الفاتيكان
14 كانون الأول 2022, 14:20

في ختام تعليمه حول التّمييز البابا فرنسيس يدعو إلى اليقظة

تيلي لوميار/ نورسات
إختتم البابا فرنسيس اليوم خلال المقابلة العامّة تعليمه حول التّمييز، مذكّرًا بحديثه في المقابلات العامّة السّابقة عن أهمّ عناصر التّمييز مشيرًا إلى أنّه قد انطلق في البداية من مثال القدّيس إغناطيوس دي لويولا فتحدّث عن الصّلاة ومعرفة الذّات والتّعزية واتّخاذ القرارات.

وتابع الأب الأقدس بحسب "فاتيكان نيوز"، لافنًا إلى أنّه "من الضّروريّ اليوم التّوقّف عند الدّعوة إلى تصرّف أساسيّ حتى لا يضيع كلّ العمل الّذي تمّ القيام به من أجل التّمييز بأفضل شكل واتّخاذ قرارات صحيحة، هذا التّصرّف هو اليقظة، أن نكون ساهرين. وإنطلق الأب الأقدس من القراءة من إنجيل القدّيس متّى حيث قال يسوع: "إِنَّ الرُّوحَ النَّجِس، إِذا خَرَجَ مِنَ الإِنسان، هامَ في القِفارِ يَطلُبُ الرَّاحَةَ فلا يَجِدُها، فيقول: "أَرجِعُ إِلى بَيتِي الَّذي مِنهُ خَرَجْت". فيَأتي فيَجِدُه خالِيًا مَكنوسًا مُزَيَّنًا. فيَذهَبُ ويَستَصحِبُ سَبعَةَ أَرواحٍ أَخبَثَ مِنهُ، فيَدخُلونَ ويُقيمونَ فيه، فتَكونُ حالةُ ذٰلك الإِنسانِ الأَخيرةُ أَسوأَ مِن حالَتِهِ الأُولى" (متّى ١٢، ٤٣-٤٥). وتحدّث البابا بالتّالي عن خطر أن يخرب الرّوح النّجس كلّ شيء ويجعلنا نعود إلى نقطة البداية بل وإلى حالة أسوأ، ولهذا فعلينا التّيقّظ كي تتمّ مسيرة التّمييز بشكل جيّد ولا نخسر ما تمّ التّوصّل إليه. وأشار الأب الأقدس إلى إصرار يسوع في كلماته على ضرورة أن يكون التّلميذ الجيّد متيقّظًا، ألّا ينام، وألّا تهيمن عليه مشاعر طمأنينة مبالغ فيها حين تسير الأمور بشكل جيّد، عليه أن يكون متنبّهًا ومستعدًّا للقيام بواجبه، قال البابا. وأراد قداسته التّذكير من جهة أخرى بما جاء في الإنجيل حسب القدّيس لوقا: "لِتَكُنْ أَوساطُكُم مَشدودة، ولْتَكُنْ سُرُجُكُم مُوقَدَة، وكونوا مِثلَ رِجالٍ يَنتَظِرونَ رُجوعَ سَيِّدِهم مِنَ العُرس، حتَّى إِذا جاءَ وقَرَعَ البابَ يَفتَحونَ لَه مِن وَقتِهِم. طوبى لأُولِئكَ الخَدَم الَّذينَ إِذا جاءَ سَيِّدُهم وَجَدَهم ساهِرين." (راجع لوقا ١٢، ٣٥-٣٧).

وواصل الأب الأقدس متوقّفًا عند أهمّيّة اليقظة من أجل حماية قلبنا وفهم ما يحدث داخله، وقال إنّ هذا استعداد نفسيّ لدى المسيحيّين الّذين ينتظرون مجيء الرّبّ الأخير، ولكن يمكن أن نفهم هذا باعتباره تصرّفًا اعتياديًّا في الحياة وذلك كي تتواصل بشكل صحيح اختياراتنا الجيّدة الّتي جاءت عقب تمييز ملزِم وتأتي بالثّمار. وحذّر قداسة البابا من أنّه في حال غياب اليقظة يكون هناك خطر كبير جدًّا، أن يضيع كلّ شيء، وليس هذا خطرًا نفسيًّا بل هو روحيّ بسبب إصرار الرّوح الشّرّير الّذي ينتظر اللّحظة الّتي نكون فيها واثقين بأنفسنا بشكل كبير وأن نشعر بالفوز. وذكَّر البابا فرنسيس هنا بالقراءة من إجيل القدّيس متّى حيث يتحدّث يسوع عن عودة الرّوح النّجس إلى البيت الّذي خرج منه فيأتي فيجده خاليًا مكنوسًا مُزَيَّنا، أيّ أنّ كلّ شيء على ما يرام، على أنّ صاحب البيت غير موجود، قال البابا، ليس هناك إذًا من يحرس هذا البيت ويسهر عليه. لم يكن يقظًا ومتنبّهًا لأنّه كان على ثقة كبيرة في الذّات وفقد التّواضع لحماية بيته. شدّد الأب الأقدس بالتّالي على ضرورة أن نحرس دائمًا بيتنا، قلبنا، وألّا نلتهي عن هذا.

وعاد البابا فرنسيس إلى كلام يسوع مشيرًا إلى أنّ الرّوح النّجس لا يعود بمفرده إلى البيت بل يستصحب سبعة أرواح أخبث منه، وتسائل الأب الأقدس بالتّالي لِم يدخلون بسهولة ولماذا لم ينتبه إليهم صاحب البيت، وأجاب أنّ صاحب البيت قد عشق بشكل مبالغ فيه بيته، أيّ ذاته، وتوقّف عن انتظار الرّبّ، وربّما، وخوفًا من تخريب ما في البيت من نظام وترتيب، لم يستقبل فيه أحدًا، لم يدعُ إليه الفقراء ومَن لا ملجأ لهم. وتحدّث البابا بالتّالي عن الشّعور بأنّنا صالحون ومهرة، وتابع أنّنا حين نثق بشكل زائد في أنفسنا بدلاً من الثّقة في نعمة الله فإنّ الشّرّير يجد البابا مفتوحًا فينظّم حملة دخول البيت للاستيلاء عليه، وهكذا، وكما قال يسوع، "تكون حالة ذٰلك الإِنسان الأخيرة أَسوأ من حالته الأولى. وعاد الأب الأقدس إلى عدم تنبّه صاحب البيت فقال إنّ هذه الأرواح النّجسة كانت مهذّبة فتدخل بدون أن ينتبه أحد، وحذّر البابا من الشّيطان المهذّب وشدّد على ضرورة حراسة البيت من خداعه مشيرًا إلى خطر الدّنيويّة الرّوحيّة".

وفي ختام تعليمه الأسبوعيّ حول التّمييز، قال البابا فرنسيس: "إنّنا كثيرًا ما نخسر بسبب غياب اليقظة، كما وكثيرًا ما يمنحنا الله نعمًا إلّا أنّنا نكون غير قادرين على الحفاظ عليها فنخسر كلّ شيء لغياب اليقظة. لا يكفي القيام بتمييز جيّد واتّخاذ قرارات جيّدة بل يجب أن نكون متيقّظين وأن نحرس النّعمة الّتي يهبنا الله إيّاها، علينا أن نحرس قلوبنا، وهذه اليقظة هي علامة حكمة وفي المقام الأوّل علامة تواضع، والتّواضع هو الطّريق الرّئيسيّ للحياة المسيحيّة."