العراق
09 آذار 2020, 13:30

ساكو: الكنيسة هي جميعنا إكليروسًا ومؤمنين

تيلي لوميار/ نورسات
شدّد بطريرك بابل للكلدان مار لويس روفائيل ساكو على أنّ الكنيسة هي بطبيعتها جماعيّة، والجميع مدعوّ للإسهام في حياتها ورسالتها وباحترام الأدوار. هذا الكلام جاء في توضيح للبطريرك ساكو حول المجالس الكنسيّة وتنقّلات الكهنة ونشره موقع البطريركيّة الرّسميّ، وكتب فيه:

"دار الحديث في الآونة الأخيرة عن المجالس الخورنيّة وتنقّلات الكهنة، لذا أودّ توضيح الموضوع بشكل دقيق.

الكنيسة بطبيعتها جماعيّة. والكنيسة ليست مجرّد هيئة مؤسّساتيّة وقضائيّة. الكنيسة قبل كلّ شيء هي سرّ حضور المسيح القائم والفاعل بين الّذين يؤمنون به. قيامته تملؤهم فرحًا وشكرًا وثقةً ورجاءً. فالمسيح هو أساس وجودِها، وهو الرّأس والمركز لكلِّ نشاطها. الكنيسة ليست محصورة بالإكليروس، بل هي جميعنا إكليروسًا ومؤمنين. نحن أعضاء فيها بحكم معموديّتنا وتثبيتنا وتناولنا القربان. ونحن مدعوّون للإسهام في حياتها ورسالتها وباحترام الأدوار. هذا الوجود  يؤمّنه الرّوح القدس، الممنوح لها في يوم الخمسين (يوحنّا 15/ 5-15، أعمال الرّسل 2/ 1-13).

الكنيسة جماعة حيَّة حول المسيح، لها مواهبُها ودورُها في نقل فرح الإنجيل. لا تتقدّم الكنيسة (الرّعيّة) إلّا بتضافر جهود بناتها وأبنائها الّذين يؤلّفون عائلة واحدة، ويتعاونون بروح المحبّة والوحدة.

الكنيسة تطوِّر العلاقات والمشاركة والتّواصل، على الرّغم من الاختلافات والصّعوبات. مهم جدًّا أن ندرك بأنّ الكنيسة لا يمكن أن تكون تقليديّة جامدة، بل تظلّ حرّة وتتحرّك حيث "يهبُّ" الرّوح (يوحنّا 3/8)، وتجدّد نفسها وتمشي.

يتحدّث سفر أعمال الرّسل عن الجماعة المسيحيّة الأولى في أورشليم، كيف اختارت بعد الصّلاة متيَّاس للانضمام إلى الرّسل الأحد عشر بدلاً من يهوذا المنتحر (أعمال 1: 16-26).

لقد مارست الكنيسة منذ البداية "الجماعيّة"، وحافظت كنيسة المشرق على التّقليد المتوارث بوجود المجلس ܣܝܥܬܐ.

السّينودس البطريركيّ برئاسة البطريرك ومعه، هو شكل من أشكال الإدارة الجماعيّة، لإصدر القوانين واتّخاذ القرارات المناسبة لإدارة الكنيسة ونهضتها.

لقد تغيَّر العالم، ونحن أمام واقع ثقافيّ واجتماعيّ واقتصاديّ وسياسيّ جديد مع العديد من التّحدّيات. وبغضّ النّظر عن الموهبة الّتي يتمتع بها رجل الدّين كشخص، فإنّه لا يستطيع إدارة الكنيسة بمفرده، فهو بحاجة إلى الآخرين للتّشاور وبلورة الرّؤية وصياغة القرار، وإيجاد آليّة تنفيذ مقبولة. من هنا انطلقت مبادرات السّينودسات في الكنيسة الكاثوليكيّة لمساعدة البابا، وأيضًا المجالس الرّاعويّة لمساعدة المطران والمجالس الخورنيّة لمساعدة كاهن الرّعيّة.

 

الجانب القانونيّ

توصي الكنيسة الكاثوليكيّة بإنشاء المجالس الرّعويّة (رسالة العلمانيّين رقم 26)، وكذلك تأمر مجموعة قوانين الكنائس الشّرقيّة (ق 295) بتشكيل مجالس لمعالجة الشّؤون الرّعويّة والماليّة للرّعيّة. هذا القانون يُعَرِّفُ هدف المجلس ومَهامَه، وكيفيّة تشكيله وشروط العضويّة ودوريّة الاجتماعات. وقامت العديد من الكنائس الشّرقيّة بتنظيم مجالس رعويّة وخورنيّة، على ضوء هذه القوانين.

المجلس هيئة استشاريّة فعليّة، وليست شكليّة. تنفّذ ما يتّفق عليه المجلس برئاسة الكاهن، ولا ينبغي للكاهن أن يتجاوز المجلس، وينفرد بالقرارات لوحده. هذه عقليّة مخاتير قرانا أيّام زمان!!

قرار السّينودس الكلدانيّ. قرّر السّينودس الكلدانيّ المنعقد بروما في جلسة الأربعاء 28 تشرين الأوّل 2015: ما ياتي: "من أجل تحقيق مشاركة فعّالة للعلمانيّين في شؤون الكنيسة، ينبغي إنشاء مجلس أبرشيّ في كلّ أبرشيّة، ومجلس خورني في الرّعيّ parish. وقدّم الأساقفة عدّة نماذج من النّظام الدّاخليّ.

تنقّلات الكهنة

تقرّر في نفس السّينودس المنعقد بروما في جلسة الأربعاء 28 تشرين الأوّل 2015 موضوع تنقّلات الكهنة: "على الأسقف الأبرشيّ متابعة تنشئة الكهنة بشكل مستدام، وأيضًا نقلهم من خورناتهم كلّ ست سنوات، تحقيقًا للعدالة وتنشيط الخورنات. ويُحتسب النّقل، من تاريخ التّعيين. كما يتعيّن توفير حياة كريمة للكاهن وللأسقف، بحسب الظّروف الاقتصاديّة لكلّ بلد، كذلك يُمنح المتقاعدون راتبًا يضمن لهم معيشتهم.

في العراق، الرّاتب المقرّر للكاهن الفاعل: مليون و100 ألف دينار عراقي، وللأسقف مليون و600، والبطريرك كان في البداية يستلم راتبه مثل الكهنة، بعده صار يستلم راتبًا كسائر الأساقفة. أمّا المتقاعدون فيستلمون 80% من راتبهم الأصليّ. وجميع الخدمات الكنسيّة مجّانيّة، ما عدا حسنات القدّاس الّتي (إن وجدت) تذهب إلى الدّائرة الماليّة للأبرشيّة.

تنقّلات الكهنة ضروريّة، لكن ثمّة صعوبات في تحقيقها عمليًّا. في بعض الأبرشيّات يوجد كاهنٌ واحد أو اثنان، وفي أبرشيّات أخرى هناك نقص في العدد، وثمّة مشكلة الإعداد واللّغة. أذكر على سبيل المثال، هولندا حيث يخدم كاهنٌ واحد منذ سنوات، ويعرف لغة البلد وتقاليده، كيف أرسل كاهنًا جديدًا لا يعرف إلّا العربيّة والكلدانيّة؟ بصراحة، هذه حيرة!

هذا نموذج للنّظام الدّاخليّ لمجلس الرّعيّة في العراق

1. تعريف الرّعيّة: "الرّعيّة هي جماعة معيّنة من المؤمنين مقامة في أبرشيّة ما على نحو ثابت، تعهد العناية الرّعويّة بها إلى راعٍ. تكون الرّعيّة عادة محلّيّة، أعني تشمل مؤمني منطقة معيّنة." ( قانون 279 و280 من قوانين الكنائس الشّرقيّة الكاثوليكيّة). بإختصار الرّعيّة وحدة إداريّة تابعة لوحدة إداريّة أكبر هي الأبرشيّة الّتي ترتبط بدورها بوحدة كنسيّة أكبر هي البطريركيّة والبطريركيّة متّصلة بالكرسيّ الرّسوليّ.

2. المجلس الرّعويّ ومهمّته: يقام في الرّعيّة  مجلس رعويّ، مهمّته البحث في كلّ ما يخصّ الأنشطة الرّعويّة والقيام بمبادرات جديدة في سبيل تشجيع العمل الرّعويّ وتنسيقه لانتعاش الأبرشيّة وازدهارها.

3. تشكيبل المجلس: يضمّ المجلس علمانيّين يمثّلون قدر الإمكان مؤمني الرّعيّة بكافّة الاختصاصات والشّرائح، شرط أن يكون عمرهم تجاوز العشرين وممّن لهم حضور كنسيّ وأخلاق حميدة واقتدار على  التّفكير والخدمة، تتمّ عضويّتهم عن طريق الانتقاء في المرحلة الأولى ثمّ عن طريق الانتخاب... كما يمكن للمجلس دعوة خبراء.

4. لجان المجلس: يتوزّع أعضاء المجلس إلى لجان بحسب الحاجة. وهذه اللّجان هي: اللّجنة الثّقافيّة، والاجتماعيّة– الخدميّة والماليّة ولجان أخرى.

5. عمل اللّجان وصلاحيّاته: 1 يحدّد عمل كلّ لجنة.

5. اللّجنة الثّقافيّة تهتمّ بنشاطات التثقيف الإنسانيّ والمسيحيّ (التّعليم) بكلّ جوانبه: اللّيتورجيّ والرّوحيّ واللّاهوتيّ المسموع والمكتوب والمرئيّ وإقامة ندوات لتنمية الوعي الدّينيّ عند المؤمنين.                    2- اللّجنة الاجتماعيّة- الخدميّة، تقوم مهمّتها على لمّ شمل العائلات من أجل التّعارف وتعميق الأخوّة بينها: سفرات– حفلات، خلق مناسبات ترفيهيّة، كما تهتمّ بالعائلات المتعفّفة: زيارتها وتقديم العون المادّيّ والمعنويّ لها. 3- اللّجنة الماليّة تهتمّ بشؤون المال: جرد الممتلكات والأثاث والأموال ووجه صرفها وتصدر بيانات نصف سنويّة عن الواردات والصّادرات. هكذا بقيّة اللّجان.

6. ينعقد المجلس مرّة في الشّهر أو بحسب الحاجة، يدعو إليه سكرتير المجلس الّذي ينتخب في أوّل جلسة، وبورقة عمل معدّة، وينعقد إذا اكتمل النّصاب أيّ نصف عدد الأعضاء زائدًا واحدًا.

7. مدّة المجلس الرّعويّ ثلاث سنوات، وبالإمكان تجديدها لثلاث سنوات أخريات فقط.

يبذل أعضاء المجلس قصارى جهدهم ونشاطهم من أجل تأمين عناية فائقة بالرّعيّة وبالأبرشيّة على كافّة الأصعدة."