لبنان
12 تشرين الأول 2021, 11:50

في كاتدرائيّة القدّيس نيقولاوس- حيّ الميدان فرحتان!

تيلي لوميار/ نورسات
رقّى راعي أبرشيّة زحلة وبعلبك وتوابعهما للرّوم الأرثوذكس أنطونيوس الصّوريّ الأب إرميا عزّام إلى رتبة أرشمندريت، خلال صلاة السّحريّة وقدّاس الأحد ترأّسهما في كاتدرائيّة القدّيس نيقولاوس- حيّ الميدان، بمشاركة المتروبوليت نيفين صيقلي الّذي احتفلت به الرّعيّة أيضًا لانتخابه عضوًا أصيلاً في المجمع الأنطاكيّ المقدّس.

وللمناسبة، ألقى المتروبوليت أنطونيوس عظةً قال فيها: "سمعنا في الرّسالة اليوم عن الإنسان المسؤول أو المسيحيّ الحقيقيّ. البشر عامّةً كما جاء في العهد القديم كانوا يطلبون من الله أن يغدق عليهم الأموال والغنى والأولاد ، وكانوا يرون أنّ المرض أو الفقر دليل عدم رضى إلهيّ.

أمّا مع الرّبّ يسوع فتغيّرت هذه النّظرة. بولس مثلاً يتحدّث أنّ الرّسل وهم فقراء يغنون كثيرين، وفي الظّاهر وإن كانوا حزانى فهم ينشرون الفرح لكثيرين، وفي ظلّ الاضطراب عند الآخرين ينقلون لهم السّلام.

لأنّ كلّ ما يأتي من الخارج لا يستطيع بالضّرورة أن يعكّر ما في الدّاخل. ومن كان داخله مملوءًا بحضور الله فهو لا يتأثّر بما في الخارج، بل بالعكس يؤثّر إيجابًا، وبالنّعمة الّتي فيه يطلب للّذين حوله السّلام والفرح والرّضى والاطمئنان.

لذلك حياتنا كمسيحيّين هي المحبّة والجهاد الدّائم لكي نتقبّل النّعمة الإلهيّة الّتي تسكن فينا ونجعل الإنسان من الدّاخل مملوءًا راحةً وسلامًا ولطفًا ووداعة وتواضعًا، وهذه كلّها صفات الله الّتي تنبثق من المحبّة الإلهيّة. من يدخل في سرّ محبّة الله لا يشترك وحده في هذا السّرّ بل يُشرك معه الّذين حوله.

لذلك قال القدّيس سيرافيم ساروفسكي: "إقتنِ سلام الله فيخلّص من حولك الآلاف".

إذن يا أحبّة ما يوجد في داخلنا في القلب هو يحدّد المسار الرّوحيّ لنا. يقول سفر دانيال:القلب نجسٌ! من يعلم هكذا الإنسان الصّدوق. قلب الإنسان يكون نجسًا عندما يكون ملوّثًا بأفكار الشّرّ والحسد والجشع والتّسلّط، ملوّثًا بأفكار أهواء طلبًا للّذة واستهلاكًا للذّات.

يتنقّى القلب بالصّلاة والصّوم والكلمة الإلهيّة والخدمة والتّواضع. وهذه هي رسالتنا كمؤمنين وبشكل خاصّ كإكليروس، الّذين عليهم أن يكونوا قدوةً للمؤمنين في هذه الأمور لاسيّما في الصّلاة والعفّة. فالعفّة أن يضبط الإنسان نفسه ولا ينجرّ وراء أفكاره وأهوائه.  

كمؤمنين وإكليروس علينا أن نجاهد، وبالأخصّ نحن الإكليروس المرشدين، إمّا أن نرشد النّاس إلى المسيح وإمّا أن نُبعد النّاس عن المسيح والكنيسة وبذلك يكون حسابنا أكبر، لأنّ من يعرف أكثر يُحاسب أكثر.

أقول هذا الكلام، لأجل ذلك، كي يسمع الأرشمندريت إرميا والكهنة جميعًا ونحن الأساقفة، كي نسمع ونعرف أنّنا مدعوّون كخدّامٍ للمسيح لنحبّ ونبذل ونضحّي ونجاهد ونتواضع وأن نكون ودعاء وأن لا نطلب شيئًا لأنفسنا، لا مسؤوليّة ولا ترفيع ولا أيّ شيء آخر.

لأنّه كما يقول الرّبّ: "مهما فعلتم فقولوا إنّنا عبيد بطّالون، إنّما فعلنا ما قد أُمرنا به."

فلا فضل لنا إذا عملنا، ولكن سنُحاسب إن لم نعمل. لا فضل لنا إذا صرنا مكرّسين للرّبّ، الفضل لله وهذه مسؤوليّة أخرى. لأنّ من يرعى النّفوس سوف يدفع ثمنًا عن هذه النّفوس أمام الله، وكلّ نفس يخسرها ستُطلب منه، وكلّ نفس تبتعد عن الرّبّ سوف يُسأل عنها، وكلّ نفس تتعثّر بسببه سوف يُدان لأجلها.  

لذلك على الإكليروس أن يكونوا رجالاً لله يسعون كي يكونوا منزّهين عن كلّ خطيئة وشهوة وفكر سيّء وعن كلّ ما لا يرضي المسيح وما لا يشبه يسوع المسيح، لأنّنا كلّنا كمؤمنين مسحاء وكلّ من اختاره الرّبّ ليكون خادمًا لشعبه، عليه أن يعرف أنّه يكبر حين يتّضع وأنّه يتمجّد حين ينسحق.

غسل الرّبّ يسوع أرجل تلاميذه، وقال لهم: "أنتم تقولون عنّي إنّي السّيّد والرّبّ، وهذا صحيح، ولكن انظروا ماذا فعلت لكم! إذا كنت أنا الرّبّ والسّيّد أغسل أرجلكم، فكم بالحريّ أن تغسلوا أرجل بعضكم البعض".

هكذا أيّها الأرشمندريت عليك أن تقتدي بالمعلّم.

اليوم صارت مسؤوليّتك أكبر أمام الله، أيّ أنّ الرّبّ يطلب منك حبًّا. قبل اليوم كان عندك ربّما ضعفات، اليوم أنت مدعوّ أن تتحرّر منها، يومًا بعد يوم عليك أن تتخلّى عن نفسك، عن فكرك، عن مشيئتك وعن كلّ ما يقودك بإرادتك أو بغير إرادتك، لكي يصير المسيح بكلمته وروحه القدّوس هو الّذي يقود سفينة حياتك، وهو الّذي يحدّد أفكارك وأعمالك وشهادتك.

اليوم رُفّعت وصرت تتقدّم على كهنة كثيرين أكبر منك سنًّا. اليوم أنت مدعوٌّ لتصير تحت الكلّ لكثير، وهكذا يتمجّد الله فيك حين تقبل الصّليب وتحمل صليب الحبّ، وتقبل برضى ومحبّة وفرح أنّك معلّق على الصّليب وإذا ثبتّ فيه تتمجّد معه من الآن وإلى دهر الدّاهرين.

اليوم أخذت صليبَين، بركة من سيّدنا نيفن، لذا مسؤوليّتك أكبر بكثير ومطلوب منك أن تمّحي حتّى يرتسم المسيح على وجهك بحياتك وكلامك.

ونشكر الرّبّ أيضًا، في هذه الرّعيّة وفي هذه الأبرشيّة عندنا أبونا مارون، الرّبّ يقوّيه ويبارك به، مرتبط الآن بسفرٍ للخارج، وسنتعاون معًا ومع كهنة الرّعيّة ومع أبنائها والمجلس لكي يشعّ النّور الموجود أكثر وأكثر .

أيضًا اليوم نعيد ونفرح بسيّدنا نيفن الّذي انتخبه المجمع المقدّس عضوًا أصيلاً في المجمع الأنطاكيّ المقدّس. ندعو لسيادته بالصّحّة والقوّة والبركة والحفظ والسّنين العديدة، وأن يبقى نور أنطاكية إلى بلاد الرّوس يحمل لنا روح التّقوى والإيمان الّذي يجمع الكنيستين. وسيّدنا نيفن مقدّر في روسيا وفي أنطاكية ومن الكلّ في كنيستنا وعلى رأسها صاحب الغبطة. نقول مجدّدًا لسيّدنا نيفن أكسيوس."

بعد القدّاس، انتقل الجميع إلى صالون المطرانيّة وتلقّى المطرانان والأرشمندريت الجديد التّهاني بالمناسبة.

وفي الختام أقيمت مائدة محبّة .