عبد السّاتر: نحن مدعوّون إلى التّشبّه بأمّنا مريم في حياتنا كلّ يوم
وبعد الإنجيل المقدّس، ألقى المطران عبد السّاتر عظة قال فيها بحسب إعلام الأبرشيّة:
"أحبّائي، نقدّم هذا القدّاس على نيّة بلدتنا العزيزة الحدت، وعلى نيّة عائلاتها ومسؤوليها وكهنتها ليحفظهم الرّبّ بشفاعة أمّنا مريم العذراء سيّدة الانتقال، ويمنحهم الأمان والسّلام والعافية والحكمة في التّدبير. ونصلّي أيضًا على نيّة المرضى من بيننا من أجل شفائهم، وعلى نيّة الموتى من أهلنا حتّى ينعموا بالحياة الأبديّة في قلب الله برفقة الأبرار والقدّيسين.
وأودّ أن أشكر حضرة المونسيور بيار خادم الرّعيّة والكهنة معاونيه على دعوتهم لي لنكون معًا في هذا المساء لنسبّح الرّبّ ولنحمده على كلِّ عطاياه ولنفرح بعيد أمّنا السّماويّة ولنصلّي من أجل السّلام في وطننا لبنان وفي المنطقة وفي العالم أجمع.
إخوتي وأخواتي،
إذا تأمّلنا بحياة صاحبة العيد فإنّنا نلاحظ بأنّها كانت تدور كلّها حول الله وحول كلمته المقدّسة، وكان همّها العيش بحسب إرادته. ففي الصّباح كانت تسبّحه وتشكره وتتأمّل بكلمته وبعمله الخلاصيّ. وفي المساء كذلك من دون ملل ولا كلل وبكلّ بهجة وفرح. وفي النّهار كانت في صغرها تخدم في الهيكل، وفي ما بعد تخدم عائلتها وابنها واللهُ حاضرٌ في قلبها وعقلها. وكان الحبّ والفرح يملآن قلبها.
وفي مجمع رئيس الأحبار قيافا وعند بيلاطس حين رأت الشّرّ يحكم على البريء ظلمًا بقيت واقفة مؤمنة بصدق وعود الله منتظرةً خلاصه وبقي هو وحده محور حياتها وأساسها. وأمام الصّليب صرخت مع وحيدها إلى الله الواحد والوحيد "بين يديك أستودع روحي" وأسلمته فلذة كبدها لأنّها كانت تعرف وتؤمن أنَّ الله خلاص وحياة. بكت ولكنّها لم تفقد الرّجاء. جاز في قلبها سيف الألم ولكنّها لم تكفر.
أحبّائي، نحن مدعوّون إلى التّشبّه بأمّنا مريم في حياتنا كلَّ يوم. نحن مدعوّون إلى أن نجعل من الرّبّ يسوع المحور والأساس في حياتنا. به نفكّر صباحًا مساء وبكلمته نتأملّ ومعه نعيش علاقة حبّ تفيض حبًّا على القريب فنفرح ونبتهج.
فهمت أمّنا مريم أنّ الحبَّ الحقيقيّ هو سبب كلّ فرح فدخلت في العلاقة مع الله من دون تردّد. ونحن كذلك فلندخل في علاقة حبٍّ مع ربّنا ومخلّصنا يسوع، هذه العلاقة الّتي لا تتطّلب منّا سوى أن نحبّ. دعونا لا نكون كهؤلاء الّذين يرافقون الرّبّ من أجل مصالحهم وطموحاتهم ورغباتهم وليس حبًّا به. دعونا لا نخاف ممّا سيطلبه الرّبّ منّا في هذه العلاقة لأنَّ ما سيطلبه سيكون لخلاصنا حتمًا وسبب فرح عظيم. لنجدِّد ثقتنا بمحبّته لنا ولنجدِّد إيماننا بانتصاره على كلِّ موت وكلّ شرّ.
إخوتي وأخواتي، فلنطلب من أمّنا مريم العذراء أن تشفع بنا أمام ابنها يسوع ليملأنا من حبّه ومن حضوره ومن فرحه. آمين".
وكانت كلمة للمونسنيور بيار أبي صالح جاء فيها: "صاحب السّيادة، منذ تسعة أيّام، والحدت تتحضّر لعيد سيّدتِها بسلسلة من النّشاطات الرّوحيّة والتّرفيهيّة، في جوّ من المحبّة والرّجاء والانتظار الفاعل لهذه اللّحظة الّتي هي ليست محطّة وصول، بل انطلاقة جديدة لتجديد إيماننا، والانطلاق بزخم رعويّ متجدّد، ببركة راعينا ومدبّرنا بالمسيح مار بولس مطراننا، لنكون شهودًا للرّجاء في قلب هذه السّنة اليوبيليّة المقدّسة.
تفرح بلدة الحدت اليوم باستقبالكم، راعيًا متواضعًا ومدبِّرًا حكيمًا، بكهنتها ورهبانها وراهباتها ونوّابها ورئيس البلديّة مع المجلس البلديّ والمخاتير وكلّ الفعاليّات وعائلات الحدت والمشاركين معنا في هذا القدّاس.
إنّ رعيّة السّيّدة الحدت، بكهنتها ولجنة الوقف والمجلس الرّعويّ، وجميع اللّجان والجماعات والأخويّات والكشّافة مع أبناء الرّعيّة، تفرح بكم، تباركون أرض رعيّتكم، وقد كنتم في أصعب لحظات مرحلة الحرب الأخيرة، أوّل المتّصلين، تسألون عن الكهنة، وأهل الحدت، وأحوال بيوتهم وكنيستهم. وهذه علامة على إنسانيّتكم المرهفة وروح الأبوّة الّتي تتحلّون بها.
سيّدنا، إنّ إيمان أهل الحدت مدرسة لنا جميعًا، وتكريمهم للعذراء سيّدتهم لا يوصف. ها نحن مجتمعون اليوم معكم، لنشكر سيّدة الحدت على حمايتها الدّائمة لنا ولبلدتنا، مردّدين صلاتنا المارونيّة: "في ظلّ حمايتك نلتجئ يا والدة الله القدّيسة… نجّينا من كلّ المخاطر".
إنّها الأمّ الّتي تعلّمنا الثّبات بالإيمان وتقودنا أكثر فأكثر إلى الرّجاء الّذي لا يخيّب ولا يخيب. وإنّ احتفالنا اليوم في ساحة البلدة ما هو إلّا علامة شكر للرّبّ الّذي حفظنا بشفاعة سيّدة الحدت من كلِّ خطر.
قدّاسنا اليوم في السّاحة ما كان ليبصر النّور لولا تعاون البلديّة مع الرّعيّة وهو علامة حيّة على روح السّينودس، الّتي نجسّدها فيما بيننا بمبدأ الشّركة والرّسالة. فاسمحوا لي أن أشكر حضرة رئيس البلديّة السّيّد جورج إدوار عون على جهوده ومحبّته للحدت ولكنائسها، ومن خلاله أشكر كلّ فريق عمل البلديّة والرّعيّة، على تجهيزاتهم للقدّاس تحت شمس النّهار وحرّ المساء.
كما أشكر جميع الّذين سهروا على تفاصيل الاحتفال وخدمة المذبح والجوقة والمصوّرين وأخصّ بالشّكر مكتب التّواصل والإعلام في الأبرشيّة، وكلّ الكهنة والرّئيسات العامّات والرّاهبات والرّهبان والرّسميّين والمؤمنين الّذين شاركونا من الحدت والجوار فرحة العيد.
مجدّدًا نعيد شكرنا لكم يا صاحب السّيادة على محبّتكم للرّعيّة وباسمنا جميعًا نقدّم لكم شعاركم الأسقفيّ المحفور عليه "من أجلهم أقدّس ذاتي" فهو ليس مجرّد صورة وكلمات محفورة على حجر بل شعار تجسّدونه بوداعة وتواضع المسيح حمل الله وبعصا الرّعاية وبصليب البذل والخدمة، ومعه نقدِّم لكم شعار الأبرشيّة الّتي منها انطلقتم في خدمتكم الكهنوتيّة والأسقفية واليوم تخدمونها بكلّ تفانٍ وإخلاص، مواجهين المصاعب الجمّة والتّحدّيات المتفاقمة بثقةٍ راسخة وتطلّعاتٍ واعدة.
كلّ عيدٍ وأنتم بخير، ولتظلّ سيّدة الحدت ملكةً على قلوبنا وبلدتنا ورفيقة دربنا بمسيرة حجّنا للملكوت. للرّبّ المجد من الآن وإلى الأبد. آمين".
واختتم القدّاس الّذي خدمته جوقة الرّعيّة، بزيّاح أيقونة العذراء مريم نحو الكنيسة حيث أعطى المطران عبد السّاتر البركة الختاميّة.