العراق
14 تموز 2021, 13:50

ساكو: الحوار يجسّد قيمة إنسانيّة ودينيّة راقية

تيلي لوميار/ نورسات
أظهر بطريرك بابل للكلدان مار لويس روفائيل ساكو الفرق الشّاسع بين التّعصّب والحوار وانعكاس كلّ منهما على الإنسان والمجتمع.

هذا التّفكير الانفراديّ المتحيّز يدلّ على هشاشة ثقافته وعدم استيعابه للتّحوّلات الحاصلة في المجتمع والكنيسة. إنّه لم يطوِّر نفسه، بل بقي متمسّكًا بعقليّته القديمة الّتي نشأ عليها بحذافيرها، عقليّة انتقائيّة، استبداديّة ترفض الآخر المختلف، وتُشيطنه وتعمل على إقصائه وإلغائه، بدل أن يفرح بتقدّمه ونجاحه! وكتب ساكو في هذا السّياق السّطور التّالية بحسب ما نشر إعلام البطريركيّة:  

"هناك من يتحدّث عن الوحدة، والتّسمية الموحّدة (من طرف واحد)، إنّما يتحدّث عمّا يعتقده هو فقط، وهو لا يؤمن بالوحدة. طروحاته كلّها تنبع وتصبّ في لونٍ واحد، وهدفٍ واحد، ويفرضه على الآخر من دون أن يحترم ما يشعر به الآخر أو يجرحه.

الوحدة الّتي يريدها هي: تعميم قوميّته ولغته وحزبه. لا يقيِّم النّاس إلّا بقبولها، لأنّه يَعُدُّها الحقيقة المطلقة! إنّه لا يقرأ إلّا العنوان، ولا يفكّر ولا يحلّل، بل يعلِّق بتهكم ويحتجّ ويندّد. من المؤسف أنّ هذا الآخر موجود عند الكلدان والآشوريّين والسّريان وعند غيرهم أيضًا.

 

يتجاهلُ أنّ التّعدّديّة والتّنوّع مظهر من مظاهر الطّبيعة البشريّة، ونعمة من الخالق، ومصدر غِنى وقوّة للتّقارب، والتّواصل والتّضامن، والعيش معًا بسلام واستقرار.

لقد علّمتنا الحياة أنّ التّعصّب موقف عنصريّ. خطورته في أن يتحوّل إلى شخص عدوانيّ فاشيّ، يبثّ الكراهيّة والعداء. أمّا الشّخص المنفتح على الآخرين ويصغي إليهم ويتحاور معهم بصدق، يوسّع مجالات "أناه" و يتغيّر وينضج.

نحن نعرف أنّ الحوار ليس شكليًّا، بل هو لقاء هادئ وحضاريّ مباشر يحرّرنا من أفكارنا الثّابتة، ويقرّبنا إلى معرفة الحقيقة، واحترامها وتوحيد الجهود للتّعاون المتبادل.

الحوار يجسّدُ قيمة إنسانيّة ودينيّة راقية. الحوار يعرّفنا بوجهة نظر الآخر، ويجعلنا نحترم حقّه في التّعبير والاختلاف، ممّا يقود إلى بناء عَقدٍ اجتماعيّ سليم، وعيش مشترك متناغم. إحترام هذه المبادئ والأخلاق هو ما يعطي الشّرعيّة للحديث والمواقف.

عندما أدافع عن حقّ الكلدان، أدافع في الوقت عينِه عن حقّ السّريان والآشوريّين والأرمن في هويّتهم القوميّة والكنسيّة، وأحترمهم انطلاقًا من إيماني المسيحيّ بما أرجوه لنفسي، ينبغي أن أرجوه لغيري.

مجتمعنا المسيحيّ يحتاج إلى جهدٍ من المعرفة والاحترام، والتّسامح لنتغلّب على هذه العقليّة المتحجّرة."