دينيّة
08 نيسان 2016, 12:12

خاصّ - ندوة في "الكسليك" حول "الأقلّيّات في الشّرق الأوسط"

ماريلين صليبي
نظّمت جامعة الرّوح القدس - الكسليك بالتّعاون مع مركز دراسات الأقلّيّات في الشّرق الأوسط RCMME ندوة حول "الأقلّيّات في الشّرق الأوسط: مسألة الحقوق وتحدّيّات المواطنة" يوم أمس الخميس 7 نيسان في أوديتوريوم جان الهوا، وذلك بحضور السّفير البابويّ غابريال كاتشيا، الأب د. هادي محفوظ رئيس جامعة الرّوح القدس - الكسليك، ونجيب ساويرس رئيس شركة أوراسكوم للإتّصالات والإعلام والتّكنولوجيا ومؤسّس حزب المصريّين الأحرار.

استهلّ اللّقاء الأب جان عقيقي، نائب رئيس جامعة الرّوح القدس - الكسليك للبحوث ورئيس المركز الأعلى للبحوث ورئيس مركز دراسات الأقلّيّات في الشّرق الأوسط الذي تساءل حول ماهيّة الأقلّيّات وماهيّة المواطن وحول الجهة التي تحدّد أطر الإنتماء الوطنيّ ومعانيه وحيثيّاته، فهل هي القانون أو الدّستور أو الشّرائع الدّوليّة أو هي الدّين؟ وتساءل حول لبنان تحديدًا عمّا إذا كان الزّيتون الأرثوذكسي أقلّ أو أكثر قيمة وطنيّة من الحمضيّات السّنّيّة أو التّبغ الشّيعي أو التّفاح الماروني؟ فإنّ الجميع يلهف إلى قطافها بنهم الجائع إلى الأطيب من منتوج لبنان الواحد. وانتقل الأب عقيقي إلى محيطنا العربيّ الذي يكتب فيه الجميع باللّغة العربيّة قبل التّميّز بالشّعائر الدّينيّة؛ فمسألة الأقلّيّة والأكثريّة، بحسب الأب عقيقي، مسألة كونيّة طبيعيّة قبل أن تتكوّن في عقل الإنسان وفي تصوّراته المختلفة. وأضاف الأب عقيقي أنّ لا أكثريّة بدون أقلّيّة ولا أقلّيّة بدون أكثريّة وكلاهما مقياسان نسبيّان للعائلة البشريّة الواحدة، فالتّنوّع غنًى للأكثريّة والأقلّيّة على السّواء، والمساواة في الكرامة لا تحذف الحقّ بالخصوصيّة فمارونيّة لبنان غير مارونيّة قبرص مثلًا. وأكّد الأب عقيقي أنّ المشكلة الأساسيّة هي هذا الإضراب المصيريّ أمام الورم الإجتماعيّ الخبيث المتمثّل بالظّلم والإستبداد والتّفرّد بالقرار. مشكلة الأقلّيّات، على حدّ قول الأب عقيقي، هي مشكلة حقوق منزوعة وعدالة مشوّهة ضائعة ومساواة لا نريدها لأنّ في صدر كلّ منّا شريعة غاب لا تروَّض إلّا باستئصال قلب الحجر وزرع قلب الرّحمة الذي يقبل بالآخر على اختلافه.

 وكان محورُ اللّقاء مداخلةً لرئيس شركة أوراسكوم للإتّصالات والإعلام والتّكنولوجيا ومؤسّس حزب المصريّين الأحرار نجيب ساويرس الذي استشهد بقول يؤمن به ليخلّص كلّ مسألة الأقلّيّات: "لو شاء الله لكان وحّد الأديان"، فالخالق نفسه أوجد كلّ هذه الأديان، وفي ذلك حكمة، لأنّ في الإختلاف قبول وتعايش بعيدين كلّ البعد عن القتل والدّمار والحرب والإبادة التي نشهدها في أيّامنا هذه. وأضاف ساويرس أنّ الحلّ الوحيد لمسألة الأقلّيّات والأكثريّات هو أن يسود العدل وتُمنَح الحقوق للجميع. فالتّمييز، بحسب ساويرس، موجود من القدم لأنّ الله أراد ألّا يخلق النّاس متساوين. ومسألة تهجير المسيحيّين من الشّرق الأوسط أمر مؤسِف ومحزِن لساويرس  لأنّ التّزاوج بين المسلمين والمسيحيّين بالنّسبة إليه إيجابيّ ومفيد لأنّه يقلّل من حدّة التّطرّف. وهذا التّهديد بالتّهجير يظهر مثلًا عند مسيحيّي العراق الذين كان عددهم أكثر من مليون مسيحيّ ليصبحوا بعد الحرب بالآلاف فقط بسبب تفجير الكنائس وخوف العراقيّ المسيحي على نفسه وعائلته. وتطرّق ساويرس إلى ظاهرة داعش وإعدامها الـ24 ليبيًّا واصفًا المشهد بالوحشيّ. أمّا مسيحيّو سوريا فهم يُجبَرون على الهرب بحرًا مواجهين خطر الغرق أم إنّهم يفضّلون البقاء في بلادهم تحت ضوضاء الحرب الدامية. بالمقابل، فإنّ أقباط مصر يعيشون فترة هدوء واستقرار لا بل تقدّم ملحوظ، فهم لا يعانون من أيّ ترصّد أو قتل؛ وضعهم الحاليّ، بحسب ساويرس، أفضل ممّا شهده تاريخهم. قبل ثورة 23 يوليو كان رئيس الوزراء قبطيًّا وهو بطرس غالي وكان رئيس مجلس النّواب مسيحيًّا إضافة إلى وجود مسيحيّ لوزراء داخل الحكومة؛ بعد الثّورة، اختفت هذه الظّاهرة وبدأ التّمييز وانحصر دور الأقباط في السّياسة المصريّة. الطّائفيّة مرض إذًا، على حدّ وصف ساويرس، وهو لا يؤمن بخصخصة المناصب السّياسيّة بحسب الطّوائف، فالموظّفون في شركاته هم بأغلبيّتهم من المسلمين. الوضع الحاليّ للأقباط مخالف تمامًا لما كان عليه في فترة حكم الإخوان المسلمين الذين كانوا يكنّون العداء للمسيحيّين خصوصًا؛ فبعد ثورة 30 يونيو، زار الرّئيس المصريّ البابا تواضروس الثّاني قي مقرّه في ظاهرة هي الأولى بعد زيارة عبد النّاصر، وشارك أيضًا في قدّاس الميلاد وفي ذلك دليل على المحبّة والتّسامح. وختم ساويرس قائلًا أنّ منطقتنا مقدّسة لأنّها شهدت على حضور المسيح ووُلدت فيها الدّيانات الثّلاث، فهجرة المسيحيّين منها خسارة كبيرة ستُفقِد وحدة الثّقافة والحضارة واللّغة.