العراق
12 تشرين الثاني 2019, 14:30

ساكو: المشكلة في العراق ثقافيّة وروحيّة وليست سياسيّة بحتة

تيلي لوميار/ نورسات
تعليقًا على الوضع القائم في العراق، كتب بطريرك بابل للكلدان مار لويس روفائيل ساكو مؤكّدًا أنّ "المشكلة في العراق وفي معظم الدول العربيّة هي ثقافيّة وروحيّة، وليست سياسيّة بحتة"، وتابع نقلاً عن موقع بطريركيّة بابل للكلدان كاتبًا:

"السّارق (الفاسد) والمتطرّف والمستبدّ هو المهيمن على الشّارع لأنّه يفتقر إلى الوازع الدّينيّ والرّوحيّ والأخلاقيّ. بإعتقادي أنَّ السّببَ يكمن في التّنشئة العائليّة والمجتمعيّة المشحونة بمفاهيم وعادات وممارسات قديمة، لا تعتمد العقل والتّحليل، فيتآكل مجتمعنا من الدّاخل بصراعات قبليّة وطائفيّة تعرقل تقدّمه. أذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر، موضوع الثّأر والفصل!

ما نحتاجه هو قراءة متأنّية لواقع العراق بعد 2003، وليس قراءة سطحيّة. لقد شخَّص رئيس الوزراء في تعليقه على خطاب المرجعيّة الدّينيّة الأسباب الّتي قادت الشّعب إلى الغضب والتّظاهر. وبناءً عليه فعمليّة الإصلاح لا تتمّ بقدرة قادر، بل تبدأ بإشاعة ثقافة صحيحة واعية، ورؤية واضحة، قادرة على وضع الأمور في نصابِها الحقيقيّ دستوريًّا وقانونيًّا وأخلاقيًّا، بعيدًا عن حاجز الخوف وقوّة السّلاح.

من منطلق مسؤوليّتي الرّوحيّة والوطنيّة أتوجّه إلى أصحاب القرار من السّياسيّين والمربّين وغيرهم بضرورة استئصال منابع الفساد والجهل والكراهيّة والعنف من المناهج والخُطَب والإعلام.

هؤلاء المتظاهرون خرجوا كردّة فعل عفويّة لِما عانوه طيلة الأعوام السّابقة. ونزلوا إلى الشّارع بشعار صادم "نازل آخذ حقّي" حاملين العلم العراقيّ، وليس رايات الأحزاب، وكلمات "بالرّوح بالدّمّ نفديك يا عراق" و"نريد وطن". هؤلاء أسقطوا الطّائفيّة ووحَّدوا الهويّة الوطنيّة. أتساءل لماذا لا تكسب الحكومة ثقة أبنائها وبناتها الموجوعين، وتفتح معهم حوارًا شجاعًا بروحيّة الأبوَّة والبنوَّة فتحوِّل التّظاهر إلى شهادة وطنيّة، لأنّهم يختلفون عن المندسّين "وراكبي الموجة".

على الحكومة البدء بإصلاحات اقتصاديّة ممكنة في توزيع عادل للثّروات. أمّا عمليّة إصلاح الدّستور والقوانين لبناء دولة ديمقراطيّة متماسكة تقوم على التّنوّع والتّعدّد، تحت خيمة المواطنة الواحدة، فتحتاج إلى أجواء مستقرّة وسليمة تساعد على التّفكير والتّحليل.

وفي هذه الظّروف أؤكّد على أهمّيّة تشجيع النُّخبة المثقّفة الّتي تركت البلاد لأسباب أمنيّة على العودة والإسهام في الإصلاحات".