دينيّة
16 نيسان 2022, 09:00

خاصّ-الخوري يونس: إنّ القائم من بين الأموات قد أنار ظلمة الموت بشعاع قيامته

نورسات
"إنّ الكنيسة الجامعة، ومنذ العصور الأولى، كانت ولم تزل تتأمّل وتعيش النّعمة الإلهيّة، بواسطة اللّيتورجيّة المقدّسة. هذه النّعمة أعطت العالم كلّه الخلاص من خلال تجسّد وموت وقيامة الرّبّ يسوع. من هنا، حمل لنا التّقليد المقدّس اختبار الرّسل الأحد عشر الذين عايشوا الرّبّ يسوع، والآباء القدّيسين الذين تتلمذوا على أيديهم بنعمة الرّوح القدس. كما أنّه حمل لنا الشّهادة الصّادقة، بدم الذين قدّموا حياتهم شهادة للقائم من بين الأموات، الذي أراد أن يعطي البشريّة الحياة الوافرة في هذه الدنيا، ليقدّسهم بالمجد الأبديّة." بهذه المقدّمة استهلّ خوري رعية كنيستيّ مار شربل ومار أنطونيوس-زوق مصبح الأب عمانوئيل يونس تأمّله عن سبت النّور المقدّس.

وواصل: "هكذا، وبعد الأسبوع العظيم وفي صُلب التّأمّل بآلآم الرّبّ يسوع بِبُعديها الرّوحيّ والجسديّ، نجد أنفسنا في حالة انتظار وذهول على مثال الرّسل الذين كانوا في تلك الأثناء ضائعين ومبعثرين، كما حصل مع بطرس، الذي "أنكر الرّبّ ثلاث مرّات" بسبب الخوف والضياع؛ وكما حصل مع تلميذَيْ عمّاوس، اللّذَيْن كانا في حالة فراغ وخوف وقد غَمَر اليأس قلبيهما، لهول ما حدث. فجسد يسوع، المعذّب والـمُدمى، موضوعًا في القبر، والحجر الكبير، يَمنع الدخول إليه أو الخروج منه، وقد أُمَرَ الجنود بحراسة القبر، منعًا لسرقة الجسد المائت.

عندما نتأمّل الكتب المقدّسة والمزامير، يمكننا أن نَعي عُمقَ حَدث موت الرّبّ يسوع على الصّليب ووجوده في القبر. لأنّه لم يكن في حالة جُمود وفَناء، لكنّه أكمل المسيرة التي بدأها، إذ احتجب عن العيون المجرّدة، ودخل مقرّ الأموات إلى لجّة الجحيم، بطبيعته البشريّة، التي أخذها متجسدًا، وبها ولج إلى عمق أعماق الضّعف البشريّ، وفي جوهر هذه الهشاشة الإنسانيّة، كان هو نفس الله الكامل والإنسان الكامل، فعتق الأنفس المسجونة التي كانت تنتظرهُ ليخلّصها ويعيد إليها الحياة التي فقدت بريقها بسبب الخوف أوّلًا، ومن ثمّ السّقوط في الخطيئة، التي حجبت نور الله الحقّ عنها. كما قالت عنه الكتب المقدّسة والنبوآت: "لأنّ محبّتك عظيمة وقد أنقذت نفسي من الجحيم السّفلى" (مز 85: 13).

"السّبت العظيم"، أو "سبت النّور"، هو يوم السُبَات الجسدي للرّبّ يسوع داخل القبر. الرّبّ الذي صام وعلّم، الذي شفى المرضى وأقام الموتى، نراه في قبر من حجرٍ أصمّ.

في "السّبت العظيم"، تَشَهَدُ نُفوس الأنبياء والقدّيسين أنّ الله الذي أخذ الطبيعة البشريّة، قد استعمل، هو نفسه، حالة الموت لإكمال المسيرة الخلاصيّة التي لا تُرى بالعين المجردة، بل بعين الرّوح المـُستَنيرة بنعمة الإيمان الملهمة من الرّوح القدس.

واختتم الخوري يونس قائلًا: "أخيرًا، يمكننا أن نتأمّل قائلين: إنّ القائم من بين الأموات قد أنار ظلمة الموت بشعاع قيامته، وأضاء بنوره الذي لا ينطفىء، جميع النّفوس التي كانت تنتظرُ خلاصهُ. فالكنيسة الجامعة، شرقًا وغربًا، تٌعلنُ للبشريّة قاطبة، أنّ: "الخلاص قد تمّ"... فليتورجيّة التّوبة في يوم "سبت النور"، تساعدنا لنحيا روعة هذا الحدث العظيم، حينئذ تُقرع الأجراس فرحًا، مُعْلِنة تحرير النّفوس من قيود الخطيئة والظلام إلى نور الحياة بالله الآب الذي أقام ربنا يسوع المسيح من بين الأموات نورًا للعالم.

نصلّي طالبين من الله، بشفاعة مريم أمّ النّور، أن يبارك صيامنا، لنستحق مشاهدة نور قيامته، فتستنير حياتنا بنعمة الآب والابن والرّوح القدس، له المجد إلى الأبد. آميـن."