ساكو: الكلدان والآشوريّون والسّريان إخوة متنوّعون
"بين الحين والآخر يطلع علينا صوت نشاز يلغي التّنوّع التّاريخيّ بين الكلدان والآشوريّين والسّريان، ويدَّعي أنّ الكلّ هم آشوريّون أو الكلّ هم سريان، أو أنّ هذه التّسميات هي مذاهب أو أنّ الكلدان والآشوريّين ليسوا أحفاد الكلدان والآشوريّين القدامى.
بصراحة، إنّ التّعصُّب حالة مرضيّة وما يُكتب عمومًا غير علميّ وغير حضاريّ، يُعمّق الانقسام بين الأخوة بدل أن يسعى للمّ شملهم وخصوصًا في هذه الظّروف المعقّدة والمُقلِقة والّتي تهدّد وجودهم التّاريخيّ على أرض آبائهم وأجدادهم. لذا عليهم ترك هذه السِّجالات غير النّافعة والسّعي لخلق مرجعيّة سياسيّة موحَّدة وقويّة تدافع عن حقوقهم.
إنّ مصطلح "السّريان المشارقة والسّريان المغاربة" حديث العهد استند إلى اللّهجة السّريانيّة الشّرقيّة والغربيّة. كذلك تسمية الكلدوآشوريّين ترجع إلى القرن التّاسع عشر. إنّ المفاهيم تتبلور رويدًا رويدًا بحسب الزّمان والمكان والمعطيات العلميّة والدّراسات الأكاديميّة الحديثة. ويرى المتابع أنّ ما ينشره معظم الكتاب يفتقر إلى الموضوعيّة والعلميّة الّتي تعتمد الدّراسات الأكاديميّة المتخصّصة.
علميًّا إنّ الرُّسل توجّهوا لتبشير اليهود في الشِّتات بسبب القرابة واللّغة والخلفيّة الدّينيّة، والأكثر قبولاً للبشارة المسيحيّة. لقد ذكرتُ في كتابي "الكنيسة الكلدانيّة، خلاصة لاهوتيّة 2015" أنّ المسيحيّين الأوائل في بلاد ما بين النّهرين كانوا من أصل يهوديّ، ولم أقل كما ادَّعى أحد "ناقصي المعرفة" إنّهم إسرائليّون (إسرائيل كيان سياسيّ حديث يعود إلى 1948)، وأهمل ذكري: أنّ عددًا من الكلدان والآشوريّين والمجوس وآخرين انضمَّ إلى المسيحيّة.
يذكر التّاريخ وجود دولة كلدانيّة وامبراطوريّة كلدانيّة، عاصمتها بابل في الوسط والجنوب، وكذلك وجود إمبراطوريّة آشوريّة عاصمتها نينوى، انتهت سنة 612 قبل الميلاد.
الإنتهاء السّياسيّ لكيان ما أو مملكة ما لا يعني البتّة أنّ الشّعب الكلدانيّ والآشوريّ والسّريانيّ انتهى.
النّاس هم من لهم الحقّ في أن يحدّدوا انتماءهم وأن يسمّوا أنفسَهم وفق ما يشعرون به ولا يحقّ لأحد أن يتحكّم بهويّتهم القوميّة.
أتمنّى من هؤلاء الأشخاص أن يكفّوا عن هذه السّجالات الضّارّة وغير المبنيّة علميًّا، وأن يقبلوا هذا التّنوّع القوميّ ويحترموه، وأن يعملوا من أجل لمّ الشّمل والتّضامن مع بعضهم البعض بمحبّة".