دينيّة
28 أيار 2024, 13:30

عيد انتصاف الخمسين

تيلي لوميار/ نورسات
بقلم الأب باسيليوس محفوض خادم عائلة كنيسة الصليب المحيي - النبعة

 

تُعيّد الكنيسة لعيد انتصاف الخمسين السيديّ يوم الأربعاء الذي يلي أحد المخلّع بعد الفصح. أتت فكرة هذا العيد من انتصاف عيد المظال اليهوديّ الذي علّم فيه السيّد، فأخذته الكنيسة ليكون في منتصف الفترة الفاصلة بين عيديْن سيّديّين كبيريْن هما القيامة والعنصرة.  

إذًا، يقع عيد انتصاف الخمسين في يوم الأربعاء، خمسةً وعشرين يومًا بعد الفصح، وخمسةً وعشرين يومًا قبل العنصرة، أي عند منتصف زمن البندكستاري أي الخمسيني الذي ينتهي بأحد جميع القدّيسين، الأحد التالي للعنصرة.  

عيد المظال اليهوديّ هو ثالث أعياد اليهود أهمّيّةً، بعد الفصح والخمسين.

عملان رمزيّان يجريان فيه: الأوّل يتعلّق بالماء الذي شربه الإسرائيليّون بشكل عجائبيّ إبّان رحلتهم في الصحراء، والثاني، يتعلّق بالقناديل التي يشعلونها في أوّل أيّام العيد، في فناء النساء في الهيكل عند ضحيّة المساء.  

لهذين الحدثين أهمّيّة كبرى لأنّهما إشارةٌ إلى المسيح. فهو من أعطى اليهود الماءَ في خلال رحلتهم في الصحراء (1كورنثوس4:10) وهو كان السحابةَ المنيرة التي غطّتهم في النهار وأنارت لهم في الليل (1كورنثوس1:10-2).  

وقد أتى يسوع الى العيد ليعطيه المعنى الكامل‘ فهو أصلًا معطي الناموس، كما احتفل بالفصح لأنّه فصحنا الأبديّ.  

نجد تعليميْن أساسيّين للمسيح يُظهران ألوهيّته ويشكّلان حقيقتيْن خريستولوجيّتين أساسيّتين:

تظهرالحقيقة الأولى في إعلانه بصوت عالٍ: "إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ. مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابُ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ". إن تفسير الرسول بولس لهذا الحدث خريستولوجيّ صرف، فهو يقول في الإشارة إلى الخلاص العجائبيّ لشعب إسرائيل، إنّ الإسرائيليّين شربوا من الصخرة الروحيّة التي رافقتهم وهذه الصخرة كانت المسيح (1كورنثوس4:10).

والحقيقة العظيمة الثانية التي يُظهرها المسيح لليهود في عيد المظال هي أنّه نور العالم "أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ" (يوحنا12:8).  

يرتبط هذا الإعلان بالسحابة المنيرة التي رافقت الإسرائيليّين في الصحراء، وقد كانت المسيح.

المسيح ليس نورًا مخلوقًا مُدرَكًا بالحواس، ولا هو نور رمزيّ، كما أنّه ليس نورًا أخلاقيًّا على ما يرغب البعض في تصويره.  

النور الإلهيّ هو قوّته غير المخلوقة التي متى أُعطيَ للناس أن يروها، بعد أن يتطهّروا، يرونها كنور.  

المسيح هو النور الحقيقيّ للعالم. هنا، علينا أن نشدّد على أمريْن أساسيّيْن:

الأوّل، إنّ هذا النور مرتبط بالحياة، ففي الحديث عن الحياة لا نعني حياة الإنسان البيولوجيّة والعاطفيّة، بل تألُّهَه. مَن يرى النور الإلهيّ ينتقل من ظلام النوس (الذهن) إلى الحياة التي هي استنارة وتألُّه.

وثانيًا، لكي يُرى الله كنور،على الإنسان أن يكون في حالة روحيّة متألّهة، وإلّا فهو يراه كنارٍ آكلة.