دينيّة
14 حزيران 2017, 05:30

قدّيسو اليوم: 14 حزيران 2017

تذكار أليشاع النبي (بحسب الكنيسة المارونية) ابن شافاط من مدينة آبل. واذ كان يحرث الارض، مر به ايليا ورمى اليه بردائه. فترك البقر وجرى وراء ايليا. وكان يخدمه فمسحه نبياً، بأمر الرب بدلاً منه، وحاز منه روحاً مضاعفاً وعمل الآيات. ولما ارتفع ايليا الى السماء، عاد اليشاع الى الاردن، وشق مياهه برداء معلمه وجاز فيه على اليبس وبلغ اريحا، وكان ماؤها رديئاً فأصلحه بملحٍ ألقاه في ينبوعها. واقام ابن ارملة من الموت، وكثَّر الزيت لامرأة فقيرة، حتى وفت دينها من ثمنه وعاشت بالباقي مع بنيها. وأشبع مئة رجل من خبز قليل وفَضلَ عنهم. وطهّر نعمان السوري من برصه حين امره ان يغتسل بنهر الاردن، فآمن نعمان وصار من شعب الله. وضرب تلميذه حيجزي بالبرص حين ظهر طماعاً وخائناً له.

 

وقد تنبأ في جوع يأتي على الارض سبع سنين وكان كذلك. ثم توفي اليشاع النبي بعمر مئة وسنتين ودفن في السامرة، قبل مجيء المسيح بثمانمئة وسبع واربعين سنة. صلاته معنا. آمين.

 

تذكار القديس متوديوس الأسقف (بحسب الكنيسة السريانيّة الكاثوليكيّة)

ولد متوديوس في صقليّة سنة 846، من أسرة شريفة غنيّة، فربّاه والداه على التقوى وخوف الله. ثم جاء إلى القسطنطينيّة ليدرس العلوم العالية، وهناك تعرّف إلى راهب فاضل جعله يزهد في العالم ويتجنّد في خدمة الله، فوزّع ماله على الكنائس والمحتاجين.

إستدعاه القديس نيكفورس بطريرك القسطنطينيّة، ورقّاه إلى درجة الكهنوت، فأخذ يضطرم غيرة على خلاص النفوس. وكانت بدعة محاربي الأيقونات قد عاثت في الأرض فساداً، فطفق يحارب مبتدعيها بعزم وثبات.

وحمل متوديوس رسالة من البطريرك نيكفورس إلى البابا لاون الثالث يتشكّى فيها من تلك البدعة. ولبث متوديوس في روما إلى أن قتل ميخائيل الألثغ الملك لاون الأرمني وجلس مكانه. فرسم البابا لاون متوديوس أسقفاً وأعاده إلى القسطنطينيّة. فحاول الملك الجديد أن يستميله إلى بدعته فلم يذعن له، فغضب وأمر بجلده جلداً قاسياً وطرحه في السجن حيث لبث تسع سنوات إلى أن مات الملك ميخائيل.

وخلفه على العرش إبنه تاوفيلوس، وكانت زوجته كاثوليكيّة فحملته على إرجاع الأساقفة المنفيين، فخرج متوديوس من السجن. إلاّ أن يوحنّا البطريرك الدخيل سعى به لدى الملك فقبض عليه وجلده.

 وفي هذا الأثناء مات تاوفيلوس وخلفه إبنه ميخائيل الثالث، وهو حديث السن، فتسلّمت أمّه تاودورة زمام الملك وكانت متمسّكة بإيمانها الكاثوليكي. فأعادت السلام إلى الكنيسة وطردت كل أسقف دخيل، وأرجعت الأساقفة إلى كراسيهم، وأبعدت عن القسطنطينيّة البطريرك يوحنّا، وأخذت تبحث عمّن فيه كل الكفاءة للبطريركيّة، فوقع إختيارها مع البلاط والأساقفة الكاثوليكي على متوديوس فأقاموه بطريركاً على القسطنطينيّة. فانبرى يواصل جهاده في سبيل شعبه بكل ما أوتيه من غيرة رسوليّة وعلم وافر، ولبث هذا المجاهد العظيم متوديوس بطريركاً أربع سنين وثلاثة أشهر. ثم رقد بالرب سنة 916.

 

القديس النبي أليشع(بحسب الكنيسة الارثوذكسية)

أليشع معناه "الله يخلص" او "الله يساعد"، هو تلميذ إيليا النبي وخليفته، وفاق معلمه إيليا بعدد من المعجزات التي أتاها ، بنعمة الله، وطابعها المدهش.وقد ورد أنّ روح النبوّة كان يحلّ عليه، أحيانا، على عزف العود.

لقيه إيليا أول أمره، كان يحرث وقدّامه  اثنا عشر فدّان بقر،للحال ترك البقر ولحق  ومضى وراء إيليا وكان يخدمه. ودامت خدمته لإيليا ثماني سنوات.عبرا الأردن معا على اليبس. وفيما هما يسيران فصلت مركبة ناريّة وخيل من نار ما بينهما وصعد إيليا في العاصفة إلى السماء. ورجع أليشع قبالة الأردن و بقي في أريحا فجاءه رجال المدينة وسألوه العون، لأن مياه المدينة رديئة والأرض مجدبة، فخرج إلى نبع الماء وطرح الملح فيه فبرئت المياه باسم الربّ.

ومن أعمال الرحمة التي صنعها ، فيض الزيت في بيت امرأة من نساء بني الأنبياء، حين طلبت عونه في إيفاء دين على زوجها الذي توفي. وهددها المرابي في أخذ ولديها عبدين. وقال لها رجل الله ان تبيع الزيت وتوفي الدين.اما صنيعه الطيب للمرأة الشونيمة التي أكرمته بإيوائه، فكان أن أعطاها ابنا بنعمة الله. وحين مرض ومات الولد  أضجعته أمه على سرير رجل الله، وانطلقت إليه في جبل الكرمل، فعاد معها وصلى إلى الربّ الإله. ودفع الصبي حيا إلى أمه. وفي الجلجال، على الطريق بين أورشليم والسامرة، شفي أليشع الطعام في القدر وأطعم بني الأنبياء حين كان جوع في الأرض.  وشفي أليشع نعمان رئيس جيش ملك آرام. وذات يوم وجد أليشع في دوثان، فأرسل يقول لملك إسرائيل ان يحذر العبور في الموضع الذي كان يفترض أن يمر به، لأن الآراميين حالّون هناك. وحدث بعد ذلك أن بنهدد الآرامي حاصر السامرة فكان الجوع فيها شديدا، حتى أخذت النساء تأكلن أولادهنّ. فحنق الملك على أليشع وأراد أن يقطع رأسه. فأرسل رجلا يتمّم قصده، فدرى أليشع بالأمر، بنعمة الله، وقال للشيوخ الجالسين في بيته أن يغلقوا الباب ويحصروا الرجل .و لم يرق الجندي كلام رجل الله بأنّ الخير سيفيض في الغد وستهبط الأسعار هبوطا كبيرا، فسخر منه.ولما تحققت نبوءة أليشع ، داس الشعب الجندي ومات كما قال رجل الله. على ذلك تنبأ أليشع بجلوس حزائيل على عرش مملكة آرام وتكلّم على انتصارات يوآش ملك إسرائيل ومسح ياهو ملكا على إسرائيل فأباد كل بيت آخاب، الملك المنافق.
ومات أليشع فدفنوه. وكان غزاة موآب يدخلون الرض عند دخول السنة. فإذ حدث للسكان أنهم كانوا يدفنون رجلا، إذا بهم يرون الغزاة مقبلين. فطرحوا الرجل في قبر أليشع. فلمذا نزل الرجل ومسّ عظام اليشع عاش وقام على رجليه.

وفي مثل هذا اليوم أيضاً : أبينا الجليل في القديسين مثوديوس المعترف بطريرك القسطنطينة

أصله من سراكوزة الصقلية. من عائلة غنية. في سن البلوغ انتقل إلى القسطنطينية ملتمساً أسباب الرفعة. التقاه ناسك شيخ وأوحى إليه بالسعي إلى المجد الذي لا يزول بأن يحمل صليبه ويسلك في إثر المسيح. انضم إلى دير خانولاكوس في بيثينية. امتاز بطاعته ونسخه الجميل للمخطوطات. انضم إلىالقديس البطريرك نيقيفوروس. صار رئيس شمامسة ثم رئيساً لديره. بقي يسوس خرافه حسناً إلى أن حمل الإمبراطور لاون على الإيقونات ومكرميها سنة 815م. في تلك الحملة أطيح بالبطريرك نيقيفوروسوجرى نفي المعترفين أو لجأوا إلى القفار. مثوديوس توجه إلى رومية لا هرباً من الاضطهاد بل سعياً إلى الدفاع عن الإيمان القويم لدى أسقفها في زمن الإمبراطور ميخائيل الثاني (820م) عاد إلى القسطنطينية وعمل على إطلاق سراح القديس نيقيفوروس والدفاع عن الأرثوذكسية. اتهمه الإمبراطور بإثارة النعرات. أنزل به سبعمائة جلدة ثم ألقاه في السجن في جزيرة القديس اندراوس في رأس أكريتاس بمعية فاعلي سوء. أحد رفيقيه قضى في غضون سنة فكابد القديس انحلال جسده أمام عينيه. معاناة القديس كانت كبيرة، نُقل إلى جزيرة أنتيغوني في أرخبيل الأمراء. تسنى له أن يجري اتصالات بمعترفين آخرين كالقديس ميخائيل سنجلوس (18 كانون الأول) والأخوين غرابتوس (11 تشرين الأول و27 كانون الأول). بعد تسع سنوات من الاعتقال احتاج الإمبراطور ثيوفيلوس إلى من يفسر له أمراً كتابياً صعباً. أشير عليه بمثوديوس. ذلل القديس الصعوبة بيسر. استدعاه ثيوفيلوس إلى القسطنطينية. أراده بقربه لينتفع من علمه. كان الإمبراطور يأخذه معه في حملاته العسكرية وتنقلاته مستفيداً من نصائحه. صيته بين علية القوم والناس كان في انتشار. لم يُطلق سراحه إلا في العام 842م إثر وفاة ثيوفيلوس وبأمر ولية العرش ثيودورة. عاد إلى الحياة النسكية. أتعاب السجن والمنفى جعلت شعره يسقط وجسده ينحل. صار، في الهيئة، كالجثة لكن كلمة الرب كانت قوية في فمه.

في آذار 843 اختير بطريركاً على القسطنطينية محل البطريرك الهرطوقي يوحنا غراماتيكوس. أحاط نفسه بالمعترفين واختار بعضاً منهم أساقفة. بإيعاز من القديس يوانيكيوس ورعاية الإمبراطورة ثيودورة التقى المعترفون حول القديس مثوديوس يوم الجمعة من الأسبوع الأول من الصوم واشتركوا في سهرانة في كنيسة الحكمة المقدسة وسألوا الرحمة لثيوفيلوس الذي أكدت ثيودورة أنه تاب عن غيه وهو على فراش الموت. ثم في الأحد التالي، 11 آذار 843 جرى التطواف بالإيقونات، ايتعادة لها وتعبيراً عن انتصار الأرثوذكسية. مذ ذاك صار الأحد الأول من الصوم الكبير ذكرى لانتصار الإيقونات والأرثوذكسية على الهرطقات.

بعد ذلك واجه مثوديوس محاولات للإطاحة به من جانب فلول محاربي الإيقونات. حاول هؤلاء الطعن بعفته فلم ينجحوا. اهتم بتنقية البطريركية منهم. كانت له مواجهة مع رهبان دير ستوديون لاسيما حين طالبهم بإتلاف كتابات للقديس ثيودوروس الستوديتي ضد سابقيه من البطاركة، طراسيوس ونيقيفوروس. جعل حرماً عليهم. بدا كأن هناك انشقاقاً بين الأرثوذكسيين. الروية، في نهاية المطاف، غلبت وعاد البطريرك إلى الاعتدال. كان، يومذاك، على أهبة المغادرة إلى ربه. رقد بسلام في 14 حزيران سنة 847م. ووري الثرى في كنيسة القديسين الرسل.

 

تذكار القديس أليشع النبي (بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)

لماّ انحطّت مملكة داوود وسليمان إنقسمت إلى شطرين، فبقي سبطا يهوذا وبنيامين مع ملوك يهوذا، وبقيت أورشليم عاصمةً لهم، وذهبت الأسباط العشرة الأخرى لوحدها مع ملوك إسرائيل وجعلوا السامرة عاصمةً لهم. فأرسل الله إلى هذه المملكة الحديثة أنبياءه، إيليّا النبي الغيّور أولاً، ثم تلميذه ومكمّل عمله إليشع، لكي يمنعا تسرّب الوثنيّة إلى تلك الأسباط العشرة، ويثبّتاها في عبادة الله الحق وحفظ شريعته والقيام بما أمر به موسى عبده.                                                                                                                                                                                                                   

أمّا النبي أليشع فإنّه لمع بالعجائب الباهرة التي أجراها الله على يده، تثبيتاً لرسالته.

أن الله يدعو إلى خدمته من يشاء، وكما يشاء، من غير سابق فضلٍ من الإنسان ولا حق له. ولقد يختار الفلاّح والحرّاث وصيّاد السمك والعشّار، وإبن القرية نظير أرميا، وإبن الملوك نظير أشعيا، وينفخ فيهم روحه القدوس، ويرسلهم للخدمة، فيحملون كلمته إلى الشعوب والأمم.

وبقي أليشع يخدم إيليّا مدّة ثماني سنوات، إلى أن ارتفع إيليّا إلى السماء على مركبة من نار وخيلها من نار. وكان إيليّا قد قال لتلميذه أليشع: "سلني ماذا أصنع لك قبل أن أوخذ عنك. فقال أليشع: ليكن لي سهمان في روحك. قال: قد سألت أمراً صعباً. إن أنت رأيتني عند ما أوخذ من عنك يكون لك ذلك، وإلاّ فلا". فلمّا ارتقى إيليّا إلى العلاء أبصره أليشع وصرخ. يا أبي، يا أبي، يا مركبة إسرائيل وفرسانه. ثم غاب إيليّا عنه بعد أن رمى إليه بردائه.

فحمل إليشع رداء إيليّا وجاء إلى الأردن ليعبره على اليبس، كما كان قد عبره إيليّا قبل صعوده. فضرب المياه بذلك الرداء فانقلبت إلى هنا وهناك، وعبر أليشع على اليبس وهكذا بدأ رسالته الأعجوبة الباهرة.

وتمّت للنبي أليشع نبوءات ومعجزات كثيرة، منها أنّه ضرب بالعمى عسكر ملك أرام، وتنبّأ عن جلوس حزائيل على سرير مملكة أرام وعن إنتصارات يوآش ملك إسرائيل، ومسح ياهو ملكاً على إسرائيل فأباد كل بيت آحاب الملك المنافق. وما زال النبي العظيم يجلّه الجميع في يهوذا وإسرائيل وأدوم وأرام حتى رقد بالرب، بعد أن بقي نبيّاً مدّة ستين سنة.

وفي مثل هذا اليوم أيضاً: الجليل في القديسين مثوذيوس رئيس أساقفة القسطنطينيّة

ولد مثوذيوس في مدينة سيراكوزا الشهيرة من أعمال جزيرة صقلّية، في أواسط القرن الثامن. وكان أبواه من أغنياء وأشراف تلك البلاد. فنشأ مثوذيوس في ذلك النعيم، وتربّى تربية حسنة، وتثقّف في أنواع العلوم، فنبغ فيها، وصار ممّن يُشار إليهنّ بالبنان.

وطمع في غنىً أوسع وشهرةٍ أعظم، فترك مدينته وركب البحر وأقلع يريد القسطنطينيّة، وكانت قبلة جميع المطامع البشريّة. وكان يعلّل النفس بالوصول إلى ما كانت تصبو إليه نفسه من وظائف عالية وسطوة رفيعة، فيصبح رجل الدنيا، صاحب الجاه الكبير والغنى الوفير، والكلمة النافذة والشهرة الواسعة.

إلاّ أن الله كان يريد له بدل غنى الدنيا كنوز الآخرة، وبدل نعيم الدنيا صليب الجلجلة. فهيّأ له صديقاً راهباً أخذ يختلف إليه، فتوثّقت بينهما عرى المودّة. ورأى ذاك الراهب بعينه الثاقبة أن مثوذيوس لو كرّس لله ما له من سعة العقل وغزارة العلم وقوّة العارضة واندفاع الشباب لكان علماً خفّاقاً بين أعلام جيوش الرب. فما زال به يتودّد إليه حتى أضحى له مثوذيوس الصديق الحميم والرفيق الكريم، لا يأنس إلاّ به ولا يسمع إلاّ لكلامه.

فقال له الراهب يوماً: ماذا تبغي، يا أخي، من ركضك وراء هذه الدنيا؟ أتريد مجداً وشرفاً لا يلبثان أن يغربا ويزولا؟ أمّا الأجدر بك أن تسعى وراء خيرٍ دائم، وسعادة لا يشوبها خوف ولا كدر ولا فناء؟ إنّما المجد الحقيقي في الإمتثال لوصيّة السيّد له المجد، إذهب وبع كل شيء لك وأعطه للمساكين، واحمل صليبك واتبعني.

فكان لتلك الكلمات وما ماثلها، في قلب مثوذيوس، أثرها الفعّال. فذهب وباع كل شيء له، ووزّعه على الكنائس والفقراء والمحتاجين، ومضى إلى الدير، يطلب الكمال الإنجيلي عن طريق الفقر والطاعة والصوم والصلاة.

وقضى مثوذيوس السنين الطوال في السعي وراء الفضائل الرهبانيّة السامية، حتى وصل إلى درجةٍ رفيعة من الكمال.

فاتّجهت إليه الأنظار، وأراد القديس نكفورس البطريرك القسطنطيني أن لا يبقى ذلك السراج الساطع الضياء بين جدران الدير، بل طلبه إليه ورسمه كاهناً وضمّه إلى إكليرسه. فشقّ على ذلك الراهب القديس أن يترك صومعته وخلوته ونعيم تلك الحياة الملائكيّة لينزل إلى ميدان الجهاد، بعد أن ودّع الدينا إلى الأبد، لكن الواجب دعاه فلبّي الدعوة. دعاه إلى حمل الصليب فكان رجل التضحية والبسالة.

تكلمنا غير مرّةٍ على العهد الدموي الذي امتازت به أيام الملك لاون الأرمني، وكيف هذا الملك العاتي ما كاد يتسلّم زمام الملك سنة 831، حتى شهر الحرب على الكنيسة الكاثوليكيّة وعلى عبادة الأيقونات، وقام يضطهد الأساقفة والكهنة والرهبان والمؤمنين. وكان من جملة ضحاياه البطريرك نكفورس القديس. ولمّا اضُطرّ هذا البطريرك المعترف أن يغادر القسطنطينيّة ويترك رعيّته ويذهب إلى المنفى أرسل مثوذيوس إلى رومة إلى الحبر الأعظم، وزوّده برسالة، ووكّل إليه أن يعرض على أبي المؤمنين ما وصلت إليه حالة بلاد الشرق من الدماء بسبب هرطقة محاربي الأيقونات.

فسافر مثوذيوس إلى رومة، وقابل الحبر الأعظم لاون الثالث، ودفع إليه رسالة البطريرك، وأوقفه على ما آلت إليه الكنيسة الشرقية من التضعضع والتفكّك.

فكتب البابا لاون إلى الملك لاون الأرمني، يدافع عن الإيمان المستقيم المقدّس، ويسأله أن يرفع الضيم عن الأساقفة المخلّصين للمجمع النيقاوي وإعادة البطريرك نكفورس إلى رعيّته فلم يعِر الملك تلك الرسالة إهتماماً، وبقي جادّاً في ضلاله مسترسلاً في غروره.

فبقي مثوذيوس في رومة، وعكف هناك على العيشة الرهبانيّة، ولبث يشكر ويبارك الله الذي يخرج من الظلمة نوراً ومن الشر خيراً. وهكذا أتاح له إضطهاد لاون الأرمني للكنيسة وللبطريرك نكفورس، أن يعود إلى سكينة الخلوة ولذائذها. ولبث مثوذيوس ينعم في رومة بالهدوء والسكينة، حتى قُتل الملك لاون الأرمني في الكنيسة، ليلة عيد الميلاد سنة 820، بسيف مخائيل الألثغ الذي خلفه على سريرالملك.

فكتب الحبر الأعظم إلى الملك الجديد رسالةً رائعة، وطلب منه فيها إعادة الأساقفة المنفيين إلى كراسيهم. وحمل مثوذيوس تلك الرسالة وجاء بها إلى القسطنطينيّة ودفعها إلى الملك. لكن هذ أيضاً كان هرطوقيّاً ومحارباً للأيقونات. فلمّا مثل مثوذيوس بين يديه أخذ الرسالة منه وطرحها جانباً، وجعل يدعو مثوذيوس نفسه إلى بدعته. لكن مثوذيوس كان أرفع من أن يطمع في رضى ملكٍ هرطوقي مضطهد، فانبرى يدافع عن الإيمان الكاثوليكي بصراحةٍ أثارت غضب الملك. فأمر به، فضربه الجلاّدون بالسياط ضرباً عنيفاً، حتى أسالوا دماءه وأوشكوه أن يميتوه تحت الضرب. ثم طرحوه في سجن مظلم ومنعوا عنه الأكل والشرب، إلاّ ما كان ضروريّاً للحياة.

فتهلّل قلب ذلك البطل القديس لما ناله من العذاب في سبيل إيمانه وإلهه. واتّخذ السجن منسكاً جديداً له، بدأ يمارس فيه أسمى الفضائل المسيحيّة مع الصوم والصلاة والتضرّع إلى الله، لكي يتحنّن على الكنيسة ويعيد إليها السلام والطمأنينة. ولبث مثوذيوس في سجنه تسع سنوات، إلى أن مات الملك ميخائيل الطاغية وخلفه على العرش إبنه ثاوفلس. وكان لهذا زوجة تقيّة فاضلة كاثوليكيّة. فحملت زوجها الملك الجديد على إعادة  الأساقفة المنفيين وفتح أبواب السجون أمام المعتقلين. فخرج مثوذيوس من السجن. أمّا البطريرك نكفورس فكان قد رقد بالرب.

وكان إذ ذاك على الكرسي القسطنطيني يوحنّا البطريرك الدخيل، صنيعة لاون الأرمني ومحارب الأيقونات. فلمّا رأى أن مثوذيوس عاد يجاهد في سبيل الإيمان الكاثوليكي ويحمل المؤمنين على التمسّك بعرى الدين القويم، شكاه إلى الملك ثاوفلس، وكان هذا من محاربي الأيقونات أيضاً. فقبض عليه الملك وتهدده. ولمّا لم يرعوِ ملم يسكت أمر به، فجُلد أيضاً جلداً شديداً وسالت دماؤه حتى كاد يفقد الحياة.

وما زالت الكنيسة تئن وتتضرّع حتى مات ثاوفلس سنة 842، وخلفه إبنه الصغير ميخائيل الثالث، وكان حديث السن. فتسلّمت أمّه ثاوذورة زمام الملك. وكانت ثاوذورة إمرأة تقيّة متعبّدة، فأسرعت وأعادت السلام إلى الكنيسة، وطردت كل أسقفٍ دخيل، وأرجعت الأساقفة المنفيين إلى كراسيهم. وأبعدت عن القسطنطينيّة يوحنّا البطريرك الهرطوقي الأثيم، وأخذت تسعى لتجد رجلاً جليلاً مكمّلاً بالفضائل، مزيّناً بالصفات السامية، فتقيمه على الكرسي القسطنطيني.

فوقع إختيار ثاوذورة والبلاط والأساقفة الكاثوليك على مثوذيوس، لأنّه كان رجل الساعة، بما قاساه من الإضطهاد وما إحتمله من الآلام. فأقاموه رئيس أساقفة القسطنطينيّة.

فما  كاد مثوذيوس يصعد إلى ذلك الكرسي ويرى الخراب الذي أحدثته الإضطهادات مدّة ثلاثين سنة حتى بدأ يبني ويغرس ويقلع ويهدم، ويعيد إلى طاعة الرب شعباً كان قد تاه في ضلاله.

وبقي مثوذيوس بطريركاً أربع سنوات فقط. ثم رقد بالرب، وذهب لينضمّ إلى طغمة الرعاة المعترفين، الذين ينعمون مدى الدهور مع الراعي الأكبر في الأمجاد الدائمة العلوية.

 

استشهاد القديس ابسخيرون الجندى القلينى (بحسب الكنيسة القبطية)

في مثل هذا اليوم استشهد القديس الجليل أبسخيرون الجندي الذي من قلين. وكانت من جند إريانا والي أنصنا. ولما صدرت أوامر دقلديانوس بعبادة الأوثان برز هذا القديس في وسط الجمع الحاضر مبينا ضلال الملك لاعنا أوثانه فقبضوا عليه وأودعوه السجن الذي كان في قصر الوالي بأسيوط فاتفق معه خمسة من الجنود (ألفيوس وأرمانيوس وأركياس وبطرس وقيرايون) علي أن يسفكوا دمهم علي اسم المسيح فلما مثلوا أمام الوالي أمر بتقطيع مناطقهم وتعذيبهم وصلب بعضهم وقطع رؤوس الآخرين، وأما القديس أبسخيرون فقد عذبه الوالي بمختلف العذابات ولكن الرب كان يقويه ويصبره ويشفيه من جراحاته، واستحضر ساحرا يسمي اسكندر، ليقدم للقديس شيئا من السم القاتل، قائلا يا رئيس الشياطين اظهر في هذا المسيحي قوتك، فتناول القديس السم ورسم عليه علامة الصليب وشربه فلم ينله أي آذى , فتعجب الساحر وآمن بإله القديس أبسخيرون فقطع الوالي رأس الساحر ونال إكليل الشهادة. أما القديس فقد ازداد الوالي غضبا عليه وبعد أن عذبه كثيرا أمر بقطع رأسه أيضا فنال إكليل الشهادة

صلاته تكون معنا. ولربنا المجد دائما. آمين.