 68) "إنما أمات الله اريوس في مرحاض عمومي حيث اندلقت أمعاؤه وقد اعتبر الشعب هذه الميتة انتقاما للعدل الإلهي، فلما بلغ الملك ذلك عرف براءة البابا وأوصي سنة 337 م. بإعادته وهو علي فراش الموت وقسمت المملكة بعده إلى قسطنطين الصغير علي فرنسا وصارت مصر تابعة لقسطنديوس وإيطاليا إلى قسطاس. وبتوسط قسطنطين رجع البابا سنة 338 م. فاستقبله الشعب بفرح وصار كل بيت ككنيسة.

النفي الثاني

الأريوسين لم يسكتوا، فعقدوا مجمعا حرموا فيه أثناسيوس وعينوا بدله غريغوريوس وبعثوا بالقرار إلى يوليوس أسقف روما فعقد البابا سنة 340 م. مجمعا بالإسكندرية أحتج فيه علي الأريوسين ثم حرر رسالة دورية لجميع الكنائس فظهرت منها براءته، ولكن الأريوسين أثروا علي فيلوغوريوس ليساعد بطريركهم للاستيلاء علي كنائس الإسكندرية وأثروا علي الإمبراطور قسطنديوس أيضا، فأرتاع الشعب الإسكندري وقرر المقاومة إلا أن الأريوسين هجموا علي الكنائس يوم جمعة الصلب وهتكوا العذارى وذبحوا كثيرين من المصلين. فاستغاث البابا بكل الكنائس في العالم وترك كرسيه وسافر إلى روما وانعقد مجمع في سرديكا وقرروا أولا براءةالبابا أثناسيوس، وثانيا تثبيت قانون مجمع نيقية، وثالثا حرم الأساقفة الأريوسين، ورابعا عزل غريغوريوس. وانتدبوا أسقفين ليقابلا الإمبراطور قسطاس حاكم إيطاليا الذي وافق علي ما قرره المجمع وهدد شقيقه بالحرب ان لم يرجع أثناسيوس وفي هذه الأثناء قام الشواذ من المصريين بقتل غريغوريوس سنة 349 م. فعاد البابا إلى كرسيه مرة ثانية واستقبل الشعب البابا كما قال غريغوريوس الثيئولوغي واضع القداس " كان ازدحامها أشبه بالنيل عند فيضانه " وأشار إلى سعوف النخل والابسطة وكثرة الأيدي المصفقة.

النفي الثالث: خروج البابا للمرة الثالثة بسبب قسطنديوس

احتمل الأريوسيون علي مضض رجوع أثناسيوس إلى أن مات قسطاس حاكم إيطاليا وأوغروا صدر قسطنديوس فحكم بمجمع أريوس بنفي البابا أثناسيوس فذهب الجند إلى كنيسة السيدة العذراء التي بناها البابا ثاونا. وكان البابا يصلي صلاة الغروب ويقول " لأن إلى الأبد رحمته فاندفع الجند بشدة إلى داخل الكنيسة للقبض علي البابا لكن الله وضع غشاوة علي عيونهم فلم يميزوه عن الشعب وانطفأت المصابيح وخرج البابا وذهب إلى الصحراء وبقي مدة مع الآباء الرهبان وعين الأريوسيون جورجيوس الكبادوكي أسقفا على الأرثوذكس فلم يقبلوه، فاستولي علي أوقاف الكنائس، إلا أن الوثنيين الذين اضطهدهم قتلوه واحرقوا جسده.

عودة البابا بسبب يوليانس ثم تركه الكرسي للمرة الرابعة.

لم يستمر الحال هكذا فقد مات الإمبراطور قسطنديوس وقام ابن عمه يوليانس وكان يريد أن يجذب قلوب الشعب فطلب إرجاع أثناسيوس فعقد البابا مجمعا سنة 362 م. ووضع شروط قبول الأريوسيين الراجعين كما اهتم بالتبشير وسط الوثنيين فلم يلق هذا قبولا لدي يوليانس الذي كان يحب الوثنيين، فطلب القبض علي أثناسيوس فخرج البابا من الإسكندرية وركب مركبا إلى الصعيد فتبعه الوالي في مركب أخرى ولما اقتربت من مركب البابا سألوا عن مركب البابا أثناسيوس فقالوا أنها كانت ذاهبة إلى طيبة وهو ليس ببعيد عنكم فأسرع الوالي بمركبه في طريقه ولما وصل إلى أقرب مدينة لم يعثر علي أثناسيوس لأنه كان قد اختفي في مكان أخر، وقد تأثر من حوله لكثرة الاضطهادات التي وقعت عليه فأظهر لهم أنه في وقت الاضطهاد يشعر بسلام داخلي وبازدياد شموله بنعمة الله أكثر من الوقت العادي، ثم زاد في قوله " ان اضطهاد يوليانس كسحابه صيف سوف تنقشع وبينما هم في هذه الأحاديث أتاهم الخبر أن يوليانس قد قتل في حرب الفرس وقد قتله مرقوريوس أبو سيفين وقد لفظ الدم من جسده وهو يقول "لقد غلبتني يا ابن مريم "

عودة البابا وانفراده للمرة الخامسة بعيدا عن كرسيه، وذلك في مقبرة أبيه

بعد أن قتل يوليانوس تولي يوبيانس ثم تولي فالنز وكان أريوسيًا وفي سنة 367 م. أصدر قرارًا بنفي البابا فاضطر أن يهجر الإسكندرية ويختفي في مقبرة والده. قتل في أثنائها الملك ثلاثين أسقفا من الموالين لأثناسيوس. ومع هذا رأي صلابة الأقباط فقرر رفع الاضطهاد عنهم وإعادة أثناسيوس إلى كرسيه سنة 368 م.

ومع أن أثناسيوس كان قد بلغ من العمر 72 سنة إلا أنه لم يقصر في واجباته ولثبات البابا في الحق أتي المثل الإفرنجي "أثناسيوس ضد العالم". وللبابا أثناسيوس كتب عدة عن الأريوسيين وفي التجسد وغيرها، وقد قرظ الأنبا قزمان هذه المؤلفات في قوله: من يجد شيئًا منها فليكتبه حالًا علي قرطاس ومن لم يجد فليدونه علي ثيابه، وهذا البابا هو أول من لبس زي الرهبنة من يد القديس أنطونيوس وجعله زيا لكل البطاركة والأساقفة وهو الذي رسم القديس أنطونيوس قسًا فقمصًا وتنيح بسلام بعد أن قضي علي الكرسي المرقسي خمسا وأربعين سنة.

صلاته تكون معنا ولربنا المجد دائما. آمين.

وفي مثل هذا اليوم أيضاً : ميلاد أنبا شنوده رئيس المتوحدين

في هذا اليوم تذكار ميلاد أنبا شنوده رئيس المتوحدين. صلاته تكون معنا ولربنا المجد دائمًا أبديًا آمين.