لبنان
20 نيسان 2017, 13:50

زيارة البطريرك الراعي الى دير مار يوحنا المعمدان للراهبات المارونيات –حراش

زار غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي مساء اليوم الأربعاء 19 نيسان 2017، دير مار يوحنا المعمدان –حراش للراهبات المارونيات بمناسبة افتتاح يوبيل الـ375 سنة على تأسيس الرهبانية من قبل البطريرك يوسف حليب العاقوري في العام 1642، يرافقه النائب البطريركي العام للشؤون القانونية والقضائية المطران حنا علوان، النائب البطريركي العام على نيابة زغرتا المارونية المطران پول عبد الساتر، امين سر البطريرك الأب بول مطر، ومدير المكتب الإعلامي في البطريركية المحامي وليد غياض.

 

واستقبله عند مدخل الدير النائب البطريركي العام على أبرشية صربا المارونية المطران بولس روحانا، المرشد العام للراهبات المطران چي بولس نجيم، الرئيس العام للرهبانية المارونيّة المريميّة  قدس الأبّاتي بطرس طربيه، الرئيس العام للرهبانية اللبنانيّة المارونيّة قدس الأبّاتي نعمة الله الهاشم، المرسل اللبناني المدبّر ورئيس مقام سيّدة لبنان حريصا الأب يونان عبيد، رئيس اتحاد بلديات كسروان ورئيس بلديّة جونيه الشيخ جوان حبيش، رئيس بلدية عين الريحانه المهندس ڤنسان البستاني وعقيلته، عدد من  المدبّرين والكهنة والآباء والمدبرات والرئيسات العامات السابقات،  وجمهور الراهبات.

 

 رفع غبطته الصلاة داخل كنيسة الدير وبعد تلاوة الإنجيل القى عظة قال فيها:" "اذهبوا الى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها". نحن  نرفع صلاتنا اليوم، صلاة الشكر للعناية الإلهية التي رافقت هذا الدير وجمهور الراهبات فيه  من جيل الى جيل منذ 375 سنة ، وهذا اكبر دليل على ان يد العناية الإلهية موجودة في هذا المكان."

 

وتابع غبطته:"  375 سنة، هذا يعني انه منذ 1648 الى اليوم،  كان الرب يدعو ويختار الراهبات حتى يتواصل الخط. انه الخط الروحي الذي ميّز هذا الدير.  انه دير للصلاة وللحياة الديرية بالروح النسكية واليوم هو يقدم رسالة تربوية.  وجه هذا الدير هو وجه صلاة انه واحة شهادة تسند الكنيسة في مسيرتها الطويلة. لذلك نحن نعتبر ان كلام الربّ في إنجيل اليوم "اذهبوا الى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها" يعني دير مار يوحنا حراش الذي يندرج بهذا الارسال. ان الكنيسة غنية بوجودها وبمؤسساتها وبرهبانياتها وأبرشياتها ومؤمنيها.  كنيستنا هي  جسم المسيح الذي نرى ملامح وجهه في هذا العالم، في كل شخص وفي كل جماعة وفي كل مؤسسة. هنا نرى يسوع المصلّي، هناك يسوع المتألم وهنالك يسوع مع الخطأة، ونرى يسوع المضطهد ويسوع المقتول، والمرفوض. على مدى 2000 سنة كان الرب يسوع يأخذ هذه الوجوه من العالم . ولكن الرسالة هي واحدة "إرسال الهي لإعلان انجيل يسوع المسيح الخلاصي" وهذا الانجيل الخلاصي غايته ان يولد الايمان بالنفوس والايمان يؤدى الى الخلاص. لقد اعطانا الله ضمانة وهذه الضمانة هي هذا الدير الذي حملها 375 سنة.  ضمانة ان انجيل يسوع لا يسقط، والكنيسة لا تسقط، ومؤسساتها لا تسقط. الله يعطينا ضمانات ويقول بالحرف الواحد انه يعطي الكنيسة سلطانا لإخراج كل الأرواح الشريرة وتحرير الناس من الأشرار. انهم يحملون أفاعي بأيديهم وهذا يعني انهم يواجهون الشرّ والشرّ لا يلسعهم ولا ينتصر عليهم. اذا شربوا سمّ يعني اضطهادات واعتداءات واكاذيب ولا شيء يضرّ بهم، ويتكلمون لغات يفهمها كل الناس. لغة المحبة، لغة الغفران وكان الربّ يخاطبهم على مدى تاريخ الكنيسة بالأيات التي تحصل والتي حصلت والتي سوف تحصل الى آخر الأزمنة.  مع انجيل متى انجيل مماثل ينتهي ويقول من بعد الإرسال "أنا معكم الى نهاية العالم" هذا الكلام موجّه الينا كلنا كجماعة.  لا يوجد في قلبنا خوف مهما واجهتنا الصعوبات، نحن جماعة نحمل في قلوبنا الرجاء، لكن نحن جماعة نحمل مسؤولية أساسية هي الشهادة لإنجيل يسوع المسيح الخلاصي وهنا التنوّع في الكنيسة.  ولكن كلنا بحكم المعمودية  نحمل هذه الدعوة وهذه الرسالة."

 

ووجه غبطته تحية شكر " للرئيسة العام ومجلسها واخواتنا الراهبات على اليوبيل 375 سنة. انه اقدم دير في كنيستنا المارونية.  الدير الذي أسسه البطريرك يوسف العاقوري،  ولذلك تعتبر البطريركية نفسها معنية مباشرة بهذا الدير. في هذا الدير سكن ومات مؤسس الرهبانات اللبنانية والمريمية الذين كانوا رهبنة واحدة والذي اصبح مطران بيروت عبدالله قرعلي. لقد  سنّ القوانين لهذا الدير وللراهبات وهذه القوانين كانت  رائدة لقوانين الأديار المماثلة. لقد كانوا ينطلقون من هنا راهبات يحملون الروحانية والرسالة. نحن نهنئكم ونشكر الربّ على عنايته وأريد ان أتذكر معكم وان نصلي عن انفس كل الراهبات الذين سبقونا والذين يشفعون بالراهبات وبهذا الدير الذي لولاهن لما استمر حتى اليوم. فقوته ليست  بماله، ولا بجبروته ولا بالسلطة، انما  قوته قائمة على الصلاة وعلى حرمان الذات وعلى عيش الراهبات ضمن جدران هذا الدير وهن يشكلن بحسب الكنيسة قلبها النابض، وروحها التي تحييها.  لذلك قيمة هذا الدير ليست بمؤسساته الكبيرة ولا بمدارسه ولا بجامعاته ولا بمستشفياته، ان  قيمته بالحفاظ على هذه الميزة الخاصة  وهي الصلاة والحياة الديرية والطابع النسكي."

 

واضاف غبطته:" انتم تحملون في صلواتكم الليتورجية المنظمة والمرتبة، الكنيسة. هنا تعيشون اكبر رسالة لأنكم تحملونها بصلواتكم اليومية، بتضحياتكم اليومية وكونوا على ثقة انكم تؤدون رسالة كبيرة جدّا للكنيسة تندرج في هذا الخط، "اذهبوا الى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها".

 

وختم غبطته:"  صلاتنا اليوم لكي  يكون هذا اليوبيل موسم خير ونعم وموسم دعوات جديدة وملتزمة ومقدسة ينعم فيها الله على ديركم وعلى الكنيسة المارونية التي تفتخر بهذا الدير وتتمنى له كل النجاح. لكن ثقوا ان صلاتنا لا تنتهي هنا. والليلة صلاتنا مستمرة من أجلكم لكي يحمي الله ديرنا ويبقى رائحة رجاء وفرح. ونقول لمن يريد لقاء الله انه يتوجب عليه الصلاة والتأمل، وان يكون مرجعه الدير حيث يلاقي فيه مجال للخلوة الروحية بينه وبين الله."

 

ثم القت الرئيسة العامة لراهبات مار يوحنا المعمدان المارونيات –حراش الأخت صوفيا آصاف كلمة شكرت فيها لغبطته زيارته للدير ومباركته لإفتتاح اليوبيل ال375 لتأسيسه، وبعد توجيه تحية شكر للحاضرين قالت:" "لأجل محبّة الله" أسّس المطران يوسف حليب العاقوري دير مار يوحنا المعمدان – حراش، عام 1642، لتسكنه الراهبات اللواتي يرغبن عيش النسك الرهباني. ثم دشّنه في 15 نيسان 1643 بزجليّة نظمها على إيقاع صمت النسك الرهباني في دير حراش.

 

واليوم في 19 نيسان 2017، يشرّفنا أن نفتتح يوبيل الثلاثماية والخمس والسبعين سنة على تأسيس رهبانيّتنا، بحضوركم وببركتكم وبرعايتكم يا صاحب الغبطة والنيافة. إنّ مؤسسَنا، وبعد انتخابه بطريركًا عام 1644، جعل مقرّه في هذا الدير وعقد فيه مجمع حراش سنة 1644، بهدف إصلاح بعض العادات البيعيّة في الكنيسة المارونية. فبين مؤسسنا وبينكم يا صاحب الغبطة والنيافة، روح أبٍ محبٍّ يعامل راهباته بروح الفطنة والحكمة والثقة والاحترام. فها إنَّ غَيرةَ مؤسِّسنا على نموّ رهبانيّتنا وعلى اعتبارها ما زالت تتدفّق بالزخم ذاته من قلبكم ومن حُسن معاملتكم لنا. فلكم منّا خالصَ الشكر والمحبّة على عدد ثواني الثلاثماية والخمسِ والسبعين سنة."

 

وتابعت:" إنها ثلاثماية وخمسٌ وسبعون سنة مرّت مرور الطير في هذا المكان، وإنّها كيوم أمس العابر ضربت خيامَها لتظلّل سكنى الربّ في سكون هذا المكان. "لأجل محبته" وَطَأْنا اليوم عتبة قدس أقداس التاريخ الرهباني النسائي في الكنيسة المارونيّة، حيث يرتاح الله في قلوب راهبات نَذَرْنَ قلوبَهنّ لأجل محبّته، راهبات بعددهنّ المتواضع وببقيّتهنّ الباقية جَذَّرْنَ حياتَهُنّ بالنسك الرهباني الماروني. نذكر اليوم الراهبات اللواتي عَبَرْنَ من هذا المكان إلى دنيا الخلود، الراهبات اللواتي لَطالما التَحَفْنَ الصلاة والتأمل والسجود في هذه الكنيسة التي بناها مؤسِّسُنا، فَأَضْفَيْنَ على هندستها المتواضعة جمال شغف الصلاة، وملأْنَها من بخور الخشوع الذي ما زال عبيرُه لغاية يومنا الحاضر يجذب الزائرين المصلّين.

 

يوبيلُنا اليوم يستنِدُ إلى ميزتَين نسجتا هُويّتَنا في الكنيسة المارونيّة: الميزة الأولى جعلتْ من تأسيس دير حراش سنة 1642، الدير الأوّل الذي خُصَّ بسُكنى الراهبات، بعكس الأديار المزدوجة والأديار التي كانت تديرها العائلات في القرون السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر؛ والميزة الثانية ارتبطت بتسلّم المطران عبدالله قراألي دير حراش في 31 تموز 1725، إذ جعل منه أوّل رهبانية نسائيّة منظّمة في الكنيسة المارونيّة."

 

وأضافت:" فاستنادًا لنمط الحياة الخفيّة الّتي عاشتْها راهباتنا على مرّ العصور، وحفاظًا عليها وتقديرًا لها، اخترنا اليوم، أن نعيش اليوبيل بعيدًا عن الضوضاء والاحتفالات، وأن نعود فيه إلى جذورنا الرهبانيّة لنجدّد حياتنا بنمط عيشٍ يخدم مجتمعنا وكنيستنا اليوم. ولأنّ كَنْزَنا الرهبانيّ ثمينٌ، قرّرْنا ألاّ نَحُدَّ اليوبيل بسنة واحدة بل بثماني سنوات؛ نفتتح يوبيل الثلاثماية والخمس والسبعين سنة على تأسيس رهبانيّتنا، اليوم في 19 نيسان 2017، ونختتمه بذكرى الثلاثماية سنة على تسلّم المطران عبدالله قراعلي دير حراش ليحوّله إلى أوّل رهبانيّة نسائيّة منظّمة في الكنيسة المارونيّة، في 31 تموز 2025، إن شاء الله. فمسيرتنا اليوبيليّة هذه ترتكز أوّلاً وآخرًا على تجديد حياتنا الرهبانيّة المبنيّة على شخص يسوع المسيح، وتتّخِذُ شعارًا لها "لأَجْلِ مَحَبَّتِه"، تلك العبارة التي استند إليها مؤسسنا البطريرك يوسف العاقوري في الزجلية التي نظمها لدى تدشينه دير حراش في 15 نيسان 1643."

 

وأردفت:" ونحن على مشارف الأربعة قرون من تأسيس رهبانيّتنا، لا يسعنا إلاّ أن نرفع صلاة امتنان وتقدير لكلّ مَن كان ركيزة في بناء رهبانيّتنا وهو اليوم في دار الآب، نذكر خُصوصًا البطريرك مخايل فاضل والأساقفة جبرايل صقر ومخايل فاضل. لقد رحلوا لكنّ رفاتهم ما زالت ترقد في هذه الكنيسة المباركة. ونذكر أيضًا المثلَّث الرحمات البطريرك الياس الحويّك الذي خصَّ رهبانيّتنا برعايته وأحاطها بالقوت لتقوى على تخطّي المجاعة في الحرب العالميّة الأولى، فكان لها العضد المتين.  كما نشكر إخوتنا الرهبان الذين تولّوا خدمة الراهبات الروحية على مرّ هذه الثلاثماية والخمس والسبعين سنة حتى اليوم، من الرهبانيّة اللبنانية المارونية ومن الرهبانية المارونيّة المريميّة ومن جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة ومن كهنة نيابة صربا المارونيّة. ولا ننسى شخصيّة بارزة في خفرها واكبت تطوّر رهبانيّتنا في هذا الماضي القريب، سيادة المطران چي بولس نجيم، الذي خلال خدمته الأسقفيّة في نيابة صربا وتولّيه بالتالي أمور رهبانيّتنا، ساهم في تطوير الرهبانيّة في المجالات الروحية والتربوية والثقافية والاقتصادية بدعم أبويّ مانحًا الثقة للسلطة في رهبانيّتنا ومحترمًا دورها. ما دفعنا اليوم إلى اختياره مرشدًا عامًا لرهبانيَتنا ببركة غبطته."

 

وأضافت:"كما وأننا نشكر راعي أبرشيّتنا، سيادة المطران بولس روحانا، النائب البطريركي العام على نيابة صربا المارونية، على تعاطفه مع رهبانيّتنا وبذله الجهود لخدمتها. ولا يغيب عن قلبنا شكر حضرة المدبّر ورئيس مقام سيّدة لبنان حريصا الأب يونان عبيد المرسل اللبناني الماروني على تأمينه خدمة الوعظ في الرياضات الروحية وخدمة سر التوبة في رهبانيّتنا. وإننا نشكر رئيس اتحاد بلديات كسروان والفتوح الشيخ جوان حبيش، على تعاونه معنا في المجالات الإنمائيّة الخاصة برهبانيّتنا. ونشكر رئيس بلدية عين الريحانه المهندس ڤنسان البستاني على جهوده الدائمة لخدمة ديرنا. نشكر الله على عطيّته الثمينة للكنيسة المارونيّة، غبطة أبينا البطريرك مار بشاره بطرس الراعي الكلي الطوبى، الذي ما برح مهتمًّا برهبانيّتنا منذ تولّيه السدة البطريركيّة، نافحًا فيها محبتَه لنا وثقتَه بنا. فأنتم، يا صاحب الغبطة، سندُنا ودعمُنا في عيش مسيرتنا اليوبيليّة. من مُحيّاكم العطوف نستشفّ ملامح أبينا المؤسس البطريرك يوسف العاقوري، ومن هيبتكم الوقورة نستمدّ روحَ منظم قوانينا الرهبانيّة المطران عبدالله قراألي، وأنتم قد نشأتُم في عائلته الرهبانيّة. فإنّنا نضع بين أيديكم رهبانيّتنا المعمّرة ثلاثماية وخمس وسبعين سنة، والمتجدّدة في مسيرتها اليوبيليّة هذه، لتباركها بمحبّة قلبك الفيّاضة. فديرُنا بيتُكم وأنتم ربُّ البيت، وها قد شرّعنا أبوابه لتجعلوا فيه سكناكم ولتبقى ذكراكم مديح شكرٍ نترنّم به مدى الأجيال. أدامكم الله نعمةً لنا ولكنيستنا الجامعة المقدّسة ولوطننا المبارك لبنان."

 

وختمت آصاف:"في الختام، من حَشا الكنيسة المارونيّة المحتفلة هذا العام 2017 بيوبيل الشهادة والشهداء، نُعلن ولادة مسيرتنا اليوبيليّة في ظلّ شفاعة مار يوحنا المعمدان الشاهد والشهيد. ونرفع أنظارنا إلى أيقونة سيدة الانتقال المرتفعة فوق مذبح الكنيسة، هذه الأيقونة التي سعى بإحضارها من إيطاليا إلى دير حراش مؤسسنا البطريرك يوسف العاقوري، معتنيًا بتفاصيلها الفنيّة واللاهوتيّة.

 

"لأجل محبته" كنّا ونبقى ونستمرّ بعون الله وبصلواتكم، "والرجاء لا يخيِّب لأن محبة الله أُفيضت في قلوبنا بالروح القدس الذي وُهب لنا" (روما 5: 5)."

 

وفي الختام قدمت الرئيسة العامة والراهبات هدية تذكارية لغبطته الذي دون على السجل الذهبي للدير كلمات من وحي المناسبة.