دينيّة
03 آذار 2019, 08:00

خاصّ- يسوع... العرس الحقيقيّ

غلوريا بو خليل
تفتتح الكنيسة المارونيّة هذا الأحد زمن الصّوم المبارك بإنجيل عرس قانا الجليل للقدّيس يوحنّا (2: 1-11)، الذي ينقل إلينا أولى معجزات يسوع التي أظهرت مجده الإلهيّ فآمن به تلاميذه. وللغوص بأبعاد هذا النّص ومعانيه، كان لموقع "نورنيوز" الإخباريّ حديث معمّق مع المرشد العام لرابطة الأخويّات في لبنان الأب إدمون رزق.

 

إستهلّ الأب رزق شرحه اللّاهوتيّ قائلًا: "يأخذ العرس دومًا رمزيّة العهد الذي أقامه الله بينه وبين شعبه، واليوم الثّالث يأخذ أهميّة كبيرة في العهد القديم، فهو يرتبط دومًا بعدد أيّام المحنة التي يليها الخلاص. وفي سفر التّكوين نرى الله يخلق آدم وحوّاء ويسلّم الأرض إلى عنايتهما، ليتسلّطا باسمه، على الخليقة، أيّ ليجعلاها تبقى حسنة. وفي قانا نجد يسوع، آدم الجديد، ينادي مريم، يا إمرأة، كما في سفر التّكوين. هي حوّاء الجديدة بدل القديمة التي رفضت أن تطيع."

واستطرد الأب رزق موضحًا: "حضور يسوع والكنيسة معه في العرس يحمل العديد من المعاني لسرّ الزّواج: فالزّواج هو إرادة الله على الإنسان، هو نبع الحياة من خلال الإنجاب، فالله يُكمل عمليّة الخلق، خلق البشر، بواسطة الزّوجين. والزّواج المسيحيّ طريق إلى القداسة، إذ يعمل الزّوجان، مع الله، على نقل الحياة وتربيتها الرّوحيّة والأخلاقيّة والإنسانيّة، فتتكوّن العائلة لخلق "كنيسة بيتيّة" يتربّى فيها قدّيسو المستقبل بالإيمان والصّلاة والعمل. إنّ حضور يسوع في عرس قانا وآية تحويل الماء إلى خمر أسعدا العروسَين، وهو دليل أنّ يسوع هو العرس الحقيقيّ الذي يسعد كلّ إنسان بخلاصه وسرّ فدائه."

وعن أبعاد حضور مريم في العرس أكمل المرشد العام مفسّرًا: "تمثّل مريم في عرس قانا الاستمراريّة بين العهدين. يَرد ذكرها في إنجيل يوحنّا مرّتين، في قانا وعند أقدام الصّليب، ممثّلة العهد القديم الّذي ينتظر وصول العهد الجديد ويساهم في تحقيقه. هي التي تعلن أنّ ماء العهد القديم قد نفذت ولم يعد بإمكانها إرواء عطش الإنسان، فلا بدّ من خمرة العهد الجديد. وفي الكنيسة، مريم أمّها، مثل الأم في البيت، عين ساهرة على الكلّ، تلاحظ أيّ نقص: "ليس عندهم خمر" (الآية 3). في حفلة العرس تعيش مريم دور "الخادمة"، لا دور المتلهّي بالرّقص والأكل والشّرب والضّجيج. لم تنتقد العروسَين بنقل الخبر إلى هذا وذاك، وهذه وتلك، تجنّبًا لإحراجهما،  وحفاظًا على فرح المدعوّين. ولكنّها بحكم معرفتها بقلب يسوع وحبّه وحنانه ورحمته، راحت تنقل إليه الخبر، وفيها رجاء يقين أنّه قادر أن يفعل شيئًا ما، وكأنّها تتشفّع إليه."

وأضاف الأب رزق: "يعلّمنا هذا النّص الإنجيليّ روح التّعاضد والخدمة: مريم أمّ يسوع، مع كونها واحدة من المدعوّوين، لم تقف جانبًا لحظة عانى العروسَين خطر العوَز. هي التي تضع ذاتها في خدمة الآخرين ليبلغوا السّعادة، كانت وسيلة لإيصال إرادة يسوع الخلاصيّة بطلبها وتضرّعاتها. كما يعلّمنا روح الإيمان والرّجاء: لقد علمت مريم أنّ بإمكان يسوع أن يغيّر كلّ شيء، فأوكلت إليه أمر العرس من دون أن تقول له ماذا عليه أن يفعل..."

وإختتم المرشد العام شرحه بكلمة توجيهيّة قائلًا: "إنّ دعوتنا المسيحيّة هي أن نحيا فرح الخلاص في كلّ لحظة، رغم الألم وفي وسط الصّعاب والأحزان، نفرح، لأنّ المسيح قادر على التّدخّل."