دينيّة
01 تشرين الثاني 2016, 06:30

خاصّ- دير سيدة اللويزة.. منارة تشّع قداسة

تمارا شقير
في منطقة زوق مصبح الكسروانيّة ديرٌ أبصر النور منذ أكثر من 300 عام.. ديرٌ يلبس ثوب القداسة والعفّة، ينفح نسمات إيمان وخشوع على جميع المؤمنين.. دير ينبض فيه قلب مريم المولع بالمحبّة والعطوف بالرحمة والقويّ بالشفاعة، بالعذوبة وبالإيمان، تحتضن فيه أبناءها، وتزرع ورودًا فوّاحة يعبق المكان بعبيرها الطيّب.

إنّه دير سيّدة اللويزة الذي بناه الشيخ سلهب الحاقلاني سنة 1682 قبل أن يُكرّس حياته لخدمة الرّب ويصبح سنة 1707 القس أغناطيوس. وبعد أن زادت مسؤوليات الدير شيئًا فشيئًا، لم يعد هذا الأخير قادرًا على تحمّل الأعباء فقدّمه إلى الرهبانيّة اللّبنانيّة بشخص المطران عبد الله قراعلي، راعي أبرشية بيروت المارونيّة.

"قرّر المطران قراعلي اتّخاذ الدّير مركزًا للرئاسة العامّة لموقعه الإستراتيجي وللأمان الذي يحيط بمنطقة زوق مصبح"، هذا ما أكّده رئيس الدّير الحاليّ ونائب الرئيس العام للرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة المريميّة الأب جوزيف أبي عون في حديث خاصّ مع موقع "نورنيوز"، مضيفًا أنّ الدّير لا يزال مركز الرّئاسة العامة.

شهد الدّير ترميمات عديدة، ففي سنة 1901 لاحظ الرئيس العام السّابق الأب يوسف الخازن أنّ الدّير لم يعد يتّسع لعدد الرّهبان المتزايد، فعمل على توسيعه مضيفًا طبقة إلى المبنى.

يتميّز هذا الدّير بكنيسة قديمة بُنيت بأريج القداسة منذ 334 عامًا تزيّنها فسيفساء للعذراء مريم لفنان ايطالي تعود إلى العام 1965. فيها يُعرض ثوب البابا القدّيس يوحنا بولس الثّاني الذي قدّمه بنفسه إلى الدّير لمناسبة مرور 300 عام على تأسيس الرهبانيّة المريميّة، بالإضافة إلى ذخائر هذا القدّيس وذخائر البابا يوحنا الثالث والعشرين ورفاة مؤسس الرهبانيّة المطران قراعلي فيشعر المؤمن داخلها بخشوع تامّ.

يُخبر الأب أبي عون موقعنا بأنّه عند ترميم الكنيسة في عهد الرئيس السّابق الأب فيليب الحجّ عُثر داخل حيطانها على ذخائر قديمة مجهولة هويّة صاحبها فوضعت في إطارٍ حفظها على مرّ السنين.

تحتوي الكنيسة على ثلاث لوحات نحاسيّة وضعت لذكرى مرور 300 عام على تأسيس الرّهبانيّة: الأولى لمؤسسي الرهبانيّة اللّبنانيّة الأب يوسف البتن والأب جبرايل حوّا والمطران عبدالله قراعلي والأب جبرايل فرحات، والثانية للعذراء مريم، أما الثالثة فهي ختم الرّهبانيّة الذي يرمز إلى أرزة لبنان. وتعلو باب الكنيسة أيضًا لوحتان رُخاميتان: الأولى عبارة عن بيت شعر، أما الثّانيّة فترسّخ تواريخ انعقاد المجمع اللّبناني سنة 1726 واعلان تثبيت قانون الرهبانيّة اللّبنانيّة سنة 1732 في الكنيسة وترميمها سنة 1961.

دير من أقدم الأديرة اللّبنانيّة المارونيّة ما زال ناشطًا حتى اليوم مجبولاً بإيمان رهبانه وتغذّيه شفاعة سيّدة اللويزة التي تنفح نسمة خشوع في كلّ أرجائه من دون أن تغمض عينيها لحظةً عن حماية رهبانه ولا عن زوّاره المتضرّعين إليها والملتجئين إلى رحمتها.