على طريق الجلجلة...
بدأت جلجلة المسيح بخيانة تلميذه له، خيانة يهوذا الإسخريوطي، وكم من مرّة خان كلّ منا صديقًا أو حبيبًا أحبّنا ووقف بجانبنا... وكم من مرّة نكرنا قريبًا وثق بنا على غرار بطرس الذي نكر المسيح الذّي أمّنه على كنيسته.
وكم من مرّة صرخنا أصلبوه فاتهمنا أناساً أبرياء ولفّقنا التهم كالجمع الغفير الذي طالب بصلب المسيح، وكم من مرّة غسلنا أيدينا من قضايا توجّب علينا اتخاذ مواقف حازمة بخصوصها كبيلاطس البنطي الذي شارك بصلب يسوع...
كم من مرّة تحمّل الآخر مسؤولية ذنوبنا فدفع ثمنها وخلصنا نحن، فكنّا مثل "برأبّا" الذي نجا بعد الحكم على المسيح.. وكم من مرّة كنّا كلصّ اليسار، شكّكنا بقدرات الغير وكان تحدينا لهم علامة على عدم ثقتنا بهم...
أفعال سيّئة كثيرة رافقت المسيح على طريق جلجلته، ولكن لا بدّ من التوقف أيضاً عند طيبة شخصيّات عدّة ساعدت يسوع في درب آلامه، كالقديسة فيرونيك التي مسحت جبينه، والتي تذكرنا بأشخاص كثر تواضعوا ومسحوا جراحات المحتاجين؛ وسمعان القيرواني الذي يذكّرنا بكثيرين يحملون اليوم صلبان أقرباء وأصدقاء ويساعدونهم على تخطّي معاناتهم.
موقف مريم المجدليّة أيضاً يدفعنا للتفكير بالمُنادين بالحقّ بالرّغم من إجماع العالم على الظّلم، أما لصّ اليمين فيذّكرنا بكل من آمن بقدرات الآخر ووهبه ثقته...
وكمريم العذراء، كم من والدة تتحمّل بصمت معاناة أولادها وأوجاعهم فترافقهم بصلواتها وعطفها من دون أن تضعف أو تلين، حاملة جراحها بصبر ورجاء.
وعلى مثال يوحنّا الحبيب الذي رافق صديقه طوال طريق جلجلته، لنتعلّم أن نتشجّع وسط اضطهادات العالم فنساند أحبّاءنا، فنستحق أن يجعلنا المسيح أبناء والدته...