دينيّة
10 آب 2017, 05:30

قدّيسو اليوم: 10 آب 2017

تذكار لورنسيوس الشهيد (بحسب الكنيسة المارونية) ولد في اسبانيا سنة 212 من ابوين امتازا بالتقوى والعبادة. ودرس العلوم العصرية والبيعية، حيث تعرف الى شاب اسمه سيكستوس وقد توثقت عرى الصداقة بينهما. ثم جاء لورنسيوس الى روما لمتابعة دروسه وكان صديقه سيكستوس قد اصبح حبراً اعظم باسم سيكستوس الثاني، فجعله رئيساً لشمامسته واتخذه الساعد الايمن له في ادارة الشؤون الزمنية وتوزيع الاسرار، فقام بوظيفته هذه احسن قيام، يهتم بالفقراء والايتام والمرضى والعذارى اللواتي يكرسن نفوسهن لخدمة الله.

 

ولما اثار الملك فاليريانوس الاضطهاد على المسيحيين، أمر بالقبض على البابا سيكستوس واجباره على تقديم البخور للاوثان، او سوقه الى العذاب، فساقوه الى السجن فلحقه لورنسيوس وهو يقول:" الى اين تذهب يا أبي، دون ولدك، فاني لم أكن لافارقك في الحياة، فلست ارضى ان افارقك في التضحية والممات". فأجابه الحبر القديس:" لست اتركك يا ولدي، فان الله قد اعد لك جهاداً اعظم من جهادي، فسوف تلحقني بعد ثلاثة ايام".

فرجع لورنسيوس وقلبه يقطر دماً، تائقاً الى مشاركة ابيه في الاستشهاد، واخذ يفتقد المسيحيين الذين في الكهوف والمخابئ والدياميس يؤآسيهم ويشجّعهم، مستتراً باجنحة الظلام يصرف الليل كله بافعال الرحمة ومؤاساة المظلومين.

وفي الغد رأى البابا مساقا الى محل العذاب، فقال له:" لا تتركني، يا ابي، فقد صنعت كل ما امرتني به ووزعت كنوزك على الفقراء". فسمع الجند كلمة كنوز، فقبضوا على لورنسيوس واخبروا الملك فاليريانوس بذلك. فاستحضره وسأله: اين اخفيت الكنوز؟. فلم يجبه. فسجنه. وكان في السجن رجل اعمى ابرأه لورنسيوس بعد ان آمن واعتمد. فذاع الخبر في المدينة، واتى العميان الى سجن لورنسيوس يطلبون منه نعمة البصر. فأبرأهم بصلاته واشارة الصليب المقدس.

وارسل الملك في طلب لورنسيوس، وطالبه بالكنوز. فطلب لورنسيوس مهلة ثلاثة ايام، فأعطاه المهلة المطلوبة واطلقه. فمضى وجمع كل من كانت الكنيسة تعولهم وتتصدق عليهم من عميان وعرج ومشوهين وفقراء وبعد ثلاثة ايام جاء بهم الى الملك وقال له:" هذه هي كنوزنا ايها الملك، لان الرحمة والصدقة على هؤلاء تجعل لنا كنوزاً في السماء لا تفنى". فاغتاظ الملك وامر بجلده وتعذيبه والقديس يمحد الله.

اخيراً امر الملك ان يعرى لورنسيوس من ثيابه ويشوى جسمه. ولما اكلت النار جنبه الاول قال للملك:" قد اكلت النار جنبي الاول فأدرني على الجنب الثاني". ثم رفع عينيه الى السماء وصلى من اجل ارتداد روما الى الله. واسلم الروح فوق النار يحترق سنة 259. صلاته معنا. آمين.

 

لورنستيوس الشهيد (لورنسيويس)(بحسب الكنيسة السريانية الكاثوليكية)

ولد في إسبانيا سنة 212 من أبوين إمتازا بالتقوى والعبادة، ودرس العلوم العصرية والبيعية حيث تعرّف إلى شاب إسمه سيكستوس وقد توثّقت عرى الصداقة بينهما. ثم جاء لورنسيوس إلى روما لمتابعة دروسه، وكان صديقه سيكستوس قد أصبح حبراً أعظم بإسم سيكستوس الثاني فجعله رئيساً لشمامسته واتّخذه الساعد الأيمن له في إدارة الشؤون الزمنية وتوزيع الأسرار. فقام بوظيفته هذه أحسن قيام، وهو يهتم بالفقراء والأيتام والمرضى والعذارى اللواتي يكرسن نفوسهن لخدمة الله.

ولمّا أثار الملك فليريانوس الإضطهاد على المسيحيين، أمر بالقبض على البابا سيكستوس وإجباره على تقديم البخور للأوثان أو سوقه إلى العذاب، فساقوه إلى السجن. فلحقه لورنسيوس وهو يقول: "إلى أين تذهب يا أبي دون ولدك؟ فإنّي لم أكن لأفارقك في الحياة، فلستُ أرضى أن أفارقك في التضحية والممات". فأجابه الحبر القديس قائلاً: "إن جهاداً أشد وأصعب من هذا وغلبة أعظم من هذه ينتظرانك أنت الذي توجد الآن في عنفوان الشباب والقوّة، وستلحقني بعد ثلاثة أيام". ثم أوصاه أن يهتم بتقسيم أموال الكنيسة على ذوي الفاقات، وحثّه على الإسراع في ذلك خوفاً من أن يسلبها الوثنييون.

وكان لمّا سمع الجنود بخبر الكنوز قبضوا على لورنسيوس واستاقوه إلى الحاكم، وأخبروه بما سمعوا. ففرح الحاكم وسأل لورنسيوس قائلاً: "قد بلغني أن عندكم آنية من ذهب ومن فضّة، فنحن نحتاج إليها لتجهيز العسكر بثمنها"، فأجابه لورنسيوس بهدوء وقال: "كنيستنا غنيّة بالحقيقة بحيث أن الملك نفسه ليس في كنوزه مثل هذه الأشياء الفاخرة التي عندنا. فإن أمهلتني ريثما أرتّبها أريتك جانباً منها". فأمهله إلى ثلاثة أيام وهو لم يدرك المعنى الذي قصده لورنسيوس. فأخذ لورنسيوس يطوف المدينة كلّها ويجمع الفقراء وذوي الفاقات الذين كانت الكنيسة الرومانية تعولهم وتقوم بهم.

فلمّا جاء اليوم الثالث جمع عدداً غفيراً من عميان ويتامى وارامل وذهب بهم إلى قصر الحاكم وقال له: "هو ذا قد أتينتك بكنوز الكنيسة وهي كنوز كثيرة وافرة توجد في كل مكان. ومن أحبّ أن يقتنيها يتمكّن بسهولة الحصول عليها" فغضب الحاكم من سخرية لورنسيوس به وأمر أن يخلعوا عنه ثيابه ويمزّقوا لحمانه بأمشاط حديديّة. ثم أحضر جميع آلات العذاب التي كانوا يعذّبون بها الشهداء ووضعها أما عيني لورنسيوس وتهدّده بأن يذيقه عذاباتها جميعاً إن لم يسجد للآلهة ويسلّمه كنوز الكنيسة. فأجابه: "إعلم يا هذا إنّ العذابات هي فرح لي ومنذ زمن مديد أتوق إليها". ولدى هذا الجواب، أمر الحاكم بجلده. وبينما هو يُجلَد قال للحاكم: "وتحقق بأن كنوز يسوع المسيح هي إيماني". فلمّا سمع الحاكم هذا المقال أمر فعلّقوه في الهواء وكوّوا جنبيه بقيود حديدية محميّة في النار.

ولكن القديس لم يلتفت إلى هذا العذاب بل بقي صامتاً وساكنًا. فجلدوه ثانية بأسواط معقّدة بالرصاص بقساوة بربرية، ظنّ القديس أنّه سيسلّم روحه في هذا العذاب، ولكن الحاكم أمر به بأن يمددوه على مركبة حديدية ويخلعوا أعضاءه ويهمّشوا جسمه بأظافير حديدية، ولكن الشهيد الباسل والثابت لم يُغلب، بل كان يصلّي إلى الرب الذي كان يعزّيه بواسطة ملاكه. ثم أمر الحاكم فهيّأوا مشواة من حديد ووضعوها على النار وعَرّوا لورنسيوس من ثيابه وشدّوه على المشواة بحيث لا تلمس النار لحمه إلاّ قليلاً قليلاً.

وقد قال مار أوغسطينس: "إنّ لورنسيوس لشدّة حبّه ليسوع المسيح لم يعبأ بالأذيّات التي قاساها بل هان عليه العذاب وتحوّل إلى هناء". وبعد فترة قال للوالي بكل هدوء: " قد انشوى جسمي كفاية من هذه الناحية فاقلبه إلى الناحية الأخرى: فقلبوه. ثم بعد برهة قال: "قد انشوى لحمي كلّه فتعالوا كلوا منه". ثم رفع طرفه إلى السماء وصلّى بحرارة وسأل الرب في إرتداد مدينة روميّة عن عبادة الأوثان. وطلب ذلك بشفاعة القديسين بطرس وبولس اللذين قدّساها بدمهما، ثم أسلم روحه سنة 259. وكثيرون من الحاضرين آمنوا بالمسيح لدى مشاهدتهم جهاد لورنيسوس العجيب.

وفي الغد حمله المسيحيون إلى المقبرة ودفنوه بإحتفال، ولم يبارحوه مدّة ثلاثة أيام قضوها بالصوم والصلاة والدعاء حول قبره. ثم إنّ الملك قسطنطين الكبير شيّد له كنيسة فاخرة في مكان قبره توجد إلى يومنا هذا وهي من أشهر كنائس روما. واعلم إنّ الآباء بأسرهم قد أسهبوا في وصف جهاد لورنسيوس وذكروا عدداً لا يحصى من الآيات التي جرت على يده في كل زمان ومكان.

 

 الشهداء سيكستوس الثاني الرومي ولافرنديوس رئيس الشمامسة وهيبوليتوس (بحسب الكنيسة الارثوذكسية)

كان الأمبراطور استفانوس الاوّل ينظر، بعطفٍ، الى المسيحيّين، لكنّه ما لبث ان وقع تحت تأثير السحرة فأصدر مرسومًا منع فيه الممارسة العامّة للعبادة المسيحيّة. وطالب الإكليروس جميعًا بتقديم الأضاحي للآلهة، مهددًا بنفيهم، وكان اول ضحايا هذا الاضطهاد القدّيس استفانوس، وما لبث ان تكثّف الاضطهاد وصدر مرسوم قضى بإعدام الأساقفة والكهنة والشمامسة، وعلى هذا جرى إيقاف القدّيس سيكستوس الثاني وفي الطريق التقاه لافرانديس رئيس شمامسته، الذي اراد مرافقته فقال له سكستوس ان هناك جهاد ينتظرك، فأسند اليه العناية بإدارة خزينة الكنيسة.

أتمّ لافرانديوس المهمة الموكلة اليه فشفى مرضى وغسل أقدام المؤمنين على غرار السيد. وما لبث ان استاقه الجنود وسلم الى القاضي هيبوليتوس، الذي سأله ان يسلمه الكنوز التي لديه فطلب ان يعطى ثلاثة ايام وان تفرز له عربات لهذا الغرض، وفي تلك الاثناء استدعى هيبوليتوس عميانا وعرجا ومرضى وبائسين من كل لونن اركبهم العربات وجاء بهم الى القصر الملكي واعلن "هذه هي الكنوز الأبدية للكنيسة، لا تنقص وتزيد ابدا".

فصاح فاليريانوس :"ضحّ للآلهة وانس ما تلجأ إليه من سحر، أجابه القدّيس ان ليس ما يجعله يؤثر عبادة الشياطيين على خالق الكل، فسلم للتو للتعذيب، وابدى من الصبر قدرا وافرا، حيث اهتدى احد الجنود المدعو رومانوس وصير الى إعدامه على الفور.

دعي لافرانديوس، للمرة الأخيرة، للتضحية للآلهة فرفض وامر بتجريده من ثيابه ومدّه على ما يشبه السرير الشبكي فوق مجمرة، وبعد عذاب لم يثنيه عن جهاده، لفظ صلاته الأخيرة واسلم الروح. 
خرج به القاضي هيبوليتوس سرا الى ملكية الأرملة كيرياكي لمواراته الثرى.

استاق جمع من الجند هيبوليتوس الى الأمبراطور الذي وعده بكرامات عظيمة لكنه تمنى ان يتشرف بالخدمة في عسكر المسيح. فأوثق الى خيل برية جرّرته طويلا، وعلى هذه الصورة حاز إكليل الظفر. وما لبثت ان لحقت به مرضعته واهل بيته الذين هداهم.

هؤلاء استشهدوا عام 258م.

 

تذكار القديس الشهيد لورنسيوس رئيس الشمامسة (بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)

ولد لورنسيوس في بلاد اسبانيا في أوائل القرن الثالث، من أبوين قد تزيّنا بالتقوى وحسن العبادة. وكان أبوه يُدعى أورنسيوس، وأمّه باشنسيا. ولا تزال مدينة هويسكا تعيّد كل سنةٍ لهما، في أول يوم من شهر أيار لما خلّفا فيها من عبير القداسة والفضائل الراهنة.

ومدينة سرقسطة تعدّ لورنسيوس من أبنائها، لأنّه تثقّف في مدارسها على أيدي أساتذتها، ونال حظّاً طيّباً من العلوم العصرية على مقاعدها. وهناك تعرّف بالشاب سِكستس، رجل التقوى والأخلاق العالية، الذي سوف تؤهّله صفاته الجليلة ليصير حبراً أعظم في رومة، ويسفك دمه لأجل المسيح فيها. وتوثّقت بين الإثنين عرى الصداقة المسيحيّة الصافية فلم يعودا يفترقان، بل كانا كفرسَي رهان في اقتباس العلوم وترويض النفس على الفضائل والتقوى.

ومن سرقسطة أقله الشابان معاً يريدان رومة، ومرّا في طريقهما على مدينة جنوا، فأضافتهما من غير أن تعلم أن الرب قد أرسلهما إلى المدينة الخالدة ليصبحا كوكبين لامعين وشهيدين كريمين، وأنّها سوف تشيّد للشهيد لورنسيوس أفخم كاتدرائيّة تذكاراً لتلك الزيارة.

وجاء الصديقان رومة، وهناك، بدل أن تبهرهما عظمة تلك العاصمة وتستغويهما ملاهيها ومفاسدها، عكفا على متابعة طلب العلم، وعلى خدمة القريب.

فكان أول عمل أتاه ذاك الحبر القديس أنّه دعاه لورنسيوس صديقه إلى رئاسة شمامسة الكنيسة الرومانية، وكانت تلك الوظيفة أول الوظائف الكنسية. وكانت رئاسة الشمامسة في رومة وظيفةً عاليةً دقيقة شاقة، لأن إليها كانت تعود الإدارة العامة في مدينة رومة. وحدث مراراً أن اختير رئيس الشمامسة ليكون حبراً أعظم. وأصبحت اليوم هذه الوظيفة السامية منوطة بأحد الكرادلة.

فلمّا ارتقى سكستس إلى السدّة البطرسيّة، لم يرَ أفضل من صديقه لورنسيوس ليكل إلى فضيلته وثقافته وفطنته ذلك العمل الكبير. فقام لورنسيوس بما عُهد فيه إليه خير قيام. وزادت غيرته في خدمته لأنّه كان يسعى ويتفانى إلى جنب أبيه وصديقه البابا سكتس، ويرى فيه سموّ الفضائل ما يدفعه إلى حسن العمل وإلى كل تضحية. فعاش الصديقان في نعيم وهناء، ونالت الكنيسة على أيديهما من الإزدهار والنجاح ما جعلها جنّة كثيرة الأشجار يانعة الثمار. وكان العالم المسيحي في أواسط القرن الثالث عائشاً في سلام، وكانت أعلام الإضطهاد قد طُويت، وأخذ الإيمان ينتشر إنتشار النور في الآفاق.

إلاّ أنّها لم تطل مدّة ذلكالسلام. لأنّ الملك فالريانس ما كاد يتسلّم زمام تدبير المملكة الرومانية، سنة 257، حتى أحاطت به الويلات من أوبئة وحروب وغزوات.

فأسرع لورنسيوس وراح يبحث عن الفقراء والمساكين في كل الكهوف العميقة والملاجئ السحيقة، وجعل يسعفهم بالأموال ويشجّعهم بالأقوال، وينفخ في قلوبهم روح الإيمان.

ووجد لورنسيوس بين أولئك المساكين رجلاً كان لكثرة قد فقد بصره. فبشّره بيسوع المسيح، ووعده بالشفاء بإسم يسوع إن كان هو يؤمن به. فاعترف ذلك الأعمى بالمسيح وكان إسمه لو كلوس. فأبرأه لورنسيوس وعمّده، وهكذا منحه في أنٍ واحد نور النفس ونور الجسد معاً. فذاع الخبر في المدينة، فهجم العميان على سجن لورنسيوس يطلبون منه نعمة البصر. فكان يرسم عليهم إشارة الصليب ويبرئهم.

فلمّا علم القائد هيبوليتس بما جرى، تحرّك قلبه إلى الإيمان، وجاء إلى رئيس الشمامسة ورجا منه بكل لطف أن يطلعه على الكنوز التي رغب فيها الملك. فقال لورنسيوس: يا سيّديي، إن كنت تؤمن بالله الضابط الكل، وبإبنه يسوع المسيح، فأنا مستعد أن أريك كنوزاً عظيمة. فظفرت نعمة الرب بقلب ذلك القائد الروماني الحسن النيّة والطوبة، فآمن بالرب يسوعه، واعتمد هو وكل أهل بيته، وكانوا تسعة عشر نفراً، وبذلك حصلت تلك الأسرة على كنوز سماوية لا تضاهيها كل كنوز الارض.

وأرسل الملك في طلب لورنسيوس ليعرف ماذا صار من أمر الكنوز المخبوءة عند المسيحيين. فمثل لورنسيوس أمامه، فأعاد عليه الكرّة وألحّ عليه في الأسئلة. فأجاب لورنسيوس بكل ثبات وثقة في النفس وطلب مهلة ثلاثة أيام ليجمع له تلك الكنوز ويأتي بها إليه ويقدّمها له. ففرح الملك لذلك الكلام، ووعد رئيس الشمامسة بكثير من النعم، ومنحه المهلة المطلوبة، وأطلقه. فخرج لورنسيوس وجمع كل من كانت الكنيسة تعوله وتتصدّق عليه، من عميان وعرج ومشوّهين وفقراء مساكين كباراً وصغاراً، وجاء بهم إلى باحة قصر الملك، وقدّمهم له وقال: "هذه هية كنوزنا أيّها الملك المعظّم. وهي كنوز لا تفنى، بل تبقى بنا إلى الأبد.

فلمّا رأى الملك فالريانس ذلك كاد يُجن من تالغيظ. وأمر بلورنسيوس، فعرّاه الجند من ثيابه وقاموا يمزّقون جسده بأمشاط من حديد. فتناثرت لحمانه وتخضّب جسده بالدم. ثم أتوا بكل ما لديهم من آلات التعذيب، وعرضوها عليه وتوعدّوه بها إن هو بقي مصرّاً على عناده وعلى الكفر بآلهة المملكة. فالتفت لورنسيوس إلى الملك وقال له: لقد ساء ظنّك ايّها الملك، أفتراني أهاب العذاب! إنّ هذه الآلات كلّها هي موضوع سرور لي وغبطة. ولكم صار لي من الزمان أتشوّق إليها، وأشتهي أن أجلس على هذه المائدة وأتذوّق طعم هذه المآكل اللذيذة.

ولم يصدّق الملك أن كنائس المسيحيين خلو من الكنوز. فحاول بكل أنواع التهديد والإغراء لكي يعرف ما هي تلك الكنوز وأين هي.

أمّا الملك فإنّه دهش لتلك الشجاعة والجرأة، وتركه بين أيدي الجلاّدين وخرج. فجاءه من السماء ملاك يقوّيه ويعزّيه. ومسح له بمنديل العرق المتصبّب من محيّاه، وشفى جروحه، فعادت إليه صحّته. فأخبروا الملك بما كان، ونسبوا تلك المعجزات الباهرة إلى الأعمال السحرية. وأحضر لورنسيوس أمامه، فوجده صحيحاً معافى.  فأحضر الملك أمامه من جديد كل آلات التعذيب، فضربوه بالحجارة على فمه وكسروا له أسنانه، فسالت الدماء غزيرة منه وبلّلته، لكنّها لم تثنِ عزمه. فأمر الملك أن يحمّوا مشواة من الحديد ويعرّوه من ثيابه ويضعوه عليها. فقاموا يشوون جسده كما تشوي اللحوم، والملك ينظر ويتلذّد بتلك الرائحة وبذلك المشهد المريع. أمّا لورنسيوس فكان ثابتاً، لا يئن ولا يعترض ولا يشتم.

وبقي لورنسيوس يحترق، وهو يتألّم ويتعذّب ويحتمل، حتى فارق الحياة وطارت نفسه إلى السماء، تشكو من ظلم الإنسان للإنسان.

وأجرى الله على ضريحه آيات عظيمة، حتى أضحى قبره مزاراً شريفاً للجماهير من الناس، يأتونه طالبين شفاعته من كل أقطار الدنيا. وشيّد قسطنطين الكبير كنيسةً فخمة على ضريحه، وهي إحدى الكنائس الخمس البطريركية الكبرى في رومة.

 

نياحة حزقيا الملك (بحسب الكنيسة القبطية الارثوذكسية)

في مثل هذا اليوم تنيح الملك البار حزقيا بن أحاز الملك وهو من نسل داود سبط يهوذا. هذا الصديق لم يقم ملك مثله علي بني إسرائيل بعد داود. لأنهم جميعا عبدوا الأوثان وبنوا لها المذابح أما هو فأنه عندما ملك كسر الأصنام وهدم مذابحها وقد جازاه الله خير بأكثر مما فعل. ففي السنة الرابعة عشرة لملكه حاصر سنحاريب ملك أشور مدينة أورشليم وكان سنحاريب ملكا عظيما قويا يخشاه ملوك زمانه فخاف منه حزقيا وأرسل إليه أموالا كثيرة فلم يرض بها وأرسل يهدده ويتوعده ويفتري بلسانه النجس علي الله سبحانه وتعالي قائلا: "لا يخدعك ألهك الذي أنت متكل عليه " فمزق ثيابه ولبس مسحا ودخل بيت الرب وصلي أمامه قائلا: "أيها الرب اله إسرائيل الجالس فوق الكاروبيم أنت هو الإله وحدك لكل ممالك الأرض أنت صنعت السماء والأرض أمل يارب أذنيك واسمع افتح يارب عينيك وانظر واسمع كلام سنحاريب الذي يجدف عليك، حقا يارب أن ملوك أشور قد خربوا الأمم وأراضيهم، والآن أيها الرب خلصنا من يده فتعلم ممالك الأرض كلها أنك أنت الرب الإله وحدك" (2 مل 19: 15 – 19) ثم أرسل إلى اشعياء النبي يعرفه بما قاله سنحاريب ويطلب منه أن يصلي عنه فأعلمه اشعياء أن الله سيقوي قلبه وأنه سيفعل بسنحاريب فعلا لم يسمع مثله في الأرض كلها وفي تلك الليلة نزل ملاك الرب وقتل من جنود سنحاريب مائة وخمسة وثمانين ألفا في ساعة واحدة ولما استيقظوا في الصباح ووجدوا جنودهم قتلي انهزم ما تبقي منهم وعادوا إلى بلادهم ولما دخل سنحاريب إلى بيت الآلهة ليصلي وثب عليه ولداه وقتلاه وتخلص حزقيا من يده ومجد الله.

ولما مرض حزقيا مرض الموت حضر إليه اشعياء النبي وقال له: "هكذا قال الرب: أوص بيتك لأنك تموت ولا تعيش" (2 مل 20: 1 – 11) فأدار وجهه نحو الحائط وصلي إلى الرب فأرسل إليه اشعياء ثانية وأعلمه أن الرب قد زاده خمس عشرة سنة أخري ولما طلب من أشعياء الدليل علي ذلك رد له الشمس عشر درجات أخرى وخافه الملوك وقدموا له هداياهم لأنهم عرفوا أن الله معه وأقام في الملك تسعا وعشرين سنة وكانت جملة حياته أربعا وخمسين سنة وتنيح بسلام وله تسبحة مدونه في كتب التسابيح - قالها بالروح القدس حينما عوفي من مرضه.

صلاته تكون معنا. آمين.