الفاتيكان
25 تشرين الأول 2023, 11:50

سينودس الأساقفة ينشر اليوم "الرّسالة إلى شعب الله"

تيلي لوميار/ نورسات
في مؤتمر صحفيّ عُقد عصر الإثنين في دار الصّحافة التّابعة للكرسيّ الرّسوليّ، أعلن عميد دائرة الاتّصالات ورئيس لجنة الإعلام باولو روفيني أنّه أنّ اليوم سينشر سينودس الأساقفة "الرّسالة إلى شعب الله" الّتي لقيت قراءة مسودّتها قبولاً في القاعة بتصفيق من الجمعيّة، مشيرًا إلى أنّه "بدعوة من الأمين العامّ الكاردينال ماريو غريش، تمّ اقتراح وقبول اقتراحات صغيرة لتعديل النّصّ وإدماجه، لاسيّما فيما يتعلّق بالتّرجمات إلى اللّغات المختلفة.

وعن تفاصيل يوم الإثنين، وبحسب ما نشر موقع "فاتيكان نيوز"، "بدأ يوم، الاثنين ٢٣ تشرين الأوّل أكتوبر، بالاحتفال الإفخارستيّ الّذي ترأسه الكاردينال تشارلز مونغ بو، رئيس أساقفة يانغون في ميانمار. بعد ذلك، في الجمعيّة العامّة السّادسة عشرة بحضور البابا فرنسيس (٣٥٠ مشاركًا)، وبعد الإصغاء إلى مقطع من إنجيل مرقس كانت هناك مداخلات للأب الدّومينيكانيّ تيموثي رادكليف والأمّ البندكتيّة ماريا إينياتزيا أنجيليني واللّاهوتيّ الأسترالي الأب أورموند راش. بعد ذلك تمّ عرض الرّسالة إلى شعب الله ومناقشتها- كما أعلن ورئيس لجنة الإعلام، باولو روفيني.

تحدّث الكاردينال كريستوف شونبورن، رئيس أساقفة فيينا، وعضو المجلس العاديّ لأمانة سرّ السّينودس، استنادًا إلى خبرته في الجمعيّات الماضية، عن ذكرى من عام ١٩٦٥، في نهاية المجمع الفاتيكانيّ الثّاني، عندما كان يبلغ من العمر ٢٠ عامًا وكان طالب لاهوت. وكان قد أصغى إلى مؤتمر لكارل رانر وبقيت الجملة الأخيرة في قلبه: "إذا لم يولد من هذا المجمع زيادة في الإيمان والرّجاء والمحبّة، فكلّ شيء سيذهب سدى". ولذلك أضاف الكاردينال شونبورن: "أودّ أن أقول الشّيء نفسه بالنّسبة للسّينودس" الجاري. كلاهوتيٍّ، شارك شونبورن أيضًا في السّينودس الاستثنائيّ الّذي دعا إليه يوحنّا بولس الثّاني في عام ١٩٨٥ بعد عشرين عامًا من اختتام المجمع الفاتيكانيّ الثّاني. وفيما يتعلّق بالمفهوم الأساسيّ للشّركة، قال إنّ لديه انطباعًا بأنّ "ما نقوم به الآن، بعد الذّكرى الخمسين لتأسيس السّينودس"، يتمثّل بالتّحديد في سؤال أنفسنا "كيف نعيش الشّركة في الكنيسة". إنّها شركة الإيمان؛ شركة مع الله الثّالوث؛ شركة بين المؤمنين وشركة مفتوحة لجميع البشر". كيف نعيشها؟ "السّينودسيّة هي الأسلوب الأفضل" قال الكاردينال شونبورن. يتعلّق الأمر بإعادة التّفكير في رؤية نور الأمم، حيث يتمّ الحديث عن سرّ الكنيسة العظيم. وبالتّالي فالكنيسة هي سرّ، ومن ثمَّ هي شعب الله، وحينها فقط يمكننا أن نتحدّث عن التّكوين الهرميّ لأعضائها. من الكاردينال شونبورن أيضًا انتقاد لأوروبا "الّتي لم تعد المركز الرّئيسيّ للكنيسة"، كما نرى يوميًّا في السّينودس. أميركا اللّاتينيّة وآسيا وأفريقيا ومجالسها القارّيّة هم الرّوّاد، واعترف قائلاً: "في القارّة القديمة، بقينا متخلّفين قليلاً في السّينودسيّة المعاشة. نحن بحاجة إلى التّحفيز". وضرب على سبيل المثال مثل حقيقة أنّ المجالس الأسقفيّة الأوروبيّة لم تقل أبدًا كلمة مشتركة حول مأساة المهاجرين. وأخيرًا، أشار الكاردينال شونبورن إلى الكنائس الشّرقيّة الّتي اختبرت دائمًا عدم وجود السّينودسيّة بدون اللّيتورجيا. ومن هنا جاءت الدّعوة إلى الاعتزاز بإيمان يُحتفل به قبل مناقشته.

بعدها ذكّر الكاردينال كارلوس أغيلار ريتيس، رئيس أساقفة المكسيك، بسينودس عام ٢٠١٢ الّذي أراده البابا بندكتس السّادس عشر حول البشارة الجديدة، والّذي توصّل إلى نتيجة مفادها أنّ نقل الإيمان كان "مُكسّرًا"، ولم تكن العائلات قادرة على مخاطبة الأجيال الجديدة". ولهذا السّبب، تمّ تخصيص سينودس البابا فرنسيس الأوّل للعائلات، الّتي تعتبر أساسيّة بهذا المعنى. ومن المهمّ العمل أن نعمل مع العائلات من أجل الوصول إلى الشّباب الّذين كُرِّس لهم سينودس ٢٠١٨. وفي معرض حديثه عن خبرته مع الأجيال الجديدة في أبرشيّة تلالنيبانتلا، حيث كان راعيًا قبل أن ينتقل إلى عاصمة المكسيك، أفاد أنّه التقى بشباب من طبقات اجتماعيّة مختلفة، بهدف حوار يهدف إلى تعزيز الصّداقة خارج نطاق الطّبقات الاجتماعيّة. لذلك يجب أن ينتقل الشّوق إلى الإيمان من خلال الشّباب الّذين يعيشون الإيمان عينه. وأضاف الكاردينال ريتيس يقول إنّ البابا فرنسيس قد دعاه إلى السّينودس المخصّص لمنطقة الأمازون. وبالتّفكير حول أهمّيّة تغيّر المناخ وحماية الخليقة، أدركنا أنّه من المهمّ أن نكون قادرين على الاعتماد على الحساسيّة البيئيّة للأطفال والشّباب. لذلك يجب مساعدتهم على فهم كلمة الله في هذه المواضيع. أخيرًا، تحدّث الكاردينال عن عمليّة السّينودس في أبرشيّة مكسيكو سيتي، والّتي كان يودّ القيام بها قبل الوباء ولكن بسبب فيروس الكورونا تمّ تأجيلها إلى بداية شهر تشرين الأوّل أكتوبر ٢٠٢١. خبرة زيارة الوقائع المحلّيّة بأسلوب يقوم على التّوافق والحوار والاستماع المتبادل، وُضِعَت ثماره في متناول الجميع من أجل الإجابة على احتياجات المجتمع؛ لأنَّ "مسار الكنيسة هو السّينودسيّة".

بعدها عبّر الكاردينال جان مارك أفيلين، رئيس أساقفة مرسيليا، عن المشاعر الّتي رافقته في خبرته الأولى في السّينودس: "فرح بمغامرة جديدة والفضول بشأن مقابلة أشخاص من جميع أنحاء العالم، تمّ تبادل الخبرات معهم؛ وإنّما أيضًا الاهتمام بأخبار الحرب الّتي كانت تصل إلى هنا في بداية الأعمال والّتي استمرّت مع مرور الأيّام". إزاء هذه الأحداث المأساويّة، أكّد الكاردينال أفيلين أنّه "يجب على الكنيسة أن تتحمّل مسؤوليّة نشر رسالة محبّة الله بقوّة أكبر في جميع أنحاء العالم". كان هناك شعور آخر وهو الشّعور بالخوف بسبب حقيقة أنّه "في بلدي لم ينضمّ الجميع إلى العمليّة السّينودسيّة ولهذا السّبب هناك هامش للتّقدّم" من أجل إشراك المزيد من الأشخاص في هذه المسيرة المشتركة. وأكّد الكاردينال أفيلين أنّ ذلك "يثير الكثير من التّوقّعات بشأن قراراتنا النّهائيّة الّتي ستعكس مسؤوليّتنا المشتركة". وخلص إلى أنّ هذا الأسبوع سيكون "أسبوعًا حاسمًا، سنعيش فيه مراحل مهمّة، وسنحاول فيها أن نتَّفق على قضايا مختلفة وأن نسوِّيَ الخلافات. والأشهر المقبلة الّتي تنتظرنا ستكون الأشهر الّتي سنجني فيها الثّمار الّتي زرعناها".

ثمّ تحدّثت الأخت سامويلا ماريا ريغون، الرّئيسة العامّة لراهبات أمّ الأحزان الكلّيّة القداسة، وقالت: "في الصّلاة، قبلت كنداء من الله دعوتي إلى السّينودس، كامرأة مسيحيّة معمّدة ومكرّسة". لقد أثبت السّينودس أنّه "خبرة مُغنيّة، أختبر فيها بشكل مباشر عالميّة الكنيسة". خبرة هي "دعوة إلى التّواضع؛ ووجهة نظري هي مجرّد نافذة على الأفق يمكنها أن تساعد في بناء فسيفساء جميلة". ومنذ الأمس أحمل معي ثلاث كلمات من اللّيتورجيا الإفخارستيّة، حيث تحدّث إلينا القدّيس بولس الرّسول عن الإيمان العامل، والجهد في المحبّة، والثّبات في الرّجاء بيسوع المسيح. وإذا خرج هذا من هذا السّينودس سنكون قد قمنا بثورة حقيقيّة بالمعنى الإيجابيّ" وأضافت: "لقد تلقّينا بذرة مهمّة سيجعلها الله تنمو رغمًا عنّا أو معنا". وعلى هذا المبدأ أشارت الأخت ريغون إلى فكر القدّيس فرنسيس: "اليوم أبدأ مجدّدًا في أن أكون مسيحيًّا مختلفًا". وبالتّالي إذا فعل كلُّ فرد منّا كذلك فسيكون لدينا تحوّل".

وردًّا على أحد الأسئلة، أكّد عميد دائرة الاتّصالات، ورئيس لجنة الإعلام، باولو روفيني أنَّ التّصويت، الّذي لم يتمّ تحديد طريقته بعد، ونشر خلاصة الأعمال هما متوقّعان لمساء السّبت. فيما يتعلّق بالسّؤال الثّاني- ما إذا كان يجب أن يؤخذ السّينودس الحاليّ في عين الاعتبار في الكونكلاف المقبل من حيث المحتوى والشّكل- أوضح الكاردينال أغيلار ريتيس أنّه إذا تمّ وضع ما تمّت مناقشته اختباره موضع التّنفيذ، فسيكون هناك مسيرة ينبغي القيام بها. وأضاف إنَّ كلّ شيء يعتمد على ما سيتمّ تحقيقه لدى عودتنا إلى أبرشيّاتنا.

وتطرّق سؤال آخر إلى الطّريقة المختارة للجمعيّة وإمكانيّة تطبيقها في الكنيسة على كافّة المستويات، من خلال توسيع أيضًا مشاركة العلمانيّين والنّساء. تذكّر الكاردينال شونبورن خطابه عام ٢٠١٥ حول موضوع السّينودسيّة، عندما أوضح، بدءًا من مجمع القدس، أنّ الطّريقة أوّلاً هي الإصغاء، أيّ الإصغاء إلى ما يظهره الله من خلال خبرة السّير. إنّ خاتمة السّينودس تأتي من هذا الإصغاء، ومن التّمييز المشترك. وذكر الكاردينال أنّه اعتاد بالفعل على أسلوب مماثل يُمارس في أبرشيّة فيينا؛ وذكّر في هذا الصّدد أنّه منذ عام ٢٠١٥ وحتّى اليوم كانت هناك خمس جمعيّات أبرشيّة شارك فيها ١٤٠٠ مشارك، تعبيرًا عن شعب الله بأسره، وحتّى لو لم يكن هناك تصويت، فقد تمّ اختبار الإصغاء والشّركة. وأكّد أنّ الشّيء المهمّ هو أنّه في النّهاية يجب علينا أن نتوصّل إلى قرارات. في الواقع، اتّخذ مجمع أورشليم قرارًا أساسيًّا بالنّسبة لتاريخ الكنيسة؛ والمسيرة للوصول إلى هناك هو ما نقرأه في أعمال الرّسل. وتتميّز هذه الطّريقة بثلاث مراحل: الإصغاء، الصّمت، المناقشة. وهذا ما ردّدته الأخت ريغون، الّتي أشارت إلى أنّ ما يتمُّ استخدامه في السّينودس هو طريقة، ولكن الجانب الأساسيّ هو الإصغاء. وقالت إنّ الجميع يحتاجون لأن يكتشفوا مجدّدًا هذا البعد، في أماكن العمل، في العائلات، وفي الجماعات الدّينيّة. كما يجب أن تتاح للجميع الفرصة لكي يشاركوا ويتمَّ الإصغاء إليهم. وليس من قبيل الصدفة أنّ الوصيّة الأولى في الكتاب المقدّس هي "اسمع يا إسرائيل".

ردًّا على الانتقادات الّتي تشكّك في نزاهة سينودس الأساقفة لأنّه يضمّ أشخاصًا علمانيّين كمندوبين، أكّد الكاردينال شونبورن أنّ هذه ليست مشكلة في رأيه، لأنّه يبقى سينودسًا أسقفيًّا حتّى مع المشاركة الحقيقيّة لغير الأساقفة. فهو يشكّل هيئة تعمل على ممارسة المسؤوليّة المجمعيّة وبالتّالي فإنَّ طبيعته لم تتغيّر، بل تمَّ فقط توسيعها وكانت التّجربة إيجابيّة بالتّأكيد. من ناحية أخرى، قال الكاردينال شونبورن، كان هناك دائمًا خبراء علمانيّون، مع بعض المداخلات ذات أهمّيّة كبيرة، ولكن الآن هناك علاقة أوثق بكثير: سينودس الأساقفة بمشاركة موسّعة. وفيما يتعلّق بالشّكّ فيما إذا كان فقدان السّينودسيّة قد حمل الكنيسة إلى الانقسام وإلى أيّ مدى يمكن دعوة جميع الكنائس إلى مسيرة مشترك، أشار الكاردينال شونبورن إلى أنّ انقسام المسيحيّين هو عائق أمام الشّهادة؛ لكنّه قال، في إشارة إلى كلام راهب قبطيّ أرثوذكسيّ، إنّ الله قد سمح ربّما بهذا "العار" لأنّنا لسنا قادرين بعد على أن نستفيد من الوحدة من أجل خير البشريّة.

فيما يتعلّق بحقيقة أنّ بعض الأشخاص من مجتمع الميم قد تجرحهم كلمات التّعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة الّتي تشير إلى "الاضطراب الأخلاقيّ"، أشار الكاردينال شونبورن إلى أنّه كان هو نفسه سكرتيرًا لهيئة تحرير التّعليم المسيحيّ. وقال إنّ هذا هو عمل الكنيسة، وقد أصدره البابا. ومنذ ذلك الحين لم يحدث تعديل إلّا مرّة واحدة، عندما تدخّل البابا فرنسيس بشأن عقوبة الإعدام. وإذا كان سيكون هناك مرّات أخرى، فهذا يعتمد فقط على قرار الحبر الأعظم. ثمّ أوصى الكاردينال دائمًا "بقراءة النّصوص ككلّ". وأضاف أنّ هذه مواضيع تتعلّق باللّاهوت الأخلاقيّ، لكن المبدأ هو أنّ "هناك نظام موضوعيّ وهناك الأشخاص الّذين لديهم دائمًا الحقّ في الاحترام، حتّى لو أخطأوا- وهو ما نفعله جميعًا، بما فيهم أنا. لدينا جميعًا الحقّ في الاحترام. ولنا الحقّ في أن يتمَّ قبولنا، كما نحن مقبولون من الله.

أخيرًا، فيما يتعلّق بالعلاقة بين آنيّة السّلطة التّعليميّة ومساهمة اللّاهوتيّين وحسُّ الإيمان، أوضح الكاردينال شونبورن أنّه علينا أن ننظر إلى القدّيس يوحنّا الثّالث والعشرين وما قاله في بداية المجمع الفاتيكانيّ الثّاني فيما يتعلّق بثبات العقيدة وطريقة تقديمها. وأضاف أنّ هناك تطوّرات كبيرة على مستوى الفهم، ولكن هناك أيضًا ثبات الإيمان: لا يمكن تغيير عقيدة الثّالوث أو التّجسّد أو تأسيس الإفخارستيّا. وعلى هذا الأساس يقوم إيمان حقيقيّ وفعّال في كلّ مكان في العالم، وحتّى لو اختلفت الثّقافات، إلّا أنَّ جوهر الإيمان لا يمكن تعديله، حتّى لو تطوّر بشكل كبير منذ زمن الرّسل."