دينيّة
30 تموز 2023, 07:00

خاصّ- الخوري كرم: حالة الإنسان من كونه أعمى وأخرس تدلّ على حالة البشريّة بدون المسيح

نورسات
"يقدّم لنا متّى الرَّسول وضع أعمى أخرس، كأنّه يريد أن يُنَدِّد بالإنسان الأعمى الّذي لا يريد أن يرى من هو يسوع، والَّذي أيضًا يستعمل الفم من أجل النّميمة والشّرّ". بهذه المقدّمة استهلّ الكاهن المتفرّغ لصلاة الشّفاء في أبرشيّة جبيل المارونيّة الخوري روجيه كرم تأمّله للأحد العاشر من زمن العنصرة بحسب القدّيس متّى (12: 22- 32) الّذي يتحدث عن "الرَّسول يَكرُز بالمَلَكوت".

 

وتابع: "يشير أب الكنيسة، القدّيس أوغسطينوس، في "انسجام الأناجيل" إلى أنّ حالة الإنسان من كونه أعمى وأخرس تدلّ على حالة البشريّة بدون المسيح، والعمى عن حقيقة كلمة الله وعدم القدرة على الاعتراف بها. "يا مُراؤون، صَدَقَ أشَعْيا في نُبوءتِهِ عنكُم حينَ قالَ: هذا الشّعبُ يُكرمُني بِشَفَتيهِ، وأمّا قَلبُهُ فبعيدٌ عنّي. وهوَ باطِلًا يَعبُدُني بِتعاليمَ وضَعَها البشرُ." (متّى 15: 7- 9).

مهما كانت قساوة القلوب لغير المؤمنين، يسوع هو وحده قادر على شفائهم من العمى وفتح الفم من أجل إعلان الكلمة والمجاهرة الإيمانيّة.

تُجاه مُعجِزة الشِّفاء، بدأت كُلّ الشُّعوب تتساءل "أما هذا ابن داود؟" (متّى 12: 23).

حسب التّقاليد الشَعبيّة يوجد الكثير من طاردي الأرواح. أمّا يسوع إبن داود هو طارد الأرواح الحقيقيّ.

الجموع لم تكتشف ذلك، لم يدركوا أنّه عمل الله.

نكتشف في هذا النَّصّ أنّهم لم يشكّوا بمواهبه لكنّهم اعتبروها من السّحر الأسود.

سنتأمَّل بفكرة واحدة من ردّ يسوع على الاتّهامات، وهي التّجديف على الرّوح القدس "لذلِكَ أقولُ لكُم: كُلّ خَطيئةٍ وتَجْديفٍ يُغْفَرُ لِلنّاسِ، وأمّا التّجديفُ على الرّوحِ القُدُسِ فلَنْ يُغفرَ لهُم. ومَنْ قالَ كلِمَةً على اَبنِ الإنسانِ يُغفَرُ لَه، وأمّا مَنْ قالَ على الرّوحِ القُدُسِ، فلن يُغفَرَ لَه، لا في هذِهِ الدّنيا ولا في الآخِرَةِ" (متّى 12: 31- 32).

الرّب يمكنه أن يغفر لمن لا يعترف بيسوع في سلطته على أنّه ابن الإنسان، لكنّه لا يقبل أن تنسب أعمال يسوع الخلاصيّة إلى أفعال من الشّرّير، مثل طرد الأرواح الّذي خلق جدالاً بين الجموع وهو عمل يصدر من قوّة الرّوح القدس.

هذا الموقف العدائيّ ضدّ الرّوح القدس قد ينكر عمل الله وذلك في رؤية الشّرّير في كلّ شيء.

لقد هتف النّبيّ أشعيا: "ويلٌ للقائلين بالشَّرّ خيرًا وللخير شَرًّا" (أشعيا 5: 20).

يفسّرها القدّيس أوغسطينوس في "الأرواح والسّلطات" على أنّها عناد في الخطأ، أو الإصرار النّهائيّ. ويعلّق الأكوينيّ على هذا أيضًا من خلال تحديده على أنّه رفض متعمّد لقبول رحمة الله ونعمته من خلال التّوبة".

وإختتم الخوري كرم تأمّله بتساؤلات تضعنا أمام إيماننا لتكون لنا عبرة للعيش فقال: "ما هي علاقتك بالرّوح القدس وهل تؤمن بقوّة الله في منح المواهب من أجل الخدمة؟ هل تعترف بأنّه الوحيد الّذي يملأك بالمحبّة ويجعل أعمالك الصّالحة تنبع من قوّة المحبّة؟ هل تعترف أنّه الوحيد الّذي يجعلك تنفتح للوحي الإلهيّ؟ هل تعترف أنّه الوحيد الّذي يجعلك تستفيد من ثمار القيامة ويجعل مسيرة حياتك قياميّة؟".