رسالة البابا إلى المشاركين في الجمعية العامة الثالثة والعشرين للبرلمان الأميركي اللاتيني
تمحورت أعمال الجمعية العامة حول الإجراءات الواجب اتخاذها من أجل تحسين أوضاع الأشخاص إزاء سيول الهجرة التي تعني المنطقة. وُجهت الرسالة إلى رئيسة البرلمان الأميركي اللاتيني السيدة بلانكا ألكالا، وعبّر فيها البابا عن تثمينه لهذه المبادرة الهادفة إلى الإسهام في توفير حياة كريمة ولائقة للجميع، لاسيّما الأشخاص الغرباء والبعيدين عن أرضهم.
واعتبر البابا فرنسيس أنّ معالجة المشاكل المرتطبة بالهجرة ينبغي ألا تقتصر على الدراسات وحسب، لأنّه من الأهمية بمكان أن تُقام علاقة إنسانية مع هؤلاء المهاجرين، لافتاً إلى وجود كائن بشري وراء كل مهاجر لديه قصّته وثقافته ومُثله. وأكّد أنّ العلاقة المباشرة مع الشخص تسمح لنا بالتعرف في العمق على الجراح التي يحملها معه هذا المهاجر أو ذاك، وهذا الأمر يساهم في تقديم حلول ناجعة لهذه المشاكل أكان في بلد المقصد أو في بلد المنشأ. وذكّر البابا في هذا السياق بالكلمة التي ألقاها أثناء استقباله أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد لدى الكرسي الرسولي لتبادل التهاني بحلول العام الجديد في التاسع من كانون الثاني يناير من العام الجاري، عندما شدّد على ضرورة أن يوضع الكائن البشري دائماً في صُلب كل نشاط سياسي، خصوصاً عندما يكون هذا الشخص محتاجاً إلى مساعدتنا.
ولم تخلُ رسالة البابا من الإشارة إلى أهمية الحوار لأنّه لا يمكن أن يعمل كل طرف بمعزل عن الأطراف الأخرى، وأشار في هذا السياق إلى ضرورة أن نكون قادرين على الانتقال من ثقافة الرفض إلى ثقافة التلاقي والضيافة، حسبما جاء في رسالة البابا لمناسبة اليوم العالمي للمهاجر واللاجئ 2014. وأكّد أنّ التعاون المشترك بالغ الأهمية من أجل التوصل إلى إستراتيجيات فاعلة ومنصفة حيال اللاجئين. كما لا بد أن تتمتع كل الهيئات والمؤسسات المحلية والوطنية والإقليمية بالأدوات اللازمة للتوصل إلى اتفاقات تصبّ في صالح الجميع، لاسيّما الأشخاص المتألمين والمقيمين في المناطق الأكثر هشاشة شأن أميركا اللاتينية ومنطقة الكاراييب.
ورأى البابا أنّ هذه البقعة الجغرافية قادرة على لعب دور أساسي في هذا المجال من خلال التعاون وتكاتف جهود الجميع، لافتا أيضاً إلى ضرورة إيلاء اهتمام خاص بالقاصرين واحترام حقوق الأطفال الأساسية، لأنّ هؤلاء الصغار يحتاجون إلى المساعدة والدعم. في ختام رسالته إلى المشاركين في أعمال الجمعية العامة الثالثة والعشرين للبرلمان الأميركي اللاتيني، أكّد البابا أنّ العمل كبير ويتطلب رجالا ونساء من ذوي الإرادة الصالحة، يتمكّنون ـ من خلال التزامهم الملموس ـ من الاستجابة للصرخة النابعة من قلب المهاجر. وحثّ فرنسيس الحكومات الوطنية على تحمّل مسؤوليّاتها على هذا الصعيد، مؤكّداً التزام الكنيسة الكاثوليكيّة في تضميد الجراح التي يحملها العديد من أخوتنا وأخواتنا.