دينيّة
21 تشرين الثاني 2016, 08:08

في ذكرى تقديم العذراء إلى الهيكل..

ريتا كرم
هي مريم العذراء الّتي اختارها الله لتتحقّق في أحشائها أعجوبة الأعاجيب: تجسّد يسوع المسيح. اختارها من قبل الدّهور لأجل خلاص الجنس البشريّ فأضحت هيكلاً حيًّا للرّوح القدس وحملت النّعمة منذ ولادتها؛ هي من قُدّمت إلى الهيكل في الثّالثة من عمرها إيفاء لنذر والديها حنّة ويواكيم اللّذين رزقهما الله إبنة بعد سنين طويلة من الانتظار. هي سيّدة كلّ الأيّام المباركة وبخاصّة هذا اليوم، لأنّه ذكرى تقديم أمّ الله إلى قدس الأقداس.

 

لم تعش مريم العذراء مثل سائر أطفال العالم، ما شغلتها الألعاب وما غرّتها المظاهر البرّاقة وما دنّستها خطيئة. هي مختارة الرّبّ الّتي دخلت الهيكل كذخيرة إلهيّة نضحت إيمانًا وصلاة وخدمة، صقلت قلبها بمحبّة عارمة وعشق ظاهر عبر تعلّمها القراءة ومطالعتها للكتب المقدّسة. من بين يديها خرجت أعمال يدويّة انشغلت بها خلال كلّ تلك الفترة، فكانت تعمل كثيرًا وتنام قليلاً وتصمت غالبًا، صمت عميق مقدّس تتوّجه خلوات خاشعة ناجت خلالها الله وخاطبت عبرها الملائكة. هي مريم الرّصينة الأخلاق والعذبة الكلام الّتي تحضّرت لقبول الكلمة في أحشائها سائرة نحو مصيرها بطوعيّة وعشق إلهيّ، فبقيت في الهيكل حتّى بلوغها الثّانية عشرة من العمر لتعود بعدها إلى النّاصرة وتقبل البشارة وتُخطب إلى يوسف وتصبح أمّ يسوع النّاصريّ، وبالتّالي أمّ الكنيسة.

اليوم، إذًا، تدخل الكلّيّة النّقاوة إلى بيت الرّبّ، "وتدخل معها النّعمة الّتي بالرّوح الإلهيّ فتسبّحها ملائكة الله لأنّها هي المظلّة السّماويّة"، فتتهيّأ الكنيسة المقدّسة لمجيء الله.

لذا، في هذا الزّمن المقدّس، إجعلنا يا ربّ نفتح قلوبنا على ميلادك المجيد، ونحفظ نفوسنا لك وحدك على مثال مريم العذراء، فنسير نحوك بطوعيّة وقدسيّة يغمرها عشق إلهيّ لا تأسره خطيئة ولا تبطله هرطقات، آمين!