رسالة من البطريرك ساكو إلى الرّابطة الكلدانيّة
"مع حلول الذّكرى السّنويّة الرّابعة لتأسيس الرّابطة الكلدانيّة، يسرّني أن أبعث إلى أعضائها الأعزّاء، بهذه الرّسالة لأهنّئهم بمرور أربع سنوات على ولادتها في (3 تمّوز 2015)، عيد مار توما الرّسول شفيع كنيستنا، وهي ماضية في ترسيخ أقدامها لتحقيق رسالتها، برغم التّحدّيات الّتي تصادفها، ممّا يضيف عنصرًا جديدًا على نجاحها. وآمل أن تكون هذه مناسبة تقييم ومراجعة بغية التّطلّع إلى غدٍ أكثر ازدهارًا.
تفاعلاً مع رسائل وفاء واعتزاز تلقّيتها من الرّابطة، أؤكّد أنّ الرّابطة الكلدانيّة فتحت حقًّا آفاقًا جديدة بمستقبل أفضل لأبناء شعبنا، ولأجيال قادمة تعتزّ باسمها وتاريخها. وأنّ كلدان اليوم ليسوا كما كانوا قبل أربع سنوات، فإضافة إلى اعتزازهم بكنيستهم، يعتزّون بهويّتهم، بعَلَمِهم، وبإرثهم التّاريخيّ. كلدان اليوم أقوى بعشرات المرّات في انتمائهم وحبّهم وعطائهم ودورهم في خدمة المجتمع والتّعاون المشترك مع الإخوة السّريان والآشوريّين للسّير نحو ملء الوحدة والشّركة.
لا غرابة أن تكون الدّورة الأولى للرّابطة، وكأيّ مؤسّسة فتيّة، قد واجهت عددًا من التّحدّيات، لكن ثمّة إصرار من فروع الرّابطة عبر العالم على رؤية مشرقة للمستقبل، فالأعضاء النّشطين هم ثمار هذه الرّابطة، وهم الكفّة الّتي تعادل الميزان، داعمين الاستمرار في العمل، متعلّقين بما يصل الرّابطة مع الكنيسة، من دعوة وروحيّة.
ما زلنا نتطلّع إلى أن تؤدّي الرّابطة في الواقع الملموس، دورها الموعود كظهير للكنيسة، وتعمل ضمن تخصّصها الأساس في الدّفاع عن الحقوق المدنيّة لأبناء شعبنا، كما هو مثبت في نظامها الدّاخليّ. ومع الوقت يُفرز الغثّ من السّمين، ويتقدم في الطّليعة النّزهاء ممّن يتحاشون أن تكون الرّابطة جسرًا لمصالحهم وطموحاتهم الذّاتيّة، على حساب المبادئ.
أمّا في مجال المراجعة الذّاتيّة، فإنّ الرّابطة كأيّ مؤسّسة مسؤولة، تستثمر عيد ميلادها السّنويّ، وخصوصًا عندما يتصادف مع قرب اختتام دورتها الأولى، وذلك في سبيل التّجدّد وفتح صفحة جديدة في مسيرتها من خلال المؤتمر القادم المقترح إقامته في بداية الشّهر الثّاني من السّنة القادمة (بعد حوالي 6 أشهر من السّينودس) والّذي ستطرح فيه الإيجابيّات والسّلبيّات على طاولة النّقاش للخروج بدورة جديدة تضيف زخمًا ودمًا جديدًا للرّابطة وتدفعها إلى الأمام.
نؤكّد بدورنا ما وردنا من أصداء طيّبة، على أنّ تأسيس الرّابطة الكلدانيّة جاء منعطفًا تاريخيًّا في حياة أبناء شعبنا الكلدانيّ. خصوصًا وأنّ العلاقة الرّوحيّة بين الرّابطة والكنيسة، ليست علاقة إداريّة، ولا موقف وصاية، كما ليست علاقة بدائرة إضافيّة ومشروع يمتصّ إمكاناتها بدل أن يعزّزها، بل هي مدعوّة ضمن طابعها وخصوصيّتها، على ألّا تنحصر في شرنقة خورنة أو أبرشيّة، بل تأخذ مداها في خصوصيّتها المدنيّة والاجتماعيّة، بدون تداخل واحتقان في العلاقة بينها وبين الجهات الرّاعوية للخورنة والأبرشيّة. ولا نتوخّى المغالاة إذا قلنا بأنّ الخصوصيّة الكاثوليكيّة الجامعة للكنيسة الكلدانيّة، هي أحد عناصر تأكيدنا على ظهور رابطة يعيش أبناؤها دعوتهم المسيحيّة ككلدان كاثوليك، ليضطلعوا عن كثب بالتّوجّه الفولكلوريّ والثّقافيّ وكلّ ما يتّصل بشعبنا من إرث قوميّ.
هذا ما نأمل أن ترسّخه الرّابطة في ختام دورتها الأولى، وما مباركتنا لنهجها سوى دعم معنويّ لمسيرتها في اضطلاعها ماديًّا واجتماعيًّا بدورها الثّقافيّ والقومّي، مع تمنّياتنا لبناتنا وأبنائنا الأحبّة في الرّابطة الكلدانيّة بالنّعمة والخير والازدهار".