دينيّة
03 شباط 2015, 22:00

شروحات زمن التريودي

(بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس) Q1 أَيُّها الرّبُّ وسيّدُ حياتي، أَعْتِقني مِنْ روحِ البَطالةِ والفضولِ وحُبِّ الرّئاسةِ والكلامِ البطَّالِ. وأَنْعمْ عليَّ أَنا عَبدُكَ الخاطِئ بروحِ العفَّةِ واتّضاعِ الفكرِ والصّبرِ والمحبَّةِ. نَعَمْ يامَلِِكي وإلهي هَبْ لي أَنْ أَعْرِفَ ذنوبي وعيوبي وألاّ أدينَ إخْوتي، فإنَّكَ مباركٌ إلى دهرِ الدّاهرينَ. آمينْ. (صلاة القدّيس أفرام السرياني)تعريف: يبدأ زمن التريودي مع أحد الفرّيسي والعشّار ويستمر حتّى يوم السبت العظيم. كلمة تريودي تعني الثلاث أوديات (قصائد) التي تصلّى في هذا الزمن. (أنظر الشرح في الأسفل في مقطع الأودية)هو زمن خشوعيٍ بامتيازيرجع فيه الإنسان إلى ذاته وإلى الله ليقوم خليقةً جديدةً إن حقًا تاب توبةً صادقة.إنّه زمن تطّهير الذات وصرخة "يا الله إرحمني أنا الخاطىء".

يتألّف هذا الزمن من من ثلاث مراحل أساسيّة:

1- المرحلة الأولى: التهيئة للصوم وهي أربع أحاد : الفريسي والعشّارالابن الشاطرالدينونة (مرفع اللحم) – الغفران (مرفع الجبن).

ملاحظة: يتخلّل هذه المرحلة سبت الراقدين الذي يأتي قبل أحد الدينونة مباشرةً.

2- المرحلة الثانية الصوم الأربعيني: تتضمّن هذه المرحلة خمسة آحاد: أحد الأرثوذكسيّة - أحد القدّيس غريغوريوس بالاماس - أحد السجود للصليب المقدّس - أحد القدّيس يوحنّا السلّمي - أحد القدّيس مريم المصرية.
 تقام في هذه المرحلة: - صلاة النوم الكبرى (من الإثنين إلى الخميس)
                      - صلاة المديح (في مساء كل يوم الجمعة من الأسابيع الخمسة الأولى- وهي كناية عن خمسة مدائح بشكل أن المديح الخامس هو مجموع المدائح الأربعة الأولى)
ملاحظة: يقام مساء يوم الجمعة في الأسبوع السادس صلاة النوم الصغرى مع قانون لعازر.

3- المرحلة الثالثة الأسبوع العظيم المقدّس: تبدأ هذه المرحلة مساء أحد عيد الشعانين حيث تقام فيه صلاة الختن الأولى، وتمتّد هذه المرحلة إلى قدّاس الفصح العظيم.

الأودية:
الأودية في الليتورجيا الأرثوذكسيّة هي قطعة مرتلّة من القانون الذي يتلى في صلاة السحر، عدد الأوديات في كلّ قانون تسع. إلاّ أن الأودية الثانية حذفت في كلّ أيام السنة عدا في أيام الصوم الأربعيني.

الأوديات التسع مرتكزة معنى ومبنى على التسابيح المأخوذة من الكتاب المقدّس والموجودة في كتاب السواعي الكبير وهي بالتتالي:

- التسبحة الأولى لموسى (خروج 1:15-19)،

- التسبحة الثانية أيضاً لموسى (تثنية الاشتراع 1:32-42)،

- التسبحة الثالثة لأم صموئيل (صموئيل 1:2-10)،

- التسبحة الرابعة لحبقوق النبي (2:3-19)،

- التسحبة الخامسة لأشعياء النبي (أشعيا 9:26-20)،

- التسبحة السادسة ليونان النبي (1:2-9)،

- التسبحة السابعة للفتيان الثلاثة (دانيال 26:3-56)،

- التسبحة الثامنة للفتيان الثلاثة (دانيال56:3-88)،

- التسبحة التاسعة لوالدة الإله ولزخريا والد يوحنا المعمدان (لوقا 46:1-55 و68:1-79)


فالتريودي إذًا هو الكتاب الذي أخذ اسمه من الأوديات الثلاثة التي تًرتل في كلّ أيام الصوم الأربعيني.
هذا ما نقرأه حقيقةً في مطلع سنكسار أوّل أيام التريودي، أحد الفريسي والعشار "يا مبدع كلّ شيء سماوياً كان أم أرضياً اقبل أمّا من الملائكة فتسبيحاً ثالوثياً، وأمّا من البشر فتريودياً شريفاً خشوعياً".

السماء والأرض تؤلّفان جوقاً واحداً، الملائكة والبشر تتآلفان في تسبح "مبدع كلّ شيء "، الملائكة تنشد تسبيحاً ثالوثياً (تريصاجيون) قدّوس قدّوس قدّوس.....، والبشر تجيب بأودية تسبيح ثالوثية (تريوديون) شريفة خشوعية.

يقول كاتب سنكسار التريودي نيكيفوروس كالستوس أن أوّل ناظمي الأوديات الثلاث هو قزما المنشئ الذي رتبها كي تكون رسماً للثالوث الأقدس عنصر الحياة، وهذه الأوديات ترتل في الأسبوع العظيم. ثم تلاه مؤلفون عديدون منهم ثاودوروس ويوسيف من دير ستوديون في القسطنطينية، وقد ألفا قوانين لأسابيع االصوم الأربعيني.

يتميّز التريودي بثلاث طروباريات ترتّل في صلاة السحر كلّ آحاد الصوم بعد تلاوة المزمور الخمسين بعد إنجيل السحر.

هذه الطروباريات تشكّل وحدة ليتورجية مترابطة نستوحي معناها من المزمور الخمسين وهي:

1- "افتح لي أبواب التوبة...."،

2- "سهلي لي مناهج الخلاص...."،

3- "إذا تصورت كثرة أفعالي الرديئة...".


خلاصة:

كاتب الأودية يستوحي من الكتاب المقدّس ولكنّه يعيد صياغة الأفكار الكتابية بشكل ينم عن عمق روحي وفهم عميق لسر التوبة، يتذكّر ويعترف بخطاياه الكثيرة ويتحسّس يوم الدينونة ويرهبها، لكنّه يؤمن إيماناً عميقاً بالله، ويترك ذاته لعظم مراحمه.

هذا الإيمان وهذا الرجاء إذا ما تحرّكا بالتوبة يخلّصان الإنسان كما خلُص داود حين صرخ: "ارحمني يا الله كعظيم رحمتك".