عام 2019 يختم عقدا غير مسبوق من الاحترار العالمي والظواهر الجوية شديدة التأثير، مع تزايد مخاطر المناخ على الصحة
وبذلك، فإن عام 2019 على وشك أن يكون العام الثاني أو الثالث الأكثر دفئا على الإطلاق، وفقا للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية.
وقد جاء في البيان المؤقت للمنظمة عن حالة المناخ العالمي، الذي صدر اليوم الثلاثاء في مدريد، بالتزامن معمؤتمر الأطراف 25أن متوسط درجة الحرارة العالمية في عام 2019 (من كانون الثاني/ يناير إلى تشرين الأول/ أكتوبر) كان أعلى من فترة ما قبل العصر الصناعي بحوالي 1.1 درجة مئوية.
وأشار البيان إلى أن تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بلغت مستوى قياسيا بتركيز 407.8 جزء في المليون في عام 2018، واستمرت في الارتفاع على مدى عام 2019. وإذ يظل ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي لقرون وفي المحيطات لفترات أطول، فهو يثبِّت تغير المناخ.
أرقام قياسية منذ بدء القياسات الساتلية
ووفقا للبيان نفسه، فقد تسارع ارتفاع مستوى سطح البحر منذ بدء القياسات الساتلية في عام 1993 بسبب ذوبان الصفائح الجليدية في غرينلاند والمنطقة القطبية الجنوبية.
ويأتي كل ذلك على حساب المحيط الذي يؤدي دور الواقي بامتصاص الحرارة وثاني أكسيد الكربون.
وأفاد البيان ببلوغ حرارة المحيط مستويات غير مسبوقة، مع انتشار واسع لموجات الحرارة البحرية. وأصبحت حموضة مياه البحار أعلى بنسبة 26% مما كانت عليه في بداية العصر الصناعي. وتتدهور النظم الإيكولوجية البحرية الحيوية.
وكانت المساحة الدنيا اليومية لرقعة الجليد البحري في شهر أيلول/ سبتمبر 2019 ثاني أدنى مساحة في سجل القياسات الساتلية، وشهد شهر تشرين الأول/ أكتوبر انحسارا أكبر. وفي المنطقة القطبية الجنوبية، شهدت بعض أشهر عام 2019 أقل رقعة جليدية.
الظواهر التي كانت تحدث كل قرن باتت ظواهر منتظمة
وحذر الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، بيتيري تالاس، من أننا نتجه نحو زيادة درجات الحرارة لأكثر من 3 درجات مئوية بحلول نهاية القرن، في ظل تأثيرات ضارة على رفاه الإنسان، إذا لم نتخذ إجراء عاجلا بشأن المناخ الآن، مشيرا إلى أننا بعيدون كل البعد عن تحقيق هدف اتفاق باريس.
وأضاف السيد تالاس:
"آثار تغير المناخ تتجلى يوميا في الظواهر الجوية المتطرفة وغير الطبيعية.وقد تضررنا بشدة مجددا بأخطار الطقس والمناخ في عام 2019."
"إذ باتت موجات الحرارة والفيضانات التي كانت تحدث "مرة كل قرن" ظواهر منتظمة. وعانت بلدان من جميع أنحاء العالم، مثل جزر البهاما واليابان وموزمبيق، التأثيرات المدمرة للأعاصير المدارية. واجتاحت حرائق الغابات القطب الشمالي وأستراليا".
وأضاف أن أحد الآثار الرئيسية لتغير المناخ هو أنماط هطول الأمطار غير المنتظمة، التي تهدد المحاصيل وتطرح مع الزيادة السكانية تحديات كبيرة في مجال الأمن الغذائي أمام البلدان الضعيفة في المستقبل.
ويُعتزم نشر النسخة النهائية من البيان عن حالة المناخ العالمي بعد استيفائه بالبيانات الكاملة لعام 2019 في آذار/ مارس2020.
منظمة الصحة العالمية: مخاطر المناخ على الصحة في تزايد، إلا أن التمويل المكرس لحماية صحة الإنسان من تغير المناخ ما زال شحيحا
أصبحت حماية صحة الإنسان من آثار تغير المناخ أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، إلا أن معظم البلدان لا تطبق بشكل كامل ما وضعته من خطط في هذا المجال، وفقا لأول لمحة عالمية عن التقدم المحرز بشأن تغير المناخ والصحة.
ويعتمدالتقرير الجديد، الذي صدر اليوم الثلاثاء، على بيانات من 101 دولة شملتها الدراسة الاستقصائية لمنظمة الصحة العالمية وأُدرجت في التقرير الذي أصدرته المنظمة عن الدراسة الاستقصائية بشأن الصحة وتغير المناخ لعام 2018.
ويشير التقرير إلى أن البلدان باتت تولي أهمية متزايدة لموضوع تغير المناخ والصحة، حيث وضعت نصف الدول التي شملتها الدراسة استراتيجية أو خطة وطنية في مجال الصحة وتغير المناخ.
وأوضحت الصحة العالمية أن ما يثير القلق هو أن نحو 38% فقط من هذه البلدان خصصت ما يكفي من الموارد المالية لتنفيذ استراتيجيتها الوطنية للخطة ولو جزئيا، فيما يكرّس أقل من 10% من البلدان ما يلزم من موارد لتنفيذها بالكامل.
الدكتور تيدروس: أعباء فاتورة تغير المناخ يدفع الناس ثمنها الباهظ من صحتهم
وفي هذا السياق، أشار الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، إلى أن "أعباء فاتورة تغير المناخ لا تتراكم على الأجيال القادمة فحسب، بل يدفع ثمنها الباهظ الناس من صحتهم اليوم. حرص البلدان على تكريس الموارد اللازمة للتصدي لتغير المناخ وحماية الصحة اليوم وفي المستقبل هو ضرورة أخلاقية".
وبحسب التقرير، فقد أجرى حوالي 48% من البلدان تقييما لمخاطر المناخ على الصحة العامة. وحددت البلدان المخاطر الصحية الأكثر شيوعا المتعلقة بالمناخ على أنها تشمل: الإجهاد الحراري، أو الإصابة أو الوفاة الناتجة عن الأحداث المناخية القاسية، والأمراض المنقولة عن طريق الطعام والماء وناقلات الأمراض (مثل الكوليرا أو حمى الضنك أو الملاريا(.
غير أن قرابة 60% من هذه البلدان أفادت بأن نتائج التقييم كان تأثيرها محدودا أو معدوما على تخصيص الموارد البشرية والمالية اللازمة للوفاء بأولويات التكيف المناخي الضرورية لحماية الصحة. ومن شأن إدماج قضايا الصحة ضمن العمليات الوطنية والدولية المرتبطة بالمناخ أن يساعد في الحصول على ما يلزم من تمويل في هذا المجال.
الدول تواجه صعوبات في الحصول على التمويل الدولي لحماية صحة شعوبها من تغير المناخ
وقد خلصت الدراسة الاستقصائية إلى أن الدول تواجه صعوبات في الحصول على التمويل الدولي في مجال المناخ لحماية صحة شعوبها. فقد أبلغ أكثر من 75 منها عن نقص المعلومات بشأن فرص الحصول على التمويل المناخي، فيما أبلغ أكثر من 60 في المائة عن فقد الصلة بين الجهات الفاعلة الصحية وعمليات التمويل المناخي، وأبلغ أكثر من 50 في المائة عن نقص في القدرة على إعداد المقترحات.
وفي حين أن ثلثي المساهمات المحددة وطنيا في اتفاقية باريس حاليا تشير إلى الصحة، ورغم أن قطاع الصحة من بين القطاعات الخمسة التي كثيرا ما توصف بشدة تأثرها بتغير المناخ، فإن أيا من ذلك لم يؤد إلى المستوى اللازم من التنفيذ والدعم، وفقا للتقرير.
إضافة إلى ذلك، أظهرت الأعمال السابقة أن قيمة المكاسب الصحية الناتجة عن خفض انبعاثات الكربون تعادل ضعف تكلفة تنفيذ هذه الإجراءات على المستوى العالمي، وإن تحقيق أهداف اتفاقية باريس يمكن أنينقذ أرواح مليون شخص سنويافي جميع أنحاء العالم بحلول عام 2050، فقط من خلال خفض تلوث الهواء.