دينيّة
08 تشرين الثاني 2018, 14:00

في عيد إليزابيث للثّالوث

ماريلين صليبي
في عيد إليزابيث للثّالوث مقاربة لأبرز محطّات حياتها.

 

هي التي بعد موت والدها واختبارها الفقر مع والدتها ما لبثت أن لامست السّنّ الثّامن حتّى طلبت الارتواء بالتّرهّب إذ قالت: "أشعر به في داخلي، هذا هو بالذّات ما يحقِّقُ كلّ غبطتي. لقد وضعَ في قلبي عطشًا إلى اللّامتناهي وحاجة هائلة إلى الحبّ، هو وحده يستطيع أنْ يُشبِعَها…".

هذه الكلمات لا بدّ من أن تدفعنا صوب الإيمان العميق، صوب التماس عظمة الله في حياتنا، صوب جعله محور اهتمامنا وشفاء أوجاعنا وشبع جوعنا وارتواء عطشنا.

هي التي أخذت كلمة "الكرمل" تتردّد دومًا وتتبلور في أعماق نفسها لم تبتعد خطوة عن كونها شخصًا مُرهفًا، حسّاسًا، فرحًا، وفيًّا لأصدقائه، فدخولها إلى الدّير وانجذابها إلى المسيح زادا من انخراطها في شبكة الحياة الاجتماعيّة حيث اهتمّت بالجميع قائلة: "أنا لا أنسى أحدًا؛ إنّ القلب يتوسَّع في الكرمل ويعرف كيف يزداد حبًّا...".

هذه الكلمات لا بدّ من أن تمتّن علاقاتنا بمن يدور في فلك حياتنا الاجتماعيّة، فلا الحقد ولا الغيرة ولا الحسد ولا المصلحة ترضي الله والآخرين، بل هي المحبّة والعطاء والخير مفاتيح الخلاص والصّداقة.

حياة الكرمل لم تتقدّم بسهولة إلى إليزابيث لأنّ والدتها كانت ممانعة لفترة طويلة. غير أنّ الدّعوى الرّهبانيّة كانت أقوى من أيّ شيء، فنالت إليزابيث الحياة الرّهبانيّة المرادة حيث كان عنوانها التّأمّل بالكتاب المقدّس ورفع الصّلاة إلى الثّالوث الأقدس: "إلهي، يا ثالوثي الذي أعبده، ساعدني على نسيان ذاتي كليًّا لأستقرَّ فيك في سكون وهدوء، كما لو كانت نفسي منذ الآن في الأبديّة! يا من لا يخضع للتّغيّر، لا تدع شيئًا يعكّرُ سلامي أو يُخرجني منك. بل فلتَحْمِلْني كلُّ دقيقة بعيدًا جدًّا في أعماق سرّك…".

هذه الكلمات لا بدّ من أن تجعل من الثّالوث القدّوس في حياتنا، على غرار ما اعتبرته إليزابيث، مسكننا، بيتنا الخاصّ بنا، البيت الأبويّ الذي يجب علينا ألاّ نخرج منه أبدًا.

داء العضال كان نصيبها، والأسبوع المقدّس شكّل مراحل بارزة في حياتها، إذ تألّمت مع المسيح في الجمعة العظيمة وارتاحت في سبت النّور قبل أن تغادر دنيا الأرض قدّيسة إلى دنيا الحقّ.