ساكو للعلمانيّين المشاركين في السّينودس: المؤمن العلمانيّ عضو في الكنيسة وشريك الأسقف والكاهن
"أودّ في البداية أن أحيّي جميع المشاركين في السّينودس 2019 إكليروسًا ومؤمنين علمانيّين. وأدعوكم إلى المشاركة في أعمال السّينودس بروح المحبّة والأخوّة والوحدة، "مجتهدين في المحافظة على وحدة الرّوح برباط السّلام" (أفسس4: 3). هذه فرصة لنا لدراسة الظّروف المعقّدة الّتي تعيشها كنيستنا الكلدانيّة في الوطن الأُمّ وفي بلدان الانتشار، وما عاناه أبناؤنا من تهجير وقتل وتدمير وما يعيشونه اليوم من خوف وقلق على المستقبل، ليتحمّل كلّ واحدٍ مسؤوليّته كاملة، لتشخيص التّحدّيات وتحليلها وإيجاد سبل لمعالجتها، والالتزام المشترك بالسّير نحو الانسجام وملء الشّركة.
في هذه الظّروف المُقلقة، ينبغي أن يقودنا إيماننا الى زرع الرّجاء والفرح والسّلام في قلوب من نخدمهم ونحترمهم ونخلق معهم علاقة محبّة، لأنّ من دونها لن ننمو ولن نكبر ولن نرسِّخ ثقة النّاس بنا، بل سنفقد مصداقيّتنا. لذا يتوجَّب علينا كلّنا أن نسير على درب الاهتداء الإنجيليّ بكلّ جوانبه.
الأساقفة والكهنة مدعوّون لأن يكونوا المسيح على الأرض، فالأساقفة خلفاء الرّسل، والكهنة معاونوهم، في إعلان البشرى وبأشكال شتّى. تتميز خدمتنا بتخلية الذّات قدر الإمكان بكلّ تجرُّد وبهذا نختلف عن الأشخاص الإداريّين الآخرين. ونشحن رسالتنا وعلاقتنا بالصّلاة والاحتفال بالإفخارستيّا يوميًّا، مؤمنين أن علاقتنا مع المسيح هي هويّتنا.
الكنيسة في بقعتها الجغرافيّة مدعوّة إلى أن تنتبه إلى الواقع وإلى التّحدّيات والمخاوف والتّطلّعات وآمال شعبها ومتابعتها وتسليط نور الإنجيل عليها، وهي مدعوّة أن تبحث عن أساليب جديدة لعيش رسالتها وإيصالها إلى أولادها. كنيسة لا تتجدّد هي كنيسة محكومة بالشّيخوخة، فالأصالة رسالة متجدّدة.
المؤمن العلمانيّ عضو في الكنيسة وشريك الأسقف والكاهن بحكم الكهنوت العامّ الّذي ناله في المعموديّة، ولدوره في نقل الإيمان في العائلة والتّمّسك بالتّقاليد والأخلاق المسيحيّة وبالهويّة الكلدانيّة، ولأنّ العلمانيّين لهم مهارات واختصاصات فنّيّة وعلميّة وكاريزما، يمكن أن توَظَّف لخدمة الكنيسة وتقدمّها. إنهّم عون لنا، ونحتاج إلى حضور فاعل لهم، نساءً ورجالاً، لتسهيل إدارة الكنيسة، وكلٌّ بحكم مسؤوليّاته، وبتناغم ومن دون خلط للأدوار. من هذا المنطلق ندعوهم للعمل مع الأساقفة والكهنة باحترام ومحبّة.
إنّ وجود العلمانيّين معنا في السّينودس، علامة صحّيّة تُعبِّر عن المسؤوليّة المشتركة الّتي كثيرًا ما يؤكّد عليها البابا فرنسيس. ولقد أسند إليهم مناصب مهمّة في الكوريا الرّومانيّة.
علينا أن نعمل معًا كفريق واحد إكليروسًا ومؤمني، بروح السّينوداليّة- المجمعيّة، وبشجاعة، لكي نجسِّد كلمة الله فينا وفي مجتمعنا كما جسَّدها يسوع في ذاته وفي العالم.
نحن ملزمون في هذه الأيّام، أن نقرأ الأحداث من منظور إيمانيّ عميق، قراءة متأنّية لواقعنا الكنسيّ والاجتماعيّ والوطنيّ، وليس قراءة نمطيّة نقف فيها عند الظّاهريّ فحسب، بل قراءة نميِّز فيها علامات الأزمنة.
وعندما يستجدّ الحال، نقرُّ بإخفاقاتنا مثلما نعترف بنجاحنا. فقول الحقيقة في الوقت المناسب شكلٌ من أشكال الاحترام وسعيٌّ إلى الإصلاح.
التّحدّيات: الشّأن العامّ في العراق، وخصوصًا وضع الكلدان، الهجرة، وكيف يمكنهم الحفاظ على إيمانهم وتقاليد كنيستهم، الشّبيبة، الشّهادة لغير المسيحيّين، الدّعوات الكهنوتيّة والرّهبانيّة.
توحيد الإدارة الماليّة في الأبرشيّات، وما يقتضيه ذلك، من انسجام بينها وبين آليّتها المهنيّة في الكنائس الكاثوليكيّة عبر العالم، بدون أن تكون عرضة للاجتهادات والتّباينات بين أبرشيّة وأخرى.
مشاركة العلمانيّين في حياة الكنيسة والتّوصّل إلى ورقة عمل متّفَق عليها من أجل تقدّم الكنيسة وازدهارها، خصوصًا إذا كانت لا تمسّ العقيدة والسّياقات اللّيتورجيّة وما شابه.
البحث عن توفير مناخ للتّنشئة المستدامة للعلمانيّين ليبلوروا قدراتهم ويستثمروا مواهبهم في خدمة الكنيسة.
مناقشة الشّؤون الخاصّة بكنائسنا في بلدان الانتشار: المحاكم الكنسيّة، حماية القاصرين في الكنيسة، سُبُل التّفاعل مع الكنيسة في الوطن.
الإعلام وإمكانيّة تمويل قناة تلفزيونيّة كلدانيّة، أو الشّراكة الرّصينة، مع قنوات نورسات.
ينبغي التّوصّل إلى وضع خارطة طريق لفترة ثلاث سنوات آليّة تنفيذ (تشكيل لجنة متابعة من الإكليروس والعلمانيّين، في الأبرشيّة البطريركيّة وسائر الأبرشيّات) ومتابعة القرارات بعد السّينودس لأنّنا أحيانًا نتّخذ قرارات بالإجماع، لكن البعض لا يلتزم بها.
لنرفع الصّلاة في هذه الأيّام من أجل إحلال السّلام والأمان في العراق وسوريا وعموم المنطقة ومن أجل كنيستنا وشعبنا. ولنصلِّ حتّى تتحقّق زيارة البابا فرنسيس العراق، نحن بحاجة إلى حضوره وتشجيعه في هذه الظّروف الصّعبة.
وفي الختام، أتمنّى لسينودسنا هذا كلّ النّجاح."