العراق
19 كانون الثاني 2022, 14:50

ساكو: التّجديد قد يقرّب كنائسنا من المصالحة والوحدة

تيلي لوميار/ نورسات
"كيف يمكننا أن نتكلّم عن سرّ الله مع رجال ونساء اليوم والغد بعقليّاتهم وثقافاتهم وسلوكيّاتهم المختلفة عن الماضي؟ ألا يتعيّن على الكنيسة أن تناقش هذه المشاكل بهدوء في رحابة الرّوح القدس كما فعل آباؤنا في الإيمان؟". هذا السّؤالان طرحهما بطريرك الكلدان مار لويس روفائيل ساكو في مقال شدّد فيها على أهمّيّة التّجديد في الكنيسة اليوم، فكتب بحسب إعلام البطريركيّة:

"أعود مُجدّدًا إلى طرح موضوع التّحديث في تعليم الكنيسة وليتورجيّتها الّذي أراه  ضرورة ماسّة حتّى تغدو حاضرة في المجتمع ورائدة في حمل الرّسالة الّتي أوكلها إليها المسيح  بأمانة إلى مؤمني كلّ زمان ومكان حتّى يعي كلّ مسيحيّ إيمانه ويشعر أنّه شريك في نقل البشارة. هذا التّجديد قد يقرّب كنائسنا من المصالحة والوحدة.

اليوم يجد المسيحيّون في كلّ مكان، أنفسهم أمام واقع جديد، ونمط حياة مختلف عن السّابق، وتمايزات خاصّة بهم، ممّا يتحتّم عليهم الانفتاح على الثّقافة الجديدة والتّواصل والتّمييز بين الموروث القديم المتراكم والواقع الجديد المستمرّ مع أخذ بنظر الاعتبار أنّ ليس كلّ قديم أصيلاً ولا كلّ جديد مناسبًا!

الإنسان العاديّ يتعاطى مع الموروث القديم عاطفيًّا، ومن دون أن يطرح السّؤال لماذا هذا العرف- التّقليد صار قاعدة  مقدّسة، والأعراف الحاليّة لا؟ ما هي معايير التّقييم؟ أليس لكلّ زمان علومه وإبداعاته ولغته وثقافته وصياغته وظروفه ومتطلّباته؟ لهذه العقليّة المحافظة والمتزمّتة عواقب وخيمة على الواقع الجديد، لذلك يحذّرنا المسيح منها ويدعونا بقوّة إلى أن نعمل ما يتناسب مع وقتنا بقوله :لا ينبغي أن نخيط رقعة جديدة على ثوب عتيق وكذلك وضع الخمر الجديد في زقاق عتيقة لئلّا تمزّق الزّقاق وتتلف الخمر (مرقس 2/21-22) .

لقد تأثّر اللّاهوت المسيحيّ بالفكر اليونانيّ وصيغ بمفردات فلسفيّة نظريّة، وبالنّسبة لنا في الشّرق الأوسط  تأثّرنا بالثّقافة السّريانيّة- الكلدانيّة من خلال مواعظ الآباء والرّتب اللّيتورجيّة الّتي عبّرت بقوّة عن إيماننا، من دون أن يكون لنا لاهوت مدرسيّ منظّم كما حصل للغرب. هذا التّراث الكنسيّ هو ابن عصره وجاء أحيانًا كثيرة في سياق قضايا جدليّة أثيرت بسبب الاحتكاك بثقافة وفكر مختلف عن بيئة الكتاب المقدّس ويجد مؤمنونا صعوبة في فهمه.  

السّؤال الجوهريّ الموجّه إلينا ككنيسة رسوليّة وجامعة هو: كيف يمكننا أن نتكلّم عن سرّ الله مع رجال ونساء اليوم والغد بعقليّاتهم وثقافاتهم وسلوكيّاتهم المختلفة عن الماضي؟ ألا يتعيّن على الكنيسة أن تناقش هذه المشاكل بهدوء في رحابة الرّوح القدس كما فعل آباؤنا في الإيمان؟

كيف نفسّر اليوم لشبابنا المتعلمّين في الجامعات، الإيمان ونساعدهم على الاشتراك في اللّيتورجيا في لغتهم الحاليّة لكي يختبروا سرّ الله والمسيح ويشهدوا لهما في بيئتنا المشرقيّة؟ لابدّ أن نبحث عن طريقة مناسبة  ولغة جديدة مفهومة وملهمة تستقطبهم؟

للكنيسة رسالة مهمّة في عالم اليوم، وكنائسنا الشّرقيّة تجاه المسلمين، فالرّوح القدس  يدعوها إلى عمل لا يكلّ  من أجل استلام وتسليم وديعة الإيمان.

لنا احترام كبير لآبائنا الأوائل لمار افرام ونرساي وباباي وايشوعياب الثّالث وطيمثاوس الأوّل، لكن الحكمة تعلّمنا أن ندخل إلى الغنى الدّاخليّ لما كتبوه وأبدعوا فيه فتكتشف مضمونه. التّاريخ يعلّمنا أنّه لن يرجع إلى الوراء. هذه الجدليّة ينبغي التّعامل معها بحكمة وواقعيّة، خصوصًا لقد تحوّلنا من أغلبيّة مسيحيّة تتكلّم السّريانيّة- الكلدانيّة إلى أقلّيّة."