قدّاس ومسيرة في دير ما ضومط- فيطرون إحياءً لعيد بادري بيو
بعد الإنجيل، ألقى المطران عبد السّاتر عظة تناول فيها ميزتين من مسيرة القدّيس بيو الالتزام وعلاقته مع النّاس والله، فقال بحسب "الوكالة الوطنيّة للإعلام":
"في الميزة الأولى أيّ الالتزام رأى انّ "البشر يميلون في أكثرهم إلى التّعلّق بالقدّيسين وعجائبهم وإلى تصنيفهم أيضًا من خلال قولهم هذا القدّيس مهمّ أو هذه القدّيسة أهمّ دون الالتفات إلى ما عاناه كلّ منهما من أجل نيل هذه النّعم"، فأهمّيّة وصعوبة جلوس الكاهن الدّائم لساعات وساعات يوميًّا في كرسيّ سرّ التّوبة وما يتركه من أوجاع في الجسد لانحنائه الدّائم لسماع المعترف وفي الفكر لما تسمعه من أوجاع النّاس ومعاناتهم، البعض يقولون لنا "نيّالكن بتسمعوا أخبار الناس " هذا صحيح لكن صدّقوني أخبار النّاس كتير بتّعّب". فكيف لهذا الرّاهب الّذي كان ملتزمًا الجلوس لساعات في كرسيّ الاعتراف دون ملل أو كلل ليخبر النّاس عن سرّ التّوبة ومحبّة الله للإنسان ورحمته الدّائمة. وليختبر معهم أوّلاً رحمة الرّبّ عليه ومحبّته له.
لقد اختار القدّيس بيو في جلوسه الطّويل هذا أن يتحدّث عن محبّة الله لكلّ إنسان ضعيفًا كان أو خاطئًا. رجلاً كان أو امرأة . لكلّ إنسان في العالم لا يريده ولا يحبّه. وليقول لهم "الرّبّ يحبّك. أنت غال على قلبه، ويريدك أن تعود إليه". اليوم وبعد وفاته نتساءل ماذا كان يقول للنّاس في جلوسه الطّويل في كرسيّ سرّ التّوبة لساعات وساعات على الرّغم من التّعب النّفسيّ والجسديّ والفكريّ كي تعود إليه وسماع كلماته السّحريّة. نعم، هذه الكلمات الصّادقة الخارجة من القلب وعن محبّة الله لكل إنسان هي جوهر الحياة الإنسانيّة في علاقته مع خالقه. كم نحن بحاجة لسماع كلمة الرّبّ وكم من النّاس بيننا هنا في هذا المكان وفي غير مكان بحاجة إلى من يستمع لهم ويخبرهم عن محبّة الله لهم. أدعو الجميع لوقف الثّرثرة على بعضنا البعض وإظهار ضعف بعضنا ولنحكي مع بعضنا عن محبّة الله ورحمته لنا جميعًا. ولماذا لا نقضي أوقاتنا بسماعنا لأوضاع النّاس وأوجاعهم محاولين التّخفيف عنهم ونشاركهم في محبّتنا لهم وعن علاقة القدّيس بيو بالآخرين.
ما شعرت به- وربّما أنا على خطأ، لكنّه إحساسي- كان هروبه من النّاس يأتي نتيجة لما كان يتفاعل في داخله. وهو الّذي اختبر ويختبر كلّ يوم محبّة الله وضعفه كإنسان في الوقت ذاته. كان يدرك أنّه ليس إلّا عاملاً في حقل الرّبّ. يقوم بعمله يختبر من الآخرين الّذي عاشه بنفسه وعاشه مع الرّبّ. كان يهرب لأنّه لا يريد مجدًا له . كان يدرك أنّ كلّ ما يفعله هو نعمة من ربّنا وبفعل الرّوح القدس.
علينا نحن المسيحيّين المتواجدين في هذا العالم أن نتذكّر دائمًا نعمة الرّبّ وفعل الرّوح القدس من أجل خلاص العالم. وعلينا الاعتراف في النّهاية بأنّ ما نقوم به وندعو إليه من تسامح ومحبّة ليس إلّا واجبنا ولسنا بحاجة إلى تماثيل أو صور أو أيقونات بل ما نحتاج إليه القيام بواجبنا مع ربّنا من أجل خلاص العالم. وأن نخبر العالم أنّ ما نبشّرهم به هو خلاصهم.
إنّ حضور الرّبّ وهداياه لنا في حياتنا يبدأ بالفرح الدّاخليّ. وبالمحبّة والتّسامح والغفران من خلال تعاملنا مع الآخرين وكلّنا مدعوّون، أنا وأنتم والآباء، لنعيش هذه كلّها ليدرك العالم أنّ يسوع حيّ و"مش خبريّة تحكى". نعم يسوع لا يزال حيًّا ولا يزال يخلّص البشر وهو الّذي قال: "من أنا؟" ، وأنا اقول كما قال يسوع: "من نحن أمام أشخاص عملوا بتعاليم الله وضحّوا واستعدّوا ليساهموا في خلاص العالم؟".
تبع القدّاس مسيرة بذخائر القدّيس بيو في رحاب الدّير.