خاصّ- الخوري مبارك: كلّ إنسان يُكافأ بحسب أعماله وجهوده وأكثر...
وتابع شارحًا: "العبدان الأوّلان استثمرا الوزنات أيّ لم يُهملا شيئًا من المواهب التي استلماها من الخالق، فأنمياها وازدهرت لمنفعة الذّات والغير: جسديًّا وعقليًّا ومهنيًّا وفنيًّا وقلبيًّا وروحيًّا... فكانا جريئين وتجاوبا مع مشيئة الله لذلك كلّ إنسان يُكافأ بحسب أعماله وجهوده وأكثر...
أمّا العبد الثّالث فخطيئته ليس لأنّه طمر فضّة سيّده وحافظ عليها إنّما هي اعتباره لمعلّمه أنّه إنسان ظالم، فخاف! والخوف عطّل فيه الإرادة وكبّله عن العمل!
الإنسان المتخوّف الكسول يذهب من افتقار إلى افتقار، أمّا الجريء النّشيط يذهب من اغتناء إلى اغتناء! ومَن لا يُلبّي مشيئة الله يفتقر روحيًّا حتّى الفقر المُطلق الذي هو الهلاك الأبديّ، وهكذا يكون يسوع في هذا المثل ينتقد تعاليم الفرّيسيّين في شأن البّرّ النّاموسيّ إذ كانوا يُعلّمون أنّ الاكتفاء بما تعرضه الشّريعة كافٍ لتأدية الواجب نحو الله ونيل البرارة "مضيتُ فدفنتُ وزنتك فها هو مالك"، ولما أجابه سيّده "كان عليك أن تضع فضّتي على طاولة الصّيارفة، فكنتُ طلبتُ مالي مع ربحه" فكأن يسوع يقول للفرّيسيّين ولكلّ كسول ومتخوّف:
حقّ الله عليك أن تتجاوز الشّريعة وتكون سخيًّا في العطاء والالتزام ومُقتضيات المحبّة التي لا تحدّها ولا تُقيّدها شريعة، حتّى شريعة السّبت التي تخالفون في سبيلها واجب المحبّة كما قال لهم في متّى (15: 5 -6): "أمّا أنتم فتقولون، من كان عنده ما يساعد به أباه وأمّه وقال لهما: هذا تقدمة لله فلا يلزمه أن يُكرّم أباه وأمّه وهكذا أبطلتم كلام الله من أجل تقاليدكم يا مراؤون"!
نعم، العبد الكفوء قدّم كلّ شيء لسيّده الرأسمال مع الرّبح فتجاوب ومشيئة الله واغتنى روحيًّا حتّى الغنى المُطلق الذي هو النّعيم الأبديّ: "كُنتَ أمينًا على القليل فسأُقيمك على الكثير أدخل فرح ونعيم سيّدك".
هل نحن اليوم نعرف بحقّ الله؟ وهل يهمّنا أن يتمجّد بأعمالنا؟ ألا نشبه في بعض الأحيان العبد الكسول فنقع في إهمال المواهب والجهاد والالتزام والمشاركة وحتّى أنّنا نُهمل القوى الرّوحيّة؟!"
وإختتم الخوري مبارك تأمّله مصلّيًا متضرّعًا: "ربّي جنّبنا بقوّة روحك القدّوس تجربة الكسل والإهمال وانفح فينا نسمة الجرأة والإقدام فنصرخ: الرّبّ حصن حياتي فممّن أخاف! آمين".