دينيّة
11 أيار 2018, 13:00

خاصّ - "مع المسيح وُلدت من جديد ووجدت طريق النّور"

غلوريا بو خليل
طفلةٌ هي، لم تتعدَّ الخامسة من العمر، أتت من مصر مع والدها وإخوتها عام 1975 ليقيموا في لبنان بعد انفصال تمّ بين الوالدين. دخلت المدرسة الرّسميّة في منطقة سكنها، وكانت ساعة تعليم الدّين المسيحيّ الأحبّ على قلبها، انتظرتها بفرح كبير وشغف لا مثيل لهما، وكان الحديث عن يسوع يسحرها ويبهرها.

 

مرّت السّنوات وكبُر حبّها ليسوع ولتعاليمه، وكانت تشارك في القداديس وكلّ نشاط مسيحيّ، حتّى أنّها انتسبت إلى الحركة الرّسوليّة المريميّة كصديقة، فكان التزامها مُلفتًا بارزًا من كثرة شغفها وحبّها لما تناله من معرفة في الكتاب المقدّس والعمل الرّسوليّ.

كَبُرت أُلفت في أحضان المدرسة والكنيسة، وتميّزت بمحبّتها وشوقها للتّعمّق أكثر فأكثر بالكتاب المقدّس. شوق نقلته إلى موقع "نورنيوز" الإخباريّ في حديث خاصّ لتطلعنا على التّحوّل الكبير في حياتها: "كنت صغيرة، وكانت فرحتي تكبر في داخلي بصورة لا توصف، ويكبر إيماني بالمسيح ومحبّتي له ولتعاليمه، لكنّ فرحتي لم تكن كاملة فكان ينقصها شيء جوهريّ وأساسيّ، وهو تناول جسد السّيّد المسيح".

توجّهت ألفت إلى مرشدها الرّوحيّ في ذاك الحين الأب بشارة الرّاعي، الّذي أصبح اليوم البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي، وسألته بإلحاح كبير عن سبب حرمانها من سرّ القربان، فأجابها "يا ابنتي، يجب أن تتعمّدي بالرّوح القدس أولًا لكي تنالي بعدها كلّ الأسرار". طلبت ألفت من الرّاعي أن يعمّدها بالرّوح القدس ويباركها بكلّ الأسرار، وكانت حينها في الـ16 من العمر، بعد أن حصلت على موافقة والدها.

وكان الخامس من كانون الثّاني/ يناير أجمل يوم في حياة ألفت، يوم عمادها ومناولتها الأولى وتثبيتها. هي الّتي اتّخذت اسم ماري في المعموديّة، عبّرت لموقعنا قائلة: "كانت ليلة عرسي وفرحي وبهجتي وسعادتي، كان شعوري لا يُوصف ولا يُكتب". وأردفت " كنت أشعر بالرّوح القدس يرافقني، وحمدت ربّي وشكرته لأنّني اخترت المسيح ابنه الحبيب وآمنت به، ولأنّني ولدت من جديد ووجدت طريق النّور والمحبّة والتّسامح".

لكن فرحة ألفت لم تدم طويلًا، فتدخّلت العائلة ورفضت انتماءها إلى الدّيانة المسيحيّة واعتبرت عمادها "غير صحيح". لكنّ ألفت تحدّت الجميع حتّى والدها الّذي بدّل رأيه وساند عائلته، ووضعت يدها على المحراث ولم تلتفت إلى الوراء.

وأصبحت بعدها ألفت عضوًا ملتزمًا وفعّالًا في الحركة الرّسوليّة المريميّة، وشاركت بنشر الإنجيل في الأحياء مع الأطفال، وكان حماسها لنقل كلمة الرّبّ حافزًا لرفاقها.

تزوّجت ألفت وأنجبت ولدين وأنشأتهما على الدّيانة المسيحيّة، وهي تعمل اليوم كممرّضة وتشهد للمسيح بأفعالها وبالصّلاة والإيمان. 

أبت ألفت أن تستمر القطيعة مع والديها، فأصرّت على مصالحة والدها، وبحثت عن والدتها وتواصلت معها ونالت بركتهما ورضاهما، كيف لا وهي تؤمن بوصيّة الرّبّ "أكرم أباك وأمّك".

هذه الفتاة التي ترعرعت على تعاليم الإنجيل وتعمّقت بمعانيه، تسعى جاهدة على تطبيقه في حياتها اليوميّة مُتّخذة شعار "الله يراني" على مثال الطّوباوي الأخ اسطفان نعمه، عساها تكون قدوة لنا في الإيمان الثّابت.