دينيّة
19 آب 2015, 21:00

قديسو اليوم : 20 آب 2015

تذكار القديس برنردوس (بحسب الكنيسة المارونية) هو ربيب اسرة فرنسية عريقة بالحسب والنسب والتقوى المسيحية. نجح في دروسه وبرع فيها وكان مثال الشباب خاصة بالمحافظة على طهارته.في التاسعة عشرة من عمره ترك العالم مع اربعة من اخوته وخاله الكونت غولدري وعدد كبير من الشباب نحو الثلاثين ودخل معهم رهبنة القديس مبارك.وعكف على الصمت والصلاة والطاعة الكاملة. وامتاز بروح الوداعة والتواضع والمحبة والاتحاد بالله. يمارس التقشفات على انواعها. ويرغب في الخدم الحقيرة ويلبس الثياب العتيقة. ويخصص اوقات الفراغ ليملأ عقله وذاكرته من آيات الكتاب المقدس، حتى استظهر اكثرها. ففاضت تآليفه ورسائله.

وفي الرابعة والعشرين من عمره، ذهب الى البرية فأصبحت تلك القفار آهلة بالرهبان والنساك، يقيمون الصلوات ويمارسون اشق انواع الاماتة والتقشف. وكان برنردوس في طليعتهم، فرسمه اسقف الابرشية كاهناً واقامه رئيساً عاماً عليهم. فكان حكيماً حليماً متفانياً في خدمة رهبانه.
دامت رئاسته 39 سنة اعطى الكنيسة اكثر من 880 راهباً اكثرهم من الاشراف والمثقفين ومن قواد الجيوش والبيوتات الكبيرة. وقد انشأ ديراً للنساء ترهبت فيه امه واخته الوحيدة وعاشتا بروح القداسة، كما ان اخاه الصغير واباه الشيخ دخلا ديره. وتوفي والده بنسمة القداسة بين يديه.
كان المرشد لكبار الدنيا وعظمائها. يُقدم بقلب جريء على مكافحة الكبرياء وانحطاط الاخلاق والآداب، مطالباً بالتعويض عن الاساءة وبمساعدة الفقراء والمحتاجين ناشراً راية السلام والنظام في كل مكان برأيه الصائب وكلمته النافذة. وكانت خطبه ومواعظه تأخذ بمجامع القلوب لِما فيها من الفصاحة وقوة الحجة، حتى لُقِّبَ " بالعسلي الفم". كما لُقِّبَ "بقيثارة العذراء" التي كان كثير العبادة لها. وقد الف الصلوات والاناشيد البديعة في مدحها. وله رسائل وتآليف عديدة في اللاهوت والحياة الروحية جعلته بين آباء الكنيسة وعلمائها الكبار. وقد حضر مجامع عديدة كان له النفوذ الاول فيها، وقد اختاره تلميذه البابا اوجانيوس الثالث ليدعو الامراء والملوك المسيحيين الى تأليف الحملة الصليبية الثانية لانقاذ الاراضي المقدسة... وعلى رغم مرضه ذهب لإلقاء الصُّلح بين معسكرين في حرب اهلية ونجح في مهمته. ثم عاد الى ديره حيث مات سنة 1153. صلاته معنا. آمين.

القديس صموئيل النبي (بحسب الكنيسة الارثوذكسية)
خبر صموئيل النبي نجده في سفر صموئيل الأول، حسب النص العبري، وفي سفر الملوك الأول حسب اليونانية السبعينية. أصل النبي من الرامة وهي قصبة من قبيلة أفرايم. أمه حنة، المحتفى بها في 9 كانون الأول، كانت إحدى زوجتي المدعو ألقانا وكانت عقيمة الحشا. تحملت، بألم كبير، تعيير ضرتها كلما انتقلت العائلة إلى شيلو المعبد، كل سنة، لتقرب أضاحيها. لكن سمع الله صلواتها فأنجبت مولوداً ذكراً أسمته صموئيل الذي تفسيره "مقتنى من الله". فلما انفطم الصبي جرى تكريسه للرب وأسلم إلى عالي الكاهن، في شيلو، ليخدم الله هناك كل أيام حياته أمام تابوت العهد.
نما صموئيل في النعمة والقامة لدى الله، وقد انتفع من عشرة الكهنة والأتقياء فنشأ على شريعة موسى، ولما يتأثر بالعبادات الوثنية التي أفسدت الشعب، يومذاك. في أزمنة الارتداد تلك كان ظهور الله لإسرائيل قليلاً جداً. رغم ذلك، في إحدى الأمسيات، فيما كان صموئيل، وقد بلغ الثانية عشرة من العمر، نائماً في الهيكل حيث اشتعل نور مشيراً إلى حضرة الله، سمع صوتاً يدعوه باسمه. ظن أن عالي الكاهن يناديه فذهب إليه وسأله ماذا يريد فصرفه لينام. تكرر النداء ففهم عالي أن الله يدعو الولد فقال له: متى جاءك الصوت فقل تكلم يا رب فإن عبدك يسمع". وما إن جاءه الصوت، مرة أخرى، وأجاب بالكلمات التي لقنه إياها عالي، حتى تكلم الله وأعلن لصموئيل أنه سوف يعاقب عالي وبيته بسبب السلوك الأثيم لولديه اللذين كانا يستغلان ذبائح تقدمات الشعب. في الصباح ألح عالي على صموئيل أن يطلعه عما كشف له الرب الإله فأفضى إليه صموئيل بما عنده ولم يُخف عنه شيئاً. مذ ذاك أخذ الرب الإله يظهر لصموئيل، وكل شعب إسرائيل حسبه نبياً وأسماه "الرائي" ووقر كلمته ككلمة الله عينه.
وإذ استمر ابنا عالي في تعديهما غير مباليين بتحذير أبيهما نزل بهما حكم الله. فإن الفلسطينين هزموا إسرائيل هزيمة قاسية فاستحضر العبرانيون تابوت العهد الذي استقبله رجال الحرب بالهتاف. خاف العدو لكنه بدل أن يهرب أمام إسرائيل انقض عليه يأساً. بنتيجة ذلك سقط ثلاثون ألفاً من العبرانيين واستولى الفلسطينيون على تابوت العهد. أحد الناجين ركض وأخبر بالكارثة في شيلو. وإذ وجد عالي الكاهن، وكان قد بلغ التسعينات، جالساً عند عتبة بيته، أنبأه بموت ولديه في المعركة وأن تابوت العهد أخذه الفلسطينيون غنيمة. فلما سمع عالي ذكر التابوت سقط إلى الوراء واندك عنقه فمات.
في تلك الأثناء، أدخل الفلسطينيون التابوت إلى معبد إلههم داجون، لكنهم اكتشفوا، في اليوم التالي، أن الصنم سقط أرضاً وتكسر. وكانت يد الرب على الفلسطينيين وضربهم بالبواسير. بنتيجة ذلك ردوا التابوت إلى العبرانيين فبقي التابوت في بيت أبيناداب في بيت يعاريم عشرين سنة.
خلف صموئيل النبي عالي الكاهن قاضياً لإسرئيل، أي رئيساً يتولى إرشاد الشعب المقهور المثقل بنير العبودية للفلسطينيين. اهتم بالإصلاح الروحي وجال واعظاً حاثاً على التوبة والعودة إلى حفظ الشريعة ونبذ عبادات البعل وعشتاروت. "ثبتوا قلبكم في الرب ينجكم من الفلسطينيين". هذا كان برنامج حكومته. نظم تجمعاً كبيراً في المصفاة صام خلالها الإسرائيليون واعترفوا بخطيئتهم أمام الله علانية وتوسط النبي لخلاصهم. حاول الفلسطينيون التصدي لهم فقدم النبي حَمَلاً، ذبيحة محرقة ودعا باسم الرب، ورد الرب بإحداث جلبة في السماء. وإذ استبد الذعر بالفلسطينيين نزلت بهم ضربة قاسية واسترد الإسرائيليون المدن التي كانوا قد خسروها.
وإذ عاد السلام تابع صموئيل النظر في القضاء لإسرائيل في الرامة حيث أقام مذبحاً. كل سنة، كان يقوم بجولة في البلاد ليقطع في الخلافات ويحث الشعب على التقى وحفظ الشريعة. فلما شاخ نقل سلطاته إلى ابنيه يوئيل وأبيا اللذين استقرا في بئر السبع. لكن استبان هذان غير مستحقين لأبيهما، فكانا يقبلان هدايا ويلويان الحق. هذا حدا بشيوخ إسرائيل إلى التشكي لدى صموئيل في الرامة وطلبوا أن يكون لهم ملك يحكمهم كبقية الأمم. حزن النبي لطلبهم لكنه رضخ لرغبتهم بناء لأمر الله. حذرهمـ في احتفال، أنهم بتأسيس المملكة سوف يفقدون الحرية التي اختصهم الرب الإله بها حين جعلهم الشعب الوحيد الذي ملكه ورئيسه هو الخالق.
أرسل صموئيل، على هذا، إلى شاول ابن كيش من سبط بنيامين، وهو محارب مغوار يفوق كل شعبه في الهيبة والشجاعة. أخذه على حدة وسكب على رأسه زيت المسحة معلناً أن الله اختاره رئيساً لإسرائيل ومنجياً له من أعدائه. وإن انتصاراً ساحقاً على العمونيين أكد، بعد ذلك بقليل، هذا الاختيار الإلهي، وأعلن شاول ملكاً في الجلجال من الشعب كله بابتهاج. أما صموئيل فأعلن أنه قد أتم ما عليه وأنه يترك لهم ملكاً على رأسهم لينصرف، من الآن فصاعداً، إلى الصلاة والتعليم. وقد حثهم على الأمانة لله ومسيحه. ولكي يختم كلامه صلى وجعل، بنعمة الله، رعداً ومطراً فيما كانت السماء مشعة.
أما شاول فحارب الفلسطينيين. وفيما كان في وضع حرج وتأخر صموئيل عن الوصول لتعزية المحاربين الذين كانوا على وشك التراجع، قدم الملك بنفسه ذبيحة المحرقة متجاوزاً سلطاته وخاصاً نفسه بالوظيفة الكهنوتية. فما إن انتهى من تقدمته حتى وصل صموئيل. رفض رجل الله كل التبريرات التي قدمها شاول وأعلن له أنه بسبب تفرده وعدم محافظته على شريعة الله فإن الملك سوف يؤخذ منه. هذا لم يبعث شاول على التوبة بل استكبر. وإذ أعد نفسه، مرة أخرى، لخوض المعركة، تجاوز الكاهن الذي استدعي لاستطلاع ما يشاؤه الله ونزل إلى المعركة. حارب من كل جهة. حارب موآب والعمونيين وآدوم وعماليق والفلسطينين، فنجى إسرائيل ببسالته. غير أن هذه الانتصارات بقيت قابلة للعطب لأنها قامت على قوى بشرية. وإذ أرسل شاول على عماليق بناء لأمر الله الذي تكلم في صموئيل أحرز انتصاراً جديداً. لكنه بدل أن يُحرم كل هذا الشعب ترك الملك أجاج وخيرة البهائم له ولما يقدم لله غير قطعان لا قيمة لها. أما صموئيل فتكلم، من جديد، بصفته المفسر، بلا مهادنة، لمشيئة الله فأعلن أن هذه المعصية الجديدة هي ختم لانحطاط شاول. قال له: "هل مسرة الرب بالمحرقات والذبائح كما باستماع صوت الرب. هوذا الاستماع أفضل من الذبيحة والإصغاء أفضل من شحم الكباش. لأن التمرد كخطية العرافة والعناد كالوثن والترافيم. لأنك رفضت كلام الرب رفضك من الملك (صم الأول 22:15-23). سأل شاول الصفح عبثاً، وبعدما قتل أجاج الملك بيديه عاد صموئيل إلى الرامة.
فيما كان صموئيل يبكي مصير الملك شاول أرسل إلى بيت لحم من الله، إلى يسي من سبط يهوذا، ومسح، سراً، داود الشاب ملكاً لإسرائيل. وإذ خرج روح الله من شاول استبد به ورح خبيث وعانى طفرات جنون. في ذلك الوقت دخل داود في خدمة الملك كحامل لسلاحه وهدأ من روع شاول باللعب على القيثارة. حين كان الروح الخبيث يستبد له. كان محظياً لديه. لكنه حين أحرز داود انتصارات باهرة وأعجب الشعب به تحول ميل شاول إلى كراهية قاتلة حياله. هذا جعل داود يهرب من أمامه ويلجأ إلى الرامة، إلى صموئيل.
رقد صموئيل، بعد ذلك، ممتلئاً أياماً واجتمع كل شعب إسرائيل في الرامة ليندبه. بعد ذلك أكرم صموئيل كأحد الشفعاء الكبار للعهد القديم نظير موسى وهارون. لذلك قيل في المزمور 6:98: "موسى وهارون بين كهنته وصموئيل بين الذين يدعون باسمه. وقد دعوا الرب فاستجاب لهم".
ورد أن رفاته نُقلت من فلسطين إلى القسطنطينية زمن الإمبراطور أركاديوس، في 19 أيار سنة 406م. أودعت في كنيسة الحكمة المقدسة ثم نُقلت إلى الكنيسة التي جُعلت على اسمه في إحدى ضواحي المدينة، في أبدومون

تذكار القديس صموئيل النبي (بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)
إنّ سيرة حياة النبي صموئيل هي من ألذ ما جاء في تاريخ بني إسرائيل، في أواخر عهد القضاة وأوائل عهد الملوك.
" كان رجل من الرامتائيم صوفيم من جبل افارئيم يقال له ألقانة. وكانت له إمرأتان، إسم أحداهما حنّة، وإسم الأخرى فنّنة. فرزقت فنّنة بنين، وحنّة لم يكن لها بنون. وكان ذلك الرجل يشخص من مدينته كل سنةٍ ليسجد ويذبح لرب الجنود في شيلو".
وكان تابوت العهد إذ ذاك في شيلو، وكان عالي رئيس كهنةً وقاضياً في إسرائيل. وكان له إبنان يدعيان حُفني وفنحاس، وكانا كاهنين للرب. إلاّ أن عالي كان لشدّة حنانه عليهما قد أهمل تربيتهما، فصنعا الشر أمام الرب وأغضبا شعب إسرائيل بسوء تصرفهما.
ففي إحدى السنين شخص ألقانه إلى شيلو، على حسب عادته، مع زوجتيه وبنيه ليسجد للرب، ويقدّم الذبائح المألوفة. وقانت حنّة، من بعد ما أكلوا وشربوا في شيلو، وكان عالي الكاهن جالساً على كرسي أمام عضادة هيكل الرب، وهي مكتئبة النفس، فصلّت إلى الرب وبكت. ونذرت نذراً وقالت: يا رب الجنود، إن أنت نظرتَ إلى عناء أمتك وذكرتني ولم تنسَ أمتك ورزقتَ أمتك مولوداً ذكراً، أحرّره للرب كل يوم حياته، ولا يعلو رأسه موسى.
وسمع الرب صلاة تلك المرأة ورزقها ولداً، ففرحت به فرحاً لا يوصف ودعته صموئيل قائلةً "من الرب إلتمسته". وقامت حنّة ترضع إبنها حتى ترعرع، ففطمته وحملته إلى الرب في شيلو. وأخذت معها تقادم للرب ثلاثة عجول، وكيلاً من دقيق وزقّ خمر. وبعد أن قربت الذبائح والتقادم "قدّموا الصبي إلى عالي" وسجدوا للرب.
وتهللت حنّة وهتفت بروح النبوءة وقال: تهلل قلبي بالرب، ارتفع قرني بالرب، إتّسع فمي على أعدائي لإني قد ابتهجت بخلاصك. الرب يميت ويُحيي، يُحدر إلى الجحيم ويُصعد يُنهض المسكين عن الترابن يقيم البائس من المزبلة ليجلسه مع العظماءويملكها عرش المجد.
وتركت حنّة ولدها صموئيل ينمو في الهيكل الرب ويخدم أمامه، رغم حداثة سنّه. وكان الولد متنطقاً بأفودٍ من كتّان. "وكانت أمّه تنسج له جبّةً صغيرةً وتأتيه به كل سنةٍ حين صعودها مع زوجها ليذبح الذبيحة السنوية. فيبارك عالي ألقانه وزوجته قائلاً: يرزقكَ الرب نسلاً من هذه المرأة بدل العارية التي أعارتها للرب. ثم ينصرفان إلى موضعهما. وافتقد الرب حنّة فحملت وولدت ثلاثة بنين وابنتين".
وشبّ صموئيل الصبي أمام الرب، وكان يخدم الرب أمام عالي الكاهن. وكان ينمو في ظل هيكل الرب بالتقى والفضيلة.
وأمّا صموئيل الصبي فكان يخجم الرب بين يدي عالي. وكانت كلمة الرب عزيزة في تلك الأيام، ولم تكن الرؤى تتواتر. وكان في تلك الايام أن عالي كان راقداً في موضعه، ومانت عيناه قد ابتدأتا تكلاّن، فلم يكن يستطيع أن يُبصر. وكان مصباح الله لم ينطفىء بعد، وصموئيل راقد في هيكل الرب حيث تابوت الله. وإذا بالرب يُسمع صوته وينادي صموئيل الصبي ويقول: صموئيل، صموئيل. فأفاق الولد وركض إلى عالي، لظنّه أنّه يدعوه ويريد منه بعض الخدمة. فقال له: لبيك. فقال له عالي: لم أدعك يا بنيَّ، ارجع ونم. فرجع صموئيل ونام.
فعاد الرب ودعا صموئيل أيضاً. فقام صموئيل وانطلق إلى عالي وقال: لبيك، أنك دعوتني. فقال له: لم أدعك يا بنيّ ، إرجع فنم. ولم يكن صموئيل يعرف الرب بعد، ولم يكن بعد قد أعلن له كلام الرب.
فعاد الرب ودعا صموئيل ثالثة. فقام الولد من جديد ولم يتأفف، وركض إلى عالي مستطلعاً مستفهماً، دائم الإستعداد لكل خدمة. فقال لعالي: لبيك، لبيك. ففهم عالي أن الرب هو الذي يدعو الصبي. فقال عالي لصموئيل: إذهب فنم. وإن دعاك أيضاً فقل: تكلّم يا رب، فإنّ عبدك يسمع. فانطلق صموئيل ونام في موضعه.
وهكذا بدأ الله يدعو صموئيل رسوله إلى شعبه إسرائيل. وكبر صموئيل وكان الرب معه، ولم يدَع شيئاً من جميع كلامه يسقط على الأرض. وعاد الرب يتراءى في شيلو، لأن الرب تجلّى لصموئيل في شيلو بكلمة الرب. وكان كلام صموئيل إلى جميع إسرائيل.
وتحقق كلام الرب الذي قاله لصموئيل على عالي وبيته. فإنّ الشعب الإسرائيلي إشتبك في الحرب مع الفلسطينيين، فكان إنكسار عظيم لإسرائيل، وانتصر الفلسطينيون، وأسروا تابوت عهد الرب، ووقع ولدا عالي حفني وفنحاس صريعين في المعركة. وإن عالي، لمّا أتاه خبر تلك الويلات، سقط على الأرض مغشّياً عليه، واندقّ عظم عنقه ومات.
إنّ الله دعا صموئيل إلى رسالة عظيمة، وإلى عمل سوف يكون له الأثر البعيد في حياة وتاريخ شعب الله. فصار نبيّاً لله، وقاضياً في إسرائيل، وقائداً هماماً ملأت الأرض أخبار إنتصاراته. وهو الذي أسّس الملكية في إسرائيل وثبّتها. وعمّر طويلاً، وترك ذكراً عظيماً للدهور التي أتت من بعده.
وصموئيل هو أول حلقة في سلسلة الأنبياء الذين أرسلهم الله إلى شعبه بلا انقطاع، جيلاً بعد جيل، ليكونوا رجال الأرشاد والأنذار والنبوءة والمثل الصالح.
ولم يكن صموئيل نبيّاً فحسب، بل أنّه أنشأ "مدارس نبويّة" أو أقل "حلقات نبويّة". وصار لتلك الحلقات أو الجماعات رئيس يدعونه "الأب" أو "المعلّم". وكان أعضاء تلك المدارس أو الحلقات يلقّبون "بأبناء الأنبياء". أمّا عملهم فكان تمجيد الخالق وتسبيحه. وكان دأبهم درس شريعة الرب وتعليمها للشعب.
فصموئيل هو أول من أنشأ تلك الجماعات وحعلها في مدينته في الرامة، وأسكنها في أكواخ بسيطة، كما يفعل إليشاع بتلاميذه ويسكنهم في مثل تلك الأكواخ على شواطىء نهر الأردن وقد أتى الكتاب المقدّس مراراً على ذكر وجود تلك الطوائف النبوية في كثير من الأماكن.
وصموئيل هو أيضاً منشىء الملكية في إسرائيل وواضع أسسها. فهو الذي مسح بأمر الله شاول ملكاً على إسرائيل، ثم لمّا رذله الله لأجل معاصيه، عاد فمسح داود ملكاً بدلاً منه. فعمل صموئيل هو الدليل البيّن على أن السلطة هي من الله، وأن السلطة الدينية والأدبية هي فوق قوّة الصولجان والسيف، وإن الله دعاها لكي تقوّم اعوجاج الملوك والسلاطين.
وبعد أن مات عالي، قام صموئيل يقضي في إسرائيل. وعظم إسمه، وكبر نفوذه، وصار الشعب يقصده ويسمع له. وتولّى صموئيل قضاء إسرائيل كل أيام حياته.
فرضي بنو إسرائيل بكل ما ذكره صموئيل، وأصرّوا على إقامة ملك عليهم. فاختار الرب لهم رجلاً من بنيامين يُدعى شاول.
فلمّا انتهى صموئيل من عمله ومن تثبيت شاول في ملكه، وكان لا بد له أن يعتزل الحكم والقضاء. ومضى شاول ينظّم جنده ويرتّب ويدبّر أمور ملكه، وصموئيل الجبّار يشرف على عمله ويرشده في طرقه. وتولّى شاول الملك على إسرائيل أربعين سنة، وحارب كل من كان حوله من الأعداء.
وتوفي صموئيل، فاجتمع جميع إسرائيل وناحوا عليه، ودفنوه في بيته في الرامة. وكان شيخاً قد طعن في السن جدّاً وشبع من الأيام.
وفي مثل هذا اليوم أيضاً: القديس برنردس أول رئيس لدير كليرفو ومعلّم الكنيسة.
كان القديس برندس منارة عالية وضّاءة، سطعت بأنوارها في سماء فرنسا، وهو من أسرة فرنسية عريقة في الحسب والنسب. فكان أبوه تيسلان من أشراف فرنسا، وكان صاحب قصر فونتان. أمّا والدته ألكسا، فكانت تنتسب إلى أمراء بُرغونيا الصولة والدولة مدّة عصور طوال. وكانت ألكسا كلّما رزقها الله ولداً، تشكره تعالى على منته وتقدّمه له. لكنها لمّا وضعت برندس نذرته لخدمة الهياكل، إذا كان الله يرضى به ويدعوه لخدمته.
وما كاد الولد يبلغ سن الرشد، حتى قادته أمّه إلى مدرسة كان يديرها بعض الكهنة الأفاضل. فنشأ برندس على الفضيلة، وامتاز منذ حداثته بوداعته وطاعته وميله إلى الرصانة والصمت وحب الإختلاء. وكان أيضاً كثير العطف على الفقراء. وتابع دروسه بنجاح وتفوّق حتى برع في شتّى العلوم، وأضحى الشاب الكامل الذي يُشار إليه بالبنان.
فبسمت له الدنيا بزخرفها، وعملت على إغوائه بزهوها ولهوها. لكنّه كان شديد السهر على ذاته وعلى الأخطار المحدقة به. وحدث له يوماً أنّه نظر إلى سيّدة جميلة. فوقعت من نفسه، وشعر لرؤيتها باضطراب في دواخله. لكنّه جمع قواه، وهرب من موقفه، وهام على وجهه، إلى أن وصل إلى بركة ماء وجدها في طريقه. فرمى بنفسه في الماء رغم شدّة البرد، وكاد يهلك لو لم يُدركه الناس وينقذه.
وبلغ برندس السن العشرين، فكان طويل القامة، جميل الهيأة، فصيح اللسان. وكان بوسعه أن يصل إلى أعلى مناصب الدولة بما كان لأسرته من المنزلة الإجتماعية الرفيعة، لكن تقواه ورصانته وما اتّصف به من روح العبادة والتأمّل وعلى التخصص لخدمة الله في الحياة الرهبانية. فصار لدى برندس جماعةً كبيرة، حتى بلغ عددهم الثلاثين نفراً. فعزموا جميعهم على انتحال الحياة الرهبانية في دير سيتو الشهير، على طريقة القديس بندكتس.
وما كان برنردس يطأ عتبة دير سيتو حتى عزم عزماً صادقاً شريفاً على أن يكون راهباً مكمّلاً في الفضائل والأخلاق الرهبانية. وامتاز على الأكثر بروح الوداعة واتّحاد القلب بالله.
وكان يخصّص أوقات الفراغ ليملأ عقله وذاكرته من آيات وحكم وسيَر الكتاب المقدّس، حتى حفظها وألفّها، ففاضت بها كتاباته ورسائله وتآليفه.
وبعد سنتين فقط من هذه الحياة الرهبانية السامية إختاره رئيسه ليذهب إلى وادي كلرفو، على ضفاف نهر الأوب، لينشئ هناك ديراً جديداً على طريقة سيتو، ويعيش فيه مع أخوته وبعض الرهبان الذين اختارهم ليشاركوه في هذه المهمّة الصعبة الشاقة. وكان برندس لم يتجاوز بعد الثانية والعشرين من عمره. لكنّه كان قد تكمّل في الفضيلة والشجاعة.
فترك برندس خلوته وحياته المنتظمة الهنيئة في دير سيتووسار إلى كليرفو. وهناك قام هو ورهباته يبنون المناسك والمعابد والأكواخ، ويملأون تلك القفار صلاةً وترتيلاً وعبادةً وشغلاً.
وما كاد برندس ينشئ في كليرفو ديره الجديد حتى سامه أباً عاماً عليه أسقف أبرشية لانغر، وكان لا يزال في ريعان الشباب ومقتبل العمر. فكانت حياة هذا الدير الجديد حياة الفقر والصيامات والصلوات والأشغال اليدوية.
وفاح عبير ذلك الدير فعطر الأرجاء. وانتشر صيت قداسة الرئيس الشاب فملأ الآفاق. فأقبل الناس إلى كلرفو ليستمتعوا بحديث الرئيس وإرشاده، ورؤية ديره ورهبانه.
وكان برندس، رغم أشغاله ومهامّه المضنية،كثير الإماتات والصيامات والاسهار والصلوات. وكان يلبس المسح، ولا يتغذّى إلاّ بخبز الشعير، ولا يشرب سوى الماء القراح. وكان أحياناً يشرب مرق الخضار المسلوقة لأجل معدته. وكان يواظب في طليعة رهبانه على تعاطي الأشغال اليديوية في المزارع والحقول. فضعفت قواه، وساءت حاله، ومرض حتى أشرف على الوت. فصار يستغفر الله عن ذلك كما يستغفره عن نقائصه وهفواته.
وكافأ الله فضيلته السامية بفعل العجائب، حتى صارت المعجزات التي أجراها الله على يده تعدّ بالعشرات وبالمئات.
وأضحى برندس أعجوبة دهره، بقداسته وإرشاداته وعجائبه وكتاباته ودفاعه المجيد عن الكنيسة، وعن عقائدها المقدّسة ومنحه الله معرفة أسرار القلوب، فصار يتنبأ للناس عمّا سيحدث لهم في مستقبل أيامهم. وهكذا تنبّأ عن موت ولي عهد الملك لويس الضخم، قصاصاً لابيه هذا على سوء تصرّفه مع بعض الأساقفة الأبرار. وهكذا اضحى برندس المرجع الأكبر في زمانه في أمور الدين والدنيا معاً.
وفي سنة 1130 صعد على السدّة البطرسية الحبر الأعظم البابا إينوشنسيوس الثاني. وزار الحبر الأعظم دير كلرفو، وشاهد بعينه حياة العبادة والنسك والفقر والصمت والعمل والطاعة والإماتة التي تتجلّى في أولئك الرهبان القديسين. فعجب كل العجب ممّا رأى ونظر، وسبّح الله على عظائمه في البشر.
وقضى برنردس سنين طويلة في خدمة البابا والكنيسة. لكنّه بقي رغم ذلك كلّه الراهب الوديع المتواضع، الدائم الإتّحاد بالله بالصلاة العقلية، الكثير الإماتات والصيامات الإختيارية.
وهكذا كان برنردس في كتاباته اللاهوتية معلّماً روحيّاً ، وقد أفاض في الكلام على فضيلة التواضع، وجعلها أساس الكمال المسيحي. وشرح بإسهاب وعذوبة ما سبق وكتبه القديس بندكتس عن هذه الفضيلة السامية، وعن الدرجات الإثنتي عشرة التي تتألّف منها.
ويرى برنردس أن الحياة الرهبانية هي مدرسة الكمال، وأن الطرق الرهبانية هي درجات متفاوتة يسوة بعضها بعضاً. وأخص العبادات التي مارسها القديس برندس وكتب عنها، العبادة ليسوع إبن الله المتأنّس، والعبادة للبتول مريم أم يسوع وأم الله. وما أجمل ما تغنّى به القديس برنردس في مواعظه الشائقة عن حداثة المسيح، وحياة المسيح، وآلام المسيح فأضرم في النفوس نار محبّة المسيح.
والقديس برندس هو واضع الترنيمة البديعة التي أضحت ترددها الدنيا كلّها، وهي: السلام عليك ايتها الملكة أم الرحمة والرأفة. وقد اعتادت الكنيسة الغربية أن تتلو هذه الصلاة كل يوم، مع جمهور المؤمنين، في نهاية الذبيحة.
وهكذا يبقى القديس برندس في مصفّ كبار الآباء القديسين بمواعظه وتآليفه ورسائله، ويبقى نوراً ساطعاً في سماء الحياة الرهبانيّة والحياة الروحيّة، يضيء السبل أمام النفوس المتعبّدة التقيّة.
وما كاد برندس يبلغ الثالثة والستين من عمره حتى انحطّت قواه، وذبل جسمه من وفرة الأشغال وعناء الأسفار وإدمان الأصوام والإسهار. فارتمى على سرير الآلام وأخذ يستعد للمثول أمام منبر المسيح، لينال من يد هذا الديّان الإلهي العادل إكليل المجد المحفوظ للعبيد الأمناء.
وبينما كن ينتظر ساعته الأخيرة، إذا برئيس أساقفة تريف Trève يهبط عليه في دير كلرفو، ويطلب إليه بإلحاح أن يرافقه إلى مدينة ميتس، ليوقف القتال في الحرب الأهلية . فقام برندس، رغم ضعفه وأوجاعه، واستند إلى سواعد رهبانه، وراح يطوي البلاد، إلى أن أشرف على ميدان القتال. فأخذ يذهب من معسكر إلى معسكر، وينصح وينذر ويتضرّع، إلى أن كفّ الناس عن القتال، ورموا سلاحهم بين يديه وتصالحوا وتصافوا.
واجتمع رؤساء الفريقين المتخاصمين، ووقّعوا بحضوره معاهدة الصلح، وعاد السلام إلى تلك الأمصار المسيحيّة الثائرة. لقد طالما كان الأساقفة والكهنة والرهبان رسل السلام في الدنيا، في كل الزمان.
وبعد ذلك عاد برندس إلى ديره محمولاً على أيدي رهبانه. وما عتم أن أسلم روحه الطاهرة بين يدي أولاده في 20 آب سنة 1153. قتصاعدت حول نعشه صلواتهم وزفراتهم، وكانوا جيشاً جراراً، لا يقل عددهم عن سبع مئة راهب. وهكذا غابت تلك الشمس المشرقة التي أضاءت الدنيا مدّة تنيف على الأربعين سنة.
وأعلنت الكنيسة قداسة برندس سنة 1174، على ايام الحبر الأعظم البابا ألكسنذرس الثالث. والقديس برندس لا يزال حيّاً بتعاليمه ورهبانه وكتاباته، وشفاعته المقبولة لدى الله، ومثَلِه العالي الذي لا يبلى.

تذكار معجزة القديس ثاؤفيليس 23 (بحسب الكنيسة القبطية الارثوذكسية)
في هذا اليوم تعيد الكنيسة بتذكار الآية العظيمة التي صنعها الله في عهد القديس ثاؤفيلس البابا الثالث والعشرين. وذلك أنه كان في مدينة الإسكندرية رجل يهودي اسمه فيلوكسينوس. كان غنيًا جدًا وخائفًا من الله وعاملا بشريعة موسى وكان في المدينة فقيران مسيحيان فجدف أحدهما قائلًا: "لماذا نعبد المسيح ونحن فقراء. وهذا اليهودي فيلوكسينوس غني جدًا؟" فأجابه الثاني قائلًا: "مال الدنيا ليس له عند الله حساب. ولو كان له حساب لما كان أعطاه لعابدي الأوثان والزناة واللصوص والقتلة. فالأنبياء كانوا فقراء مضطهدين وهكذا الرسل أيضا والرب يقول أخوتي الفقراء" (مت 25: 40) فلم يتركه عدو الخير يقبل شيئا من قول رفيقه فجاء إلى فيلوكسينوس اليهودي وسأله أن يقبله في خدمته. فقال له: "لا يحل أن يعاشرني إلا من يدين بديني فان كنت تريد صدقة أعطيتك"، فأجابه ذلك المسكين قائلًا: "خذني عندك وأنا أعتنق دينك وأعمل جميع ما تأمرني به". فأخذه إلى مجمعهم فسأله الرئيس أمام جماعة اليهود قائلًا: "أحقا تجحد مسيحك وتصير يهوديا مثلنا؟" فقال "نعم". وهكذا جحد المخدوع المسيح الإله أمام جماعة اليهود وأضاف إلى فقره في المال فقر الإيمان فأمر الرئيس أن يعمل له صليب من خشب ودفعوا له قصبة عليها إسفنجية مملوءة خلا ثم حربة وقالوا له "أبصق علي هذا الصليب، وقدم له هذا الخل وأطعنه بالحربة. وقل طعنتك أيها المسيح". ففعل كل ما أمروه به. وعندما طعن بيده الآثمة الصليب المجيد سال منه دم وماء علي الأرض. ثم سقط ذلك الجاحد ميتا يابسا كأنه حجر فاستولي الخوف علي الحاضرين، وآمن كثيرون منهم وصاحوا قائلين "واحد هو اله النصارى. نحن مؤمنون به" ثم أخذوا من الدم ومسحوا به عيونهم ووجوههم وأخذ أيضا منه فيلوكسينوس، ورش علي ابنة له ولدت عمياء فأبصرت للوقت فآمن هو وأهل بيته وكثيرون آخرون من اليهود وبعد ذلك أعلموا البابا ثاؤفيلس بذلك. فأخذ معه الأب كيرلس (ترجمته تحت اليوم الثالث من شهر أبيب) وجماعة من الكهنة والشعب وأتي إلى مجمع اليهود وأبصر الصليب والدم والماء فأخذ منه وتبارك وبارك الشعب أيضا ثم نزع الدم من الأرض ووضعه في أناء للبركة وأمر بحمل الصليب إلى الكنيسة وبعد أن أخذ إقرار الحاضرين بالإيمان عمدهم باسم الأب والابن والروح القدس وباركهم ثم مضوا إلى منازلهم شاكرين السيد المسيح وممجدين اسمه القدوس.
لربنا المجد دائمًا. آمين.