عين القبو أحيت عيد قدّيسها
في عظته، ركّز أبو جوده على دور الدّير التّاريخيّ فقال: "منذ تسلَّمت الرّهبنة الأنطونيّة دير مار سمعان العموديّ في عين القبو، من المطران يوآصاف الدّبسيّ البسكنتاويّ سنة 1756، أولت اهتمامًا بالغًا بالدّير من خلال الرّهبان الّذين تعاقبوا على رئاسته وعلى الخدمة فيه، وخدمة البلدة ومنطقة بسكنتا.
لقد عاش الرّهبان مَشوراتهم الإنجيليّةَ، الطّاعة والعفّةَ والفقر الاختياريّ، فكان منهم الخبير في الشّؤون الرّوحيّة والخبير في الشّؤون الزّراعيّة. فأرشدوا النّفوس نحو الرّبّ بالصّلاة والتّقوى والتّوبة، واهتمّوا بإصلاح الأراضي وزرعها وتربية المواشي. وما تأسيس الرّهبنة لمدرسة مار عبدا بسكنتا سنة 1857 إلّا دليل على أنّ رهبان الدّير اهتمّوا أيضًا بالشّؤون التّربويّة والتّعليميّة والأخلاقيّة.
إلى جانب هذه الشّؤون، حافظ رهبانُ هذا الدّير على الطّابع النّسكيّ، مقتدين بروحانيّة مار سمعان العموديّ، كسائر العموديّين، وهو العموديّ الصّغير، الّذي نعيِّد له اليوم، وليس سمعان الكبير الّذي هو تلميذ مار مارون.
إنّ هذا العموديّ أبصر النّور في أنطاكيّة سنة 521، ورقد بالرّبّ سنة 596، ولقّب بالحلبيّ، تميّزًا من العموديّ الكبير الّذي لقّب بالإنطاكيّ، فقد أقام على عمود مدّة خمس وأربعين سنة، متقشّفًا، مصلّيًا، يقتات الأعشاب في الأيّام القليلة الّتي لا يصومُ فيها. وشفى أمراضًا كثيرة في النّفس والجسد.
لا يزال هذا الدّير يحافظ على طابعه النّسكيّ، بفضل موقعه الجبليّ، وخلوته، وسكينته، وصلوات الرّهبان في الصّباح والمساء، وهو من الأديار الّيي يقصدهها كلّ طالب خلوة ورياضة روحيّة، يجدّد فيها حياته، فينصرف إلى الصّلاة والتّأمّل والصّوم والعبادة.
وفي بداية القدّاس كانت كلمة لحضرة رئيس الدّير الأب مارون العاقوريّ شدّد فيها على حبّ سمعان العموديّ ليسوع الّذي تحمّل لأجله عذاب العيش على عمود ليعبّر عن حالة توبته الدّائمة.
فليعطنا الرّبّ أن نتّخذ من حياة القدّيسين مثالاً نحتذي به في عالم اليوم لتبقى تعاليم يسوع حيّة في قلوبنا".